الاتحاد الأقنومي عند القديس كيرلس السكندري
لتحرير المصطلح لدينا خطوتان :
لتحرير المصطلح لدينا خطوتان :
أولا - لابد أن نحدد أولا النسب اللغوي
في كلمة " الأقنومي " ، بمعنى آخر إلاما يعود نسب مفهوم " الأقنومية
" ؟ والسؤال للأسف يبدو ساذجا ، ولكن نظرا للتسطيح السائد في فهم المصطلحات اللاهوتية
أراني مضطرا لطرح السؤال . كلمة " أقنوم " ، hypostasis ، كما يستخدمها القديس كيرلس
تعني الشخص الحي ذا الهوية والطبيعة الواضحة ، وعندما يستخدمها في سياق الحديث عن الاتحاد
الأقنومي بالنسبة لشخص الكلمة المتجسد فهي تشير إلى طبيعة الاتحاد ذاته ، فالأقنومية
في مصطلح " الاتحاد الأقنومي " هي توصيف لماهية الاتحاد وليست تشير إلى عنصر
معين من العنصرين الداخلين في حدث الاتحاد ، فالاتحاد الأقنومي الخاص بشخص الكلمة المتجسد
هو الاتحاد الطبيعي الشخصي الذي أثمر شخصا هو الكلمة المتجسد بالاتحاد الفائق لمعرفتنا
بين لاهوت الكلمة وإنسانية الإنسان وليس مجرد الاتحاد بين " أقنوم " الكلمة
والعنصر الآخر الداخل معه في الاتحاد . ففي
الرسالة رقم 17 يشير القديس كيرلس السكندري إلى العنصرين الداخلين في الاتحاد الأقنومي
لشخص الرب على أنهما " أقنومين " ، فالكلمة هو " أقنوم " والإنسان
هو " أقنوم " آخر، هويتان وطبيعتان مختلفتان تدخلان في تركيب هوية وطبيعة
جديدة لم تكن موجودة من قبل وهي شخص الكلمة المتجسد ، وفي ذلك يقول قديسنا العظيم
:
.." يستطيع المرء أن يفهم أن
الجسد من جوهر مختلف عن الكلمة المتحد به، لكن لأن الأسفار الموحى بها إلهياً تقول
أنه يوجد إبن ومسيح ورب واحد، وتقليد الآباء (أيضاً) علّم بذلك وليس بأى تعليم آخر،
لذا –نحن- بتأكيدنا على الإتحاد غير المفترق بين الله الكلمة والجسد المُحيا بنفس عاقلة
– نعترف أنه يوجد مسيح وإبن واحد، ولأنه يوجد إبن واحد، لذلك نقول أن أقنومه واحد one person ( hypostasis) الرسالة رقم 50 إلى فاليريان أسقف أيقونية (29 )
ويقول أيضا : " من يقسم بعد الاتحاد
المسيح الواحد إلى أقنومين، ويربط بينهما فقط بنوع من الاتصال في الكرامة، والسلطة
والقوة، والمظهر الخارجى، وليس بالحرى بتوحيدهما في اتحاد طبيعى، فليكن محرومًا.( الحروم
الإثنى عشر ، 3 – الرسالة رقم 17 ، وهي الثالثة إلى نسطور .
- ويقول أيضا : " - من ينسب الأقوال
التي في البشائر والكتابات الرسولية، أو التي قالها القديسون عن المسيح أو التي قالها
هو عن نفسه إلى شخصين أو أقنومين، ناسبًا بعضها للإنسان على حده منفصلًا عن كلمة الله،
وناسبًا الأقوال الأخرى، لكونها ملائمة لله، فقط إلى كلمة الله الآب وحده، فليكن محرومًا.
( الحروم الإثنى عشر،4 ، الرسالة رقم 17 ، وهي الثالثة إلى نسطور )
- وفي عبارة واضحة يقول : " إن
طبيعة الإنسان يُعترف بها أنها واحدة، وأنها أقنوم (هيبوستاسيس hypostasis)
واحد، حتى بالرغم من أنه معروف عنها أنها (مكونة) من عناصر realities مختلفة متباينة الأنواع،..(
رسالة القديس كيرلس الكبير رقم 50 إلى فاليريان أسقف أيقونية - 6 ).
وفي نفس الرسالة يشير قديسنا إلى أن
مفهوم " الأقنومية " في المصطلح يعود إلى ماهية الاتحاد ذاته فيؤكد أن الكلمة
وحد ذاته " أقنوميا " بالجسد ، فيقول : " ومن لا يعترف أن كلمة الله
الآب قد وحَّد نفسه أقنوميًا بالجسد، وهو مع جسده الخاص مسيح واحد، وأنه هو نفسه في
نفس الوقت إله وإنسان معًا، فليكن محرومًا. ( الحروم الإثنى عشر، 2، الرسالة رقم
17 ، وهي الثالثة إلى نسطور ) .
- وأيضا يقول : " ولأننا نعترف
أن الكلمة اتحد بالجسد أقنوميًا، فإننا نعبد ابن ورب واحد يسوع المسيح، دون أن نفصل
ولا نميز الإنسان عن الله، كما لو كان الواحد متصل بالآخر بالكرامة والسلطة، ( الرسالة
رقم 17 ، وهي الثالثة إلى نسطور- 4) .
- وأيضا يقول : …. وكما قلنا سابقًا،
فإن كلمة الله قد اتحد بالجسد أقنوميًا، فهو إله الكون ورب الجميع الذي يحكم الكل،
وليس هو عبد لنفسه ولا سيد لنفسه (انظر يو 13: 12-16). .الرسالة رقم 17 ، وهي الرسالة
الثالثة إﱃ نسطور5 ).
- وأيضا يقول : لأنه كما سبق وقلنا
إنه إذ وحَّد الإنسانى بنفسه أقنوميًا، وجاز الولادة الجسدية من بطنها، فلم تكن هناك
ضرورة لميلاد زمنى وفي آخر الدهور، لطبيعته الخاصة. لقد ولد لكي يبارك أصل وجودنا نفسه،
الرسالة رقم 17 ، وهي الرسالة الثالثة إلى نسطور11 .
- ويقول : " بل بالأحرى نقول
أن الكلمة حينما وحَّد لنفسه أقنوميًا جسدًا محيًا بنفس عاقلة، صار إنسانًا بطريقة
لا توصف ولا تدرك. وهو قد دعى ابن الإنسان ليس بحسب الرغبة فقط ولا بحسب الإرادة الصالحة،
ولا باتخاذه شخصًا فقط. ونحن نقول أنه على الرغم أن الطبيعتين اللتين اجتمعتا معًا
في وحدة حقيقية مختلفتان، فهناك مسيح واحد وابن واحد من الاثنين. ( الرسالة رقم 4-
الثانية إلى نسطور- 3 ).
- ويقول أيضا : "….. ولكن حيث
أنه من أجلنا ومن أجل خلاصنا قد وحَّد الطبيعة البشرية بنفسه أقنوميًا، وولد من امرأة،
فإنه بهذه الطريقة يقال أنه قد ولد بحسب الجسد. لأنه لم يولد إنسانًا عاديًا من العذراء
القديسة ثم بعد ذلك حل عليه الكلمة، بل إذ قد إتحد بالجسد في أحشائها، يقال أن الكلمة
قد قبل الولادة بحسب الجسد، لكي ينسب لنفسه ولادة جسده الخاص. ( الرسالة رقم 4 - الثانية
إلى نسطور- 4) .
ويقول أيضا: ".. والكلمة إذ قد
صار جسدًا هذا لا يعنى إلا أنه اتخذ دمًا ولحمًا مثلنا. إنه جعل جسدنا خاصًا به، وولد
إنسانًا من امرأة دون أن يفقد لاهوته ولا كونه مولودًا من الله الآب، ولكن في اتخاذه
جسدًا ظل كما هو. … بل أن جسده المقدس، المحيا بنفس عاقلة، قد ولد منها ، العذراء ،
وفي اتحاد الكلمة به (نفس وجسد) أقنوميًا، حقًا يقال أن الكلمة ولد حسب الجسد. (الرسالة
رقم 4 - الثانية إلى نسطور- 7 ).
ثانيا – إذن من حيث مضمون المصطلح
فإن أقنومية الاتحاد بين العنصرين الداخلين في تركيب الشخص هي الضامن لتحرير مفهوم
الاتحاد ذاته من مجرد مفهوم الاقتران أو الانضمام أو المصاحبة أو الاختلاط أو الثنائية
أو الحلول لعنصر في الآخر أو إمكانية التمييز بين العنصرين والاستدلال على وجودهما
متمايزين بأي طريقة أخرى غير الإدراك العقلي والذهني . وفي حالة شخص الرب يسوع المسيح
الكلمة المتجسد نحن أمام اتحاد أقنومي بين الكلمة والطبيعة الإنسانية ، فيرى الرب إنسانا
كاملا بنفس القدر الذي يرى فيه كإله كامل وإن كان الاتحاد في حد ذاته أمر يفوق إدراك
وفهم البشر . من أجل ذلك نجد عند القديس كيرلس تعبيرا حاكما كاشفا هو تعبير "
الجسد الخاص "، فلأن الجسد قائم في وحدة أقنومية مع اللاهوت فهو ليس قيمة مضافة
للاهوت بل هو جسد الكلمة الخاص الذي صار مستعلنا وكاشفا لكل ملء اللاهوت منذ أن صار
جسدا خاصا بالكلمة وهو لم يكن سابقا خاصا بأي أحد غير الكلمة .
في ذلك يقول قديسنا : " ... وهكذا
أعلن أن الجسد هو جسده من إتحاد لا يُدرك وبلا إختلاط ولا يوصف على الإطلاق، ليس كجسد
شخص آخر، بل جسده هو الخاص جداً به His very own ، … ( الرسالة رقم 50 إلى فاليريان
أسقف أيقونية -3 ) .
ويقول أيضا : "..بل إذ قد إتحد
بالجسد في أحشائها ، يقال أن الكلمة قد قبل الولادة بحسب الجسد، لكي ينسب لنفسه ولادة
جسده الخاص. ( الرسالة رقم 4 وهي الثانية إلى نسطور- 4) .
ويقول أيضا: "... ولكننا نعبد نفس الرب الواحد لأن جسده
ليس غريبًا عن الكلمة، وفي اتحاده به يجلس عن يمين أبيه. نحن لا نقول أن ابنين يجلسان
بجانب الآب، بل إبن واحد بواسطة اتحاده بجسده الخاص. ولكن إذا رفضنا الاتحاد الأقنومى
سواء بسبب تعذر إدراكه، أو بسبب عدم قبوله، نسقط في التعليم بابنين. ( الرسالة رقم
4، وهي الثانية إلى نسطور- 6 ).
وأيضا : ".. والكلمة إذ قد صار جسدًا هذا لا يعنى إلا
أنه اتخذ دمًا ولحمًا مثلنا. إنه جعل جسدنا خاصًا به، وولد إنسانًا من امرأة دون أن
يفقد لاهوته ولا كونه مولودًا من الله الآب، ولكن في اتخاذه جسدًا ظل كما هو. … بل
أن جسده المقدس، المحيا بنفس عاقلة، قد ولد منها ، العذراء ، وفي اتحاد الكلمة به
(نفس وجسد) إقنوميًا، حقًا يقال أن الكلمة ولد حسب الجسد ( الرسالة رقم 4- الثانية
إلى نسطور- 7 ).
ولأن الجسد هو جسده الخاص فإن معاناة
الجسد تنسب للكلمة الكائن في اتحاد أقنومي معه . يقول قديسنا: ".. لذلك نقول أنه
تألم أيضًا وقام ثانيةً، ليس أن كلمة الله تألم في طبيعته الخاصة، أو ضرب أو طعن أو
قبل الجروح الأخرى، لأن الإلهى غير قابل للألم لأنه غير مادى. لكن حيث أن جسده الخاص
الذي ولد، عانى هذه الأمور، فإنه يقال أنه هو نفسه أيضًا قد عانى هذه الأمور لأجلنا.
فغير القابل للآلام كان في الجسد الذي تألم. وبنفس الطريقة نفكر أيضًا في موته. فكلمة
الله حسب الطبيعة غير مائت وغير فاسد لكونه هو الحياة ومعطى الحياة .ولكن بسبب أن جسده
الخاص ذاق بنعمة الله الموت لأجل الجميع كما يقول بولس (أنظر عب 2 : 9)، ( الرسالة
رقم 4 – الثانية إلى نسطور – 5 ).
وأيضا يقول : " ….، لكن حيث أن
العقل بديهيًا يدرك الاختلاف من حيث النوع بين العناصر المتحدة، لذلك نعترف بابن واحد،
ومسيح واحد، ورب واحد، لأن الكلمة صار جسدًا. وحينما نقول "جسدًا"، نقصد
"إنسانًا". .. لكن إن كانت عبارة "صار جسدًا" تحضر بكل معنى الكلمة
خطة تدبير التجسد، … إذن فمن الجهالة أن يتكلم أحد عن أنه يجتاز الآلام في طبيعته الخاصة،
كعاقبة حتمية، حينما يتحتم أن يكون الجسد مرئيًا كأساس لحدوث الألم بينما الكلمة هو
غير قابل للألم. ومع ذلك فإننا لا نستبعد أن ننسب إليه الألم. فكما أن الجسد صار ملكًا
خاصًا له، هكذا أيضًا ينسب إليه كل ما هو للجسد ، وفقًا لخطة الله فى تخصيصه لهذا الغرض.
الرسالة 46 ، إلى سكسينسوس -2 ).
تعبير " الجسد الخاص بالكلمة " يمكن أن
ندركه في عبارة أكثر تبلورا عند كيرلس الكبير وهي عبارة" طبيعة واحدة متجسدة للكلمة
" ، إذ يقول :
" - … لأننا لو كنا قد تكلمنا
عن طبيعة واحدة للكلمة بدون الإضافة الصريحة لعبارة "متجسدة"، في استبعاد
واضح للخطة الإلهية، لصار السؤال الذي يدّعونه عن الطبيعة البشرية الكاملة أو إمكانية
استمرار جوهرنا في الوجود مقبولًا ظاهريًا. ولكن في تقديمنا عبارة "متجسدة"
تعبير عن كماله في الناسوت وفي طبيعتنا البشرية،. ( الرسالة ،46 إلى سكسينسوس- 4)
.
ولأن تعبير " الجسد الخاص بالكلمة " عند
كيرلس الكبير يعني أن الكلمة قد ولد في الزمن فقد كان تعبير " الثيئوتوكوس
" مصطلحا كاشفا لمضمون مفهوم " الاتحاد الأقنومي " ، إذ أن الكلمة المولود
من أبيه الذاتي منذ الأزل قد اختار أن يولد ثانية في زمن خليقتنا وذلك حينما اتخذ جسدا
من طبيعتنا في أحشاء العذراء مريم ، وفي ذلك يقول: " وحيث أن العذراء القديسة ولدت جسديًا، الله متحدًا
بالجسد حسب الأقنوم، فنحن نعلن أنها والدة الإله، ليس أن طبيعة الكلمة تأخذ بداية وجودها
من الجسد لأنه "(أى الكلمة)كان في البدء، والكلمة كان الله، وكان الكلمة عند الله"
(يو1: 1)، … لكن، لأنه كما سبق وقلنا إنه إذ وحَّد الإنسانى بنفسه أقنوميًا، وجاز الولادة
الجسدية من بطنها، فلم تكن هناك ضرورة لميلاد زمنى وفي آخر الدهور، لطبيعته الخاصة.
لقد ولد لكي يبارك أصل وجودنا نفسه، ولكى بولادته من امرأة حينما يتحد بالجسد ترفع
عن كل الجنس (البشرى) اللعنة التي ترسل أجسادنا من الأرض إلى الموت، ... ( الرسالة
رقم 17 ، الثالثة إلى نسطور- 11 ).
ويقول أيضا : ....من أجل هذا نعترف
بمسيح واحد، ابن واحد، رب واحد. وبهذا الفهم للاتحاد غير المختلط، نعترف بأن العذراء
القديسة هي والدة الإله، لأن الله الكلمة قد تجسد وتأنس، ومنذ ذات الحمل به وَحّدَ
بنفسه الهيكل الذي اتخذه منها. (الرسالة 39 إلى يوحنا الأنطاكى – 3) .
- وتعبير " الجسد الخاص بالكلمة
" عند كيرلس ليس مجرد تعبير خريستولوجي كاشف وحاكم لمفهوم مصطلح " الاتحاد
الأقنومي بين الكلمة والجسد ، بل إنه أيضا تعبير " إفخارستي " بامتياز ،
فلأن الجسد هو جسده الخاص فهو الجسد المعطي للحياة لكل من يشترك فيه من البشر ، ففي
ذلك يقول قديسنا : " .. ولأنه الله فهو
الحياة بحسب طبيعته، ولأنه صار واحدًا مع جسده الخاص، أعلن أن جسده معطى الحياة. لأنه
رغم أنه يقول: "الحق أقول لكم، إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه"
(أنظر يو6: 53) لا يجب أن نستخلص من هذا أن جسده هو جسد واحد من الناس منا ، ولكنه
بالحقيقة الجسد الخاص للإبن الذي صار إنسانًا كما دعى ابن الإنسان لأجلنا. (الرسالة
17 الثالثة إلى نسطور 7)
نموذج الشخص الإنساني
عند القديس كيرلس
أعتقد بأن عبقرية نموذج الشخص الإنساني-
الذي استخدمه قديسنا العظيم كمرجعية للحديث عن الاتحاد الأقنومي الكائن في شخص الكلمةالمتجسد-
هي أنه لم يكن مجرد نموذج توضيحي بل بالقطع كان نموذجا تطبيقيا " applied model"
لحالة الاتحاد الأقنومي ، أوقل " الشخصي " الذي يقيم شخصا حيا واحدا باتحاد
عنصرين مختلفين بغير ثنائية أو ازدواجية أو اختلاط أو أي أثر تغييري لعنصر على الآخر.فالشخص
الإنساني – الذي نحن إياه – هوالنفس الإنسانية العاقلة المستعلنة والواضحة بجلاء شديد
في الهيكل البيولوجي المرئي في صيغة اللحم والدم . والشخص الإنساني – الذي نحن إياه
– هو أيضا ذات الهيكل البيولوجي الذي تعبر صيغته عن النفس الإنسانية العاقلة بجلاء
شديد . لا انقسام ولا ثنائية ولا فصل يمكن رصده ماديا بين النفس والجسد ، فكل من العنصرين
ينتمي إلى الآخر ، فالنفس هي نفس الجسد والجسد هو جسد النفس ، وفي ذلك يقول قديسنا
العظيم : "... لأن من المعروف أن الجسد من طبيعة مختلفة عن النفس، لكنه جسد النفس،
ويُكمّل أقنوم الإنسان الواحد. ورغم أن الفرق المذكور بين النفس والجسد ليس غامضاً
فى عقلنا وتفكيرنا، إلا أن إجتماعهما معاً أو تقابلهما - لأنه (أى الإجتماع) غير مُقسّم
(غير منفصل) -يكون إنسان واحد حى. …… رسالة القديس كيرلس الكبير رقم 50 إلى فاليريان
أسقف أيقونية- 6 .
ويقول أيضا " …” ولكن الكلمة
إذ اتحد بالجسد بحسب الطبيعة دون أن يتغير إلى جسد، فإنه حقق حلولًا مثلما يقال عن
حلول نفس الإنسان في جسدها الخاص ( الرسالة رقم 17، الثالثة إلى نسطور- 4 ) .
وأيضا: " إن الله والإنسان بإجتماعهما
معاً by coming
together لم يكوّنا المسيح الواحد -
كما يقولون - بل، كما قلت، أن الكلمة الذى هو الله فعلاً تشارك فى الدم واللحم مثلنا
ليعرف أن الله تأنس وأخذ جسدنا وجعله خاصاً به، لكى- تماماً كما هو معروف أن أى إنسان
مثلنا يتكون من نفس وجسد- كذلك هو أيضاً يعترف به أنه واحد، إبن ورب معاً. …… رسالة
القديس كيرلس رقم 50 إلى فاليريان أسقف أيقونية (5 )
وأيضا: ".. إذا دعونا ابن الله الوحيد الجنس المتجسد
والمتأنس، واحدًا، فهذا لا يعنى أنه امتزج كما يظنون؛ فطبيعة الكلمة لم تتحول إلى طبيعة
الجسد. ولا طبيعة الجسد تحولت إلى طبيعة الكلمة، لا، بل بينما ظل كل عنصر منهما مستمرًا
في صفته الطبيعية الخاصة، للسبب الذي ذكرناه، متحدًا بطريقة سرية وفائقة لأى شرح، ظهر
لنا في طبيعة واحدة (لكن كما قلت طبيعة متجسدة) للإبن. وعبارة "واحدة" لا
تطبق بالضبط على عناصر مفردة أساسًا لكن لكيان مركب مثل الإنسان المركب من نفس وجسد.
فالنفس والجسد، هما من نوعين مختلفين ولا يتساويان أحدهما مع الآخر في الجوهر، إلا
أنهما في اتحادهما يؤلفان طبيعة الإنسان الواحدة، على الرغم من أن الاختلاف في عناصر
الطبائع المتحدة موجود في حالة التركيب. ، )الرسالة 46 من القديس كيرلس إلى سكسينسوس-
3 .
وأيضا : " فلنأخذ مرة أخرى مثال الإنسان العادى. إننا
ندرك أن هناك طبيعتين في هذا الإنسان، إحداهما هى النفس والأخرى هي الجسد. ولكننا نقسمهما
في الفكر فقط، قابلين الاختلاف ببساطة على أنه في البصيرة الداخلية والإدراك الذهنى
فقط، فنحن لا نفصل الطبيعتين، ولا ننسب إليهما قدرات على الانفصال الجذرى، لكننا ندرك
أنهما ينتميان إلى كائن حى واحد حتى أن الاثنين لا يعودوا بعد اثنين، والكائن الحى
الوحيد يكمل من طبيعتين. ) الرسالة 46، إلى سكسينسوس-5.
وأيضا: "… لأن المسيح الواحد
الوحيد ليس فيه ثنائية رغم أننا نعتبره من عنصرين مختلفين إتحدا في وحدة غير منقسمة،
وبنفس الطريقة فإننا مثلًا لا نعتبر أن في الإنسان ثنائية مع أنه يتكون من عنصرين هما
النفس والجسد. ( الرسالة رقم 17 ، الثالثة إلى نسطور - 8 .
خلاصة
إذن نستطيع أن نفهم أن الاتحاد الأقنومي
عند كيرلس هوذلك الحدث الفائق الإدراك الذي تم فيه ظهور شخص الكلمة المتجسد كشخص واحد
لا انقسام ولا ثنائية فيه بالرغم من أننا نستطيع ذهنيا أن ندرك أنه إله كامل وإنسان
كامل ولكن هذين الجوهرين المتمايزين يحدث بينهما وجود وحضور متبادل ، فلاهوت الكلمة
المتجسد يستعلن حضور ووجود جسده الخاص ، بينما في ذات الوقت يحدث أن إنسانية الكلمة
المتجسد تستعلن حضور ووجود لاهوته ، فبتجسد الكلمة قد قبل أن ينسب إليه كل ما يخص الجسد
من ضعف وموت ، لأن الجسد هو جسده الخاص ، وفي ذات الحدث قبل جسده الخاص كل مجد لاهوت
الكلمة ، ليظهر لنا جسدا محييا، فيه يجتمع كل الذين قبلوا الخلاص . فقط في هذا الاستعلان
الوجودي المتبادل بين الجوهرين يتلاشى الانقسام والاختلاط والتغيير ليبقى كل جوهر من
الجوهرين قادرا على استعلان الشخص كاملا دون أن يتحول إلى الآخر أو يذوب فيه .
مجدي داود