الاثنين، 17 نوفمبر 2014

اللوغوس ( o logos )




  •  1- المسيح " اللوغوس " هاجس الفلسفة
       ليست القطيعة مع الفلسفة - التي قد تبدو، من وجهة نظر اللاهوت المسيحي - بهذا القدر من المأساوية ، أو القدرية التي لافكاك منها . وليس هناك موضوع ، ينبغي أن يستعاد بخصوصه الود المفقود ، أكثر من موضوع " اللوغوس "  (  Logos) . وفي هذا السياق قد بات من " الحكمة " - والفلسفة هي حب الحكمة "  philosophia"-  أن لايكون سعينا اللاهوتي الدائم - بخصوص هذا الموضوع - هو دحض شبهة الأصل الفلسفي لمفهوم اللوغوس ، المسيحي ، بل ينبغي أن يكون محاولة اكتشاف دلالة التشابه مع الطرح الفلسفي، كقيمة إيجابية محسوبة في ميزان الطرح المسيحي وليس العكس .
           لوغوس الفلسفة
       اللوغوس  في الفلسفة الإغريقية القديمة هو ذلك الوجود المستتر خلف الكون والذي بواسطته ظهر الكون ، هو المحرك والأصل لكل الأشياء . ولكن تظل طبيعة اللوغوس ضبابية ، غير شخصية ، ويبدو وجوده - بالرغم من كونه إلهيا - كما لوكان فقط  من أجل الكون فهو باختصار القوة الكونية المحققة للكون .ولنا هنا نموذجان من أبرز وأهم الفلاسفة في هذا السياق :
         1-  هرقليطس ( Heraclitus ):  اهتم الفيلسوف اليوناني القديم ، بشكل عظيم باللوغوس وكان أول من أعطى له زخمه الفلسفي ؛ فقد اعتبره " القانون الكلي للكون " ، فيقول هرقليطس : " كل القوانين الإنسانية تتغذى من قانون إلهي واحد ، لأن هذا يسود كل من يريد ، ويكفي للكل ، ويسيطر على الكل " . ووافقه الرواقيون وقالوا بأن اللوغوس هو المبدأ الفعال في العالم ، وهو الذي يشيع في العالم الحياة ، وأنه هو الذي ينظم ويرشد العنصر السلبي في العالم ( وهوالمادة ، وفقا لهم ) ، مع الوضع في الاعتبار أن الرواقيين لايضعون تحديدا فاصلا بين مفهوم " الله " ومفهوم الكون ، فالمفهومان يعنيان - بالنسبة لهم - شيئا واحدا .
      2 - فيلون ، الفيلسوف اليهودي ( -20 إلى  +50) ( Philo of Alexandria ): قال فيلون عن اللوغوس أنه أول القوى الصادرة عن الله ، وأنه محل الصور ، والنموذج الأول لكل الأشياء . وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها . وهو يتدخل في تكوين العالم ، لكنه ليس خالقا . وهو الوسيط بين الله والناس ، وهو الذي يرشد بني الإنسان ويمكنهم من الارتفاع إلى رؤية الله . ولكن دوره هو دائما دور الوسيط . ويقينه بأنه " إلهي " ( Theos ) ويميزه من الله بأداة التعريف التي تضاف إلى الله ( o Theos ) ولكنها لا تضاف إلى اللوغوس .

        دحض شبهة الأصل الفلسفي
      شبهة أن لوغوس إنجيل يوحنا هو مجرد نسخة من لوغوس الفلسفة ، أي أنه مجرد امتداد للفلسفة اليونانية القديمة ، هي شبهة مردود عليها على مستويين :
    1- المستوى الأول هو " التفنيد المنطقي " ، فهناك هوة شاسعة بين لوغوس الفلسفة - الذي هو مجرد بنية من السببية أو القوة الباطنية المستترة خلف وجود الكون - ولوغوس إنجيل يوحنا الذي هو شخص الكلمة الذاتي المتجسد في البشر جاعلا منهم خليقة جديدة ، فيه . المفهوم الأول متجذر في الخليقة ، ويبدو اللوغوس موجودا وقائما من أجل الخليقة ، وليس هناك أي مضمون لماهيته  ولا لوجوده الشخصي ، بمعزل عن الخليقة . وفي أفضل الأوضاع أعتبر وسيطا بين الله والناس ، كما عند فيلون الاسكندري  ، أوحتى مجرد مبدأ إلهي  يحكم الكون ( بحسب هيرقليطس وبحسب الرواقيين ) . أما المفهوم الثاني فهو متجذر في الله ذاته ، في الآب ؛ فهو شخص الابن الذاتي ، الذي يحقق وجود الله ذاته ، وهو قد أعطي( بضم الهمزة ) للخليقة لكي مايجددها في جسده الخاص الذي أخذه منها.    ويبدو المفهومان متعاكسان في اتجاهيهما . أيضا فيما تحدث يوحنا عن ولادة الابن الوحيد ، اللوغوس ، من الآب ، فهو أيضا قد تحدث - بنفس المنطق وبنفس الطريقة - عن انبثاق الروح القدس من عند الآب ( بوحنا 15 : 26  )  . فالقضية إذن ليست امتدادا للوغوس الفلسفة الذي لايعرف " سر الثالوث القدوس " ، ومن المستحيل أن يكون الثالوث مفهوما متصلا مع - أو امتدادا ل - لوغوس الفلسفة.  
    2- المستوى الثاني هو " التفنيد الموضوعي " ، فلوغوس إنجيل يوحنا غائر في العهد القديم لاسيما في أسفار الحكمة . فالمسيح اللوغوس ، " المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم " ( كولوسي 2 : 3  ) يتحدث عن ذاته كشخص ، في سفر الأمثال ، الإصحاح الثامن ، قائلا : " أنا الحكمة "( 12 )... " أنا الفهم . لي القدرة (14 ) . وكخالق يتحدث عن ذاته - بينما هو ليس بمعزل عن أبيه ، أي بينما هو كائن فيه -  إذ يقول :" الرب قناني أول طريقه ، من قبل أعماله ، منذ القدم . منذ الأزل مسحت ، منذ البدء ، منذ أوائل الأرض "(  22 و 23) . وأيضا يقول : " كنت عنده صانعا ، وكنت كل يوم لذته ، فرحة دائما قدامه "( 30 ).وفي سفر " حكمة سليمان " ، الإصحاح السابع ، نجد عبارة مدهشة تشير إشارة جلية إلى ديناميكية اللوغوس ، كأحد شخوص الثالوث ، وهي  " لأن الحكمة أسرع حركة من كل متحرك فهي لطهارتها تلج وتنفذ في كل شيء "(24).      ولو أردنا أن نفكر في لوغوس إنجيل يوحنا كامتداد ، فهو بالتأكيد امتداد متنام تحمله لغة الوحي الإلهي ، المتصل بين العهدين ، القديم والجديد ، وليس بين العهد الجديد والفلسفة ، إذ أن مفهوم العهد القديم ( للوغوس )  يتجاوز ويتخطى  في عمقه ، المفهوم الفلسفي ؛ فالحكمة ليست مجرد سببية - غير شخصية - ضالعة خلف وجود الكون ، بل هي كيان شخصي مستعلن وظاهرفي الله ذاته ، فهي ، في حكمة سليمان : " بخار قوة الله " (  7  :25  ) ، وهي " ضياء النور الأزلي ومرآة عمل الله النقية وصورة جودته . تقدر على كل شيء وهي واحدة وتجدد كل شيء وهي ثابتة في ذاتها  " ( 7 : 26و27) .
         مدلول التشابه العجيب
        الرؤية الصحيحة للوغوس الفلسفة - من قبل اللاهوت المسيحي - ينبغي أن تكون في سياق أشمل وأعم ؛ فينظر إليه كقاعدة لهرم " معرفة اللوغوس " ( إذا جاز التعبير ) ، إذا يبدو اللوغوس " القوة الحاضرة والفاعلة والمحققة لوجود الكون " . وفوق هذه القاعدة يبنى مفهوم اللوغوس في العهد القديم ، إذ يبدو اللوغوس شخصا أزليا وليس مجرد قوة كونية أو وعي كوني . ثم تأتي قمة الهرم - في مفهوم العهد الجديد ، لاسيما إنجيل يوحنا -  في تجلي اللوغوس كشخص يحقق الوجود الإلهي  ذاته ويحقق - بتجسده - وجود الخليقة الجديدة ، في ذاته . وفي هذا السياق يبدو لوغوس الفلسفة اليونانية القديمة عتبة معرفية هامة تتواصل مع إعلان الوحي الإلهي ، المتدرج ، فيبدو شحص المسيح ، اللوغوس - في النهاية- هاجسا إنسانيا فلسفيا، يتكمل ويتجلى في الطرح المسيحي للمفهوم .



  •                 2- اللوغوس عند الرسول يوحنا  
    مقدمة
    يعود الفضل  للأب متى المسكين – منذ ظهور كتابه الرائع، بجزئيه " شرح انجيل يوحنا"، وقبله كتاب" المدخل لشرح انجيل يوحنا" – في تنبيهي إلى فوضى المترجم العربي في تعامله مع مصطلح اللوغوس في انجيل يوحنا وخاصة فيما يخص الإفراد والجمع ؛ فترجمه إلى " الكلام " بينما الصحيح هو المفرد " الكلمة " في كثير من المواضع، وهذا بالطبع يقود إلى اخلال وتضييع للمصطلح . كان هذا الوعي المبكر منذ عدة عقود أمرا مهما جدا بالنسبة لي. ثم مع تراكم الوعي لدي وتزايد اهتمامي  بالنص اليوناني كنت قد وصلت إلى محطة " البعد الإضافي للاسم في يونانية العهد الجديد "، وكان من الطبيعي أن ينال " اللوغوس " الاهتمام اللائق به من خلال منظور الدراسة المذكورة ، فكانت دراسة " اللوغوس عند الرسول يوحنا " استكمالا وامتدادا طبيعيا لهذه الدراسة . تتبعت " اللوغوس " تتبعا هادئا دقيقا حصريا في  كل موضع ذكر فيه في كل ماكتب الرسول يوحنا لأكتشف البعد الشخصي للوغوس في انجيل يوحنا ، سواء كان المقصود باللوغوس شخص الكلمة المتجسد ذاته أو كان المقصود به هويته المستعلنة في كلمة الله . كان هذا الأمر من خلال التأكد من أنه لايوجد اللوغوس في انجيل يوحنا إلا معرفا ، سواء كان مفردا أو جمعا . والتعريف للاسم - في النص اليوناني - يعني " الشخص " أو الوجود الشخصي. نعود فنؤكد :لم يذكر اللوغوس - ولو لمرة واحدة – في انجيل يوحنا إلا معرفا . ثم تتبعت اللوغوس في رسائل يوحنا وفي سفر الرؤيا لينسجم الجميع في سبيكة واحدة ترسم صورة بانورامية لأعجب مصطلح تبناه الوحي الإلهي من ضمن ماكان يظن أنه منتج فلسفي إنساني ، والواقع أن الأخير ماكان إلا إرهاصة استشرافية للوغوس يوحنا وليس العكس ؛ فما كان ليوحنا أن يكون مضطرا أن يأخذ عن الفلسفة اليونانية - إن أراد أن يأخذ، من باب الفرض الجدلي – فاللوغوس متجذر في العهد القديم لاسيما في أسفار الحكمة .    فالمسيح اللوغوس ، " المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم  " ( كولوسي 2 : 3  ) يتحدث عن ذاته كشخص ، في سفر الأمثال ، الإصحاح الثامن ، قائلا : " أنا الحكمة  "(     ( 12  …  " أنا الفهم . لي القدرة (14 ) . وكخالق يتحدث عن ذاته – بينما هو ليس بمعزل عن أبيه ، أي بينما هو كائن فيه –  إذ يقول : " الرب قناني أول طريقه ، من قبل أعماله ، منذ القدم . منذ الأزل مسحت ، منذ البدء ، منذ أوائل الأرض  "(  22 و 23) . وأيضا يقول : " كنت عنده صانعا ، وكنت كل يوم لذته ، فرحة دائما قدامه  " (   30 ). وفي سفر حكمة سليمان  ، الإصحاح السابع ، نجد عبارة مدهشة تشير إشارة جلية إلى ديناميكية اللوغوس ، كأحد شخوص الثالوث ، وهي عبارة  "لأن الحكمة أسرع حركة من كل متحرك فهي لطهارتها تلج وتنفذ في كل شيء  "(24 ) .   ولو أردنا أن نفكر في لوغوس إنجيل يوحنا ، كامتداد ، فهو بالتأكيد امتداد متنام تحمله لغة الوحي الإلهي ، المتصل بين العهدين ، القديم والجديد ، وليس بين العهد الجديد والفلسفة ، إذ أن مفهوم العهد القديم ( للوغوس )  يتجاوز ويتخطى ، في عمقه ، المفهوم الفلسفي ؛ فالحكمة ليست مجرد سببية  - غير شخصية - ضالعة خلف وجود الكون ، بل هي كيان شخصي مستعلن وظاهرفي الله ذاته ، فهي ، في حكمة سليمان :  " بخار قوة الله  " (  7  :25  ) ، وهي  " ضياء النور الأزلي ومرآة عمل الله النقية وصورة جودته . تقدر على كل شيء وهي واحدة وتجدد كل شيء وهي ثابتة في ذاتها  " ( 7 : 26و27) . واقع الحال أن لدينا  مشكلتين أساسيتين في التعاطي مع نصوص " اللوغوس "( إذا جاز التعبير) في الكتاب المقدس لاسيما عند الرسول يوحنا. بالتأكيد نحن نتحدث عن الترجمات لاسيما العربية، والمشكلة الأولى هي  مشكلة المترجم  ، الذي لجأ إلى الاجتهاد والتصرف  - المبني على موقف تفسيري غير  دقيق - الأمر المؤدي إلى ضياع  أو على الأقل تشويه مدلول اللوغوس ، كأن تترجم  اللفظة المفردة " الكلمة " إلى " الكلام ". أما المشكلة الثانية فهي مشكلة طبيعة اللغة ذاتها ؛ فالعربية بطبيعتها تفتقر إلى وجود بعد  إضافي - ذي قدرة تأويلية للاسم - الأمر المتوفر في يونانية العهد الجديد ، ومقصدي تحديدا هو أدوات التعريف بتصريفاتها المختلفة للاسم . هذه مسألة مدهشة قد تصديت لها في وريقة نشرت على صفحات موقع (  coptology )- وقد أشرت إليها سابقا - بعنوان " البعد الإضافي للاسم في يونانية العهد الجديد ".  والمقصود بالبعد الإضافي هو ماتطفيه أداة التعريف على الاسم - لاسيما اسماء الألوهية والربوبية والنعمة - من هوية شخصية مستقلة في مواجهة الآخر الذي يتعامل مع النص . أما الاسم العاري من أداة التعريف  فيكشف عن حالة ديناميكية من الولوج النعموي للمتعاطي مع النص كشريك وكطرف أساسي في الحالة النعموية الآنية المفتوحة . وبينما يمثل   الاسم المعرف ( الشخص ) دعوة للشركة ، دعوة للحركة ، فإن الاسم بدون تعريف كاشف للحركة والشركة  - الحاضرة الآنية - في الشخص .
    ماذا إذن عن لغة مثل العربية لاتعرف هذا البعد الإضافي للاسم ؟ كيف يمكن ترجمة " اللوغوس ، الاسم المعرف "  إلى  مايشير إلى شخص الكلمة، في كل موضع ذكرت فيه  هذه الصيغة للاسم ؟
    هذه محاولة متواضعة لمساعدة مفسر الكلمة لكي يحتفظ بالبوصلة التي تتيحها - حصريا - يونانية العهد الجديد.   
                اللوغوس الشخص في إنجيل يوحنا
      يتفرد انجيل يوحنا  - دون سائر كتابات العهد الجديد – في كونه يقدم استعلانا غير مسبوق في نصاعته لشخص الكلمة . وفي ملحوظة لغوية لاتخلو من دلالة  عميقة نلفت إلى أن لفظة " اللوغوس " – والتي ذكرت في أربعين موضعا في انجيل يوحنا – قد أتت في كل موضع ذكرها في الصيغة المعرفة ، ويحدث هذا سواء كانت اللفظة تشير إلى كلمة الله " كشخص " أو إلى " الكلمة النبوية الكتابية " ، وأيضا سواء كانت اللفظة تشير إلى" مفرد " أو إلى " جمع " . وفي النهاية يكشف لوغوس انجيل يوحنا عن هوية شخصية مقدمة كدعوة انجيلية للشركة في شخص اللوغوس ، مع الوضع في الاعتبار أن الدعوة – أية دعوة – من الممكن قبولها بنفس القدر الذي فيه إمكانية رفضها . ونعود لنؤكد ثانية أن لفظة " اللوغوس " لم تأت في الصيغة " غير المعرفة " ولو لمرة واحدة في كل انجيل يوحنا.
     1-  اللوغوس الشخص، كأحد شخوص الثالوث   
    فقد جاءت استهلالية الإنجيل هكذا : -  فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف =   o logos وَالْكَلِمَةُ (اللوغوس ، المفرد المعرف = o logos )كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ (اللوغوس ، المفرد المعرف،   o logos ). هذا الذي كان في البدء (  en archi ) عند الله ( pros  ton Theon ) ( يو 1 :  1و 2 ). ويتضح هنا جليا أن  " البدء  " المقصود ليس  " بدء "  سفر التكوين ، الذي فيه  " خلق الله السماوات والأرض  " ( تكوين 1 : 1 ) ؛ فالأخير هو بدء الخليقة ، أما  " بدء " إنجيل يوحنا فهو” بدء الله ، ذاته ” ، هو شخص الآب . وعبارة  " عند الله  " ذات دلالة في هذا السياق ، وكلمة  " عند  "  تحديدا – كما وردت في اليونانية  " pros  "وليس  " para  " – تعني الحركة ؛ فهي  "  عندية ديناميكية  "( إذا جاز التعبير ) . وإذا أضفنا إلى الفسيفسائية اللاهوتية – التي يرسمها الوحي – عبارة  " وكان الكلمة الله " – التي وردت بين وضعي العبارتين، من دمج وغير دمج ،  مع الوضع في الاعتبار الحالة التي ورد عليها اسم  " الله  " ، من  " عدم التعريف،   Theos  "  نكون بصدد  كشف رائع لعلاقة الكلمة ، الابن الذاتي بالآب في شركة الثالوث القدوس . فاللوغوس كائن أزليا في علاقة ديناميكية نحو الله ، فهو كل ملء الآب ، والذي بحدث قبوله – الأزلي الأبدي – لكل ملء أبيه الذاتي فهو يحقق ألوهة الله ، فالله هو اللوغوس ، لأن الله وجود شخصي يقبل كل وجوده من أبيه الذاتي .
     وفي عبارة لاحقة يؤكد إنجيل يوحنا هذا الطرح الاستهلالي – أي علاقة اللوغوس بالآب ، في شركة الثالوث القدوس ، فيكشف أن اللوغوس هو  " الابن الوحيد ،  الفريد : monogenis ) ، الكائن ( o wn ) في حضن الآب  (  يو 1 :  18 )  
      2 – اللوغوس ، الخالق
      هذَا ( اللوغوس ، o logos  )كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.  فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، (  يو1 :  2- 4 ). وهو " النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ"( يو1: 9 ) ، الذي " كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ "( يو1:  10 ).
      3-  اللوغوس المتجسد
     " الْكَلِمَةُ ( o logos)  صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا ( يو1: 14 ). وبتجسد ذلك الذي هو كل ملء الآب أسس لنا في جسده الذي أخذه منا منبعا لامتلاء الجميع فيه، " وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ "0( يو1: 16 ). وبتجسده أيضا قد أصبح لدينا من استطاع لأول مرة أن يخبر عن الآب إخبار ذاك الكائن في الآب ذاته ، لأن" اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ "( يو1: 18 )
     ويكشف الإصحاح السابع عشر من إنجيل يوحنا عن سر اللوغوس المتجسد – الذي فيه امتلأ البشر – من خلال ماورد في صلاة شخص اللوغوس المتجسد ذاته ، ومناجاته أباه الذاتي . وما قد تكشف هو بالفعل أمر مدهش ؛ إذ يتحدث الرب عن عطاء الذات المتبادل بين اللوغوس والكنيسة  ، سواء كان هذا العطاء المتبادل حلولا أو حضورا أو  وجودا متبادلا. فاللوغوس يقبل عطية الكنيسة من يدي الآب ذاته (أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،  كلمتك : ton logon sou ) ( يو 17 : 6 ) ، والكنيسة تقبل عطية اللوغوس في الكلمة المتجسد ذاته (أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كَلاَمَكَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف ، كلمتك : ton logon sou ) ، وَالْعَالَمُ أَبْغَضَهُمْ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ، كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ، ( يو 17 : 14 )  . وفيما يتخذ اللوغوس جسده الخاص فهو يدشن استحقاق قبوله لعطية الكنيسة من الآب ، في هذا الجسد. وفيما يخلق ( بضم الخاء ) جسد الكلمة  ظاهرا في اتحاد أقنومي مع اللوغوس ،  فإن استحقاق قبول الكنيسة لعطية اللوغوس يتم تدشينه في جسد اللوغوس المتجسد . هكذا ، وفي شركة أبدية يستقبل اللوغوس كنيسته وتستقبل الكنيسة اللوغوس. هذا هو الاستحقاق الأعظم لسر تجسد اللوغوس ؛ فكل ماقد تحصل عليه البشر من عطية عظمى بفضل تجسد اللوغوس لايخرج عن كونه عطية اللوغوس نفسه والشركة الأبدية فيه، كجسده الذي هو الكنيسة .
      لأجل هذا المجد الفائق ، فإنجيل يوحنا يقدم اللوغوس كقضية وموضوع وهدف الإيمان الأعظم ، بنفس القدر الذي يقدمه فيه كوسيلة وقوة وواسطة الإيمان الوحيدة ؛ فقبول اللوغوس ( أو الشركة فيه أو حفظه أو سماعه أو الإيمان به ) هو كل شيء بالنسبة للكنيسة ، وهو كمال النعمة الأبدية للبشر في المسيح .
        حصر لنصوص انجيل يوحنا التي ترصد أن اللوغوس محور الإيمان
    1- لوغوس السامرية
     "  فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كَلاَمِ  ( اللوغوس ، المفرد المعرف =   dia ton logon tis gynaikos ) الْمَرْأَةِ . فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ، فَمَكَثَ هُنَاكَ يَوْمَيْنِ. فَآمَنَ بِهِ أَكْثَرُ جِدًّا بِسَبَبِ كَلاَمِهِ ( اللوغوس، المفرد المعرف  =   dia ton logon autou )  وَقَالُوا لِلْمَرْأَةِ: «إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كَلاَمِكِ ( لاليان ، المفرد المعرف =   tin lalian ) نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَمِ " ( يو 4:  41و 42  )  .
    هذا النص شديد الأهمية في سياقنا لأنه يكشف عن :
     أولا - الارتباط الوثيق بين الإيمان وشخص اللوغوس ( اللوغوس المفرد المعرف ).
     ثانيا- أن سببية الإيمان وإمكانيته إنما هي كامنة في اللوغوس الشخص ، ذاته .
     وهناك ملحوظة مدهشة ( ومؤكدة ) في المقارنة فيما بين عبارتي كلام المرأة ؛ فبينما ارتبط الإيمان بلوغوس المرأة - كما بالنسبة للرب  - فقد تم  تفريغ " لاليان " المرأة من سببية الإيمان ، فالقضية ليست مجرد كلام أو حديث ، بل هي اللوغوس الشخص الذي في سماعه يستعلن كمال الإيمان .
     2- فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف ،  tw logw ) الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ ( يو 2: 22 )
    3- قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. اِبْنُكَ حَيٌّ». فَآمَنَ الرَّجُلُ بِالْكَلِمَةِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف ، tw logw ) الَّتِي قَالَهَا لَهُ يَسُوعُ،( يو 4: 50 )
    4- اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف، كلمتي: ton logon mou ) وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ ( يو5 : 24 ).
    5- الرب مخاطبا اليهود : "وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،   ton logon autou ) ثَابِتَةً فِيكُمْ، لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ "( يو5 : 38 )
    6-" مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ" . قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هذَا الْكَلاَمَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، ton logon ) قَالُوا:  هذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ ( يو7 : 38 - 40)
    7- فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف، الكلمة الذي لي:  tw logw tw emw ) فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي ( يو 8 : 31 )
    8- لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف،:الكلمة الذي لي: 0 logos o emos ) لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ ( يو8 : 37 )
     9- لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كَلاَمِي ( لاليان ، المعرفة ) ؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف،   ton logon ton emon) ( يو8 : 43 )
    تعليق " نلاحظ هنا أن عدم الفهم ( المعرفة ) هو ل لاليان ، وهو كلام الرب المسموع بأذانهم الطبيعية ، أما الأصل في القضية فهو سماع اللوغوس الذي فيه المعرفة والفهم لأنه السماع الكياني الذي لايعني غير الشركة في اللوغوس ذاته. وأما إذا اختزلت كلمة الله في مجرد أقوال مكتوبة أو منطوقة- فتقرأ أو تسمع جسديا  -فقد فرغت من جوهرها ، الذي هو الشركة الأبدية في شخص اللوغوس .
     10- اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف، الكلمة الذي لي: ton logon ton emon  ) فَلَنْ يَرَى الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ ( يو8 : 51 )
     11- فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ:  ...، وَأَنْتَ تَقُولُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف، كلمتي:  ton logon mou ) فَلَنْ يَذُوقَ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ ( يو 8 : 52 )
     12- أَجَابَ يَسُوعُ: « ... أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي،   ... وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ ... ، لكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،   autou   ton logon ) ( يو8 : 54و 55 )
     13- إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف ، o logos tou theou)   ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ،   فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟ ( يو 10 : 35و 36 )
    14- إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف = الكلمة الذي لي  ton logon mou )، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا.  اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي ( اللوغوس ، الجمع المعرف،  tous logous mou ) . وَالْكَلاَمُ  ( اللوغوس ، المفرد المعرف، الكلمة : o logos ) الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي ( يو14: 23و 24 ) 
     15- أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،لسبب الكلمة : dia ton logon ) الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ ( يو 15 : 3 )
     16- اُذْكُرُوا الْكَلاَمَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، الكلمة : tou logou  ) الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف، كلمتي :ton logon mou ) فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ ( يو 15 : 20 )
    17- أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف ، كلمتك  : الكلمة الذي لك ton logon sou  ) ( يو 17 : 6 )
     18- قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف = الكلمة الذي لك،  o logos o sos ) هُوَ حَقٌ. ( يو 17 : 17 )
     19- وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،بكلمتهم : dia tou logou autwn )، ( يو17 : 20 )
    تعليق على الاقتباسات
    من خلال النصوص السابقة نستطيع أن نرصد خمسة توزيعات للحن واحد هو الشركة في شخص اللوغوس، وهذه التوزيعات هي:
     1- الإيمان باللوغوس ( اقتباسات : 1و 2و3 و6 )
    2-سماع اللوغوس ( اقتباسات: 4و6 و9 و 14 ) 
    3- الثبات في اللوغوس ( اقتباسات: 5و 7 )
    4-حفظ اللوغوس ( اقتباسات :10 و11 و12و  14و 16 و17 )
    5- التقديس في اللوغوس ( اقتباس :  18 )
     هذه هي شركة اللوغوس الأبدية بالعضوية في الكنيسة التي هي جسده ؛  فقد أعطي اللوغوس للبشر المؤمنين به الذين سمعوه - في المسيح  - أعطي لكي يبقى فيهم ولكي يحفظوه ويحتفظوا به ويثبتوا فيه ويتقدسوا فيه فيحتفظون بحياة أبدية هي الشركة في حياة اللوغوس ذاته ، الحاضر فيهم.    
             اللوغوس الشخص في رسائل يوحنا
    1- الَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف ، tou logou ) (  1يو1 :1 )
     2- إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،  o logos autou  ) لَيْسَتْ فِينَا ( 1يو1 :10 )
     3- وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، ton logon )، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ ( 1يو2 : 5 )
     4- أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْتُ أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلْ وَصِيَّةً قَدِيمَةً كَانَتْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ. الْوَصِيَّةُ الْقَدِيمَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ ( اللوغوس ، المفرد  المعرف، o logos ) الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا مِنَ الْبَدْءِ ( 1يو2 : 7  )
     5- كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ (اللوغوس ، المفرد  المعرف،  o logos tou theou ) ثَابِتَةٌ فِيكُمْ ( 1يو2 : 14 )
      6- فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، o logos  )، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ ( 1يو 5  :7 )
    تعليق على الاقتباسات
    مثلما في الإنجيل، تأتي الرسائل لتبرز اللوغوس الشخص ( المفرد المعرف ) الذي هو أحد شخوص الثالوث (6 ) ، الذي يحتفظ ( بضم الياء ) به ( 3) ، والذي يثبت ويشترك ( بضم الياء ) فيه ( 3و5 ) ، الذي يسمع ( بضم الياء )( 1 ) ، أما الإضافة الجديدة فهي أن اللوغوس الشخص هو الوصية القديمة ذاتها ( 4 ). 
               اللوغوس الشخص في  رؤيا يوحنا
     1- إِعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ،  ... لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا، الَّذِي شَهِدَ بِكَلِمَةِ اللهِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،  ton logon tou theou ) وَبِشَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِكُلِّ مَا رَآهُ ( رؤ1: 1و2 )
     2- كُنْتُ فِي الْجَزِيرَةِ الَّتِي تُدْعَى بَطْمُسَ مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، dia ton logon tou theou ) ، وَمِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ( رؤ1: 9 ).
     3- هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا  ... لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً، وَقَدْ حَفِظْتَ كَلِمَتِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف، mou ton logon ) وَلَمْ تُنْكِرِ اسْمِي ( رؤ3: 8 )
     4- لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف ) صَبْرِي، أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ ( رؤ3: 10 )
     5- وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، ( اللوغوس ، المفرد المعرف، dia ton logon tou theou ) وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ، ( رؤ6: 9 )
     6-  وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،  dia ton logon ) شَهَادَتِهِم ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ ( رؤ12: 11 )
      7-   لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ».  وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفِ!». وَقَالَ: «هذِهِ هِيَ أَقْوَالُ اللهِ الصَّادِقَةُ».  فَخَرَرْتُ أَمَامَ رِجْلَيْهِ لأَسْجُدَ لَهُ، فَقَالَ لِيَ: «انْظُرْ! لاَ تَفْعَلْ! أَنَا عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ. اسْجُدْ للهِ! فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ».  ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ.  وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِّلاَ هُوَ. وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ»( o logos tou theou ). وَالأَجْنَادُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ عَلَى خَيْل بِيضٍ، لاَبِسِينَ بَزًّا أَبْيَضَ وَنَقِيًّا. وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ مَاضٍ لِكَيْ يَضْرِبَ بِهِ الأُمَمَ. وَهُوَ سَيَرْعَاهُمْ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ، وَهُوَ يَدُوسُ مَعْصَرَةَ خَمْرِ سَخَطِ وَغَضَبِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ» ( رؤ19: 7-16 )
      8- وَرَأَيْتُ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، ton logon tou thou ) (  رؤ20: 4 ) 
    تعليق على الاقتباسات
       سفر الرؤيا كسفر نبوي ليس كغيره من الأسفار النبوية القديمة؛ فهو لايقدم رؤية مستقبلية لقادم الأيام، بل يقدم رؤية للحاضر كاشفا سر تكميل الكنيسة التي هي امرأة الخروف التي هيأت نفسها لعرس الخروف، رأسها، اللوغوس المتجسد، ملك الملوك ورب الأرباب ، فارس السماء المفتوحة الجالس على الفرس الأبيض والمتسربل بثوب مغموس بدم في لحظة انفتاح السماء ،تلك اللحظة التي يرصدها ذلك المشهد العجيب في الاقتباس السابع. اللوغوس الفارس  يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله ظافرا قاهرا الموت داعيا الكل لكي يشهدوا له، فيه . والكنيسة عروس الخروف هي الكيان الذي يضم كل الذين عندهم شهادة الرب يسوع المسيح ( اقتباسات: 1و2و5و6و8 ). و" شهادة يسوع هي روح النبوة " (  رؤ19 : 10 ).  لوغوس الرؤيا إذن هو لوغوس الشهادة ( إذا جاز التعبير ) " المستعلن في الكنيسة، تلك التي يكشف سفر الرؤيا كل ملابسات وظروف تحققها؛ فهي كيان الشهادة  الممتد افخارستيا من رأسها شخص اللوغوس المتجسد، إلى كل الأعضاء المنتشرين في الزمان والمكان،  وحتى انتهاء الزمان والمكان.  وبالإضافة إلى "الشهادة  للوغوس المتجسد "، الأمر المميز للرؤيا، فهناك  القيمة الثابتة في كتابات الرسول يوحنا وهي " حفظ اللوغوس" ( اقتباسات: 3و4 ) .
        لوغوس الكلمة النبوية والكتابية، في انجيل يوحنا
    1- لأَنَّهُ فِي هذَا يَصْدُقُ الْقَوْلُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، o logos ): إِنَّ وَاحِدًا يَزْرَعُ وَآخَرَ يَحْصُدُ ( يو4 : 37 )
     2-  فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، إِذْ سَمِعُوا ( عن أكل جسده وشرب دمه ) : إِنَّ هذَا الْكَلاَمَ ( اللوغوس، المفرد المعرف، o logos  ) صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟ ( يو6 : 60 )
     3- مَا هذَا الْقَوْلُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،  o logos  ) الَّذِي قَالَ: سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟ ( يو7 : 36 )
      4- لِيَتِمَّ قَوْلُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، o logos )إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الَذي قَالَهُ: «يَا رَبُّ، مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟ وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ ( يو 12: 38 )
     5- لكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ  ( اللوغوس ، المفرد المعرف، o logos ) الْمَكْتُوبَةُ فِي نَامُوسِهِمْ  ( يو  15 : 25 )
       6- لِيَتِمَّ الْقَوْلُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف،  o logos) الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدًا» ( يو18: 9 )
     7-  لِيَتِمَّ قَوْلُ (اللوغوس ، المفرد المعرف، o logos ) يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ ( يو18: 32 ) 
     8- أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ».  فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، ton logon ) ازْدَادَ خَوْفًا ( يو19 : 7و8 )
     9- فَذَاعَ هذَا الْقَوْلُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، o logos ) بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذلِكَ التِّلْمِيذَ لاَ يَمُوتُ ( يو21 : 23 )
         اللوغوس الجمع المعرف عند الرسول يوحنا                  
    هو القول، أو الأقوال النبوية ، لاسيما في رؤيا يوحنا :
     1 - " لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي فَحَدَثَ أَيْضًا انْشِقَاقٌ بَيْنَ الْيَهُودِ بِسَبَبِ هذَا الْكَلاَمِ "(  اللوغوس ، الجمع المعرف، dia tous logous   (  يو 10 : 19 ) 
     2 - طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، tous logous ) النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ ( رؤ1: 3 )
      3 -لأَنَّ اللهَ وَضَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا رَأْيَهُ، وَأَنْ يَصْنَعُوا رَأْيًا وَاحِدًا، وَيُعْطُوا الْوَحْشَ مُلْكَهُمْ حَتَّى تُكْمَلَ أَقْوَالُ اللهِ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، oi logoi tou theou ) ( رؤ17 : 17 )
     4 - وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ ( اللوغوس ، الجمع  المعرف،  oi logoi ) صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ» (رؤ21: 5 )
      5 - وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفِ!». وَقَالَ: «هذِهِ هِيَ أَقْوَالُ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، oi logoi ) اللهِ الصَّادِقَةُ ( رؤ19: 9 )
      6 - ثُمَّ قَالَ لِي: «هذِهِ الأَقْوَالُ (اللوغوس ، الجمع المعرف، oi logoi ) أَمِينَةٌ وَصَادِقَةٌ. وَالرَّبُّ إِلهُ الأَنْبِيَاءِ الْقِدِّيسِينَ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَرِيعًا». «هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، tous logous ) نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ» ( رؤ 22: 6و7 )
      7 - فَقَالَ لِيَ: «انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ! لأَنِّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الأَنْبِيَاءِ، وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، tous logous ) هذَا الْكِتَابِ. اسْجُدْ للهِ (  رؤ22: 9 )
      8 - وَقَالَ لِي: «لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، tous logous ) نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ (  رؤ22: 10 )
      9 - لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، tous logous ) هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ.  وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ ( اللوغوس ، الجمع المعرف، twn logwn )كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ (  رؤ22 : 18و 19 )
         الفرق بين اللوغوس و” الريما ”  عند الرسول يوحنا
        في يونانية العهد الجديد نجد تمييزا واضحا بين مفردتين ، يتم ترجمتهما في معظم اللغات – بما فيها العربية – بمعنى  " كلمة  " وهما  "لوغوس "  و  " ريما  ". ومما ينبغي ذكره هنا أنه في اللغة العبرية توجد مفردة واحدة  بمعنى  " كلمة  " وهي  "  Dabar  " ، ولكن عند ترجمة العهد القديم إلى اليونانية ( الترجمة السبعينية ) ، حمل الروح القدس المترجمين إلى ترجمة  " الدابار  " تارة  إلى  " ريما  "، وتارة أخرى إلى  "لوغوس " ، بحسب دلالة السياق في كل حالة على حدة . وقد سبق أن رصدنا أن  "  اللوغوس المعرف  " يستخدم كتابيا للتعبير عن الإعلان عن الهوية الذاتية أو الشخصية ، أو الذهنية لصاحب  " الكلمة  "، أما " الريما "   فتبرز كتعبير عن الإعلان للآخر ؛ فهي الكلمة التي تخاطب الآخر فيتلقاها ويتعاطى معها سواء كانت منطوقة  ، فيسمعها ، أو مكتوبة فيقرأها ، وفي كل من الحالتين هو يتواصل مع ذهن وفكر المتكلم . ومن هذا المنطلق ، فلم يكن شخص الابن الكائن في حضن أبيه إلا شخص  " اللوغوس  "، ومن المستحيل أن يطلق عليه شخص  " الريما  " ؛ فهو كل ملء الآب وبه يتم – سرمديا – الاستعلان الذاتي للوجود الإلهي الكائن في شركة الثالوث القدوس . أما بخصوص الاستعلان الإلهي على مستوى النعمة – أي من منظور البشر –  إذ يعلن الله ذاته في خليقته ( فعل النعمة ) ، ولخليقته ( كلمات الوحي الإلهي ) – فالحديث هنا هو حديث  " الريما  "، والكلمة الذاتي ( اللوغوس ) قد صار بتجسده – واستعلانه في البشر –  "ريما  ". فالريما هي تجسيد للكلمة اللوغوس . الريما هي الاستعلان  والاستحقاق النعموي لحضور اللوغوس ، هي استعلان الشركة ( شركة البشر )  في اللوغوس .  وثبات البشر في اللوغوس ينعكس بثبات الريما فيهم ؛  فمن يثبت في اللوغوس تثبت فيه الريما، فهاهو شخص اللوغوس المتجسد ذاته يقول : "   إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ ( أنا شخص اللوغوس ) وَثَبَتَ كَلاَمِي ( الريما ، الجمع المعرف، ta rhemata ) فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ ( يو 15 : 7 ) . وفي موضع آخر يقول : " إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي ( اللوغوس ، المفرد المعرف، كلمتي  ، tw logw tw emw  ) فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي ( يو 8 : 31 ) . وفي عبارة أخرى  يقول :"   اَلَّذِي مِنَ اللهِ ( الذي في اللوغوس )  يَسْمَعُ كَلاَمَ اللهِ ( الريما ، الجمع المعرف، ta rhemata tou theou ). لِذلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللهِ» ( يو8 : 47 ). ونفس المضمون  يرصده الرب ولكن من المنظور المعاكس ؛ أي مبتدئا بمن لم يستجب للريما ، فيتكشف عريه من شركة اللوغوس الشخص ، فيقول : " وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلاَمِي ( الريما ،  الجمع المعرف، twn rhematwn ) وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لاَ أَدِينُهُ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ. مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلاَمِي ( الريما ،  الجمع المعرف ، ta rhemata ) فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلاَمُ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، الكلمة : o logos ) الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، " ( يو 12: 47و 48 ) .
      هكذا يقدم انجيل يوحنا " الريما " كمعادل نعموي للوغوس "،  لنجد أنفسنا أمام استعلان لشركة اللوغوس كحياة ، فيقول اللوغوس المتجسد : " اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ  ( الريما ، الجمع المعرف ، ta rhemata ) الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ ( يو 6 : 63 ) ، وأيضا يقول : " لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ ( الريما ، الجمع المعرف، ta rhemata tou theou ) . لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ ( يو3 : 34 )  . ولا تتوقف حدود "  الريما " عند تخوم " مجرد الانتفاع بنعمة الحياة" بل تمتد هذه الحدود لتستوعب البشر في مظلة معرفة شركة الثالوث القدوس ، فقد "  أَجَابَ يَسُوعُ: «لَسْتُمْ تَعْرِفُونَنِي أَنَا وَلاَ أَبِي. لَوْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا».  هذَا الْكَلاَمُ ( الريما ، الجمع المعرف،  ta rhemata ) قَالَهُ يَسُوعُ فِي الْخِزَانَةِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ. وَلَمْ يُمْسِكْهُ أَحَدٌ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ "( يو8 :19و 20 ) . وقال موجها حديثه  إلي فيلبس : "  أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ ؟ الْكَلاَمُ ( الريما ، الجمع المعرف، ta rhemata ) الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ " ( يو 14: 10 ) . ومخاطبا أباه  الذاتي قائلا: " لأَنَّ الْكَلاَمَ  ( الريما ، الجمع المعرف، ta rhemata ) الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ، "(يو17 :8 )  
      في نهاية حديث الريما يجب أن نلفت إلي أن الريما - فيما سقنا من اقتباسات بخصوص الاستعلان النعموي للوغوس  - قد أتت في الصيغة المعرفة  للريما الجمع ، وهي صيغة تحمل الدعوة للشركة ، والدعوة تقبل التلبية كما تقبل الرفض ( إن سمع أحد كلامي ) . ولكن لدينا موضعا أتت فيه " الريما " في صيغة الجمع غير المعرف ، وفي هذه الحالة نحن أمام خيار محسوم من الشركة النعموية الحاضرة في الزمن  الآني، هذا ماقد ورد في إجابة " سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ ( الريما ، جمع نكرة ) الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ ( يو6 : 68 )  
              اللوغوس ، المفرد غير المعرف
     لأن إنجيل يوحنا هو الذي يبشر باللوغوس الشخص، داعيا للشركة فيه ، فإننا لم نجد اللوغوس فيه إلا "مفردا معرفا " ولم يأت فيه ولو لمرة  واحدة مفردا غير معرف ، بل لم تأت هذه الصيغة في كل ماكتب الرسول يوحنا إلا مرة واحدة وهي ماكتب في رسالته الأولى ، حيث قال : " يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ  ( اللوغوس ، المفرد غير المعرف ، logw ) وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ "( 1يو3 : 18 ). ولكن لكي نكمل الصورة التي نرصدها للوغوس عند الرسول يوحنا نجد أنفسنا مضطرين للاستعانة باقتباسات في مواضع أخرى من العهد الجديد .وكما سبق أن رصدنا نعود فنؤكد أن الاسم المعرف ( لاسيما أسماء الالوهة والربوبية ) في يونانية العهد الجديد يبرز الشخص المستقل الذي يدعو المؤمنين للشركة فيه ، وهي مجرد دعوة تحتمل ماتحتمله الدعوة من قبول أو رفض ، وهذا كان الهدف الأعظم لإنجيل اللوغوس ، أقصد إنجيل يوحنا. أما " اللوغوس المفرد غير المعرف " فمتى حل في نص من نصوص العهد الجديد فهو ينقل الموقف من دعوة الشركة  في شخص اللوغوس إلى الخيار المحسوم للشركة في الآنية الزمنية الممتدة ، أي الحاضر، وأفعال المضارعة ، وكأننا في حالة نعموية مقيمة ، في الآن، والآن فقط ، كما في:
    1- مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ ( اللوغوس ، المفرد غير المعرف، logou ) الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ ( 1بط1: 23 )
    2-بل فِي كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللهِ:   ....  فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ،  فِي كَلاَمِ الْحَقِّ ( اللوغوس المفرد غير المعرف، فِي كلمة الحق، en logw aletheias ) قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ( 2كو6 :4-7 ).
    3- مُتَمَسِّكِينَ بِكَلِمَةِ الْحَيَاةِ ( اللوغوس المفرد غير المعرف، logon zwes )   لافْتِخَارِي فِي يَوْمِ الْمَسِيحِ، بِأَنِّي لَمْ أَسْعَ بَاطِلًا وَلاَ تَعِبْتُ بَاطِلًا  (في2 : 16 )
    4- عَالِمِينَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ اللهِ اخْتِيَارَكُمْ،  أَنَّ إِنْجِيلَنَا لَمْ يَصِرْ لَكُمْ بِالْكَلاَمِ ( اللوغوس، المفرد غير المعرف، logw  )  فَقَطْ، بَلْ بِالْقُوَّةِ أَيْضًا، وَبِالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَبِيَقِينٍ شَدِيدٍ، كَمَا تَعْرِفُونَ أَيَّ رِجَال كُنَّا بَيْنَكُمْ مِنْ أَجْلِكُمْ ( 1تس 1: 4و5 )
    5- مِنْ أَجْلِ ذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا نَشْكُرُ اللهَ بِلاَ انْقِطَاعٍ، لأَنَّكُمْ إِذْ تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا كَلِمَةَ ( اللوغوس المفرد غير المعرف، logon ) خَبَرٍ مِنَ اللهِ، قَبِلْتُمُوهَا لاَ كَكَلِمَةِ (logon ) أُنَاسٍ، بَلْ كَمَا هِيَ بِالْحَقِيقَةِ كَكَلِمَةِ اللهِ ( logon theou )، الَّتِي تَعْمَلُ أَيْضًا فِيكُمْ أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ ( 1تس2: 13 ).
    6- يُعَزِّي قُلُوبَكُمْ وَيُثَبِّتُكُمْ فِي كُلِّ كَلاَمٍ ( اللوغوس المفرد غير المعرف،logw )وَعَمَل صَالِحٍ (2تس2: 17 )
    7- كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ. شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ (logw aletheias ) لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ ( يع 1: 17و 18 ) .
    8- وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ ( logou )، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ (يع1 :22 )
     وأخيرا
    لكي ننهي هذه الرؤية البانورامية المكثفة للوغوس علينا أن نرصد الفرق بين اللوغوس المفرد الغير معرف والريما المفردة غير المعرفة . وإذا كانت الحالة الأولى تستحضر الشركة في اللوغوس، فإن الثانية ( الريما ) - التي بطبيعتها تعني الاستعلان والاستحقاق النعموي لشخص اللوغوس، عمليا  - تستحضر كمال النعمة كحقيقة آنية أبدية . وفي هذا السياق لدينا هذا المشهد الفريد الذي فيه تستحضر   الكنيسة كاملة: " أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ،( الريما ، المفرد غير المعرف ، في الكلمة : en rhemati ) لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ" ( أفس5 :25- 27  )
                                   خلاصة
      لفظة " اللوغوس " موجودة كتابيا بكل الاحتمالات ؛ من حيث الإفراد والجمع ، والتعريف والتنكير ، ولكن يظل " الاسم المفرد المعرف " هو الخيار الأغلب الأعم - من ضمن الاحتمالات الأربعة - لإنجيل يوحنا . وواقع الحال أننالم نرصد إلا حالة واحدة للجمع المعرف، وهي بمثابة الاستثناء الذي يثبت القاعدة ؛ فعندما يقول الرب: " الذي يحبني يحفظ كلمتي ،.. والذي لايحبني لايحفظ كلامي " ( يو14: 23و 24 )، فهذا يعني أن عدم الشركة في شخص اللوغوس يجعل من كلمة الله مجرد كلمات جوفاء.
       والاسم المفرد المعرف في يونانية العهد الجديد هو الشخص . هذا هو شخص الكلمة المكروز به كتابيا وإنجيليا لاسيما في انجيل يوحنا. وهو على مستوى استخدام " اللوغوس " يقدم ( بضم الياء ) انجيليا كدعوة للشركة ، وفي هذا السياق، هو الدعوة الفاعلة المبادرة " لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ ( اللوغوس ، المفرد المعرف، o logos tou theou ) حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ ( عب4 : 12 ). وعلى مستوى استخدام " الريما "، هو حاضر وقريب ومستعلن في المؤمنين به، لأن الإيمان لامضمون له سوى الخلاص ،كما في البولس : " لكن ماذا يقول الكلمة ( to rhema ) قريبة منك في فمك وفي قلبك أي كلمة ( to rhema ) الإيمان التي نكرز بها. لأنك ان اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه خلصت ( رو 10: 8و 9 )
    مجدي داود