الأربعاء، 4 ديسمبر 2019

مجيء الرب ( 7 )







                     علاقة المفهوم بالنص ( 3 )
                            " ضد  المسيح "  

في غيبة المفهوم الصحيح - الذي وراء النص – يصبح النص بابا للضلال والإضلال بل وللخرافة أيضا. حدث هذا مع فخ نص " الباقين إلى مجيء الرب"، في الرسالة الأولى إلى تسالونيكي؛ فاتهم الرسول بولس بأنه قد توهم  بتمام مجيء الرب في عصره، وحدث أيضا بخصوص نص تسالونيكي الثانية بمناسبة الحديث عن " إنسان الخطية، ابن الهلاك ، المقاوم الذي يجلس في هيكل الله ويرتفع على كل مايدعى إلها "، وحيكت القصص والخرافات  والاسقاطات التاريخية  وإلى الآن مانزال لانعرف من هو ابن الخطية. وفي هذا المقال نحن نتصدى لفخ آخر ينطبق عليه نفس الأمر ، " ضد المسيح "، فقد حيكت أيضا بخصوصه الخرافات والاسقاطات التاريخية بدءا من مظنة كونه نيرونا إلى كونه هتلرا مرورا بتاريخ الهرطقات التي حاربت ألوهة المسيح، هذا فضلا عن أشياء أخر كثيرة. وواقع الحال هو أن النص المقدس ليس مجرد كلمات تعني ماقد يتفق أن تهضمه عقولنا على أي منحى ولكنه روح وحياة، سياق كيفية أن يؤتى بالنعمة إلينا في المسيح. ليس للكتاب هدف آخر وليس من أولوياته أن ينبئنا بما سوف يحدث لنا في آتي الأيام حتى نهاية العالم. النبوة في العهد الجديد لا تأتي بجديد لا نعرفه في المستقبل ولكنها تكشف كيفية شهادتنا ليسوع، وبحسب يوحنا في رؤياه " شهادة يسوع هي روح النبوة "وشهادة يسوع تعني أن نصير جميعا كنيسة واحدة في المسيح ليشهد كل عضو منا أنه ينتمي إلى ذات الجسد الذي رأسه يسوع التاريخي، الأمر الذي إذا تم في الجميع فإذذاك يقال أنه قد تم مجيء الرب. وهنا  يصل بنا الحديث إلى أعتاب قضية " ضد المسيح ". ومن المنطقي أنه  قبل الحديث عن ضد الشيء لابد من أن نعرف ماهية الشيء، أي أنه قبل الحديث عن ضد المسيح قد توجب أن نعرف من هو المسيح ! إذا كان المسيح شخصا عاديا – من منظور كلمة شخص – أحاديا ، كشخص الرب يسوع التاريخي العائد ثانية إلى كوكبنا - بحسب المفهوم الخاطئ ، فضد المسيح بالتبعية سيكون شخصا تاريخيا ، كأحد الهراطقة ، أو أحد الشخصيات التاريخية، مثلا، ولكن إذا كان المسيح هو ذلك الشخص الكاثوليكي الذي يأتي الآن في الكنيسة إلى أن ينتهي مجيئه بنهاية الزمان والمكان المعينين لتكميله، فبالتبعية لن نستطيع أن نتعامل مع " ضد المسيح" من خلال الإسقاطات التاريخية والحسابات الطلسمية ( إذا جاز التعبير ). ثم ماهي طبيعة الصراع والحرب التي من الممكن أن يشنها ضد المسيح مع شخص يأتي تراكميا في الزمان والمكان، حتى نهاية الزمان والمكان؟ في أية مرحلة تاريخية من مرحل نمو كيان المسيح سوف يتصدى له ضد المسيح ؟ أم أنه سوف يحاربه في كل الزمان وكل المكان؟ كيف لنا أن نفهم ماهيتة  ؟
على أنه كان من الممكن النجاة من الوقوع في فخ "ضد المسيح" مقارنة بفخ "ابن الهلاك"؛ فالنص في الأخير محكم للغاية في إمكانية انطباقه على شخص معين، أما نص ضد المسيح ففيه بعض السعة من حيث التعميم، والتنويه بوجود أضداد للمسيح، وبوجود ضد المسيح في العالم الآن. وقد كان هذا مدعاة لقليل من التحفظ وعدم التسرع في البحث عن شخصية محددة يتم اسقاط " ضد المسيح " عليها، وهذا للأسف لم يحدث.
                      نصان من يوحنا الأولى
لم يذكر " ضد المسيح " إلا في الرسالة الأولى ليوحنا اللاهوتي، في :
1- من يوحنا الأولى 2
  " وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. مَنْ قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُهُ» وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا. . . أَيْضًا وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ، مَا هُوَ حَقٌ فِيهِ وَفِيكُمْ: أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ ...  مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ.  وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ...  لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ.  وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.  أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا.  وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ. لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكُمْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، بَلْ لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَهُ، وَأَنَّ كُلَّ كَذِبٍ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ. مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ. كُلُّ مَنْ يُنْكِرُ الابْنَ لَيْسَ لَهُ الآبُ أَيْضًا، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالابْنِ فَلَهُ الآبُ أَيْضًا.  أَمَّا أَنْتُمْ فَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ فَلْيَثْبُتْ إِذًا فِيكُمْ. إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَثْبُتُونَ فِي الابْنِ وَفِي الآبِ. وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ هذَا عَنِ الَّذِينَ يُضِلُّونَكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ. وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ".  
2- من يوحنا الأولى 4
" بِهذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ. ..  هُمْ مِنَ الْعَالَمِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يَتَكَلَّمُونَ مِنَ الْعَالَمِ، وَالْعَالَمُ يَسْمَعُ لَهُمْ. نَحْنُ مِنَ اللهِ. فَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ يَسْمَعُ لَنَا، وَمَنْ لَيْسَ مِنَ اللهِ لاَ يَسْمَعُ لَنَا. مِنْ هذَا نَعْرِفُ رُوحَ الْحَقِّ وَرُوحَ الضَّلاَلِ.  أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا. ..  اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ. إِنْ أَحَبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَاللهُ يَثْبُتُ فِينَا، وَمَحَبَّتُهُ قَدْ تَكَمَّلَتْ فِينَا. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِينَا: أَنَّهُ قَدْ أَعْطَانَا مِنْ رُوحِهِ... مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ.  وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي للهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا..."
                     تعليقات وملحوظات
لغة السياق
1- بالإضافة إلى أن " ضد المسيح " لم يذكر في النص إلا بطريقة ثانوية -على خلفية الموضوع الأصلي الذي يخدمه سياق النص  - فهو لم يظهر محسوما موقفه كشخص واحد معين، بل تطرق النص إلى إمكانية وجود أضداد للمسيح كثيرين بل ونوه يوحنا بوجوده في العالم الآن،وقد كان من الممكن ان يكون هذا بمثابة طوق النجاة أمام المفسرين للهروب من الوقوع في فخ البحث عن شخص يمثل ضد المسيح؛ فإمكانية تعدد ضد المسيح تجعل منه " مفهوما "وليس " شخصا "، تجعله هوية طبيعية وليس هوية شخصية. فلماذا إذن الاندفاع وراء استنطاق النص بالأساطير والخرافات ؟ أما كان من الأجدى ربط مفهوم ضد المسيح بمحور ولب الحديث الإيجابي في النص، أي الحياة في المسيح، وبالتالي يتبلور مفهوم ذاك كآخر، كضد المسيح ؟
2 - لم يتطرق النصان إلى أية ظروف أو ملابسات أو أحداث تاريخية  مستقبلية أو أية نبوات اسخاطولوجية، لكن الحديث كله ينصب على عمق الحياة في المسيح، وافتراض أن ضد المسيح شخص حقيقي يجعله نغمة نشازا وسط معزوفة لحن الحياة في المسيح؛ فإذ بنا نختطف من ذلك الشرير الذي يقتحمنا في النص بدون أي سبب منطقي. وإذا قال قائل : ربما جاء ذكر ضد المسيح - الشخص المفترض - من باب التحذير، والسؤال هو التحذير من ماذا؟ هو مضل وكاذب، وواضح في كذبه وفي إضلاله - كما يفترض- وبالتأكيد فإن خطره كشخص، على الكنيسة ، غير ذي بال؛ فليست الكنيسة - حتى كمؤسسة زمانية- بهذه الهشاشة التي إذا جاء شخص في زمن ما وأراد تضليلها لتترك المسيح، أن يكون الأمر جللا ومدعاة لتحذير يوحنا، إلا إذا كان الأمر أخطر من ذلك بكثير، ويتخطى كونه شخصا إلى كونه حالة أعمق تعوق شهادة يسوع في الكنيسة وتعوق امتداد مجيئه فيها وليس مجرد تضليلا فكريا ساذجا.  
3- القضية الأساسية في النصين هي ثبات الكنيسة في المسيح، الذي هو تعبير آخر عن مجيء الرب في الكنيسة :" وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ"( 1يو2: 28 ) .هذا ولم تتكرر كلمة أو معنى – في النصين – مثلما تكررت كلمة ومعنى " الثبات " ، فهي التيمة الأساسية، وهي محور النصين ؛ الثبات في الله، الثالوث، في النور ، في المحبة. والثبات متبادل وليس من طرف واحد، ف" اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ "(1يو4: 16 ).
 جوهر حديث يوحنا، إذن ، هو ذلك الثبات في المسيح الذي يعني تطبيق نموذج يسوع في الكنيسة:" وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا"( 1يو2: 5و6 ).
   ماهية ضد المسيح
1- في عبارة واضحة ومباشرة وصريحة يقدم الرسول يوحنا اللاهوتي إجابة لسؤال الهوية بخصوص مايدعى " ضد المسيح "، فيكتب: "  مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ "( 1يو2: 22 ). هو إذن ذلك الذي ينكر أن يسوع، الكلمة المتجسد في التاريخ هو ذاته الذي يأتي الآن ممتدا متعاظما صائرا كيانا جماعيا ضخما يضم الكنيسة، اسمه المسيح.  
2- ولكن لكي يتبلور مفهوم الانكار يدخلنا يوحنا في دراسة مقارنة مع مفهوم الاعتراف فيكتب : " كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ (ihsoun criston ) أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ،  وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ (ton ihsoun )أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ"( 1يو4: 2و3 ).والملحوظة العجيبة في النص هي ورود الاسم المركب"يسوع المسيح "بدون تعريف للاسمين، في حديث اعتراف الكنيسة، وورود الاسم معرفا في حديث انكار ضد المسيح. والتنكير للاسم - في يونانية العهد الجديد – يشير إلى الحالة النعموية، الآنية، المفتوحة. وعليه فإن صيغة " يسوع المسيح "، بهذا الوضع، من الممكن أن نطلق عليها " الصيغة المجيئية "، الآنية. واعتراف الكنيسة بيسوع المسيح هو قبول مجيء الرب، ذلك الحدث المنطلق من يسوع التاريخي حتى اكتمال المسيح الآتي في كل التاريخ إلى نهايته؛ لذلك إذا رجعنا إلى النصوص المجيئية في مواضع مختلفة سنجد تعبيرا محوريا متكررا هو " استعلان ( ظهور ) يسوع المسيح ( بالصيغة التي نتحدث عنها )". أما تعريف الاسم في يونانية العهد الجديد فيشير إلى الشخص المستقل، يشير إلى حالة مغلقة منعزلة في مواجهة متلقي الحديث. هذا ماقد حدث بخصوص انكار ضد المسيح؛ حيث ورد الاسم معرفا؛ فموقف ضد المسيح هو الرفض الكامل للشخص، وليس هناك ثمة علاقة آنية مفتوحة مثلما الحال بالنسبة لموقف الكنيسة.
والملحوظة الثانية بالغة الاهمية هي أن قضية الاعتراف والإنكار قضية أرواح، والأمر المطروح بإلحاح هو امتحان الأرواح: هل هي من الله أم ليست من الله؟ ضد المسيح روح- وهذه هي المفاجأة - وهو ليس شخصا تاريخيا بل روح وهو -الآن - في العالم. وسياق العبارة الكاملة كما يكتب يوحنا هو:" أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ. بِهذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ،  وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ"( 1يو4: 1-3 ). وإذا كان كل من " من يعترف بيسوع المسيح " و"ضد المسيح" قد أدرج تحت لافتة " روح "، فلماذا ينظر إلى ضد المسيح كشخص طبيعي معين ولا يحدث الأمر المماثل بالنسبة لمن يعترف بيسوع المسيح ؟ ألا ينطبق نفس الوضع على الروح الذي ينكر، ضد المسيح، فلا نعتبره شخصا معينا بل توجها يشمل اولئك الذين ارتدوا وخرجوا من سياق مجيء الكنيسة؟ 
   3- انكار ضد المسيح، وعدم اعترافه بأن يسوع هو المسيح، هو رفضه الثبات في المسيح - التي هي القضية الأساسية في النصين – هو رفضه لمجيء الرب فيه واعتزاله عنه وتمرده عليه، هو رفضه المسحة التي فيها يصير الجميع مسيحا واحدا هو المسيح الآتي الآن، وفي هذا يكتب يوحنا:  " أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ"( 1يو 2: 18- 20 ).
4- الإنكار - في النص المجيئي عند يوحنا - هو المرادف للارتداد - في النص المجيئي عند بولس. كما أن ضد المسيح عند يوحنا، هو إنسان الخطية ، ابن الهلاك، عند بولس، فيكتب بولس: " لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا «سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ. أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرَّ بِهِ نَفْسِي».  وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ"( عب10: 37- 39 ). ويكتب أيضا: " لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ"( 2تس2: 3و4 ).
5- ضد المسيح - بحسب يوحنا  - الذي هو إنسان الخطية  - بحسب بولس- ليس شخصا تاريخيا، سوف يأتي به مستقبل الأيام ولكنه الطبيعة الإنسانية العتيقة المنحدرة نحو الموت في مقابل الطبيعة الجديدة  الآتية في المسيح الآتي. هو هبوط رافضي الرب ، في مجيئه، في مقابل صعود الكنيسة فيه. هو هذا الفريق الذي أحب العالم رافضا مجد الله، فكتب يوحنا محذرا من هذا المصير:" لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ"( 1يو2: 15- 18 ).
لذلك دعي ضد المسيح لأنه يستعلن كل ماهو معاكس ومضاد لهوية المسيح؛ فبينما الأخير شخص يستوعب الجميع في الخليقة الجديدة الكائنة في جسده، فضد المسيح خليقة عتيقة منحدرة بأصحابها نحو الموت لرفض أصحابها الثبات في المسيح، بمجيئه فيهم. المسيح يجمع للحياة وضد المسيح يبدد للموت. في المسيح تجيء الكنيسة وفي ضد المسيح يرتدون عن الكنيسة. المسيح مملكة الأحياء من البشر وضد المسيح مجتمع الهالكين من البشر. المسيح هو الحق وضد المسيح هو الكذاب. الضدية في " ضد المسيح " هي ضدية الهوية وليست ضدية العدائية.
6- والآن لنا أن نسأل : ماذا لو افترضنا أن مجيء الرب هو مجيء يسوع التاريخي إلى عالمنا مرة ثانية بمجد عظيم ، كيف لنا أن نرى " ضد المسيح "؟ هل نستطيع أن ننكر أننا كنا لا نزال نبحث عن ضد المسيح ، هل هو نيرون أم هتلر أم أي شخص تاريخي آخر؟ هل من الممكن ان ننجو من هذا الفخ في غيبة مفهوم صحيح عن شخص المسيح نفسه؟ هل نستطيع أن ندرك من هو ضد المسيح في غيبة إدراكنا لمن هو المسيح ؟وإذا كان المسيح شخصا أحاديا سيأتي يوما ما، ألن يكون ساعتئذ أن ضد المسيح شخص تاريخي أيضا يأتي ليصنع كل مايناهض عمل المسيح ؟ ليتنا نفهم فنسمع " مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ "( رؤ3: 6 )،  فننجو من فخ " أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ"( 2بط3: 16 ).

                                         خلاصة

    إذا كان المسيح، ابن الإنسان، الكلمة المتجسد في البشر، ليس مجرد شخص تاريخي بل هو الشخص العابر – والمخترق – لكل التاريخ مجتلبا الأعضاء المالئين لجسده، أي الكنيسة، فإن ضد المسيح ، أيضا، ليس شخصا تاريخيا يمكن رصده في زمن معين بل هو الوجود المتخلى عنه في أعضاء الكنيسة لحساب الوجود في المسيح؛ فضد المسيح هو الإنسان العتيق الذي يموت مع المسيح لحساب الجديد، الذي في المسيح؛ "لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ. عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ. لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ. فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ"( رو6: 5- 8 ).

وكتابيا، إذا ورد ذكر مصطلح مثل : " الإنسان الجديد"، كما في: ( أف4: 24 ) أو " الإنسان الروحاني كما في: ( 1كو15: 46 )" أو " الإنسان السماوي"، كما في: ( 1كو15: 48و 49 )" الإنسان الداخل "، كما في: ( 2كو4: 16 ) أو " الإنسان الباطن " ،كما في: ( أف3: 16 ) أو" الخليقة الجديدة "، كما في: ( 2كو5: 17 ) ، فإن المقصود هو ذات الأمر أي الوجود الإنساني الجديد عديم الفساد الكائن في المسيح  والمنتمي عضويا إليه. ومن الناحية الأخرى إذا ذكر مصطلح مثل : " الإنسان العتيق " ،كما في: ( أف 4: 22 ) أو الإنسان الترابي، " كما في: ( 1كو15: 47- 49 ) أو " الحيواني، " كما في: (1كو15: 46 ) أو " الإنسان الطبيعي " ، كما في: ( 1كو2: 14 ) أو" الإنسان الخارج "، كما في: ( 2كو4: 16 )  أو " الأثيم "،  كما في: ( 2تس 2: 8 ) أو " إنسان الخطية " ،كما في: ( 2تس 2: 3 ) أو " ابن الهلاك "، كما في: ( 2تس 2: 3 )  ، فإن المقصود هو ذات الأمر، أي الكيان والوجود " المقاوم " ( 2تس2: 4 ) للوجود في المسيح أو " ضد المسيح ". إذن لدينا في كياننا الإنساني طبيعتان متناقضتان تعتملان في اتجاهين متعاكسين؛ الطبيعة المرجوة عديمة الفساد، والثانية الطبيعة الفاسدة الفانية. الأولى هي الإنسان الجديد الذي "يتجدد يوما فيوما في الداخل" (2كو4: 16 ) لحساب تكميل كيان المسيح بأعضاء الكنيسة والثانية هي الإنسان العتيق الذي يحاول جاهدا مقاومة تكميل كل عضو وبالتالي يقاوم تكميل كيان المسيح الممتلئ بالكنيسة، وبين حركة ال " مع " وال " ضد " هذه، يتجلى المشهد الذي يوصف الصراع الكياني الإنساني التاريخي بين " المسيح " و " ضد المسيح "؛ فإذا كان كل منا بعضا من المسيح - باعتباره عضوا في جسده – فإن عضويتنا هذه قد تمت على أنقاض " ضد المسيح " الذي كان قابعا في كياننا قبل أن نصير متموقعين في كيان المسيح.

                                     خلاصة الخلاصة

         إذا كنا موجودين في المسيح، بالحقيقة، كأعضاء في جسده ، وبالتالي فإن وجودنا فيه يمثل بعضا من وجوده الكامل الممتلئ بالكنيسة - فضد المسيح مهزوم فينا، وفاشل تماما في أن يجعلنا نرتد عن وجودنا في الرب؛ إذ قد  كنا - من قبل - بعضا من ضد المسيح، فلما لبسنا المسيح صرنا بعضا من المسيح ومات فينا ضد المسيح. المسألة إذن هي : إما أن تكون محسوبا على المسيح ، في سياق استعلانه كشخص كامل ، أو أن تكون محسوبا على ضد المسيح، في سياق استعلانه كحصيد للارتداد عن الوجود في الرب، " لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي ( يوم المسيح ) إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، ( 2تس 3:  3 ).

مجدي داود

 

  




الجمعة، 29 نوفمبر 2019

مجيء الرب ( 6 )




              
                


                     علاقة المفهوم بالنص ( 2 )
                       ( مجيء الرب في رسائل بولس )

  مجيء الباروسيا ( الحضور، parousia )
1- " وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ: الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ، ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ. وَبَعْدَ ذلِكَ النِّهَايَةُ، مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ للهِ الآبِ، مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ" ( 1كو 15: 20- 24 ). 
2-" لأَنْ مَنْ هُوَ رَجَاؤُنَا وَفَرَحُنَا وَإِكْلِيلُ افْتِخَارِنَا؟ أَمْ لَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا أَمَامَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ؟ لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ مَجْدُنَا وَفَرَحُنَا" ( 1تس2: 19و20 ).
3-" وَالرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي الْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا لَكُمْ، لِكَيْ يُثَبِّتَ قُلُوبَكُمْ بِلاَ لَوْمٍ فِي الْقَدَاسَةِ، أَمَامَ اللهِ أَبِينَا فِي  مجيء رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِ قِدِّيسِيهِ"( 1تس3 :13 ).
  4-" ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلًا. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ"( 1تس4: 13- 17 ).
 5-"وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ"( 1تس5: 23).
6-" ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ  لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ  أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هذَا؟  وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِي وَقْتِهِ. لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ، وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ (  روح فمه،  tw pneumati tou stomatos autou  )، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا.  وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ الرَّبِّ، أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ. "( 2تس2: 1- 13 ).
 مجيء الإبيفانيا (  الظهور ، epiphania )
 7-" أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ، وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاعْتِرَافِ الْحَسَنِ: أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ،"( 1تي 6: 13- 15 ).
 8- " الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ"( 2تي1 : 9و 10 ).
 9- " أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ"( 2تي4: 1 ).
 10-" قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ،  وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا"( 2تي4: 7و8 ).
 11- " مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ و ظُهُور مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَال حَسَنَةٍ" ( تي2: 13و 14 )
 12-" لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ"( كو3: 3و4 ).
 13- " وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ، هكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ"( عب9: 27و 28). 
  مجيء الأبوكاليبسيس ( الاستعلان ، apokalipsis )
 14-" لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ. إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ  لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا عَلَى الرَّجَاءِ. لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ".( رو8: 19- 22 ).
  15-" كَمَا ثُبِّتَتْ فِيكُمْ شَهَادَةُ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِنَّكُمْ لَسْتُمْ نَاقِصِينَ فِي مَوْهِبَةٍ مَا، وَأَنْتُمْ مُتَوَقِّعُونَ اسْتِعْلاَنَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي سَيُثْبِتُكُمْ أَيْضًا إِلَى النِّهَايَةِ بِلاَ لَوْمٍ فِي يَوْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1كو1: 6-8 ).
 16-" وَإِيَّاكُمُ الَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا، عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ،"( 2تس1: 7).
 مجيء الإيركوماي (  الإتيان ، erchomai )
 17-" إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ"( 1كو4: 5 ).
  18-" فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ"( 1كو11: 26 ).
  19- "وَأَمَّا الأَزْمِنَةُ وَالأَوْقَاتُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ هكَذَا يَجِيءُ. لأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: «سَلاَمٌ وَأَمَانٌ»، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلاَكٌ بَغْتَةً، كَالْمَخَاضِ لِلْحُبْلَى، فَلاَ يَنْجُونَ. وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلَسْتُمْ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ كَلِصٍّ. جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ. فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ. لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَبِاللَّيْلِ يَنَامُونَ، وَالَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَبِاللَّيْلِ يَسْكَرُونَ. وَأَمَّا نَحْنُ الَّذِينَ مِنْ نَهَارٍ، فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ. لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا، حَتَّى إِذَا سَهِرْنَا أَوْ نِمْنَا نَحْيَا جَمِيعًا مَعَهُ" ( 1تس 5:ا- 10 ) .
  20-" وَإِيَّاكُمُ الَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا، عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ، فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِيًا نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،  الَّذِينَ سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ وَمِنْ مَجْدِ قُوَّتِهِ، مَتَى جَاءَ لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. لأَنَّ شَهَادَتَنَا عِنْدَكُمْ صُدِّقَتْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ"( 2تس 1: 7- 10 ).
   21-"لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا «سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ. أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ (uposteilhtai  ) لاَ تُسَرَّ بِهِ نَفْسِي». وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ (upostolhV ) لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ"( عب10 : 37 – 39 ).
          تعليقات تحليلية على النصوص ( حسب ترتيبها السابق)
ماذا لو تبنينا مفهوم فردية مجيء الرب، أي مجيئه كشخص عظيم ، مفرد - أي يسوع التاريخي- في زمن معين،  ليواجه الكون كله :
1- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية القيامة والحياة في المسيح، الذي سيحيا فيه الجميع، كل في رتبته، أي في ترتيبه الزمني : المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه، أي أعضائه المشتتين في الزمان ؟
2- هل كنا نستطيع أن نفهم أن مجيء ربنا يسوع المسيح هو مجيء جماعي للكنيسة، في الفرح والمجد والافتخار ؟   
3- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية المجيء، في مجيء ربنا يسوع المسيح مع قديسيه، الذي فيه تثبت قلوبنا بلا لوم في القداسة أمام الله أبينا ؟ 
4- هل كنا نستطيع أن ننجو من فخ " الأحياء الباقين إلى مجيء الرب " أم كنا سنستسلم للفكر المنحرف الذي تخيل أن الرسول بولس قد توهم أن الرب سوف يجيء في عصره!؟ وهم لو كانوا قد أجهدوا أنفسهم قليلا في قراءة البولس لوجدوه في موضع آخر يحذر من خدعة أن يوم المسيح قد حضر، فيحذر عن وعي شديد بالأوقات والأزمنة والعلامات. وهنا بالتأكيد يتحدث عن تمام مجيء الرب الذي يؤذن بنهاية العالم وليس الحدث الآني.  
5- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية المجيء التي يحفظ فيها الجميع روحا ونفسا وجسدا واحدا، شخصا واحدا؛ حيث النص اليوناني يؤكد على الكيان الشخصي الواحد، فقد وردت الكلمات : الروح والنفس والجسد، كلها في صيغة المفرد المعرف ، وتعبير مجيء الرب معرف الاسمين، والتعريف بطبيعته يشير إلى الوجود الشخصي. إذن الكل- في الرب الآتي- شخص واحد.وبطبيعة الحال الجسد والنفس هما كيان الرب الإنسان الكامل الذي يضم كل أعضاء الكنيسة، في الروح الواحد، أي الروح القدس.    
6- في نص شديد الغموض وشديد الإيحاء بما ليس فيه، كيف نفهم أن الرب - الذي قال عن نفسه – في موضع آخر:" أخبر باسمك إخوتي وفي وسط الكنيسة أسبحك" – كيف نفهم أنه بمجيئه في كنيسته ( كنيسة  الإخوة المحبوبين من الرب ) التي اختارها من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق، بمجيئه قد سحب مساحة بشرية من تحت سطان الشيطان، مقلصا مملكته فيهم التي يعتمل فيه الإثم والشر من خلال استغلال إنسان الخطية ، الإنسان العتيق، ابن الهلاك ، هذا الذي  - في المسيح يسوع يموت بفعل الروح القدس ( روح فمه، الترجمة الصحيحة )، وبموته في أعضاء الكنيسة، يرفع المقاوم والمرتفع، عن كل مايدعى إلها أو معبودا  - يرفع من الوسط ، وسط هيكل الله، الكنيسة. أعضاء الكنيسة هم الذين سمعوا- فأطاعوا - كلمات بولس في موضع آخر : " إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ.لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَاادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. "( رو8: 13و 14) .والنص الذي بين أيدينا هو الموضع الوحيد - في نصوص المجيء – الذي ورد فيه التعبير المزدوج " ظهور مجيئه " ، بينما كل كلمة منهما، وحدها، تكفي لتستخدم في التعبير عن مجيئه؛ وأعتقد أن التعبير المزدوج ضروري للاستعلان المزدوج للحدث، الذي هو خصيصة سياق هذا النص؛ فأحد وجهي الاستعلان وجه إيجابي، استعلان وجود أعضاء الكنيسة ، الوجود الجديد في المسيح الآتي، والوجه الآخر سلبي، يخص الوجود العتيق، إنسان الخطية الذي أبيد فيهم بالروح، وأدين في جميع الذين لم يصدقوا الحق، بل سروا بالإثم. تعبير "ظهور مجيئه "إعلان مزدوج لاستعلان وجود الكنيسة واستعلان دينونة العالم الذي وضع في الشرير، بآن واحد.نحن هنا نتعامل مع نص فريد من نوعه، من نصوص المجيء، نص يخص آلية المجيء وليس يخص مشهد المجيء. مجيء الرب في الكينسة يحدث بكيفية معينة هي الموت مع المسيح، موت العتيق، إنسان الخطية ، ابن الهلاك، المقاوم والمرتفع على كل مايدعى إلها. شركة موت المسيح هي شركة قيامته، أي شركة مجيئه. وعندما يقول بولس:" مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ"( غل2: 20 ) ، فهذا يعني أن الموت مع المسيح هو مجيء المسيح، في من مات مع المسيح. وفي عبارة أخرى أكثر وضوحا يقول:" تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ " (1 كو 11: 26). والإخبار ( بحسب الكلمة اليونانية،katangello  ) هنا ليس مجرد إذاعة الخبر بل هو الإخبار الذاتي، أي   الإخبار بموت المسيح بالشركة في موته. هذه هي آلية مجيء الرب التي تتحقق في الروح القدس ( بروح فمه ). كل أعمال الشيطان الخادعة للبشر سوف ينعتق من سلطانها جمع معين بأن يباد فيهم إنسان الخطية بمجيء الرب فيهم، هؤلاء هم الكنيسة الآتية في الرب بالشركة في موت الرب. والكنيسة – ومن خلال منظور اسخاطولوجي- يمكن النظر إليها – في ماقبل مجيئها في الرب – على أنها كانت تحت سلطان إنسان الخطية الذي كان يجلس في وسطها متعاليا متألها ، فالطبيعة العتيقة تميل – بنرجسيتها – نحو التأله، أي عبادة الذات التي هي خديعة الإثم في الهالكين التي من عمل الشيطان، وعندما تتجلى الكنيسة في مجيء الرب تبدو وقد ارتفع من وسطها سر الإثم بعد إبادة إنسان الخطية بالموت مع المسيح بفعل الروح القدس، روح فمه.
ولكن ماذا لو افترضنا أن مجيء الرب هو مجيء يسوع التاريخي فقط إلى عالمنا ثانية بمجد عظيم، كملك، ترى كيف يمكننا آنئذ أن نفهم هذا النص؟ أما وقد كان الواقع هو التبني التاريخي لهذا الافتراض فقد كانت الإجابة بطبيعة الحال مأساوية؛ فقد أسيء فهم النص وكما وقعنا سابقا في فخ " الباقين إلى مجيء الرب " في تسالونيكي الأولى، وقعنا هنا في فخ جديد هو " إنسان الخطية، ابن الهلاك "، لدرجة أنه قد طعن في قانونية الرسالة وفي صحة نسبها لبولس، وبعدما سقط الطعن حيكت التفسيرات والشروحات الخرافية  المختلفة والمتباينة عن إنسان الخطية وأسقطت عليه الأحداث التاريخية  المتعددة، وقلما تجد اثنين من المفسرين قد اتفقا، وضاعت الحقيقة. حينما تنحو التفسيرات والشروحات نحو التعامل مع نص المجيء كنص نبوي - يحتاج تأويلا تاريخيا – فتأكد أنك في الطريق الخطأ، ينطبق هذا بالمطلق على كل نصوص المجيء بما فيها رؤيا يوحنا ، وبالطبع نصوص بولس، ناهيك عن المشهد الإسخاطولوجي في النص الإنجيلي في الأناجيل الثلاثة الأولى. يوحنا اللاهوتي قد أطلق تنبيها حينما قال:" شهادة يسوع هي روح النبوة" ( رؤ19: 10 ) ؛أي أنه حتى لو اعتبرت الأبوكاليبسيس نبوة، أو آخر سفر نبوي في الكتاب فلتكن فاهما أن للنبوة هنا مفهوما آخرا؛ فهي لا تخبرنا بأحداث جديدة سوف تحدث في تاريخ البشر أو تاريخ الأرض بل تخبرنا بحقيقة مجيء الكنيسة في الرب كشهادة جميع الأعضاء، بانتمائهم للرأس يسوع.هؤلاء هم الذين عندهم شهادة يسوع، أي الشهادة بأنهم أعضاء للجسد الذي رأسه يسوع. وبالتالي ليس لدينا في نصوص المجيء مايستدعي منا الحسابات والأرقام والإسقاطات على الأحداث التاريخية والصراعات، كل هذه خرافات يستدعيها غياب المفهوم الصحيح لمجيء الرب في الكنيسة فإن " "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ " (أف 6: 12).
  عود إلى بدء الاقتباس، هل إذا تبنينا المفهوم الخطأ ، بعودة يسوع الأحادية ، هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية المجيء في عبارة " مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه " ؟ وإذا تبنينا مفهوم جماعية مجيء الرب، هل نستطيع أن ندرك أن موضوع الإصحاح الثاني من رسالة تسالونيكي الثانية بكامله هو مجيء الرب في الخليقة الإنسانية الجديدة الملقبة بالكنيسة، على حساب الخليقة العتيقة الملقبة بإنسان الخطية، ابن الهلاك ( إذا جاز التعبير). وإذا كان الرب ليس شخصا أحاديا منعزلا، بل كيان جماعي يشمل كل أعضاء الخليقة الجديدة عديمة الفساد، أي الكنيسة، فإنه على الناحية الأخرى ليس إنسان الخطية فردا أو شخصا أحاديا بل هو الطبيعة العتيقة الهالكة والتي أدينت بظهور الرب في مجيئه، أي ظهرت عورتها في عدم قدرتها على البقاء والاستمرار مقارنة بالطبيعة الجديدة في المسيح، الآتي في الكنيسة. لأجل هذا الإعلان المزدوج - ظهور الجديد في الكنيسة وإدانة وإبادة العتيق بظهوره، نسب إلى مجيء الرب - في هذا النص تحديدا - تعبير" ظهور مجيئه" وليس مجرد ظهوره  أو مجرد مجيئه.   
  7- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية ظهور ربنا يسوع المسيح، تلك الجماعية التي تجعل له أوقاتا وليس وقتا محددا. أوقات سيبينها المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك ورب الأرباب.
8- هل كنا نستطيع أن نفهم أن  ظهور النعمة المعطاة لنا  - جميعا - في المسيح يسوع  - قبل الأزمنة الأزلية  - المعطاة الآن، هو ظهور مخلصنا يسوع المسيح نفسه، الذي أنار لنا الحياة والخلود بواسطة الإنجيل ؟
9- هل كنا نستطبع أن نفهم أن ظهور الرب يسوع المسيح هو مجيء ملكوته.
10- هل كنا نستطيع أن نفهم أن جماعية مجيء الرب في  الذين يحبون ظهوره، والذين جاهدوا الجهاد الحسن ، وأكملوا السعي، وحفظوا الإيمان - مثل بولس - هي حدث تتويجهم بأكاليل البر التي يهبها لهم الرب الديان العادل في ذلك اليوم ؟
 11- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية ظهور مجد الله العظيم الذي أعده ببذل نفسه فدية من كل إثم ليطهر لنفسه شعبا خاصا غيورا في أعمال حسنة ؟
 12- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية ظهورنا معه في المجد ، متى أظهر المسيح؛ إذ أنه هو حياتنا وظهوره كاملا هو ظهورنا، ومجيئه هو مجيئنا ؟
 13- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية ظهوره ثانية للخلاص ، أي ظهوره في الذين ينتظرونه كاستعلان لخلاصهم فيه، وبه.
 14و 15- هل كنا نستطيع أن نفهم أن استعلان أبناء الله- الذي تنتظره الخليقة في أنين ومخاض كوني، في نص رومية، هذا الاستعلان الجماعي للكنيسة - هو ذاته استعلان ربنا يسوع المسيح الذي يتوقعه أعضاء الكنيسة كاستحقاق لشهادة المسيح التي ثبتت فيهم ، بحسب نص كورنثوس الأولى ؟ ألسنا - في الاقتباسين - لا نحتفل إلا بمفهوم واحد ، جماعية حدث مجيء الرب ؟
16- هل كنا نستطيع أن نفهم مجيء الراحة لجميع المتضايقين ، الكنيسة الآتية ، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته ؟
17- هل كنا نستطيع أن نفهم مجيء الرب هو مجيء إنارة خفايا الظلام وظهور آراء القلوب، وإذذاك يكون المدح للكل من الله؟
18- هل كنا نستطيع أن نفهم أن جماعية مجيء الرب تتأتى من تراكمية الشبع الإفخارستي في رصيد الكنيسة الآتية في الرب ، إلى أن تمتلئ، فيكون أن مجيء الرب قد كمل وتم ؟
19- هل كنا نستطيع أن نفهم أننا أبناء الكنيسة ، أبناء النهار ، لم يجعلنا الله للغضب ، بل لاقتناء الخلاص بربنا يسوع المسيح. وفي مجيء الرب نحن لايدركنا اليوم كلص، ولايفاجئنا الهلاك كالمخاض للحبلى، بل إن في مجيئه مجيء حياتنا وخلاصنا.   
20- هل كنا نستطيع أن نفهم جماعية مجيء الرب، مجيئه ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين، بخلاف الآخرين المعاقبين بالإقصاء عن وجه الرب ومن مجد قوته، هؤلاء الذين لا يطيعون إنجيل إنجيل ربنا يسوع المسيح، وبالتالي لم يكن لهم نصيب في عضويته أي في مجيئه؟
21- هل كنا نستطيع أن نفهم أن الرب الآتي كيان يتعاظم بانضمام أعضاء الكنيسة إلى كيانه، ومجيئه هو حدوث هذا  التعاظم في كيانه، والفعل المترجم إلى معنى الارتداد ، في النص ،يعني التقلص والانكماش ( shrink back  ). والفعل بهذا المعنى يشير إلى المعنى المعاكس للمفهوم التضخمي التراكمي لمجيء الرب، الأمر الذي يعني الإقصاء عن الوجود في الرب، المؤدي للهلاك.
                                   خلاصة
  مجيء الرب في رسائل بولس الرسول مجيء جماعي، تؤتى فيه النعمة للكنيسة الآتية، في الرب الآتي، وأما تبني مفهوم عودة الرب يسوع التاريخي، في نسخة المجد والقوة، إلى أرضنا مرة أخرى فهو أمر لا يؤدي إلى شرح أي نص أو فهم أي مشهد ؛ إذ يبدو المشهد الاسخاطولوجي طلسما عصيا على الفهم، ويبدو النص المجيئي لغزا عصيا على الحل. وسواء كان الأمر مجيء الرب مع القديسين أو مجيئه في القديسين، فمفهوم جماعية المجيء هو المنحى الذي يسلكه سياق النصوص عند بولس ، ودائما مايحمل نص المجيء اتجاها إيجابيا بخصوص ماتستقبله الكنيسة من نعمة ، اتجاه إيجابي بالمطلق، حتى لو تطرق  السياق إلى حديث الدينونة والديان؛ فالديان العادل هو الذي يكافئ الذين جاهدوا الجهاد الحسن بأكاليل المجد، وليس الذي ينتقم من، أو يتشفى في، رافضيه، فقط هو يقصيهم عن الكينونة فيه، ويمتنع عن أن يجيء فيهم.

مجدي داود
  

الأحد، 24 نوفمبر 2019

مجيء الرب ( 5 )


                 



                 
                  
                 علاقة المفهوم بالنص ( 1 )

 إذا كان هناك نص يقال عنه أنه حمال أوجه فلست أظن أن هناك مايتفوق على نصوص مجيء الرب ، في العهد الجديد ، في هذا الأمر. والمشكلة في التعامل مع النص الكتابي بصفة عامة هي في سؤال مبدأي لابد أن يوجهه المرء إلى نفسه قبل أن يفتح الكتاب : عن أي شيء تبحث ؟ ماهو المفهوم الذي في ذهنك والذي سوف يقود رحلة بحثك في الكتاب؟ هل ستترك نفسك للانطباعات التي تفيض من النص لتأخذك جيئة وذهابا كما الأمواج، أم أنك قارئ قائد للنص ذو مفهوم واضح ومحدد قادر أن يصل في سبر أغوار النص إلى أقصى كمالاته ، إن أمكن ؟ تلك هي المشكلة. في النص الإنجيلي يتماهى مفهوم مجيء الرب مع مضمون نهاية العالم، وقد بدت المشاهد غامضة والتشبيهات غريبة، وسط تحذيرات شديدة - يطلقها الرب - بخصوص ظهور الأنبياء الكذبة المنتحلين لشخصه، إذن أين المفر !
يأتي الغموض دائما من التعامل مع النص بالتجزئة ، بالقطعة، بمحاولة الفهم والشرح الانطباعيين المنطلقين من ظاهر النص، هكذا يسلم المرء ذهنه لقمة سائغة بين أنياب الخديعة . وعلى كل حال ليس لدينا من معيار على صحة مفهوم ما غير التيقن من صلاحيته للملمة كل مفردات النص كما يلملم الخيط حبات المسبحة، فينسجم الكل في رؤية شاملة واحدة. هذا ماسنحاول تتبعه في النصوص المختارة  - عن مجيء الرب .  
نصوص الأناجيل الثلاثة الأولى
 إنجيل متى 24
3- وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟»
4- فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5- فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 11-  وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.  23- حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 24- لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. 25- هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26- فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27- لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 28- لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.
 29- «وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30- وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ.
 31- فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32- فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.  33- هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34- اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.
 36 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. 37-  وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 38- لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ،
 39- وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 40- حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 41- اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى. 42- «اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ.
متى 25
 31«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.32 وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ،33 فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ.34 ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.35 لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي.36 عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.37 فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟38 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟39 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟40 فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.41 «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ،42 لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي.43 كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي.44 حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟45 فَيُجِيبُهُمْ قِائِلًا: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا.46 فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»
إنجيل مرقس 13
3 وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تُجَاهَ الْهَيْكَلِ، سَأَلَهُ بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ عَلَى انْفِرَادٍ:4 «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ الْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَتِمُّ جَمِيعُ هذَا؟»5 فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَابْتَدَأَ يَقُولُ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلُّكُمْ أَحَدٌ.6 فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.
 20 وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ، قَصَّرَ الأَيَّامَ.21 حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا.22 لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا.23 فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ.24 «وَأَمَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ،
25 وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ.26 وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ،27 فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ.28 فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقًا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.29 هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ.30 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.31 اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.32 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.33 اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ
انجيل لوقا 17
20 وَلَمَّا سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» أَجَابَهُمْ وَقَالَ: «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ،21 وَلاَ يَقُولُونَ: هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ».22 وَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ فِيهَا تَشْتَهُونَ أَنْ تَرَوْا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ وَلاَ تَرَوْنَ.23 وَيَقُولُونَ لَكُمْ: هُوَذَا ههُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لاَ تَذْهَبُوا وَلاَ تَتْبَعُوا،24 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ابْنُ الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ.25 وَلكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هذَا الْجِيلِ.26 وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا فِي أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ:27 كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزَوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَجَاءَ الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ.28 كَذلِكَ أَيْضًا كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ: كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ.29 وَلكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ.30 هكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ.31 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ فِي الْبَيْتِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ كَذلِكَ لاَ يَرْجعْ إِلَى الْوَرَاءِ.32 اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ!33 مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا.34 أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَكُونُ اثْنَانِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ.35 تَكُونُ اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.36 يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ».37 فَأَجَابوا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ يَا رَبُّ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُ تَكُونُ الْجُثَّةُ هُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ».
 تعليقات تحليلية على النصوص
 إذا كان مفهوم مجيء الرب  هو عودة الرب يسوع التاريخي إلى عالمنا، ولكن في ملابسات المجد والقوة والبهاء- بخلاف مجيئه الأول -  فقد توجب علينا مواجهة هذا الزخم من الأسئلة:
1- كيف لنا أن نفهم إصرار الرب وإلحاحه في التحذير من تصديق خبر ظهور المسيح وتواجده " هنا أو هناك " ؟ أليس معنى أنه جاء هو أنه من الوارد أن أحدا يستطيع أن يخبر بمجيئه ؟
2- ماهي العلاقة بين مجيء الرب ومجيء ملكوت الله ولماذا يستخدم التعبيران بطريقة تبادلية، في النصوص ؟ ثم مامعنى أن " ملكوت الله داخلكم "؟ وماسر استحالة رصد ومراقبة إتيان ملكوت الله؟  
 3- كيف نفهم عبارة " حيث تكن الجثة هناك تجتمع النسور "- كإجابة على سؤال " أين "،ونفس الأمر بالنسبة لعبارة " البرق الذي يبرق من ناحية إلى أخرى تحت السماء " ، التي قيلت في سياق " لا تذهبوا ولا تتبعوا "، كيف لا مكان لظهور الرب ؟
4- في سياق لحظة الدمار الكوني الشامل المصاحبة لمجيء الرب –كما ترصدها النصوص -  كيف نفهم الأخذ الانتقائي للبعض دون الآخر ؟
5- كيف نفهم تجميع المختارين من الأربع الرياح من أقصاء السماوات إلى أقصائها ، الحدث المصاحب لمجيء ابن الإنسان على سحاب السماء بقوة ومجد كبير؟ ألا يتم تجميع الأشرار أيضا من أجل مصيرهم المحتوم ؟
6- بالرغم من الهلاك المباغت للجميع ألا يبدو الحدث في النهاية إيجابيا كما تبشر به شجرة التين التي أخرجت أوراقا ؟
7- كيف أنه لا أحد يعلم باليوم ولا بالساعة إلا الآب وحده ؟ حتى الابن لا يعلم بهما ؟
8- في نص متى 25، عن مجيء ابن الإنسان والحديث عن الإخوة الأصاغر، لماذا تم اختزال مفهوم " إخوة الرب " في المساكين والفقراء ؟ وتحول كل هذا النص  - بدون مبرر منطقي -  لمجرد التشجيع على العمل  الاجتماعي والرحمة بالفقراء والمساكين ؟ ألم يقل عن الرب أنه بكر بين إخوة كثيرين ؟ هل كل إخوته من الفقراء والمساكين ؟ كيف نعيد اكتشاف نص من أعظم ماكتب في مجيء الرب ونخرجه من هكذا نهاية مأساوية ؟    مثل هذه الأسئلة وغيرها الكثير، لا يمكن أن يضم حبات مسبحة إجاباتها خيط واحد إذا كان المفهوم الذي نتبناه لمجيء الرب هو مجيء لشخص مفرد، حتى ولو كان ملكا عظيما آتيا على السحاب في لحظة معينة من التاريخ. ولكن إذا بدلنا الأمر واستخدمنا المفهوم - الذي اعتبره صحيحا  - وتعاملنا مع النصوص فإننا سنجد أن خزينة أسرارها قد فتحت بيسر:  فنستطيع آنئذ أن نتفهم أن رصد حدث مجيء الرب أمر غير مطروح من الأصل؛ إذ أن الرب الآتي نفسه شخص يستوعب الجميع، وهو يأتي في الجميع سالكا مسار كل التاريخ وكل المكان، وبالتالي لا مكان محدد يستوعب مجيئه ولا زمان محدد هو زمن مجيئه؛ فهو منتج كل الزمان وكل المكان. ونستطيع آنئذ أن نفهم  حديث" البرق "؛ فالرب يجيء مخترقا صفحة التاريخ في مسارات كسلوك البرق في صفحة السماء. ونستطيع آنئذ أن نفهم حديث " الجثة والنسور " ، والجثة في النص هي " سوما ، جسد "، فحيث يمتد جسد الرب إفخارستيا - في الزمان والمكان منطلقا من يسوع  - يوجد من ينتمي للكنيسة من أعضاء يكملون كيان الرب بعد أن أكلوا من وليمة الرب حينما قال لهم :" خذوا كلوا هذا هو جسدي ".ونستطيع آنئذ أن نفهم معنى تجميع المختارين من الأربع الرياح؛ فالرب نفسه هو مجمع المختارين من البشر أي كنيسته ، ومجيئه هو موسم تجميع حصيد الحنطة البشرية في كيانه.ونستطيع آنئذ أن نفهم مدلول الأخذ الانتقائي للبعض دون الآخر، كتجميع للمختارين لكي يتبوأوا أماكنهم في الرب الآتي؛ فعندما قالوا له : " أين يارب " في هذا السياق، قال لهم " حيث الجثة تجتمع النسور"( بحسب لوقا )، بينما جاءت عبارة " البرق " متلازمة مع عبارة " الجثة والنسور" ( بحسب متى)، والعباراتان مترادفتان في توصيف مسار مجيء الرب عبر كل الزمان وكل المكان.  ونستطيع آنئذ أن نفهم معنى " ملكوت الله داخلكم "؛ فالرب يجيء في الكنيسة ململما إياها في جسده، وعليه فأفراد الكنيسة ضالعون بالكامل في الحدث ولا ينتظرون شخصا خارجا عنهم . ونستطيع آنئذ أن نفهم لماذا لايعلم الابن باليوم  ولا بالساعة؛ لأنه -  وببساطة شديدة – لاوجود ليوم ولا لساعة محددين لمجيء الرب، فاليوم ينطلق بتجسده ويمتد حتى نهاية العالم. الرب يجيء في طيف يبدو لا نهائيا من الأزمنة، أو قل بعدد أفراد الكنيسة المنتشرين في الزمان والمكان، فعن أي يوم - وعن أية ساعة  -  نتحدث بخصوص مجيئه ؟ أما معرفة الآب فقط فهي رصد الحدث كله من خارج الخليقة، الأمر الذي تخلى عنه الابن بتجسده، أي بإخلائه لذاته لكي يصبح آتيا في كنيسته. ونستطيع آنئذ أن نفهم مدلول هذا الحوار العجيب في "مت25 "، الذي هو بالأحرى مونولوج وليس ديالوج، مونولوج ابن الإنسان، الرب الملك الذي يتحاور مع إخوته الذين في كيانه؛ فهم الذين بشبعهم أشبعوه وبريهم قد روه ، وبكل ماقد قبلوه في أنفسهم " هؤلاء الأصاغر "فقد حسب تكميلا لكيان الرب الآتي. هؤلاء هم الخراف الذين عن يمينه أما الآخرون الذين لم يقبلوا مجيئه فيهم فقد استحقوا لعنة الإبعاد والإقصاء من كيان الرب. ليست القضية اختزالا لمفهوم " إخوة الرب "في المساكين والفقراء؛ فهذا تفسير ساذج مبني على افتراض أن ابن الإنسان فرد منعزل يتحاور مع آخرين وليس مع  إخوته الذين فيه " لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ، أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ. لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً،  قَائِلًا: «أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». وَأَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ». وَأَيْضًا: «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ». فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ"،( عب2: 10- 14 )
 إنجيل يوحنا  
 -" اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ،  وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ.  لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ"( يو5: 25- 29 ).
-" فَقَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي!  لكِنِّي الآنَ أَيْضًا أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَطْلُبُ مِنَ اللهِ يُعْطِيكَ اللهُ إِيَّاهُ».  قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «سَيَقُومُ أَخُوكِ». قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟»  قَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ»( يو11: 21- 27 ).
-" فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا. وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ»( يو6: 35- 40 ).

-«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا،  وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ». قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي"( يو14: 1- 6 ).
تعليق تحليلي
لايقدم إنجيل يوحنا - كباقي الأناجيل – تصورا يبدو تاريخيا، لمجيء الرب، بل كعادته وكطبيعته المستيكية الصوفية ينقلنا إلى لب القضية الرب نفسه، الذي يقدم نفسه قائلا : أنا هو، أنا آتي الآن، أنا القيامة والحياة، للراقدين وللأحياء المتبقين، أنا خبز الحياة النازل من السماء والجاذب إلي الجميع. أنا نازل لآتي في الجميع وليأتي في الجميع . كل هذا يحدث في ساعة تأتي الآن. ماذا لو اعتمدنا المفهوم الخاطئ، بأن الرب الشخص المفرد الذي يأتي في تاريخ معين ترى هل نستطيع أن نفهم معنى " تأتي ساعة وهي الآن "؟ أما إذا عدنا إلى صوابنا ونظرنا إلى نصوص يوحنا من منظور مجيء الرب كحدث آني، فيه يتكمل الشخص الآتي بكنيسته التي تنضم إليه في آن ممتد إلى نهاية العالم، نستطيع آنئذ أن ندرك مفهوم " تأتي ساعة وهي الآن " ونستطيع أن ندرك معنى "  أنا هو القيامة "، أنا خبز الحياة. ندرك أنه الآتي في كنيسته وليس شخصا ننتظره في نهاية العالم.حتى تعبير" اليوم الأخير" عند يوحنا، على لسان الرب، يتجاوز المدلول الزمني ليلج الحدث الآني للشخص الآتي؛ فبينما يقول الرب :" كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ»، فهو يستدرك على مرثا قولها بأن أخاها سيقوم في القيامة في اليوم الأخير ، قائلا: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟». هكذا لم تعد القيامة حدثا يحدث في نهاية العالم ( اليوم الأخير ) - كما يبدو من ظاهر النص - بل أصبحت القيامة شخصا وأصبح اليوم الأخير الآن.   
أما النص المجيئي الأكثر وضوحا ومباشرة فهو النص الذي فيه يطرح الرب نفسه بيتا لأبيه الذي فيه منازل كثيرة يستقبل فيه كنيسته. وإذا كان هو القيامة والحياة، في رده على مرثا، فهو الطريق، في رده على توما بالإضافة إلى كونه الحق والحياة، وليس أحد يأتي إلى  الآب إلا به. ويعلنها الرب صريحة :" آتي وآخذكم إلي ( إلى نفسي )، وبوضوح شديد يعلن أن مجيئه ( الثاني ) هو أخذه للكنيسة واستقبالها في نفسه، في منازل قد أعدت في ذاته. ذاته التي هي بيت الآب. هذه الذات الجماعية العجيبة التي لامثيل لها في كل الذوات. لم يقل :" متى اعددت لكم مكانا آتي وآخذكم إليه "- كما يقتضي السياق، بل قال :"آتي وآخذكم إلي "؛ فهو قد أعد في نفسه مكانا ليجمع فيه كنيسته، حتى حيث يكون هو تكون كنيسته. " في بيت أبي منازل كثيرة " قضية محسومة مسبقا، لذلك استدرك الرب :" وإلا كنت قد قلت لكم إني أمضي وأعد لكم مكانا "، مكانكم معد في ، كإخوة لي وليس يحتاج إلى أن أذهب فأعده. أنا الآن مستعد لاستقبالكم في، أنا هو الطريق، مكانكم محفوظ من قبل وجودكم في هذا العالم، كقول بولس:" مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ،"( أفس1: 3- 5 ). 
  
مجدي داود