الأحد، 24 نوفمبر 2019

مجيء الرب ( 5 )


                 



                 
                  
                 علاقة المفهوم بالنص ( 1 )

 إذا كان هناك نص يقال عنه أنه حمال أوجه فلست أظن أن هناك مايتفوق على نصوص مجيء الرب ، في العهد الجديد ، في هذا الأمر. والمشكلة في التعامل مع النص الكتابي بصفة عامة هي في سؤال مبدأي لابد أن يوجهه المرء إلى نفسه قبل أن يفتح الكتاب : عن أي شيء تبحث ؟ ماهو المفهوم الذي في ذهنك والذي سوف يقود رحلة بحثك في الكتاب؟ هل ستترك نفسك للانطباعات التي تفيض من النص لتأخذك جيئة وذهابا كما الأمواج، أم أنك قارئ قائد للنص ذو مفهوم واضح ومحدد قادر أن يصل في سبر أغوار النص إلى أقصى كمالاته ، إن أمكن ؟ تلك هي المشكلة. في النص الإنجيلي يتماهى مفهوم مجيء الرب مع مضمون نهاية العالم، وقد بدت المشاهد غامضة والتشبيهات غريبة، وسط تحذيرات شديدة - يطلقها الرب - بخصوص ظهور الأنبياء الكذبة المنتحلين لشخصه، إذن أين المفر !
يأتي الغموض دائما من التعامل مع النص بالتجزئة ، بالقطعة، بمحاولة الفهم والشرح الانطباعيين المنطلقين من ظاهر النص، هكذا يسلم المرء ذهنه لقمة سائغة بين أنياب الخديعة . وعلى كل حال ليس لدينا من معيار على صحة مفهوم ما غير التيقن من صلاحيته للملمة كل مفردات النص كما يلملم الخيط حبات المسبحة، فينسجم الكل في رؤية شاملة واحدة. هذا ماسنحاول تتبعه في النصوص المختارة  - عن مجيء الرب .  
نصوص الأناجيل الثلاثة الأولى
 إنجيل متى 24
3- وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟»
4- فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5- فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 11-  وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.  23- حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 24- لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. 25- هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26- فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27- لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 28- لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.
 29- «وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30- وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ.
 31- فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32- فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.  33- هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34- اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.
 36 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. 37-  وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 38- لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ،
 39- وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 40- حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 41- اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى. 42- «اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ.
متى 25
 31«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.32 وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ،33 فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ.34 ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.35 لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي.36 عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.37 فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟38 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟39 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟40 فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.41 «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ،42 لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي.43 كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي.44 حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟45 فَيُجِيبُهُمْ قِائِلًا: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا.46 فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»
إنجيل مرقس 13
3 وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تُجَاهَ الْهَيْكَلِ، سَأَلَهُ بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ عَلَى انْفِرَادٍ:4 «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ الْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَتِمُّ جَمِيعُ هذَا؟»5 فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَابْتَدَأَ يَقُولُ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلُّكُمْ أَحَدٌ.6 فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.
 20 وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ، قَصَّرَ الأَيَّامَ.21 حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا.22 لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا.23 فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ.24 «وَأَمَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ،
25 وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ.26 وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ،27 فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ.28 فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقًا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.29 هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ.30 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.31 اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.32 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.33 اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ
انجيل لوقا 17
20 وَلَمَّا سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» أَجَابَهُمْ وَقَالَ: «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ،21 وَلاَ يَقُولُونَ: هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ».22 وَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ فِيهَا تَشْتَهُونَ أَنْ تَرَوْا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ وَلاَ تَرَوْنَ.23 وَيَقُولُونَ لَكُمْ: هُوَذَا ههُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لاَ تَذْهَبُوا وَلاَ تَتْبَعُوا،24 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ابْنُ الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ.25 وَلكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هذَا الْجِيلِ.26 وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا فِي أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ:27 كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزَوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَجَاءَ الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ.28 كَذلِكَ أَيْضًا كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ: كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ.29 وَلكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ.30 هكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ.31 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ فِي الْبَيْتِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ كَذلِكَ لاَ يَرْجعْ إِلَى الْوَرَاءِ.32 اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ!33 مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا.34 أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَكُونُ اثْنَانِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ.35 تَكُونُ اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.36 يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ».37 فَأَجَابوا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ يَا رَبُّ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُ تَكُونُ الْجُثَّةُ هُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ».
 تعليقات تحليلية على النصوص
 إذا كان مفهوم مجيء الرب  هو عودة الرب يسوع التاريخي إلى عالمنا، ولكن في ملابسات المجد والقوة والبهاء- بخلاف مجيئه الأول -  فقد توجب علينا مواجهة هذا الزخم من الأسئلة:
1- كيف لنا أن نفهم إصرار الرب وإلحاحه في التحذير من تصديق خبر ظهور المسيح وتواجده " هنا أو هناك " ؟ أليس معنى أنه جاء هو أنه من الوارد أن أحدا يستطيع أن يخبر بمجيئه ؟
2- ماهي العلاقة بين مجيء الرب ومجيء ملكوت الله ولماذا يستخدم التعبيران بطريقة تبادلية، في النصوص ؟ ثم مامعنى أن " ملكوت الله داخلكم "؟ وماسر استحالة رصد ومراقبة إتيان ملكوت الله؟  
 3- كيف نفهم عبارة " حيث تكن الجثة هناك تجتمع النسور "- كإجابة على سؤال " أين "،ونفس الأمر بالنسبة لعبارة " البرق الذي يبرق من ناحية إلى أخرى تحت السماء " ، التي قيلت في سياق " لا تذهبوا ولا تتبعوا "، كيف لا مكان لظهور الرب ؟
4- في سياق لحظة الدمار الكوني الشامل المصاحبة لمجيء الرب –كما ترصدها النصوص -  كيف نفهم الأخذ الانتقائي للبعض دون الآخر ؟
5- كيف نفهم تجميع المختارين من الأربع الرياح من أقصاء السماوات إلى أقصائها ، الحدث المصاحب لمجيء ابن الإنسان على سحاب السماء بقوة ومجد كبير؟ ألا يتم تجميع الأشرار أيضا من أجل مصيرهم المحتوم ؟
6- بالرغم من الهلاك المباغت للجميع ألا يبدو الحدث في النهاية إيجابيا كما تبشر به شجرة التين التي أخرجت أوراقا ؟
7- كيف أنه لا أحد يعلم باليوم ولا بالساعة إلا الآب وحده ؟ حتى الابن لا يعلم بهما ؟
8- في نص متى 25، عن مجيء ابن الإنسان والحديث عن الإخوة الأصاغر، لماذا تم اختزال مفهوم " إخوة الرب " في المساكين والفقراء ؟ وتحول كل هذا النص  - بدون مبرر منطقي -  لمجرد التشجيع على العمل  الاجتماعي والرحمة بالفقراء والمساكين ؟ ألم يقل عن الرب أنه بكر بين إخوة كثيرين ؟ هل كل إخوته من الفقراء والمساكين ؟ كيف نعيد اكتشاف نص من أعظم ماكتب في مجيء الرب ونخرجه من هكذا نهاية مأساوية ؟    مثل هذه الأسئلة وغيرها الكثير، لا يمكن أن يضم حبات مسبحة إجاباتها خيط واحد إذا كان المفهوم الذي نتبناه لمجيء الرب هو مجيء لشخص مفرد، حتى ولو كان ملكا عظيما آتيا على السحاب في لحظة معينة من التاريخ. ولكن إذا بدلنا الأمر واستخدمنا المفهوم - الذي اعتبره صحيحا  - وتعاملنا مع النصوص فإننا سنجد أن خزينة أسرارها قد فتحت بيسر:  فنستطيع آنئذ أن نتفهم أن رصد حدث مجيء الرب أمر غير مطروح من الأصل؛ إذ أن الرب الآتي نفسه شخص يستوعب الجميع، وهو يأتي في الجميع سالكا مسار كل التاريخ وكل المكان، وبالتالي لا مكان محدد يستوعب مجيئه ولا زمان محدد هو زمن مجيئه؛ فهو منتج كل الزمان وكل المكان. ونستطيع آنئذ أن نفهم  حديث" البرق "؛ فالرب يجيء مخترقا صفحة التاريخ في مسارات كسلوك البرق في صفحة السماء. ونستطيع آنئذ أن نفهم حديث " الجثة والنسور " ، والجثة في النص هي " سوما ، جسد "، فحيث يمتد جسد الرب إفخارستيا - في الزمان والمكان منطلقا من يسوع  - يوجد من ينتمي للكنيسة من أعضاء يكملون كيان الرب بعد أن أكلوا من وليمة الرب حينما قال لهم :" خذوا كلوا هذا هو جسدي ".ونستطيع آنئذ أن نفهم معنى تجميع المختارين من الأربع الرياح؛ فالرب نفسه هو مجمع المختارين من البشر أي كنيسته ، ومجيئه هو موسم تجميع حصيد الحنطة البشرية في كيانه.ونستطيع آنئذ أن نفهم مدلول الأخذ الانتقائي للبعض دون الآخر، كتجميع للمختارين لكي يتبوأوا أماكنهم في الرب الآتي؛ فعندما قالوا له : " أين يارب " في هذا السياق، قال لهم " حيث الجثة تجتمع النسور"( بحسب لوقا )، بينما جاءت عبارة " البرق " متلازمة مع عبارة " الجثة والنسور" ( بحسب متى)، والعباراتان مترادفتان في توصيف مسار مجيء الرب عبر كل الزمان وكل المكان.  ونستطيع آنئذ أن نفهم معنى " ملكوت الله داخلكم "؛ فالرب يجيء في الكنيسة ململما إياها في جسده، وعليه فأفراد الكنيسة ضالعون بالكامل في الحدث ولا ينتظرون شخصا خارجا عنهم . ونستطيع آنئذ أن نفهم لماذا لايعلم الابن باليوم  ولا بالساعة؛ لأنه -  وببساطة شديدة – لاوجود ليوم ولا لساعة محددين لمجيء الرب، فاليوم ينطلق بتجسده ويمتد حتى نهاية العالم. الرب يجيء في طيف يبدو لا نهائيا من الأزمنة، أو قل بعدد أفراد الكنيسة المنتشرين في الزمان والمكان، فعن أي يوم - وعن أية ساعة  -  نتحدث بخصوص مجيئه ؟ أما معرفة الآب فقط فهي رصد الحدث كله من خارج الخليقة، الأمر الذي تخلى عنه الابن بتجسده، أي بإخلائه لذاته لكي يصبح آتيا في كنيسته. ونستطيع آنئذ أن نفهم مدلول هذا الحوار العجيب في "مت25 "، الذي هو بالأحرى مونولوج وليس ديالوج، مونولوج ابن الإنسان، الرب الملك الذي يتحاور مع إخوته الذين في كيانه؛ فهم الذين بشبعهم أشبعوه وبريهم قد روه ، وبكل ماقد قبلوه في أنفسهم " هؤلاء الأصاغر "فقد حسب تكميلا لكيان الرب الآتي. هؤلاء هم الخراف الذين عن يمينه أما الآخرون الذين لم يقبلوا مجيئه فيهم فقد استحقوا لعنة الإبعاد والإقصاء من كيان الرب. ليست القضية اختزالا لمفهوم " إخوة الرب "في المساكين والفقراء؛ فهذا تفسير ساذج مبني على افتراض أن ابن الإنسان فرد منعزل يتحاور مع آخرين وليس مع  إخوته الذين فيه " لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ، أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ. لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً،  قَائِلًا: «أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». وَأَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ». وَأَيْضًا: «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ». فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ"،( عب2: 10- 14 )
 إنجيل يوحنا  
 -" اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ،  وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ.  لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ"( يو5: 25- 29 ).
-" فَقَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي!  لكِنِّي الآنَ أَيْضًا أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَطْلُبُ مِنَ اللهِ يُعْطِيكَ اللهُ إِيَّاهُ».  قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «سَيَقُومُ أَخُوكِ». قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟»  قَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ»( يو11: 21- 27 ).
-" فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا. وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ»( يو6: 35- 40 ).

-«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا،  وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ». قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي"( يو14: 1- 6 ).
تعليق تحليلي
لايقدم إنجيل يوحنا - كباقي الأناجيل – تصورا يبدو تاريخيا، لمجيء الرب، بل كعادته وكطبيعته المستيكية الصوفية ينقلنا إلى لب القضية الرب نفسه، الذي يقدم نفسه قائلا : أنا هو، أنا آتي الآن، أنا القيامة والحياة، للراقدين وللأحياء المتبقين، أنا خبز الحياة النازل من السماء والجاذب إلي الجميع. أنا نازل لآتي في الجميع وليأتي في الجميع . كل هذا يحدث في ساعة تأتي الآن. ماذا لو اعتمدنا المفهوم الخاطئ، بأن الرب الشخص المفرد الذي يأتي في تاريخ معين ترى هل نستطيع أن نفهم معنى " تأتي ساعة وهي الآن "؟ أما إذا عدنا إلى صوابنا ونظرنا إلى نصوص يوحنا من منظور مجيء الرب كحدث آني، فيه يتكمل الشخص الآتي بكنيسته التي تنضم إليه في آن ممتد إلى نهاية العالم، نستطيع آنئذ أن ندرك مفهوم " تأتي ساعة وهي الآن " ونستطيع أن ندرك معنى "  أنا هو القيامة "، أنا خبز الحياة. ندرك أنه الآتي في كنيسته وليس شخصا ننتظره في نهاية العالم.حتى تعبير" اليوم الأخير" عند يوحنا، على لسان الرب، يتجاوز المدلول الزمني ليلج الحدث الآني للشخص الآتي؛ فبينما يقول الرب :" كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ»، فهو يستدرك على مرثا قولها بأن أخاها سيقوم في القيامة في اليوم الأخير ، قائلا: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟». هكذا لم تعد القيامة حدثا يحدث في نهاية العالم ( اليوم الأخير ) - كما يبدو من ظاهر النص - بل أصبحت القيامة شخصا وأصبح اليوم الأخير الآن.   
أما النص المجيئي الأكثر وضوحا ومباشرة فهو النص الذي فيه يطرح الرب نفسه بيتا لأبيه الذي فيه منازل كثيرة يستقبل فيه كنيسته. وإذا كان هو القيامة والحياة، في رده على مرثا، فهو الطريق، في رده على توما بالإضافة إلى كونه الحق والحياة، وليس أحد يأتي إلى  الآب إلا به. ويعلنها الرب صريحة :" آتي وآخذكم إلي ( إلى نفسي )، وبوضوح شديد يعلن أن مجيئه ( الثاني ) هو أخذه للكنيسة واستقبالها في نفسه، في منازل قد أعدت في ذاته. ذاته التي هي بيت الآب. هذه الذات الجماعية العجيبة التي لامثيل لها في كل الذوات. لم يقل :" متى اعددت لكم مكانا آتي وآخذكم إليه "- كما يقتضي السياق، بل قال :"آتي وآخذكم إلي "؛ فهو قد أعد في نفسه مكانا ليجمع فيه كنيسته، حتى حيث يكون هو تكون كنيسته. " في بيت أبي منازل كثيرة " قضية محسومة مسبقا، لذلك استدرك الرب :" وإلا كنت قد قلت لكم إني أمضي وأعد لكم مكانا "، مكانكم معد في ، كإخوة لي وليس يحتاج إلى أن أذهب فأعده. أنا الآن مستعد لاستقبالكم في، أنا هو الطريق، مكانكم محفوظ من قبل وجودكم في هذا العالم، كقول بولس:" مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ،"( أفس1: 3- 5 ). 
  
مجدي داود   

ليست هناك تعليقات: