الباقون إلى مجيء الرب
في اعتقادي لايوجد نص في الكتاب المقدس قد قوبل بسوء الفهم مثل النص الوارد
في ( 1تس4: 13- 17 )؛ حتى أن سوء الفهم قد تسبب في طرح السؤال العجيب: هل أخطأ
بولس الرسول وتوهم أن مجيء الرب سيكون في عصره؟! هذا أمر من المضحكات المبكيات
التي يسببها سوء الترجمة، تلك الترجمة التي قد وضعت في اعتبارها أن الأحياء
الباقين هم باقون ومستمرون في الحياة حتى حلول زمن مجيء الرب الذي هو - وفقا
لاعتقادهم – لحظة تاريخية معينة، وبالتالي عندما يقول الرسول " نحن الأحياء
الباقين إلى مجيء الرب " فهو يعني – طبقا لذلك – أن مجيء الرب لابد أن يكون في زمن بولس، أما وأن هذا لم
يحدث، فقد بات من غير المستهجن - من وجهة نظرهم - طرح ذلك السؤال المضحك المبكي.أما الأكثر عجبا من
السؤال فهو محاولة البعض الآخر للرد دفاعا عن الرسول بولس فقالوا بأن الرسول كان
يتحدث بلسان حال الكنيسة كلها، بصيغة الجماعة، وبالتالي فإن حديثه يصلح لكل
الأجيال، ومن دورنا نسأل وماذا عن الراقدين، خصوصا أن أصحاب هذا الرد يعتبرون أن فئة
الراقدين هي كل المؤمنين الذين ماتوا قبل مجيئه، وهنا الإشكالية : إذا كان هؤلاء
هم الراقدون والباقون في لحظة المجيء هم الأحياء الباقون ، فماذا عن بولس الرسول
نفسه، هل هو من الأحياء الباقين أم من الراقدين؟هو قد ضم نفسه إلى الأحياء الباقين
قائلا : " نحن الأحياء " ومع ذلك هو قد انتقل، ولو افترضنا أن مجيء الرب
– وفقا لتصورهم - سيحدث الآن فهل يعتبر بولس الرسول من الراقدين أم من الأحياء
الباقين؟ وإذا قلنا أن كلمة الأحياء تنطبق على الكنيسة كلها فمن هم الراقدون إذن ؟
هل ينتمي بولس إلى الذين سيقومون أولا، وإذذاك فلماذا ضم نفسه للأحياء الباقين ؟
وإذا كان من الذين يتغيرون ولايرقدون، فلماذا استثني ( بضم التاء ) من ضمن ربوات
المؤمنين الذين انتقلوا منذ بداية دعوة الكرازة ؟ ودائما ماينبئ التعقيد وتشابك
الأسئلة عن خلل في المفهوم، وفي حالتنا هذه لم يقتصر الأمر على خلل المفهوم بل
امتد أيضا إلى خطأ الترجمة، الأمر الذي أخرجنا من دائرة الصواب، بالمرة.
النص
" ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ
جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ
لَهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ
بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَه ( سيحضرهم الله بواسطة يسوع، أيضا معه )( o qeoV touV koimhqentaV dia tou ihsou axei sun autw ). فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ ( فلهذا نقول لكم في كلمة الرب )( touto gar umin legomen en logw kuriou) : إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ
إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ ( oi perileipomenoi eiV thn parousian tou kuriou ) ، لاَ نَسْبِقُ
الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ
اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ ( oi nekroi en cristw ) سَيَقُومُونَ أَوَّلًا. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ
الْبَاقِينَ ( oi perileipomenoi ) سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ
فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ
مَعَ الرَّبِّ"( 1تس4: 13- 17 )
تعليقات تحليلية على النص
1- في هذا النص يقف الرسول بولس على أعتاب لحظة
تجسد الكلمة، تلك اللحظة التي استحضر فيها يسوع كباكورة قيامة البشر ، وكبداية انطلاق
حدث مجيء الرب في البشر. ويجب أن لانفقد الرؤية الصحيحة ، بسبب الصيغة المستقبلية التي
يتحدث بها الرسول ؛ فهذه الصيغة تبدو منطقية بالنسبة لرصد حدث مجيء الرب منذ لحظة انطلاقه
(التجسد ) ، ومن البديهي أن يبدو كل مايلي تلك اللحظة من زمن - حتى نهاية العالم -
مستقبلا ، فضلا عن أن حدث مجيء الرب ، بصفة عامة هو الغاية التي من الممكن أن يحققها
لهم أي مضمون للمستقبل؛ ولذلك فعندما يتحدث عن التجسد بصيغة المستقبل ، فهو يقرر حقيقة
أن التجسد هو بداية تحقيق كل مايأتي به المستقبل من نعمة . بالتجسد أصبح " المستقبل"،
هو "الآن ".
2- بالرغم من أن يسوع هو باكورة الأحياء ، من البشر ، إلا
أنه هو أيضا رب الحياة ، الذي منه ينطلق مجيء الرب في الجميع ، وبه ، ومعه بدأ وصول
أول رافد يملأ كيان الرب الآتي، وهو رافد" الراقدين "، الذين " سيحضرهم
الله بيسوع ( بواسطة يسوع ) أيضا معه ".والعبارة الأخيرة هي الترجمة الصحيحة للنص اليوناني؛
فالنص لايعرف تعبير " الراقدون بيسوع " وإن كان التعبير الموجود في موضع
آخر " الأموات في المسيح "، أما العبارة التي نتحدث عنها فهي تعني أن
الراقدين قد بعثوا من موتهم بواسطة يسوع ومعه حينما تجسد، فكان موتهم مجرد رقاد
وكان هو باكورة الراقدين : " وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ
إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ
أَيْضًا هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ،
فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ
وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ"( 1كو15: 17- 20 )، " لأَنَّهُ كَمَا
فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ: الْمَسِيحُ
بَاكُورَةٌ، ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ"(
1كو15: 22 و 23 ).
3- بوق الله
هو نفسه الذي أطلق عليه الرسول بولس " البوق الأخير
" ، وذلك حينما كان يرصد نفس الحدث ، ولكن بكلمات أخرى : " هُوَذَا سِرٌّ
أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ
فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ
الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ " ( 1كو 15 : 51و52 ). إذن، الأموات ( الراقدون) ، يقومون عديمي فساد
، ونحن (القسم الآخر ، كنيسة العهد الجديد ) نتغير ؛ لأن السر هو :" لانرقد كلنا
" ، كما رقد القدماء ، ولكن " كلنا نتغير ". البوق الأخير هو البوق
السابع ، في " استعلان يوحنا = apokalepsis "، والذي ما أن يبوق به
إلا وينطلق حدث دراماتيكي مصحوب بتهليل وصراخ : " ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّابِعُ،
فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ قَائِلَةً: «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ
الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». وَالأَرْبَعَةُ
وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا الْجَالِسُونَ أَمَامَ اللهِ عَلَى عُرُوشِهِمْ، خَرُّوا عَلَى
وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لله، قَائِلِينَ: «نَشْكُرُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، لأَنَّكَ أَخَذْتَ
قُدْرَتَكَ الْعَظِيمَةَ وَمَلَكْتَ. وَغَضِبَتِ
الأُمَمُ، فَأَتَى غَضَبُكَ وَزَمَانُ الأَمْوَاتِ لِيُدَانُوا، وَلِتُعْطَى الأُجْرَةُ
لِعَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ وَالْقِدِّيسِينَ وَالْخَائِفِينَ اسْمَكَ، الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ،
وَلِيُهْلَكَ الَّذِينَ كَانُوا يُهْلِكُونَ الأَرْضَ». وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ
فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ
وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ"(
رؤ11: 15- 19 ).
بوق الله ، البوق الأخير ،البوق السابع في الأبوكاليبسيس،
يعلن الحدث المنتظر من الكون كله، لاسيما
البشر ، حدث تجسد الكلمة :" وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ
مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ
مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً
لِتَلِدَ... فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا
مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ،... وَسَمِعْتُ
صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ
وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا،
الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلًا. وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ
شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ. مِنْ أَجْلِ هذَا،
افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ
وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا
أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا». ..فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ
لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ
شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ"( رؤ12).
4- الرب "سوف ينزل من السماء " ، وهو قد
نزل فعلا ، في التجسد. ونزوله من السماء ينسجم مع رد الفعل المنطقي ( من المنظور المعاكس )؛ فنزوله من السماء هو ذات حدث صعود كنيسته إلى السماء، أي الاختطاف في السحب وملاقاة الرب في الهواء، بل ويعيد صياغة مشهد مجيء ابن الإنسان على سحاب السماء، ليتجلى أن الآتي هو جمهور المختطفين الذين يملأون كيان الرب محققين مجيئه.
5- " الأموات في المسيح " ، هم الراقدون
المنتظرون على رجاء مجيء القائم الذي سيقيمهم معه ، ورجاؤهم لم يكن مجرد أمل خادع ،
توهموه في زمانهم الخاص ، بل قد كان حقيقة وجودهم الجديد المحفوظ لهم في المسيح ، المنتظر
بالنسبة لهم ،و"فِي الإِيمَانِ مَاتَ هؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا
الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا
بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ." (عب 11: 13).
6- " نقول لكم هذا بكلمة الرب " ، والترجمة
الأدق للنص اليوناني : لهذا نقول لكم " في كلمة الرب " : أي نقول لكم الآتي ،
بخصوص ماتعنيه كلمة " الرب " . بمعنى أن الرسول بولس يقدم هنا رؤية بانورامية
لحدث تحقق واكتمال مجيء وحضور شخص الرب الممتلئ بكنيسته ، أي يضع تعريفا ( إذا جاز التعبير ) لكلمة " الرب " ككيان قد بدأ تكميله باستحضار الراقدين به ومعه، ثم تأتي البقية المتبقية التي تتمم امتلاءه، أي نحن الأحياء تتمة كنيسته . ووجود " كلمة الرب " في الصيغة غير المعرفة للكلمتين - في الأصل اليوناني - يشير إلى الحالة النعموية الآنية المفتوحة التي يتراكم فيه امتلاء كيان الرب من أفراد الكنيسة الأحياء المتبقين، ليتم إضافتهم إلى الرصيد السابق، أي الراقدين. وشرح الرسول الذي أضاء مفهوم كلمة " الرب " كان ضروريا في سياق طمأنة أهل تسالونيكي بخصوص الراقدين ، وبأنه بنبغي أن لا يكون هناك حزن بسببهم فهم قد أتوا مع يسوع، وبواسطته، في سياق المجيء البانورامي لشخص الرب الممتلئ بالجميع، بل والأكثر من ذلك أنهم كان لهم الأسبقية في المجيء، الأسبقية علينا نحن الأحياء .
7- " الباقون إلى مجيء الرب "
7- " الباقون إلى مجيء الرب "
الفعل " " perileipomai ،" perileipw
" هو ثمرة اتحاد
جزئين : البادئة ( prefix ) هي:" peri " والجذر ( root ) هو :الفعل" leipw ".
الفعل" leipw "
يشير إلى نقص في أمر معين، ولكنه النقص الذي يفصل الشيء
عن كماله، أي الذي يتبقى لبلوغ كمال ما، وليس إلى مجرد نقص عن شيء معين ، كما في
: "وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ
عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ (leipomenoi ) فِي شَيْءٍ. وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ
(leipetai ) حِكْمَةٌ،
فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى
لَهُ"( يع1: 4و5 ).
البادئة " peri " بمعنى يحيط، الإحاطة، حول.
إضافة " peri " إلى الفعل اليوناني تثمر فعلا جديد ذا
أثر أقوى من الفعل الأول؛ فمثلا الفعل " patew "يعني
" يدوس "ولكن الفعل " peripatew "يعني
" يمشي ، يسلك "، هكذا قد جعلت " peri " من مجرد
الدوس، مشيا! وبالمثل فإن إضافة نفس البادئة إلى الفعل " leipw "- التي أنتجت فعل " perileipw "- قد جعلت من مجرد " ما ينقص شيء ما عن كماله
" إلى " مايتبقى لتكميل شيء ما " أو بتعبير آخر" المطلوب
لتكميل شيء ما "، وهنا قد أصبح للفعل الجديد " perileipw "معنى المبادرة للتكميل وليس
مجرد توصيف النقص ( إذا جاز التعبير ).
الحرف " eis "
يعني " إلى
، من أجل ، to ، into ، unto "، يعني توجها يستهدف
هدفا معينا، مثلما يستخدمه الرسول بولس بحفاوة شديدة لاسيما في حديث المعمودية، كما في:
- "لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ
( eis criston ) قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ " (غل 3:
27).
- " أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ
لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ ( للمسيح يسوع ، بحسب الأصل اليوناني ) اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ
( ebaptisqhmen eiV criston ihsoun eiV ton qanaton autou ebaptisqhmen )، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ ( eiV ton qanaton )، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ. عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ"(رو6 : 3-6).
هكذا تحملنا ديناميكية الحرف " eis "- في حديث المعمودية - إلى داخل شركة موت وقيامة المسيح ، وتعطينا نموذجا متميزا لما تمتلكه هذه الكلمة من عمق ومن انطلاق نحو افق هو الرب يسوع المسيح نفسه.
( ebaptisqhmen eiV criston ihsoun eiV ton qanaton autou ebaptisqhmen )، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ ( eiV ton qanaton )، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ. عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ"(رو6 : 3-6).
هكذا تحملنا ديناميكية الحرف " eis "- في حديث المعمودية - إلى داخل شركة موت وقيامة المسيح ، وتعطينا نموذجا متميزا لما تمتلكه هذه الكلمة من عمق ومن انطلاق نحو افق هو الرب يسوع المسيح نفسه.
عبارة :
" oi perileipomenoi eiV thn parousian tou kuriou "
بناء على ماسبق يمكننا ترجمة العبارة إلى : إننا نحن الأحياء "المتبقين إلى مجيء الرب" أو " المكملين لمجيء الرب " أو " المكملين لكيان الرب ". المعنى العام للعبارة هو أن لحظة التجسد هي لحظة انطلاق مجيء الرب ، التي شطرت تاريخ البشر ، المؤمنين بالمسيح إلى قسمين : الأول هو ، الراقدون في المسيح الذين استحضروا ، بمجرد تجسده وظهوره كبكر لهم . والقسم الثاني ، المكمل لرصيد مجيء الرب ، هو الأحياء ، أبناء الدعوة المسيحية ، الذين لايرقدون كأسلافهم ، ولكن في لحظة ، تنحل أجسادهم فيختطفون ، كل واحد فى زمانه الخاص ، تاركين خلفهم ، عتيقهم الفاسد ،خالعين إياه كرداء بال. و مجيء كل فرد من أفراد القسم الثاني هو بمثابة انتقاص للرصيد المتبقى من مجيء الرب ، إلى أن ينضم آخر عضو من أفراد هذا القسم إلى الرب ، فيكون ذلك تلاشيا لهذا الرصيد - المتآكل مع الزمن - أي اكتمالا لمجيئه. تعريف الكلمتين " مجيء الرب " في العبارة يؤكد مانذهب إليه ؛ فالتعريف للاسم في يونانية العهد الجديد يعني الشخص الكامل الممتلئ المستقل، وهكذا يبدو الرب بعدما ينضم إليه الأحياء المتبقون .كل أبناء كنيسة دعوة الكرازة الرسولية- بدءا من لحظة العنصرة وحتى لحظة نهاية التاريخ - هم هذا ال " نحن " في عبارة بولس:" نحن الأحياء" وأما الراقدون فهم أبناء كنيسة العهد القديم الذين أحضرهم يسوع معه.أما تراكمية مجيء الرب فيرصدها الرسول بولس في موضع آخر فيكتب :"فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ (acris ) يَجِيءَ (1كو11 : 26 ). " كلما أكلتم وكلما شربتم " أي كلما شبع منكم نفر بانضمامه إلى الرب ، الذي هو الخبز الحي النازل من السماء ، يكون قد جاء الرب فيهم ويظل الحدث متكررا متراكما " إلى أن يمتلئ كيان الرب أي يجيء بالكامل. والكلمة " إلى أن ، acriV " تعني رصيدا متناقصا من الوقت، ومن الناحية الأخرى رصيدا متزايدا من المجيء، مثل الساعة الرملية ( إذا جاز التعبير )، الأمر هنا يعني انتظارا لحد معين من الفعل ذي الصلة، أي فعل مجيء الرب، ولا يعني انتظارا لتوقيت معين ، أي يزداد ويتراكم الآكلون الذين ينضمون إلى الرب - بمجيء الرب فيهم - إلى الحد الذي فيه يشبع الجميع بانضمامهم للخبز الحي النازل من السماء ، وإذذاك يعتلن اكتمال مجيء الرب. نحن متبقون من الرصيد ( الحصيد ) المطلوب لمجيء الرب ( المطلوب لامتلاء كيان الرب بكنيسته ) بعد خصم رصيد الراقدين الذين أتوا معه. ووجود، ولو فرد واحد من أفراد الكنيسة الأحياء، غير منضم بعد إلى الرب كعضو فيه، يعني أن مجيء الرب لا يزال غير مكتمل ، وأما تكميل هذا العضو الافتراضي ، بمجيء الرب فيه، فهو إيذان بنهاية العالم بعد اكتمال مجيء الرب، أي اكتمال تخزين حصيد الحنطة البشرية في مخزن الرب، أي في ذاته.
بناء على ماسبق يمكننا ترجمة العبارة إلى : إننا نحن الأحياء "المتبقين إلى مجيء الرب" أو " المكملين لمجيء الرب " أو " المكملين لكيان الرب ". المعنى العام للعبارة هو أن لحظة التجسد هي لحظة انطلاق مجيء الرب ، التي شطرت تاريخ البشر ، المؤمنين بالمسيح إلى قسمين : الأول هو ، الراقدون في المسيح الذين استحضروا ، بمجرد تجسده وظهوره كبكر لهم . والقسم الثاني ، المكمل لرصيد مجيء الرب ، هو الأحياء ، أبناء الدعوة المسيحية ، الذين لايرقدون كأسلافهم ، ولكن في لحظة ، تنحل أجسادهم فيختطفون ، كل واحد فى زمانه الخاص ، تاركين خلفهم ، عتيقهم الفاسد ،خالعين إياه كرداء بال. و مجيء كل فرد من أفراد القسم الثاني هو بمثابة انتقاص للرصيد المتبقى من مجيء الرب ، إلى أن ينضم آخر عضو من أفراد هذا القسم إلى الرب ، فيكون ذلك تلاشيا لهذا الرصيد - المتآكل مع الزمن - أي اكتمالا لمجيئه. تعريف الكلمتين " مجيء الرب " في العبارة يؤكد مانذهب إليه ؛ فالتعريف للاسم في يونانية العهد الجديد يعني الشخص الكامل الممتلئ المستقل، وهكذا يبدو الرب بعدما ينضم إليه الأحياء المتبقون .كل أبناء كنيسة دعوة الكرازة الرسولية- بدءا من لحظة العنصرة وحتى لحظة نهاية التاريخ - هم هذا ال " نحن " في عبارة بولس:" نحن الأحياء" وأما الراقدون فهم أبناء كنيسة العهد القديم الذين أحضرهم يسوع معه.أما تراكمية مجيء الرب فيرصدها الرسول بولس في موضع آخر فيكتب :"فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ (acris ) يَجِيءَ (1كو11 : 26 ). " كلما أكلتم وكلما شربتم " أي كلما شبع منكم نفر بانضمامه إلى الرب ، الذي هو الخبز الحي النازل من السماء ، يكون قد جاء الرب فيهم ويظل الحدث متكررا متراكما " إلى أن يمتلئ كيان الرب أي يجيء بالكامل. والكلمة " إلى أن ، acriV " تعني رصيدا متناقصا من الوقت، ومن الناحية الأخرى رصيدا متزايدا من المجيء، مثل الساعة الرملية ( إذا جاز التعبير )، الأمر هنا يعني انتظارا لحد معين من الفعل ذي الصلة، أي فعل مجيء الرب، ولا يعني انتظارا لتوقيت معين ، أي يزداد ويتراكم الآكلون الذين ينضمون إلى الرب - بمجيء الرب فيهم - إلى الحد الذي فيه يشبع الجميع بانضمامهم للخبز الحي النازل من السماء ، وإذذاك يعتلن اكتمال مجيء الرب. نحن متبقون من الرصيد ( الحصيد ) المطلوب لمجيء الرب ( المطلوب لامتلاء كيان الرب بكنيسته ) بعد خصم رصيد الراقدين الذين أتوا معه. ووجود، ولو فرد واحد من أفراد الكنيسة الأحياء، غير منضم بعد إلى الرب كعضو فيه، يعني أن مجيء الرب لا يزال غير مكتمل ، وأما تكميل هذا العضو الافتراضي ، بمجيء الرب فيه، فهو إيذان بنهاية العالم بعد اكتمال مجيء الرب، أي اكتمال تخزين حصيد الحنطة البشرية في مخزن الرب، أي في ذاته.
ماذا لو ؟
ماذا لو كان المقصود أن الأحياء يبقون، أحياء ، منتظرين لحظة
معينة هي لحظة مجيء الرب ؟ إذا كان هذا الطرح صحيحا فلابد للرسول بولس أن يستخدم الفعل
" menw "
الذي يفيد البقاء والانتظار ، بدلا من الفعل" perileipw "، ويستخدم الكلمة " ews " التي تفيد في تحديد توقيت معين بدلا من " eis "التي تفيد
توجها معينا ،هذا ماتدلنا عليه الدراسة المقارنة مع نص آخر: " فَالْتَفَتَ بُطْرُسُ
وَنَظَرَ التِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَيْضًا
الَّذِي اتَّكَأَ عَلَى صَدْرِهِ وَقْتَ الْعَشَاءِ، وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ
الَّذِي يُسَلِّمُكَ؟» فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هذَا، قَالَ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ،
وَهذَا مَا لَهُ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى
أَجِيءَ ( menein ewV ercomai ) ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ! . فَذَاعَ هذَا الْقَوْلُ
بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذلِكَ التِّلْمِيذَ لاَ يَمُوتُ. وَلكِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ
يَسُوعُ إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ، بَلْ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حتى أَجِيءَ
(menein ews ercomai )، فَمَاذَا لَكَ؟"( يو21: 20- 23 ). ووفقا لتعليق يوحنا - ككاتب للنص وكمحور للحديث الوارد في النص بين بطرس والرب ، بأن يسوع لم يقل لبطرس "إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ، بَلْ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ" ، فإنه لايوجد تناقض بين مجيء الرب وموت يوحنا، وقد تم هذا
بالفعل فقد جاء الرب في يوحنا، وما أن تكمل كعضو في جسد الرب إلا وقد حان زمن
اختطافه لملاقاة الرب في الهواء، في زمانه الخاص. كلنا يوحنا، على مستوى أفراد
الكنيسة، كل منا ينتظر أن يتكمل بمجيء الرب فيه ليختطف في زمانه الخاص. لذلك
فاستعمال الفعل " menw "، والكلمة " ews "،
أمر منطقي وطبيعي. أما على مستوى الكنيسة الحاضرة كلها ( نحن الأحياء ) فلا يليق
استخدام نفس الكلمتين، لأننا نحن الأحياء لنا طيف واسع من الأزمنة التي يتكمل فيها
- ويجيء الرب في - كل منا، لذلك يستخدم الفعل " perileipw
" الذي يشير إلى الرصيد المتبقي من
أفراد كثيرين وما أن يتكملوا جميعا، كل في
زمانه إلا ويستعلن مجيء الرب كاملا.
خلاصة
نحن
أبناء كنيسة العهد الجديد، الأحياء المتبقون لتكميل كيان الرب نوجد كرصيد متناقص مع
مرور الزمن ، وعلى المستوى الفردي لكل منا يجيء الرب في كل أحد في زمانه الخاص به
حتى مايكتمل حصيد الجميع في الرب وإذذاك يقال أن مجيء الرب قد تم. زمن الاختطاف هو
الآن، الممتد من لحظة العنصرة حتى نهاية العالم تنفيذا لوعد السماء :" إِنَّ
يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا
رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ»." (أع 1: 11). هو يأتي الآن
منطلقا في المؤمنين الذين يختطفون إلى أن يكتمل اختطاف الجميع فيتلاشى رصيد المتبقين
من مجيء الرب، فيؤذن بنهاية العالم. كلنا يوحنا ، أفرادا.. وكلنا بولس ،
جماعة. المعسكر الأول يخص مجيء الرب على مستوى كل فرد، والثاني يخص مجيء الرب في
كل الجماعة المتبقية، لحظة الحديث عن مجيء الرب. وسيظل تراكم مجيء الرب في افراد الكنيسة، متوازيا مع تآكل رصيد الأحياء المتبقين من الكنيسة ، إلى المنتهى ، وإذذاك يصير رصيدهم صفرا، وعلى الناحية الأخرى يصير مجيء الرب مكتملا. .
مجدي داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق