ثالثا : تحرير تدبير التجسد
من أسر التاريخ ( امتداده في الكنيسة )
ماهية ( طبيعة ) تدبير التجسد
ثانيا: السر العجيب وراء تعبير " بلا خطية "
حدث التجسد ليس حدثا تاريخيا ، والكلمة المتجسد
ليس مجرد شخص قد ظهر في التاريخ ، وما حدث بالضبط هو حدث دراماتيكي قد انطلق من تجسد
الرب ، وهو نصرة الجميع على الموت بانضمامهم للباكورة جسد الرب المنتصر ، آدم الثاني
الرب الذي من السماء. لم يتجسد الكلمة لمجرد أن يظهر في تاريخ البشر كفرد ينتمي لجنسهم
، لم يصنع هذا من أجل ذاته فهو لا يحتاج أن يصنع شيئا لأجل ذاته ، بل أتم العمل وأكمل
التدبير من أجل أن ينقل كل ما عمله وكل ما أتمه إلى كنيسته الصائرة جسدا له ، بينما
هو صائر رأسا لها ليكون الجميع واحدا فيه . لم يتجسد الكلمة ليصير مجرد رأس مقطوع ،
بل بمجرد ظهوره في البشر قد بدأ يتصور باقي الجسد ، بامتداد استحقاق فعل التجسد ، وبظهور
ثماره ، في الكنيسة .
إذن حينما نتكلم بخصوص تدبير التجسد فنحن نرصد حدثا
آنيا ممتدا يستهدف تكريس وجود الكنيسة الخالدة بكل أعضائها والتي يتحقق وجود أعضائها
من خلال إيمانهم الحي بالكلمة المتجسد الذي قد نال جسده النصرة على الموت والخلود ،
إذ هو جسد الكلمة الخاص ،وحينما يقبل المسيحيون الشركة العضوية في هذا الجسد فهم يحصلون
على ذات النصرة فيتكرس وجودهم ككنيسة :
21- " ولهذا اتخذ لنفسه جسدًا قابلاً للموت
... ومن ذلك الحين فصاعدًا يُمنع الفساد من أن يسرى في جميع البشر بنعمة القيامة من
الأموات... وببذله لهذا الجسد كتقدمة مناسبة، فإنه رفع الموت فورًا عن جميع نظرائه
البشر ".( تجسد الكلمة 9 : 1 )
22- " وهكذا باتخاذه جسدًا مماثلاً لجسد جميع
البشر وباتحاده بهم، فإن ابن الله عديم الفساد ألبس الجميع عدم الفساد بوعد القيامة
من الأموات. ولم يعد الفساد الفعلى بالموت له أى سلطان على البشر بسبب الكلمة الذي
جاء وسكن بينهم بواسطة جسده ". ( تجسد الكلمة 9 : 2 )
23- " والآن إذ قد مات مخلّص الجميع نيابة
عنا فإننا نحن الذين نؤمن بالمسيح لن نموت (بحكم) الموت الذى كان سابقًا حسب وعيد الناموس
لأن هذا الحكم قد أُبطل؛ وبما أن الفساد قد بَطُل وأُبيدَ بنعمة القيامة فإننا من ذلك
الوقت وبحسب طبيعة أجسادنا المائتة ننحل فى الوقت الذى حدده الله لكل واحد، حتى يمكن
أن ننال قيامة أفضل " . ( تجسد الكلمة 21 : 1 )
24- " فقديما، قبل المجىء الإلهي للمخلّص،
كان الموت مرعبًا حتى بالنسبة للقديسين، وكان الجميع ينوحون على الأموات كأنهم هلكوا.
أما الآن، بعد أن أقام المخلّص جسده، لم يَعُد الموت مخيفًا لأن جميع الذين يؤمنون
بالمسيح يدوسونه كأنه لا شئ، بل بالحرى يُفضّلون أن يموتوا على أن ينكروا إيمانهم بالمسيح،
لأنهم يعرفون بكل يقين أنهم حينما يموتون فهم لا يفنون بل بالحرى يحيون عن طريق القيامة
ويصيرون عديمي فساد .( تجسد الكلمة 27: 2
)
25- "... وبقوله "وأنت أيها الآب فى"
فهو يعنى "لأنى أنا كلمتك، وحيث أنك أنت فى، بسبب كونى كلمتك، وأنا فيهم بسبب
الجسد، ومنك يتحقق خلاص البشر فىّ .... ولأنهم
قد صاروا واحداً فى هذا الجسد، فإنهم كما لو كانوا محمولين فىّ، يصيرون جميعاً جسداً
واحداً وروحاً واحداً (أفسس 4:4) ولكى ينمو الجميع إلى إنسان كامل (أفسس 13:4) لأننا
جميعاً، بأشتراكنا فيه، نصير جسداً واحداً، لأننا نحصل على الرب الواحد فى أنفسنا. ( الثالثة ضد الآريوسيين 22 )
26- " ... إذن فلفظ "خَلَقَ" لا
يشير إلى جوهره – كما قلنا مراراً – بل إلى تكوينه الجسدى. ولأن الأعمال صارت ناقصة
ومشوهة بسبب التعدى، لذا يقال عنه أنه "خُلِقَ" من جهة الجسد، لكى بعد أن
يكمل هذه الأعمال ويتمم صنعها يحضر الكنيسة إلى الآب كما قال الرسول " لا دنس
فيها ولا غضن أو شئ من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب" ".( الثانية ضد
الآريوسيين : 67 )
27- "... ، ولكن بصيرورته إنساناً فقد صار
له مماثلون وهم الذين إرتدى جسدهم المماثل لجسده. وتبعاً لذلك فإنه "تأسس"
بحسب بشريته لكى يمكننا نحن أيضاً أن نُنبنى فوقه كحجارة كريمة ونصير هكيلاً للروح
القدس الساكن فينا. وكما أنه هو أساس حقاً، فنكون نحن الحجارة التى تبنى عليه وأيضاً
يكون هو الكرمة ونصير نحن أغصانه ليس بحسب جوهر اللاهوت – لأن هذا مستحيل حقاً – بل
بحسب بشريته، لأن الأغصان يلزم أن تكون مشابهة للكرمة، حيث أننا نحن مشابهون له بحسب
الجسد ".( الثانية ضد الآريوسيين : 74 )
والأكثر من ذلك هو أن مفهوم المجيء ( الظهور
) الثاني للرب ، عند أثناسيوس هو مناسبة تقديم ثمر تدبير التجسد للكنيسة ، أي القيامة
وعدم الفساد . وبالرغم من استدعاء قديسنا لنفس صيغة المشهد الكلاسيكي الإنجيلي لمجيء
ابن الإنسان على السحاب ، إلا أن استدعاءه لما قاله الرب – تحديدا - أثناء محاكمته
أمام رئيس الكهنة " من الآن " ، وعدم استخدامه لاقتباسات إنجيليه أخرى تتحدث
عن مجيء ابن الإنسان في سياق يبدو فيه الأمر كحدث مستقبلي يحدث في نهاية العالم ، لهو
أمر ذو دلالة من نحو قناعة القديس أثناسيوس من نحو المجيء الثاني كامتداد عضوي لحدث
تجسده ، فهاهو الرب في مشهد نهاية أحداث التدبير على الأرض ، يبث ثمار العمل الذي عمله
في ما تبقى من زمن العالم ، وهذا الثمر يبدأ جصاده " من الآن " . هكذا يحرر
الرب اللحظة من تاريخيتها ليجعلها لحظة آنية مستمرة هي لحظة حصاد ثمر تدبيره الخلاصي
الذي صنعه لأجلنا :
28- وستتعلّم أيضًا من الكتب عن ظهوره الثانى المجيد،
الإلهى والحقيقى. حيث لا يظهر بعد في فقر بل في مجد، ولا يظهر بعد متخفيًا متواضعًا
بل في عظمته. وهو سيأتى لا ليتألم ثانية بل ليقدم للجميع ثمر صليبه، أى القيامة وعدم
الفساد . ( تجسد الكلمة 56 : 3 )
29- " لأنه هكذا يقول الرب نفسه أيضًا
" من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء في
مجد الآب ". ( مت26 : 64 ).( تجسد الكلمة
56 : 4 )
30- " ولهذا السبب عينه نجد أيضًا كلمة للمخلّص
تهيئنا لذلك اليوم إذ يقول " كونوا مستعدين واسهروا لأنه يأتى في ساعة لا تعلمونها
" لأنه بحسب قول الرسول بولس " لأنه لابد أننا جميعًا نُظهر أمام كرسى المسيح
لينال كل واحدٍ ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا ". ( تجسد الكلمة 56 : 5 )
رابعا:
أزلية خطة تدبير التجسد
تدبير التجسد لم يكن أمرا اضطراريا فرض على
الله في سياق إدارته لأزمة الإنسان الوجودية ، فالله لا يخضع لأي ضرورة ، بل العكس
، حينما تجسد الله الكلمة صائرا إنسانا فإنه قد حرر البشر من حكم الضرورة . وإذا كان
القديس أثناسيوس – حينما ينظر للتدبير – يكتب ما يوحي بمثل هذه الانطباعات ، فهو هنا
يبرئ ساحته من مثل هذا الأمر بتبنيه للطرح الإنجيلي القائل بأزلية خطة التدبير .
إذن لم يكن الأمر مجرد رد فعل لأزمة ولكنه تدبير
محفوظ في المسيح من قبل حدث الخلق ذاته . ونستطيع أن نستنتج أن أمر التدبير هو عملية
خلق الإنسان في الصورة التي أراد الله للإنسان أن يكون إياها ، أي الشريك في الطبيعة
الإلهية والذي يتم تبنيه من قبل الآب بالشركة في ابنه في الروح القدس ، وهي العملية
التي وهب للإنسان أن يشترك بوعيه فيها مخالفا في ذلك سائر المخلوقات التي لا يتسنى
لها إدراك مسار أمر خلقتها :
31- "... إلا أن هذه النعمة كانت قد أعدت
قبل أن يخلقنا بل حتى من قبل أن يخلق العالم. والسبب فى هذا صالح ومذهل. ..إن بولس
الرسول المغبوط يعلّم بهذا – كتفسير للنص الذى جاء فى الأمثال: "قبل الدهر"
و"قبل أن تكون الأرض"، وذلك عندما كتب إلى تيموثاوس قائلاً: " اشترك
فى احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة، لا بمقتضى
أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التى أعطيت لنا فى المسيح قبل الأزمة الأزلية، وإنما
أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذى أبطل الموت وأنار الحياة " . بل وقال
إلى أهل أفسس " مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذى باركنا بكل بركة روحية فى
السماويات فى المسيح يسوع. كما إختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قدامه فى المحبة
قديسين وبلا لوم. إذ سبق فعيننا للتبنى بيسوع المسيح لنفسه " .( الثانية ضد الآريوسيين : 75 )
32- "
... وعموما، كيف سبق فعيننا للتبنى قبل أن يخلق البشر إن لم يكن الإبن نفسه
قد "تأسس قبل الدهر" أخذاً على عاتقه تدبير خلاصنا؟ أو كيف يضيف الرسول قائلاً:
"نلنا نصيباً معينين سابقاً" لو
لم يكن الرب نفسه قد تأسس قبل الدهر"، حتى يكون له قصد من أجلنا أن يأخذ على عاتقه
نصيب الدينونة الكامل من أجلنا عن طريق الجسد وبهذا نكون نحن مُتبنُون فيه؟ وكيف حصلنا
على النعمة "قبل الأزمنة الأزلية" بينما لم نكن قد خُلقنا بعد، بل خلقنا
فى الزمن، لو أن النعمة التى وصلت إلينا لم تكن مودعة فى المسيح ؟ لهذا ففى الدينونة
عندما ينال كل واحد بحسب عمله، يقول: "تعالوا يا مباركى أبى رثوا الملكوت المعد
لكم منذ تأسيس العالم " ... لأنه هكذا سيكون لنا ليس حياة مؤقتة بل نبقى أحياء
فى المسيح بعد هذه الأشياء، إذ أن حياتنا كانت قد تأسست وأعدت بالمسيح يسوع قبل هذه
الأشياء.( الثانية ضد الآريوسيين : 76 )
33- " ولم يكن من اللائق إذن أن نؤسس حياتنا
بأى طريقة أخرى سوى أن تؤسس فى الرب الذى هو كائن منذ الأزل، والذى به قد خُلقت العالمين، ...، لذا فقد خطط هذا. وذلك مثلما لو كان مهندسا
حكيما يريد أن يبنى منزلاً فإنه يخطط فى نفس الوقت كيفيه تجديده مرة أخرى لو تدمر يوماً
ما بعد أن يتم بناؤه، ... وبنفس الطريقة فإن تجديد خلاصنا قد تأسس فى المسيح قبلنا،
لكى يمكن إعادة خلقنا من جديد فيه، فالإرادة والتخطيط قد أعدا منذ الأزل، أما العمل
فقد تحقق عندما استدعت الحاجة وجاء المخلص إلى العالم. لأن الرب نفسه سيكون فى السماء
من أجلنا أجمعين وسيأخذنا معه إلى الحياة الأبدية.( الثانية ضد الآريوسيين : 77 )
أولا : الإعلان المزدوج عن المخلص
ماهذا العجب الذي لأمر تدبير التجسد ! يتأنس الله
فيتأله الإنسان . أمران متناقضان ولكنهما يحدثان
في تواز وتزامن . يظهر الكلمة مجد لاهوته في جسده الخاص ، فيقوم الإنسان يسوع بشفاء
المرضى وإقامة الموتى وأشياء أخر كثيرة من الآيات التي عجز يوحنا الإنجيلي عن حصرها
، ويتعرض يسوع لمظاهر الضعف والنقص البشري
من ولادة ونمو وجوع وعطش وألم وموت ، فيقبل الكلمة أن تنسب إليه كل هذه المظاهر . وهو
حينما أظهر مجد لاهوته في جسده فقد أعلن عن تأليهه له ، وحينما قبل أن يحمل كل النقائص
والضعفات بل والعار البشري فقد أعلن عن شفاء البشر وتحررهم من كل هذا.
في تبادلية عجيبة يعطي مجد التأله
والخلود مظهرا إياه في جسده ، وفي ذات الجسد يقبل الضعف والألم والموت ليعلن الشفاء
والتحرر . تبادلية عجيبة بين الإيجابي والسلبي الذين هما وجهان للتدبير ، وجه المجد
ووجه التحرر من العار :
34- " وهكذا تمّ فعلان متناقضان فى نفس الوقت:
الأول هو: أن موت الجميع قد تمّ فى جسد الرب ( على الصليب ) والثانى: هو أن الموت والفساد
قد أبيدا من الجسد بفضل اتحاد الكلمة به. فلقد كان الموت حتميًا، وكان لابد أن يتم
الموت نيابة عن الجميع لكى يوفى الدين المستحق على الجميع. ( تجسد الكلمة20 : 5)
35- " أما من لا يؤمن بقيامة جسد الرب فهذا
سيبدو أنه يجهل قوة كلمة الله وحكمته. لأنه إن كان ـ كما بيّنا سابقًا ـ قد اتخذ لنفسه
جسدًا وهيأه بطريقة لائقة ليكون جسده الخاص، فما الذي كان سيصنعه الرب بهذا الجسد؟
أو ماذا كان يمكن أن تكون نهاية هذا الجسد بعد أن حلّ فيه الكلمة؟ لأنه كان لابد أن
يموت إذ هو جسد قابل للموت، وأن يُقدَّم للموت نيابة عن الجميع. ولأجل هذه الغاية أعده
المخلّص لنفسه. لكن كان من المستحيل أن يبقى هذا الجسد ميتًا بعد أن جُعِلَ هيكلاً
للحياة. ولهذا إذ قد مات كجسد مائت فإنه عاد إلى الحياة بسبب "الحياة" التي
فيه. والأعمال التى عُملت بالجسد هى علامة لقيامته. ( تجسد الكلمة 31: 4 )
36- " لأن كلمة الله صار إنسانًا لكى يؤلهنا
نحن، وأظهر نفسـه في جسد لكى نحصل على معرفة الآب غير المنظور، واحتمل إهانة البشر
لكى نرث نحن عدم الموت. لأنه بينما لم يَمسّه هو نفسه أى أذى، لأنه غير قابل للألم
أو الفساد، إذ هو الكلمة ذاته وهو الله، فإنه بعدم قابليته للتألم حَفِظَ وخلّص البشر
الذين يتألمون والذين لأجلهم احتمل كل هذا. ( تجسد الكلمة 54: 3 )
37- ..." لأنه وإن كان الكلمة وهو الكائن
فى صورة الله، إتخذ صورة عبد، إلا أن إتخاذه للجسد لم يجعل الكلمة وهو رب بالطبيعة
أن يكون عبداً، بل بالأحرى فإن الكلمة بهذا الحدث قد حرر كل البشرية. إن الكلمة نفسه
وهو بالطبيعة الرب قد جُعل إنساناً، ومن خلال صورة العبد صار رب الجميع ومسيحاً، أى
لكى يقدس الجميع بالروح ".( الثانية ضد اللآريوسيين : 14 )
38- " والآن فإن هدف الكتاب المقدس وميزاته
الخاصة كما قلنا مرارا هو أنه يحوي إعلانا مزدوجا عن المخلص : أي أنه كان دائما إلها
وأنه هو الابن إذ هو كلمة الآب وشعاعه وحكمته
، ثم بعد ذلك اتخذ من أجلنا جسدا من العذراء مريم والدة الإله ، وصار إنسانا... فأولا
، يقول يوحنا" في البدء كان الكلمة. والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله.
هذا كان في البدء عند الله ، كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء " مما كان
"( يو1: 1- 3 ). وبعد ذلك يقول" والكلمة صار جسدا ، وحل بيننا ، ، ورأينا
مجده، مجدا كما لوحيد من الآب"( يو1: 14 ). ثم يكتب بولس" الذي إذ كان في
صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون مساويا لله، لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في
شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب "( الثالثة
ضد الآريوسيين : 29 )
39- "... وبناء على هذا فقد قيل عن خواص
الجسد إنها خاصة به حيث أنه كان فى الجسد، وذلك مثل أن يجوع، وأن يعطش، وأن يتألم،
وأن يتعب، وما شابهها من الأمور المختصة بالجسد، ....وحسناً قال النبى "حملها"
(أش4:53، مت17:8) ولم يقل أنه "شفى ضعفاتنا" لئلا إذ تكون هذه الضعفات خارج
جسده هو" وهو يشفيها فقط – كما كان يفعل دائماً فإنه يترك البشر خاضعين للموت،
ولكنه حمل ضعفاتنا، إحتمل هو نفسه خطايانا، لكى يتضح أنه قد صار إنساناً لأجلنا، وأن
الجسد الذى حمل الضعفات، هو جسده الخاص، وبينما هو نفسه لم يصبه ضرر أبداً "بحملة
خطايانا فى جسده على الخشبه" كما قال بطرس ، فإننا نحن البشر قد أفتدينا من أوجاعنا
وأمتلأنا ببر الكلمة ".( الثالثة ضد الآريوسيين : 31 )
40- "... لهذا السبب إذا كان ضرورياً وملائماًُ
أن لا تنسب مثل هذه الآلام لآخر، بل للرب، حتى تكون النعمة أيضاً منه ولا نصير نحن
عابدين لآخر ولا إنساناً عادياً، بل ندعو الإبن الطبيعى والحقيقى لله، الذى صار إنساناً
وهو فى نفس الوقت الرب والإله والمخلص ".( الثالثة ضد الآريوسيين : 32 )
41-
" لأنه لو كانت أعمال إلوهية الكلمة لم تحدث بالجسد، لما كان الإنسان قد
تأله، وأيضاً لو أن الضعفات الخاصة بالجسد لم تنسب للكلمة، لما كان الإنسان قد تحرر
منها تماماً، وحتى لو أنها كانت قد توقفت لفترة قليلة كما قلت سابقاً، لظلت الخطية
وظل الفساد باقيان فى الإنسان، كما كان الحال مع الجنس البشرى قبله ... لذلك فإنه بطريقة مماثلة قد نقل إلى نفسه أوجاع
الجسد الأخرى لكى يكون لنا شركة في الحياة الأبدية – ليس كبشر فيما بعد بل أيضاً لأننا
قد صرنا خاصين بالكلمة ...لأننا لم نعد نموت بحسب بدايتنا الأولى فى آدم، بل بسبب أن
بدايتنا وكل ضعفات الجسد قد إنتقلت إلى الكلمة، فنحن نقوم من الأرض، إذ أن لعنة الخطية
قد أُبطلت بسبب ذاك الذى هو كائن فينا، والذى قد صار لعنة لأجلنا. وكما أننا نحن جميعاُ
من الأرض وفى آدم نموت هكذا نحن إذ نولد من فوق من الماء والروح فإننا فى المسيح نحيا
جميعاً. فلا يعود الجسد فيما بعد أرضياً بل يصير إلهياً كالكلمة، وذلك بسبب كلمة الله
الذى لأجلنا صار جسداً. ( الثالثة ضد الآريوسيين
: 33 )
42- " ولكى ما نصل إلى معرفة أكثر دقة بخصوص
عدم قابلية طبيعة الكلمة للتألم وبخصوص الضعفات التى نُسبت له بسبب الجسد، جيد لنا
أن نستمع إلى الطوباوى بطرس لأنه شاهد موثوق فيه عن المخلص. فهو يكتب فى رسالته هكذا
" فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد"
، لذلك أيضاً فحينما يقال عنه، أنه يجوع، وأنه يعطش، وأنه يتعب، وأنه لا يعرف،
وأنه ينام، وأنه يبكى، وأنه يسأل، وأنه يهرب، وأنه يولد، وأنه يتجنب الكأس، ... وعندما يُقال إنه لم يعرف وإنه لُطم، وأنه تعب...،
وأيضاً عندما يُقال أنه صعد وأنه قد ولد وكان ينمو ...وكذلك عندما يقال إنه خاف وأختبئ
،... وكذلك عندما يقال إنه ضُرب وإنه أخذ،
فإن كل هذه كانت بالجسد لأجلنا. وعلى وجه العموم فكل مثل هذه الأمور هى بالجسد لأجلنا.
ولهذا السبب قال الرسول نفسه إن المسيح عندما تألم، لم يتألم بلاهوته بل "لأجلنا
بالجسد". لكى لا تعتبر هذه الآلام خاصة بطبيعة الكلمة ذاتها، بل هى خاصة بطبيعة
الجسد ذاتها، لذلك لا ينبغى أن يعثر أحد بسبب الأمور الإنسانية، بل بالحرى فليعرف،
أن الكلمة نفسه بالطبيعة هو غير قابل للتألم، ومع ذلك فبسبب الجسد الذى لبسه تقال عنه
هذه الأمور...، فبينما هو نفسه غير قابل للتألم بالطبيعة ، ويظل كما هو دون أن تؤذيه
هذه الآلام، بل بالحري إذ هو يوقفها ويلاشيها، فإن آلام البشر تتغير وتتلاشى في ذلك
الذي هو غير متألم، وحينئذ يصير البشر أنفسهم غير متألمين وأحرارا من هذه الأوجاع إلى
الأبد ... لأنه كما أن الرب بلبسه الجسد قد
صار إنسانا، هكذا نحن البشر فإننا نتأله بالكلمة باتحادنا به بواسطة جسده، ولهذا فنحن
نرث الحياة الأبدية ". ( الثالثة ضد الآريوسيين: 34 )
43- " ولأن ذلك الذى يُقال عنه إنه صالح وجميل
يعتبر لديهم قبيحًا ورديئًا ، أقول بالتأكيد إنه حسن أنه أخذ فى اعتباره عندما قال
" أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ، ولا الملائكة ولا الابن
" ( مر32:13 ) لأن أولئك الذين يفكرون فى القول " ولا الابن " ، يعنون
به أن الابن مخلوق . وحاشا أن يكون هكذا . لأنه عندما يقول " خلقنى " فإنه
يتكلم بشريًا ، وعندما يقول " ولا الابن " فإنه يتكلم عن المعرفة البشرية
. ... فإنه إذ قد صار إنسانًا فقد أظهر جهل البشر فى نفسه، أولاً لكى يُظهر أن له جسدًا
بشريًا حقًا، وثانيًا ، لكى ـ عندما يكون له فى جسده جهل البشر ، يقدم للآب جنسًا بشريًا
مُفتدى من بين الجميع ، وطاهرًا وكاملاً ومقدسًا ".( الرسالة إلى سرابيون ضد القائلين
بخلقة الابن : 9 )
44- " لأن تلك الأشياء التى كان يتألم منها
، جسد الكلمة ، البشرى ، كان الكلمة الذي سكن في الجسد ينسبها لنفسه ، لكى نستطيع نحن
أن نشترك في لاهوت الكلمة . ومن الغريب ، أن الكلمة نفسه كان متألمًا
وغير متألم ، فمن ناحية ، كان يتألم لأن جسده هو الذي كان يتألم وكان هو المتألم فيه،
ومن الناحية الأخرى ، لم يكن الكلمة يتألم ، لأن الكلمة ـ إذ هو إله بالطبيعة ـ فهو
لا يقبل التألم. وكان الكلمة غير الجسدى موجودًا في الجسد الذي يتألم، وكان الجسد يحوى
فيه الكلمة غير المتألم الذي كان يبيد العلل التى قبلها في جسده. وكان يصنع هذا ، وهكذا
كان يصير ، كى ، بعد أن يأخذ ما لنا ويقدمه كذبيحة ، ... وهكذا يلبسنا ما له ، وهذا
ما يجعل الرسول يقول : " لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس
عدم موت " .( الرسالة إلى أبكتيتوس ضد الهراطقة : 6 )
45- "... لأن الابن إذ هو الله ورب المجد،
كان في الجسد الذي سُمِرَ وأُهين بخزى، أما الجسد فكان يتألم وهو على الخشبة، وكان
يسيل من جنبه دم وماء. ولكن بسبب أنه كان هيكل الكلمة بالحقيقة، فقد كان مملوءًا من
اللاهوت ... ولكن الجسد نفسه ، وهو من طبيعة مائتة ، قام بطبيعة تفوق طبيعته بسبب الكلمة
الذي فيه، وتوقف فساده الطبيعى، وإذ قد لبس
الكلمة الذي هو فوق الإنسان هذا الجسد ، فقد صار غير فاسد ( الرسالة إلى أبكتيتوس
: 10 )
46- " ولكن هذه ( الانفعالات) لم تكن من طبيعة
الكلمة، حسب كونه الكلمة، بل هي في الجسد الذي تأثر بها هكذا والذي كان الكلمة فيه،...لأنه
لم يقل كل هذا قبل الجسد ولكن حينما "صار الكلمة جسدا " وصار إنسانا ، حينئذ
كتب عنه أنه قال هذا، أي إنسانيا . فالذي كتب عنه هذا ، هو الذي أقام لعازر من الأموات،
وحول الماء خمرا، ووهب النظر للمولود أعمى، وقال : أنا والآب واحد"( يو10: 3
)،... لأنه قد أعطي لهم أن يروا كيف أن الذي يعمل هذه الأعمال هو نفسه الذي أظهر جسده
متألما بسماحه له بالبكاء والجوع، وأن يظهر الخواص الأخرى للجسد .( الثالثة ضد الآريوسيين : 55 )
47- " ...لأنه هوذا حينما قال" لماذا
تركتني ؟ " أظهر الآب أنه كان دائما فيه وحتى في تلك اللحظة لأن الأرض إذ تعرف
ربها الذي تكلم ارتعدت في الحال، وانشق حجاب الهيكل، واحتجبت الشمس وتشققت الصخور وتفتحت
القبور- كما قلت سابقا- وقام الأموات الذين كانوا فيها، والمدهش أيضا أن أولئك الذين
كانوا حاضرين عندئذ وكانوا ينكرونه قبلا، بعد أن رأوا هذه الآيات اعترفوا قائلين"
حقا كان هذا ابن الله ( الثالثة ضد الآريوسيين
: 56 )
48- " لأنه كما أباد الموت بالموت، وبوسائل
بشرية أبطل كل ما للإنسان ( من ضعفات ) هكذا أيضا بهذا الذي يدعى خوفا، نزع خوفنا"
وأعطى الناس أن لا يعودوا يخافون الموت فيما بعد . فكلمته وفعله يحدثان معا، لأن الأقوال"
أعبر عني الكأس" و" لماذا تركتني؟" هي إنسانية وهو قد جعل الشمس تحتجب،
والموتى يقومون، إلهيا . وأيضا إنسانيا قال" الآن نفسي قد اضطربت"(يو12:
27 ).وإلهيا قال" لي سلطان أن أضع نفسي، ولي سلطان أن آخذها أيضا"(يو10:
18 ).فكونه يضطرب فهذا أمر خاص بالجسد، وأن يكون له سلطان أن يضع نفسه وأن يأخذها أيضا
حينما يريد، فهذا أمر ليس خاصا بطبيعة البشر، بل بقوة الكلمة. لأن الإنسان لا يموت
بسلطانه الخاص بل باضطرار الطبيعة ورغم إرادته ، أما الرب، فلأنه هو نفسه غير مائت،
ولكن لأنه أخذ جسدا مائتا، فله السلطان كإله ، أن يفصل النفس عن الجسد، وأن يعيدها
أيضا، حينما يريد. وداود يرتل عن هذا قائلا " لن تترك نفسي في الجحيم، ولا تدع
قدوسك يرى فسادا "( مز15: 10 س). لذلك كان يجب أن الجسد الذي كان قابلا للفساد، لا
يبقى فيما بعد مائتا حسب طبيعته الخاصة، بل بسبب الكلمة الذي لبسه يبقى غير قابل للفساد.
لأنه كما صار هو في جسدنا، وشابه مالنا ، هكذا نحن، إذ نقبله فإننا ننال عدم الموت الذي هو منه .( الثالثة ضد
الآريوسيين : 57 )
49- " فقد أراد ان يكون له جسد طبيعي يتحد
بلاهوته. وهكذا أيضا تم الموت، ومات الجسد موتا طبيعيا في الوقت الذي كان الكلمة فيه
ويمسكه بإرادته لكي يقدم جسده بسلطانه الذاتي( يو10: 18) . فتألم طبيعيا ومات طبيعيا
عوضا عنا، ولكنه قام لأجلنا إلهيا . وهكذا كل ما عمله منذ البشارة إلى الموت، إنما
كان يهدف إلى هدف واحد وهو أن يخلصنا ويعيدنا إليه ".( تجسد ربنا يسوع المسيح:
6 )
50- " إنه لم يحتقر الوجود الإنساني ولم يهمله
، فأخذ خيالا إنسانيا بدلا من الجسد الإنساني ، وإنما هو بذاته الإله ولد كإنسان ،
لكي يصبح الله والإنسان واحدا، كاملا في كل شيء، فولد ميلادا حقيقيا وطبيعيا
".( تجسد ربنا يسوع المسيح : 7 )
51- "... هو بذاته الكلمة الله الذي أعلن
لنا خلوده وعدم فساده وعدم تغيره . وهو بذاته الإنسان لأنه سمر على الصليب بالمسامير
وسال دمه ودفن جسده في القبر ونزل إلى الجحيم، وقام من الأموات. وهكذا قام المسيح من
الأموات ولكن كإله هو الذي يقيم الأموات. ( ظهور المسيح المحيي : 18 )
52- "... لأنه إن كان الجسد نفسه، في حد ذاته
هو جزء من عالم المخلوقات ، إلاّ أنه صار جسد الله . فنحن من ناحية ، لا نفصل الجسد
عن الكلمة ، ونعبد مثل هذا الجسد في حد ذاته ، ومن ناحية أخرى ، عندما نريد أن نعبد
الكلمة ، فإننا لا نفصل الكلمة عن الجسد ، ولكننا ـ كما سبق أن قلنا ـ إذ نعرف أن
"الكلمة صار جسدًا " فإننا نعرفه كإله أيضًا ، بعد أن صار في الجسد
" ( الرسالة إلى أدلفيوس : 3 )
بتجسد الكلمة صار إنسانا من بني جلدتنا وأظهر كل
مظاهر ضعفنا ونقصنا الذي بلغ ذروته بالآلام والموت ، ولكن أمرا واحدا لم يشبهنا فيه
وهو الخطية . والأمر ليس تعسفيا أو مجرد صبغة رومانسية لما ينبغي أن يكون عليه حال
المخلص الموعود به . فالخطية هي حالة تنجم من الصراع الداخلي لإنساننا العتيق ، الأمر
الذي يكشف فجوة وجفوة وعزلة بين الإنسان والله . الخطية بتعبير آخر هي حالة انعدام
الشركة في الطبيعة الإلهية . وإذا كان الرسول يوحنا يكتب " كل من هو مولود من
الله لا يفعل خطية، لأن زرعه يثبت فيه، ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله"(
1يو3: 9 ) ، فماذا عن الابن الوحيد المتجسد
؟ هل يستطيع أن يخطئ ؟ بالتأكيد هو لا يستطيع ان يخطئ ، ليس لأنه قد خضع لضرورة
ما ، بل لأنه لا يستطيع أن يتناقض مع نفسه ويتخلى عن عمله ويفسد التدبير حتى ما يعيد
الإنسان إلى عزلته ،أي الخطية .
وماذا عن جسد الكلمة الخاص ، أول باكورة
بشرية ظاهرة في الله ؟ إذا كان الإنسان يسوع هو الإنسان الذي يحل فيه ملء اللاهوت ،
فهل توجد أي عزلة أو فجوة بين ألوهيته وإنسانيته ؟ إذا كان يسوع شخصا تثمره وحدة أقنومية
بين الإنسان والكلمة فهل يوجد أي جدوى بخصوص سؤال الخطية ؟
بتجسد الكلمة تجدد الإنسان وظهر يسوع
باكورة للإنسان الجديد ، وهذا ما قد تكشف في منازلة الشيطان له . فقد جاء العدو رئيس
العالم ، والذي عنده كل مفاتيح ودوافع الزرع القديم ، جاء ليبحث وليطمئن على ما كان
يظنه أحد رعايا مملكته ، فإذ به يجد أن كل شيء قد صار جديدا ، وقد اختفت سطوة العتيق
البالي ، فذهب ذليلا مهزوما .
خلاصة الأمر عند أثناسيوس هو أن الإنسان يسوع هو إنسان
بلا خطية ولا يقدر أن يخطئ لأنه الإنسان الجديد " الروحاني ، آدم الثاني الرب
الذي من السماء "( 1كو15 : 45 – 48 ) الذي بخميرة جدته تجدد الجميع :
53- "... وكما قلنا مراراً وتكراراً فإن الكلمة
بلبسه للجسد بدأ يبطل منه كلية كل لدغة من لدغات الحية، ويقطع منه أى شئ ينبع من حركات
الجسد، ويبطل معها أيضاً الموت الذى يتبع الخطية كما قال الرب نفسه : "رئيس هذا
العالم يأتى وليس له فىَّ شئ" . وحيث أن أعمال إبليس قد نُقِضت من الجسد فقد تحررنا
جميعاً بسبب علاقتنا بجسده، وصرنا متحدين مع الكلمة "ولأننا متحدون مع الله فلن
نمكث كثيراً بعد على الأرض، بل كما قال هو نفسه: "حيث يكون هو هناك نكون نحن أيضاً
". ( الثانية ضد الآريوسيين: 69 )
54- "... لأن الله لم يخلق الإنسان خاطئا
بل خلقه في عدم خطية ولكن غواية الشيطان جعلته يعصى وصية الله فأخطأ للموت . ولذلك
أخذ كلمة الله هذه الطبيعة وجددها وجعلها في حالة لا تقبل الغواية ولا تخطئ ، وهذا
ما جعل الرب يقول " رئيس هذا العالم آت
وليس له في شيء "( يو14: 30 ). إن رئيس العالم لم يجد شيئا يخصه في المسيح لأن
المسيح لم يتخل عن عمل يديه ولم يتركه لرئيس العالم، ولذلك السبب أيضا عجز رئيس العالم
عن أن يجد فيه شيئا. وهكذا أظهر المسيح التجديد وأسس الكمال وحقق خلاص الإنسان كله
، أي النفس العاقلة والجسد لكي تكمل القيامة ".( تجسد ربنا يسوع المسيح : 15
)
55- " أما عن الصراع الكامن في طبيعتنا فهو
ما اخترعناه نحن من شرور نبتت من غواية الشيطان الذي علمنا كيف نعصى الله .....أما
الرب فقد تجسد دون أن يتخلى عن ألوهيته ، وهو ما يعني أنه لا يوجد فيه صراع داخلي صادر
من الطبيعة القديمة أي إنساننا القديم. هذا يجعلنا نتعلم منه كيف " نخلع الإنسان
القديم، ونلبس الإنسان الجديد"( أف4: 22و 24). وهذا في حد ذاته سر عجيب فقد صار
الرب إنسانا ولكن " بلا خطية "، وصار بذلك الإنسان الجديد الكامل فكشف عما
يقدر أن يفعله من أجلنا ".( تجسد ربنا يسوع المسيح : 17 )
56- " لذلك جاء ابن الله لكي يجدده في طبيعته،
ويمنحه بداية جديدة ميلادا ثانيا عجيبا، وليس بتقسيم الطبيعة الإنسانية، تاركا العنصر
الذي أفسده الشيطان تحت سيادة الشيطان، وإنما بالقضاء التام على العنصر الذي خلق تناقض
الإنسان مع الله.. وهكذا بالطبيعة التي دخلت بها الخطية إلى العالم ، هي بذاتها التي
يظهر منها البر، وبذلك وحده تباد أعمال الشيطان بتحرير الطبيعة الإنسانية من الخطية
". ( ظهور المسيح المحيي :6 )
57- "
مخاطبا الهراطقة : "... ولكن
ليس هذا إيمانكم لأنكم تقولون" إذا كانت الطبيعة التي أخطأت لم تعد تخطئ عندما
صارت كائنة في الله ، فهذا يعني أنها صارت تحت ضغط بسبب ضرورة وجودها في الله ، ولكن
ما هو تحت الضغط هو في الحقيقة تحت القهر والإكراه". أخبرونا هل عدم الخطية هو
حالة تنشأ من الضرورة والقهر، إذن الخطية هي حالة طبيعية عندما لا توجد ضرورة . وهذا
يعني أنكم توافقون على أن خالق الطبيعة هو مصدر الخطية ومصورها. أما إذا كانت هذه الكلمات
تجديفا، فالخطية تنشأ من قوة مؤثرة قاهرة وخارجية ويصبح عدم الخطية هو في الطبيعة.
ولذلك لم يكن بالقهر وبالضرورة أن صورة العبد لم تخطئ عندما رأيناها في ألوهية الله
الكلمة وإنما هو قد حطم حاجز القهر والضرورة و " ناموس الخطية " . ( ظهور المسيح المحيي: 9 )
58- "... ولذلك السبب اقترب الشيطان من يسوع
كإنسان، ولكنه لم يجد فيه ملامح الإنسان القديم ولا الزرع الذي زرعه في الإنسان، ولذلك
لم ينجح في تجاربه ، فهزم واندحر في اضطراب وعجز .. لذلك قال الرب " رئيس هذا
العالم آت ولن يجد شيئا في "... وهكذا أبيدت الخطية بالمسيح . وهذه هي شهادة الأسفار
عنه " لم يخطئ ولا وجد في فمه غش " . ( ظهور المسيح المحيي: 10 )
يتبع
مجدي داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق