السبت، 25 مايو 2013

مفهوم التدبير عند أثناسيوس ( 3 )


                          مشاهد ( إعلانات) تدبير التجسد
                              أولا :   الترقي ( النمو )
  في إطار دفاع القديس أثناسيوس عن الإيمان المستقيم ضد الهراطقة القائلين بعدم أزلية الابن ، يقوم بالتفنيد المستميت لانحرافاتهم بخصوص تأويل وشرح بعض الآيات التي تحمل معنى النمو والتقدم والترقي، والتي يدعون بخصوصها أنها تشير إلى ترقي الكلمة إلى وضع لم يكنه قبل التجسد . ويحاجج أثناسيوس موضحا بأن المقصود من الترقي الذي تقصده الآيات هو ما حدث لجسد الكلمة الخاص حينما صار جسدا خاصا بالكلمة ، صائرا باكورة لترقية الجميع ، من الموت إلى الحياة ، ومن العار إلى المجد، ومن الطبيعة الحيوانية إلى الطبيعة الروحانية . باختصار،  نحن الذين ارتقينا وارتفعنا .والملحوظة شديدة الأهمية ، هنا ، هي أن القديس أثناسيوس- في سياق دحضه لهرطقة ترقي الكلمة – لم يشر بأي حال من الأحوال إلى أن الأمر يخص أي تقدم أو نمو تراكمي للإنسان يسوع في الروحانية والشركة في الطبيعة الإلهية أي التأله. وقد كانت الفرصة مواتية بل كان الأمر شديد الورود بل واجب الحديث فيه ، كأن يقول مثلا :" الكلمة لا ينمو ولا يرتقي لأنه لا يحتاج إلى ذلك بل إن إنسانه الداخلي ، جسده الخاص هو الذي ظل ينمو في النعمة وفي الروحانية وفي التأله ، يوما بعد يوم إلى أن وصل إلى المجد الذي أراده له الكلمة فظهر إنسانا جديدا منتصرا على الموت  ، بالقيامة ". ولكن أثناسيوس لم يقلها بل على  العكس فإننا لا نفهم من النصوص  إلا أنه لا يوجد في الكلمة المتجسد ما قد رفع ( بتشديد الفاء ) كمكافأة ولكن من قد رفع هو نحن  .إذن الترقي الحادث هو تغير نوعي ( كيفي ) قد حدث للإنسان ، بتغيير واقعه الوجودي من النقيض إلى النقيض حينما اتحد بالكلمة في شخص الرب يسوع المسيح :
    59- " ... فإن كان هو هكذا، كما يقول هؤلاء، فيتضح أنه لم يكن له اسم "ابن" منذ البدء، ان كان قد حصل على هذا الاسم كمكافأة على أعماله وتقدمه، أى أنه حصل على هذه المكافأة ليس بسبب تقدم آخر، بل بسبب ما أظهره عندما صار انساناً، وأتخذ صورة عبد، لأنه عندئذ، حينما صار "مطيعاً حتى الموت" فإنه كما يقول النص "مجده مجداً عالياً. وحصل على الاسم كنعمة. "لكى تجثو باسم يسوع كل ركبة".
فماذا إذن كان قبل هذا ، إن كان الآن يرتفع، وقد بدأ الآن أن يعبد، والآن دعى أبناً عندما صار انسانا؟ لأنه   يبدو أن الجسد لم يترق (بفتح القاف) قط، بل بالأحرى أنه هو الذى ترقى بواسطة الجسد. فإن كان قد مجد مجداً عالياً وسمى ابناً عندما صار انساناً – وذلك بحسب سوء نيتهم – فماذا كان إذن قبل هذا؟ – فهناك حاجة ملحة أن نسألهم مرة أخرى – وذلك لكى تتضح النتيجة التى يصل إليها كفرهم، لأنه أن كان الرب هو الله وهو الابن وهو الكلمة. ولكنه لم يكن هكذا قبل ان يصير إنساناً، عندئذ كما قلنا – أما أنه كان شيئاً آخر غير هذه (الصفات). ثم اشترك فيها بعد ذلك بسبب فضيلته. وإلا فأنهم مضطرون أن يقولوا البديل – (الأمر الآخر) الذى سيرتد على روؤسهم وهو أنه لم يكن موجوداً قبل هذا، ولكنه كان إنساناً بالتمام حسب الطبيعة وليس أكثر. ولكن هذا الفكر ليس من الكنيسة. ولكنه فكر الساموساطى واليهود المعاصرين......لذلك فإن كان للأبن ذلك المجد حتى قبل خلقه العالم، وكان هو رب المجد وهو العلى، ونزل من السماء وهو معبود على الدوام، فينتج من ذلك أنه لم يترق بنزوله، بل بالأحرى هو نفسه الذى رقى الأشياء التى يعوزها الترقى. وإن كان قد نزل من أجل ترقيتها، لذلك فإنه لم يحصل على اسم ابن .. كمكافأة، بل بالأحرى فإنه هو نفسه جعلنا أبناء للآب وأله (بتشديد اللام) الناس بكونه صار انساناً ".( الأولى ضد الآريوسيين1: 38 )
    60- "... لذلك، فهو لم يكن إنساناً ثم صار فيما بعد إلهاً، بل كان إلهاً وفيما بعد صار إنساناً بالأحرى كى يؤلهنا. لأنه إن كان عندما صار إنساناً قد سمى عندئذ ابناً وإلهاً. وإن كان الله قد دعا الشعوب قديما. أبناء. وذلك قبل أن يصير هو إنساناً. وجعل الله موسى إلهاً لفرعون. والكتاب المقدس يقول فى مواضع كثيرة "الله قائم فى مجمع الآلهة" (مز1:82). فمن الواضح إذن أنه قد دعى ابناً وإلهاً بعدهم. فكيف إذن خلقت كل الأشياء عن طريقه، وكيف أنه هو موجود قبل كل الأشياء؟ أو كيف يكون هو "بكر كل خليقة" (كو15:1)، ما دام هناك آخرون قبله يطلق عليهم أبناء وآلهة؟ ".( الأولى ضد الآريوسيين : 39 )
   61- "...إذن فهذا ليس بلغز بل هو سر إلهى. " فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله"   وهو لأجلنا فيما بعد "الكلمة صار جسداً"، وعبارة "رفعه" (مجده مجداً عالياً) التى نتحدث عنها الآن، لا تعني أن جوهر الكلمة قد أرتفع. لأنه كان دائماً وهو لا يزال كائن فى الله. ولكنه يعنى ارتفاع   بشريته. إذن فهذه الأقوال لم تكن تقال من قبل إلا عندما صار الكلمة جسداً. لكى يصير واضحاً أن "أذل نفسه"."وتمجد مجداً عالياً" إنما تشير إلى إنسانيته، لأنه حيثما تكون هناك حالة الإذلال تكون هناك الرفعة أيضاً. إن كان بسبب اتخاذه للجسد قد كتب الاذلال عنه. فمن الواضح أن التمجيد (أو الرفعة) تقال عنه بسبب الجسد، لأن الانسان كان فى مسيس الحاجة إلى هذا  بسبب وضاعة الجسد. وبسبب الموت. وبما أن الكلمة وهو صورة الآب، وهو غير مائت، قد أتخذ صورة عبد، وكإنسان عانى الموت بجسده من أجلنا. لكى بذلك يبذل نفسه للآب بالموت من أجلنا لأجل هذا السبب يقال عنه إنه كإنسان مجد (ضمه على الميم) أيضاً نيابة عنا ومن أجلنا، لكى كما بموته قد متنا جميعاً فى المسيح، وعلى نفس المنوال أيضاً. فإننا فى المسيح نفسه أيضاً قد مجدنا مجداً عالياً. مقامين من بين الأموات وصاعدين إلى السموات "حيث دخل يسوع كسابق لاجلنا" (عب20:6)، ... فتبعاً لذلك تكون هذه الرفعة الحالية قد كتبت أيضاً من أجلنا نحن  ... وهكذا بنفس المعنى ينبغى أن نفهم ما يقال الآن أنه " تمجد". ليس لكى يمجد هو نفسه (أى اللوغوس) – إذ أنه هو الأعلى – بل لكي هو ذاته "يصير برا" من أجلنا، .....  فإن كان الابن هو البر، إذن فهو لم يرتفع بذاته كما لو كان فى حاجة إلى الرفعة، بل نحن الذين أرتفعنا (تمجدنا) بسبب البر الذى هو (المسيح) ذاته ".( الأولى ضد الآريوسيين : 41 )
   62- " وهكذا أيضاً فإن عبارة " أعطاه اسماً " لم تكتب لأجل اللوغوس ذاته – فإنه حتى قبل أن يصير إنساناً فقد كان معبوداً أيضاً من الملائكة ومن كل الخليقة. بحسب ذاتيته الأبوية، بل كتبت هذه العبارة عنه بسببنا ولأجلنا. لأنه كما مات المسيح ثم رفع (شدة على الفاء) كإنسان، فبالمثل قيل عنه أنه أخذ كإنسان ما كان له دائماً كإله. وذلك لكى تصل إلينا عطية مثل هذه النعمة، فإن اللوغوس لم يحط قدره بإتخاذه جسداً حتى يسعى للحصول على نعمة أيضاً، بل بالأحرى فإن الجسد الذى لبسه قد تأله، بل وأكثر من ذلك، فقد أنعم بهذه النعمة على جنس البشر، بدرجة أكثر ".( الأولى ضد الآريوسيين: 42 )
    63- "... كما قلنا، أنه ليس اللوغوس بسبب كونه لوغوس هو الذى حصل على مثل هذه النعمة، بل نحن. لأنه بسبب علاقتنا بجسده فقد صرنا نحن أيضاً هيكل الله – وتبعاً لذلك قد جعلنا أبناء الله...  بالأحرى نحن الذين نلنا منه الارتقاء. لأنه هو "النور الذى ينير كل انسان يأتى إلى العالم" (يو9:1). إن الاريوسيين يركزون بلا جدوى على أداة الربط: "لذلك" لأن بولس قال "لذلك مجده الله مجداً عالياً" (فى8:2). فهو بهذا القول لم يكن يعنى مكافأة لفضيلة ولا ارتقاء نتيجة تقدم أخلى، ولكنه يقصد السبب فى العلو والتمجيد والارتفاع الذى صار فينا. وما هو هذا السبب إلا أن يكون الذى كان فى صورة الله وهو ابن لاب نبيل، وأذل نفسه وصار بدلاً منا ومن أجلنا؟ فلو لم يكن الرب قد صار أنساناً، لما كان فى وسعنا أن نفتدى (نتحرر) من الخطيئة وأن نقوم من بين الأموات، بل لبقينا أمواتاً تحت الأرض. ولما كنا لنرفع (لنمجد) إلى السماء، بل لرقدنا فى الجحيم. إذن، فمن أجلنا، ولمصلحتنا، كتبت هذه الكلمات" مجده مجداً عالياً"، "وأعطاه اسما".( الأولى ضد الآريوسيين: 43 )
   64- " ... أي أن النص لا يعنى تمجيد اللوغوس ذاته بإعتباره لوغوس ..،  ولكن النص يشير إلى قيامته من بين الأموات بسبب تأنسه. فقوله "أذل نفسه حتى الموت" ثم أضاف "لذلك مجده مجداً عالياً" راغباً أن يبين أنه كإنسان كان يقال عنه أنه قد مات، ولكن لكونه الحياة رفع بالقيامة "فإن الذى نزل هو نفسه أيضاً الذى قام" (أف10:4). لأنه نزل بالجسد، إلا أنه قام لأنه هو نفسه كان إلهاً فى الجسد. وهذا أيضا هو السبب الذى من أجله قد مهد السبيل الى هذا المعنى بإستخدام أداة الربط "لذلك"، والذى لا يعنى أجر فضيلة ولا ترقى، ولكنه يكشف السبب الذى بواسطته قد صارت القيامة. ولهذا السبب نفسه مات سائر البشر منذ آدم وحتى الآن، وظلوا أمواتاً، أما هذا وحده فهو الذى قام من بين الأموات كاملاً متكاملاً. وهذا هو السبب الذى من أجله سبق الرسول نفسه وقال: أنه بالرغم من كونه إلهاً فقد صار إنساناً.  ( الأولى ضد الآريوسيين : 44 )
   65- "...  إذن فالجسد الذى أقيم من بين الأموات هو الذى رفع الى السموات. وحيث أن الجسد كان يخصه ولا يوجد للجسد كيان إلا باللوغوس نفسه، لذى فمن الطبيعى أنه بتمجيد وترفيع الجسد يقال أيضاً أنه كإنسان قد أرتفع بسبب الجسد....وكإبن الإنسان فيقال أنه بحسب بشريته ينال ما يخصه من ذاته، بسبب أن جسده ليس سوى جسده الخاص به الذى هو بطبيعته أن يتقبل النعمة كما قد قيل.وبحسب هذه الرفعة إذن، أخذ الإنسان فى داخله. وكانت هذه الرفعة من أجل تأليه الانسان أما اللوغوس فله خاصية (التاليه) هذه بحسب الألوهية والكمال الأبوي الخاصين به ".( الأولى ضد الآريوسيين : 45 )
      66- " فأي تقدم هو إذن بالنسبة لغير المائت عندما يتخذ ما هو مائت؟ وأى أرتقاء هو للأزلى عندما يلبس ما هو وقتى وأى أجر يمكن أن يكون بالنسبة لله والملك الأبدى الذى هو فى حضن الآب؟ ألا تدركون أن هذا قد صار وكتب بسببنا ومن أجلنا، لأنه إذ قد صار الرب إنساناً، لكى يصوغنا نحن المائتين والوقتيين ويجعلنا غير مائتين.....  لأنه بنزول ربنا يسوع المسيح وأقامته بيننا، فإننا بالحقيقة قد أرتقينا لأننا تحررنا من الخطيئة ،  ..." .( الأولى ضد الآريوسيين : 48 )
.  إذن ، الترقي هو التحرر من الخطية  .
    67- " الكلمة صار جسدًا ، ليس لأجل إضافة (شئ ما) إلى اللاهوت، بل من أجل أن ينال الجسد قيامة. ولم يأتى الكلمة من مريم لكى يرتقى هو، بل لكى يفدى الجنس البشرى. فكيف إذن يفكرون أن الجسد وهو الذي افتداه الكلمة وأحياه، يقوم بإضافة شئ ما من ناحية اللاهوت إلى الكلمة الذي أحياه ؟ ""بل بالعكس فإن الجسد البشرى ذاته هو الذي حدثت له زيادة كبيرة ، بسبب شركة الكلمة معه واتحاده به ، لأنه (الجسد) صار غير مائت بعد أن كان مائتًا ، ورغم أن الجسد كان حيوانيًا (نفسانيًا) فقد صار روحانيًا ، ورغم أنه من تراب الأرض فقد اجتاز الأبواب السماوية "".( الرسالة إلى أبكتيتوس :9 )
  لاحظ
1- الذي ترقى وحدثت له زيادة هو الجسد.
 2- ترقي الجسد هو تحوله من الحيوانية إلى الروحانية ، ومن الموت إلى الحياة، أي القيامة ، التي هي الإضافة التي نالها الجسد وليس اللوغوس. 
 3 – حدث الترقي حينما صار الجسد جسدا للكلمة ، أي التجسد .
   أما الآية الأكثر التباسا في هذا السياق فهي ما كتبه القديس لوقا الإنجيلي " وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة ، عند الله والناس "( لو2: 52 )، وهنا يؤكد أثناسيوس أن ارتباط نمو يسوع الطبيعي في القامة كإنسان ، بتقدمه في الحكمة والنعمة إنما يشير إلى ازدياد ظهور وانكشاف اللاهوت فيه أمام الناس المحيطين به والمعاصرين له ، أي أنه كان يزداد نموا وتقدما " كإله " في أعين الناس ( إذا جاز التعبير )، أي أن التقدم في الحكمة كان ترقيا وتقدما لوعي الناس به كإله  ولم يكن ترقيا أوتقدما أو تطورا  باطنيا خاصا به :
   68- " إذن فالتقدم هو للجسد ، لهذا ففي تقدمه كان يزداد أيضا ظهور اللاهوت فيه لأولئك الذين رأوه ، وكلما كان اللاهوت ينكشف أكثر فأكثر كلما ازدادت نعمته كإنسان أمام كل الناس فهو كطفل حمل إلى الهيكل، وحينما صار صبيا بقى هناك في الهيكل وكان يسأل الكهنة نحو الناموس. وكان جسده ينمو شيئا فشيئا والكلمة كان يظهر نفسه فيه ، لذا اعترف به بطرس أولا وبعد ذلك الجميع أيضا: "بالحقيقة هذا هو ابن الله".( الثالثة ضد الآريوسيين: 52)
    69- " فماذا يكون هذا التقدم المتحدث عنه سوى- كما قلت سابقا- التأليه والنعمة المعطاة للبشر من الحكمة وإبطال الخطية والفساد منهم بحسب مشابهتهم لجسد الكلمة وقرابتهم له؟ لأنه هكذا بازدياد الجسد في  القامة كان يزداد فيه ظهور اللاهوت أيضا ويظهر للكل أن الجسد هو هيكل الله. وأن الله كان في الجسد ... ليست الحكمة كحكمة هي التي تقدمت في ذاتها، ولكن الناسوت هو الذي تقدم في الحكمة، بأن يرتفع شيئا فشيئا فوق الطبيعة البشرية وبأن يتأله ويصير ظاهرا للجميع كأداة الحكمة لأجل عمل اللاهوت وإشراقه . لذلك فالبشير لم يقل:" إن الكلمة تقدم "، لكن" يسوع" وهو الاسم الذي دعي به الرب عندما صار إنسانا حتى يكون التقدم هو للطبيعة البشرية ". (الثالثة ضد الآريوسيين : 53 )
.  لاحظ : مدلول تدبير نمو يسوع في القامة والظهور التدريجي لألوهيته أمام الناس ، كإشارة إلى بدء زمن تكريس تأله البشر بالشركة في جسد الكلمة المتجسد .
   ولعل ماوراء قناعة القديس أثناسيوس بعدم احتياج الإنسان يسوع إلي أي نمو باطني ، هو إدراكه لأن إنسانية يسوع هي جسد الكلمة الخاص ، أي الإنسان الظاهر في الكلمة منذ الحبل به :
    70- ". . لقد تم اتحاد الناسوت بلاهوت الله الكلمة في أحشاء القديسة مريم ، عندما نزل الكلمة من السماء، أي أن الناسوت لم يكن له وجود قبل نزول الكلمة وتجسده ، بل لم يكن للناسوت أي وجود حتى قبل وجود مريم والدة الإله التي ولدت من آدم " ( تجسد ربنا يسوع المسيح:4)      
     تعليق مهم على نصوص الترقي عند أثناسيوس
 لدينا ركيزتان أساسيتان لإدراك مفهوم الترقي والتقدم - الحادث في جسد الكلمة المتجسد – عند العظيم أثناسيوس: الركيزة الأولى هي أن التقدم ( الترقي، التعلية ) - سواء على مستوى النمو البيولوجي، الجسدي ( القامة )، أو على مستوى النعمة، الروحي – أيا كان مسماها: الحكمة ، التمجيد، القيامة من الموت وعدم الفساد، التأله - هو تقدم تراكمي ظاهر، مرصود ومتتبع ( بضم الميم وفتح الباء ) من معاصري الرب يسوع التاريخي. والركيزة الثانية – التي هي في غاية الأهمية -هي أن حدوث هذا النمو التراكمي الظاهر – بكل أشكاله – يتماهى- زمنيا - مع حدوث نمو وتراكم، وزيادة انكشاف ظهور الله الكلمة، ظهور اللاهوت، في جسد الرب أمام الناس، أي تراكم وعي معاصريه به، كإله. وهذا يقودنا إلى السؤال عن ماهية نشأة التقدم ( الترقي )، فنسأل بوضوح: هل تتزامن نشأة مضمون وجوهر النعمة التي يرتقي بها الجسد – المرصودة من الناس – مع لحظة رصدها من قبل الناس؟ والسؤال بكلمات أخرى: هل، النعمة – الجديدة - الظاهرة في جسد يسوع – في لحظة ما -لم تكن موجودة قبل لحظة رصدها ورؤيتها من الناس المعاصرين له ؟ ولكن إذا عدنا إلى ركيزة التماهي بين حدوث النعمة وحدوث ظهور اللاهوت ، نستطيع  أن نجد مدخلا لحل الأحجية عند أثناسيوس، وهذا يقودنا أيضا إلى السؤال الكاشف: ماذا كان يعني أثناسيوس بمفهوم زيادة ظهور وانكشاف اللاهوت في جسد يسوع أمام الناس؟ هل من الممكن أن نتجاسر فنظن أن مقصد أثناسيوس هو أن اللاهوت كان يحل تدريجيا في الناسوت متزامنا مع ظهوره للناس؟ بالتأكيد لا يمكن أن يكون مقصد أثناسيوس شيئا من قبيل هذا المعنى، لسبب بسيط هو أن مضمون هذا الكلام ليس إلا الهرطقة بعينها؛ فالكلمة – بكل ملء لاهوته - حال في جسده الخاص منذ أول لحظة للحبل في بطن العذراء، هذا هو الاتحاد الأقنومي بين لاهوت الكلمة المتجسد وناسوته، أما عن ظهور الكلمة - التراكمي، المتدرج، المتزايد - في الجسد أمام الناس، فهذا أمر آخر مختلف،  أمر يخص التدبير بمشاهده المختلفة. إذن لماذا نفترض - كما يفترض بعض أساتذة اللاهوت والآبائيات، ومنهم أستاذي الدكتور جورج حبيب بباوي - أن الظهور التراكمي للنعمة في جسد يسوع - أمام الناس - وعلى الأخص نعمة القيامة والتأله وعدم الفساد يعني نشأة النعمة في كيان يسوع لحظة رصدها بواسطة الناس؟ أليس – كما قلنا – أن ظهور النعمة المتدرج – في جسد يسوع هو الوجه الآخر لظهور اللاهوت، المتدرج، فيه؟ أليس الاتحاد الأقنومي بين اللاهوت والإنسان، الذي يعني من أول لحظة أن الجسد هو جسد الكلمة الخاص، فإنه يضمن وجود الإنسان الداخلي - الجديد ، عديم الموت ، المتأله، القائم والمنتصر على الموت – من أول لحظة للحبل به في أحشاء مريم، حتى وإن كان العتيق الظاهر - من أجل التدبير - يظهر ( بضم الياء وكسر الهاء ) للناس حضورا متدرجا للنعمة، التي هي بالفعل كائنة بكمالها كاستحقاق – هو الحد الأدنى – لما ينبغي أن يحدثه الاتحاد الأقنومي بين لاهوت الكلمة وإنسانية الإنسان منذ أول لحظة للاتحاد ؟
إذن لابد من توفر مستوى أعلى من العمق في التعاطي مع نصوص الآباء، لاسيما أثناسيوس، ذلك المستوى الذي يجعلنا لا نقف على مجرد ظاهر النص بل ينبغي لنا بذل الجهد لاستنباط واستنتاج أقصى مايمكن استنتاجه من مفاهيم خفية غائرة في ذهن الكاتب، الذي لم يجد من وجهة نظره احتياجا لذكره، في هذا السياق. خير مثال لنا في هذا الصدد هو حديث أثناسيوس عن الترقي الظاهر، الحادث في كيان الرب، وبالتأكيد كان أثناسيوس يتحدث عن ترقي الجسد وليس ترقي اللوغوس، ولكن الجهد الواجب بذله – الذي قصدته – جعلني أخرج من سياق صراع أثناسيوس مع الهراطقة - دفعا  لادعائهم بترقي اللوغوس – إلى جزئية أخرى في خلفية  النص وهي حقيقة  الكيان المستهدف بالترقي، أي عتيق يسوع الظاهر للناس بكل مايحدث فيه من تقدم وترقي، وهنا نجد أنفسنا أمام أحد خيارين: إما أن نتقبل أن الكيان الإنساني الجديد ليسوع- الممجد والمنتصر على الموت – موجود من أول لحظة للتجسد كدليل دامغ وحيد على الاتحاد الأقنومي بين اللوغوس والإنسان، بالرغم من أن النعمة تظهر تدريجيا للناس، في العتيق الظاهر - علينا أن نتقبل هذا مثلما أننا قد تقبلنا أن ملء لاهوت اللوغوس كائن وحال في ناسوته من أول لحظة للتجسد - بالرغم من ظهوره المتدرج للناس في عتيق يسوع. إما أن نتقبل هذا الخيار أو نتهاوى إلى خيار الهرطقة  لنجد أنفسنا قد تقبلنا أن لاهوت الكلمة قد حل تدريجيا في ناسوته، على اعتبار أن ناسوت الرب قد ظل عتيقا إلى أن تجدد وتمجد فقط في لحظة القيامة، بعد انتهاء تراجيديا الصلبوت المهيب.
أن نتخيل أن إنسانية يسوع قد ظلت عتيقة - خاضعة ومهددة بالموت إلى أن افتقدت بالقيامة بعد مشهد الصليب، فكان هذا قمة التمجيد والترفيع والترقية للجسد- فهذا أمر يجعل من الاتحاد الأقنومي بين لاهوت الكلمة وناسوته حدثا تراكميا متناميا ، الأمر الذي يمثل أدق تعريف للنسطورية.


                  ثانيا : المسحة ( مسحة الرب في الأردن )
   أيضا في إطار تفنيده لانحراف الهراطقة في تفسير آيات المسحة بخصوص الكلمة المتجسد ، يؤكد القديس أثناسيوس الرسولي أن الكلمة هو الذي يمسح بالروح ، وهو الذي مسح جسده حينما لبسه صائرا إنسانا . والنقطة الحاكمة في هذا السياق هي أنه عندما نزل الرب إلى الأردن واعتمد ومسح ، فلم يكن من دلالة لهذا المشهد سوى أننا نحن الذين مسحنا. ومن ذلك الحين فإننا نتقبل الروح ليختمنا مصورا فينا المسيح ذاته .  ولم نرصد للقديس أثناسيوس أي عبارة أو إشارة تفيد بأن يسوع قد بدأ يمسح – على أساس أنه لم يكن ممسوحا من قبل – منذ أن نزل إلى الأردن ، فهو يسوع " المسيح " ، أي الممسوح ،  موضوع بشارة الملاك للرعاة " فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب "( لو2: 10و 11 ). إذن الرب منذ ظهوره هو ممسوح ولا يحتاج إلى مسحة بل هو الذي يهب المسحة لمن يحتاجها ، أي نحن . وهو حينما نزل إلى المياه فقد أسس لنا مسحتنا التي تجعلنا أعضاءا فيه بواسطة الروح الذي يرسله من الآب :
   71- "... ولذلك فهو هنا "يمسح" (بضم الياء) لا لكي يصير إلهاً، لأنه كان إلهاً حتى قبل أن يمسح، ولا لكي يصير ملكاً، لأنه قد كان هو الملك على الدوام، إذ أنه صورة الله كما يقول الوحى . بل أن هذا أيضاً  قد كتب من أجلنا... لكنه كإنسان يقال عنه أنه يمسح (بضم الياء) بالروح وذلك حتى يبنى فينا نحن البشر سكنى الروح وألفته تماماً مثلما وهبنا الرفعة والقيامة. وهذا ما عناه هو نفسه عندما أكد الرب عن نفسه فى الإنجيل بحسب يوحنا " أنا قد أرسلتهم إلى العالم ولأجلهم أقدس أنا ذاتى ليكونوا هم أيضاً مقدسين فى الحق" . وقد أوضح بقوله هذا أنه ليس هو المقدس (بتشديد وفتح الدال) بل المقدس ( بتشديد وكسر الدال). لأنه لم يقدس من آخر بل هو يقدس ذاته. حتى نتقدس نحن فى الحق. وهذا الذى يقدس ذاته إنما هو رب التقديس. كيف إذن حدث هذا؟ وماذا يريد أن يقول بهذا سوى أنه: "كونى أنا كلمة الآب، فأنا نفسى أعطى ذاتى الروح. أنا الصائر إنساناً. وأنا الحق. لأن " كلمتك أنت هى الحق" ."  .( الأولى ضد الآريوسيين : 46 )
   72 – " إذن فإن كان يقدس ذاته من أجلنا. وهو يفعل هذا لأنه قد صار إنساناً، فمن الواضح جداً أن نزول الروح عليه فى الأردن، إنما كان نزولاً علينا نحن ، بسبب لبسه جسدنا. وهذا لم يصر من أجل ترقية اللوغوس، بل من أجل تقديسنا من جديد، ولكى نشترك فى مسحته، ولكى يقال عنا " ألستم تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم "، فحينما أغتسل الرب فى الأردن كإنسان، كنا نحن الذين نغتسل فيه وبواستطه. وحينما أقتبل الروح، كنا نحن الذين صرنا مقتبلين للروح بواسطته. ولهذا السيد، فهو ليس كهارون. أو داود أو الباقين – قد مسح بالزيت هكذا – بل بطريقة مغايرة لجميع الذين هم شركاؤه – أى "بزيت الإبتهاج" – التى فسر أنه يعنى الروح – قائلاً بالنبى "روح الرب على لأنه مسحنى ". كما قال الرسول أيضاً " كيف مسحه الله بالروح القدس"  . متى قيلت عنه هذه الأشياء – إلا عندما صار فى الجسد وأعتمد فى الأردن. "ونزل عليه الروح"؟.وحقاً يقول الرب لتلاميذه أن "الروح سيأخذ مما لى" .  و" أنا أرسله". و " اقبلوا الروح القدس"  . إلا أنه فى الواقع هذا الذى يعطى للآخرين ككلمة وبهاء الآب، يقال الآن أنه يتقدس وهذا من حيث أنه قد صار إنساناً، والذى يتقدس هو جسده ذاته.
 إذن فمن ذلك قد بدأنا نحن الحصول على المسحة والختم ، مثلما يقول يوحنا "أنتم لكم مسحة من القدوس"   والرسول يقول "أنتم ختمتم بروح الموعد القدوس" . ومن ثم فإن هذه الأقوال هى بسببنا ومن أجلنا. فأى تقدم فى الارتقاء، وأى أجر فضيلة أو عموماً أى أجر عمل للرب ، يتضح من هذا ؟. ....... إذن، فلا يكون اللوغوس بإعتباره اللوغوس والحكمة هو الذى يمسح من الروح، الذى يعطيه هو ذاته، بل الجسد الذى قد أتخذه ، هو الذى يمسح فيه ومنه، وذلك لكى يصير التقديس الصائر إلى الرب كإنسان، يصير   إلى جميع البشر به. لأن يقول: "إن الروح لا يتكلم من نفسه" . بل اللوغوس هو الذى يعطى هذا (الروح) للمستحقين ". ( الأولى ضد الآريوسيين : 47 )
.  إذن ،  مسحته في الأردن منشئة لمسحتنا ، وكاشفة لمسحته .
   73- " أما عندما صار إنساناً فقد قال "سأرسل لكم المعزى روح الحق" ، وبالفعل أرسله، لأن كلمة الله منزه عن الكذب. إذن فإن "يسوع المسيح هو هو بالأمس واليوم وإلى الأبد"، وحيث أنه يظل غير متغير وهو ذاته العاطي والآخذ: فهو يعطى ككلمة الله، ويأخذ كإنسان. وتبعاً لذلك فليس اللوغوس – بإعتباره بالحقيقة لوغوس – هو الذى أرتقى، إذ كانت له دائماً. وله على الدوام – كل الأشياء. أما البشر – الذين يأخذون البداية منه وبسببه  – فهؤلاء هم الذين يرتقون. لأنه حينما يقال بحسب الوجهة البشرية أنه الآن يمسح- نكون نحن، الذين نمسح فى شخصه. حيث أنه حينما أعتمد، نكون نحن الذين نعتمد فى شخصه ". ( الأولى ضد الآريوسيين  : 48 )
   74- "... تعبير "من أجل هذا " هنا أيضاً، لا يعنى أجر فضيلة أو سلوكاً خاصاً باللوغوس، بل يعنى السبب الذى من أجله نزل إلينا، ويعنى السبب فى مسحة الروح التى مسح بها من أجلنا...وهذا هو سبب المسحة التى صارت له، وسبب "الحضور المتجسد للوغوس". وهذا السبب هو الذى تنبأ به مرنم المزامير مسبحاً بألوهيته وملكوته الأبوى، عندما هتف قائلاً "عرشك يا الله إلى دهر الدهور، صولجان استقامه هو صولجان ملكك"  ، ثم يعلن نزوله إلينا بقوله: " من أجل ذلك، مسحك الله، إلهك، بزيت الابتهاج أكثر من شركائك" .( الأولى ضد الآريوسيين : 49 )
   75- "... وبنفس الطريقة، حيث أنه هو ذاته واهب الروح، فإنه لا يتوقف عن القول: "روح الرب على لأنه مسحنى"، وذلك بسبب أنه قد صار جسداً  ، كما قال يوحنا، لكى يتضح أنه فى هذين الأمرين، أننا نحن الذين نكون محتاجين لنعمة الروح لكى نتمجد، ... هكذا يرينا داود أيضاً أنه ليست هناك طريقة أخرى، لكى نشارك الروح، ونتقدس لو لم يقل اللوغوس ذاته، واهب الروح. بأنه هو ذاته، مسح بالروح من أجلنا، ولهذا السبب طبعاً أخذنا الروح، إذ أنه هو الذى قيل فيه أنه قد مسح بالجسد. حيث أن جسده الخاص هو الذى تقدس أولاً. وإذ قيل عنه كإنسان. أن جسده قد أتخذ هذا ، فلأجل هذا، فنحن نمتلك نتيجة لذلك، نعمة الروح، آخذين أياها "من ملئه "  .( الأولى ضد الآريوسيين : 50 )
.  إذن ، تجسد الكلمة  هو  مسحته .
   76- " ولنفس السبب أيضا مسح بالروح القدس، ليس لأن اللاهوت قد مسح " بضم الميم " أو أنه يحتاج إلى المسحة ، ولكن أيضا لا يمكن أن تتم المسحة بدون اللاهوت ، فهو كإله مسح جسده. وجسده هو الذي تقبل المسحة. فمن الواضح أننا لا نستطيع أن نصف الكلمة بالمسيح بدون الجسد البشري ".(ظهور المسيح المحيي : 3 )
    77- " والروح يدعى مسحة وهو الختم ... والمخلوقات تختم وتمسح بواسطته وتتعلم منه كل شيء. ... والمسحة لا يمكن أن يكون من بين الأشياء التي تمسح، ولكنه يخص الكلمة الذي يمسح والذي يختم، لأن المسحة لها أريج ورائحة من يمسح. وأولئك الذين يمسحون يقولون حينما ينالونها:" نحن رائحة المسيح الزكية"  . والختم له صورة المسيح الذي يختم، والذين يختمون يشتركون في الختم ويتشكلون حسبه، كما يقول الرسول:" يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضا إلى أن يتصور المسيح فيكم ". وهكذا إذ نختم فمن الطبيعي أن نصير " شركاء الطبيعة الإلهية" كما يقول بطرس .( الرسالة الأولى إلى سرابيون عن الروح القدس : 23 )
 تعليق مهم على نصوص المسحة عند أثناسيوس
نستطيع أن نلمح خطين متقاطعين بخصوص مسحة الرب ( معموديته ) عند أثناسيوس، الأول هو مشهد مسحة الرب في الأردن، والثاني هو حقيقة مسحة جسد الرب بفضل كونه جسد الكلمة الخاص. بخصوص مشهد مسحة الأردن يقرر – ويكرر – أثناسيوس أن هذه المسحة هي مسحتنا نحن؛ فإن كان قد اعتمد واصطبغ ومسح وتقدس، في الأردن فواقع الحال هو أننا نحن الذين اعتمدنا واصطبغنا ومسحنا وتقدسنا، لسبب بسيط هو أنه هو الصبغة التي يصطبغ بها، والختم الذي يختم به؛ فهو المسيح ، مصدر ومنبع المسحة، الذي يمسح فيه الجميع. وأما الخط الثاني فيتقاطع مع مانتهينا إليه ، أي المسيح؛ فهو – وفقا لأثناسيوس – لم يدع مسيحا إلا بفضل كون اللوغوس قد مسح جسده الخاص حينما اتخذه جسدا خاصا، أي منذ أول لحظة للاتحاد الأقنومي بين اللاهوت والجسد؛ أي أن حدث  تجسد اللوغوس هو ذاته حدث مسحة اللوغوس للجسد. إذن عندما يصر أثناسيوس على أن مشهد الأردن يخصنا، في المقام الأول، فهو محق كل الحق؛ فلم تكن إنسانية يسوع الجديدة- فضلا عن اللوغوس، بالتأكيد – في احتياج للمسحة؛ فوليد بيت لحم هو المسيح الرب، وفقا لبشارة الملاك للرعاة ( لو2: 11 )؛ أي أن جسده الخاص ممسوح، بل ومصدر للمسحة منذ دخول اللوغوس إلى عالمنا متأنسا. وعليه فإن مسحة جسد الكلمة الخاص الرب يسوع لم تنشأ في الأردن – لأنه لو ظل منتظرا للحظة نزوله مياه الأردن لتتم مسحته الشخصية، ماكان ليعتبر جديرا بأن يكون جسد الكلمة الخاص - وإنما ما قد نشأ، وتم تدشينه، في هذا المشهد التدبيري هو مسحتنا نحن.       
  يتبع
مجدي داود

ليست هناك تعليقات: