الخميس، 4 مارس 2021

حوار حول شركة جسد المسيح ( 1 )

 

                 حوار حول شركة جسد المسيح

  نشر هذا الحوار في سياق التعليقات على مقال: " ما هو المقصود بعبارة شركاء الطبيعة الإلهية ( مارس 2007 )، على صفحات موقع الدراسات القبطية والأرثوذكسية، كانت مشاركاتي تحت لافتة " m-david ":

m-david

 تعليق على شركة جسد المسيح : البديهية الغائبة هى أن المدلول اللاهوتى لاسم يسوع ليس هو نفس المدلول اللاهوتى لاسم المسيح فكيان الأول هو بعض من كيان الثانى . الأول هو الشخص التاريخى الذى ترصده الأناجيل أما الثانى فهو ثمرة كل التاريخ .الأول هو الرأس التى تحقق الكيان الكامل. شخص المسيح هو الشخص الذى نحن نكمل وجوده الآن بانتمائنا العضوى للرأس الرب يسوع . شخص المسيح سيظل غير مكتمل الى أن ينضم اليه آخر عضو من أعضاء الكنيسة وحينئذ فقط يكون قد تم مجئ الرب. دمتم فى المسيح.

m-david

 تعليق ثان على موضوع شركة جسد المسيح :كلمة " الجسد " فى لغة الكتاب المقدس تعنى الكيان كله، ومصطلح "جسد المسيح " يعنى كيان المسيح الممتلئ بجميع أفراد الكنيسة وعليه فإنه فيما تحقق الكنيسة ذاتها إفخارستيا فهى تحقق شخص المسيح. إن الكنيسة ليست الوجود الذى يتحقق ككيان زائد أو كقيمة مضافة للمسيح بل هى الوجود الذى بدونه يصبح شخص المسيح مجرد رأس لكيان غائب.دمتم فى المسيح.

 m-david

  تعليق ثالث على موضوع شركة جسد المسيح : الاسم " المسيح "يعنى الممسوح، ورأس المسحة هو شخص الرب يسوع التاريخى ذلك الذى حل فيه ملء اللاهوت ومن مسحته تفيض مسحة الجميع صائرين أعضاء منتمية لتلك الرأس وعليه فأن المسيح ليس هو فقط رأس المسحة بل هو الكيان الكاثوليكى الذى يضم فى وحدة عضوية جميع الممسوحين من البشر والصائرين مسيحا واحدا.دمتم فى المسيح.

m-david

 تعليق رابع على موضوع "شركة جسد المسيح " : لكى ندرك جيدا مدلول اسم "المسيح "، ولكى ندرك حقيقة الشركة فيه اسمحوا لى أن أقدم هذه الرؤية التى أنارها الرب أمام ذهنى: هناك أمر عجيب فى يونانية العهد الجديد وأيضا بالنسبة للسبعينية وهو استخدام ادوات التعريف للأسماء بما فيها اسماء الأعلام وفقا لقاعدة ثابتة ذات مدلول لاهوتى ليصبح الأمر فى النهاية لغة خاصة بالكتاب المقدس وبعدا تفسيريا عجيبا. الاسم المعرف - باضافة اداة تعريف أمامه - يعنى حالة مغلقة تمثل  " الشخص " المستقل، أما الاسم غير المعرف فيعنى حالة مفتوحة ،حالة حركية هي حدث النعمة الآني؛ التعريف يعنى الشخص والتنكير يعنى الحركة التى تحقق الشخص أو تحقق العلاقة مع الشخص ، فعلى سبيل المثال لمصطلح "ابن الله "  ثلاث صيغ من حيث التعريف :1- صيغة تعريف الكلمتين وتعنى شخص الكلمة الذاتى الكائن فى أبيه والمستقل عن الخليقة. 2- صيغة تنكير الكلمتين وتعنى الحدث النعموى الذى يحدث الآن وفيه تتم الشركة فى شخص ابن الله. 3- الصيغة الثالثة هى تنكير كلمة " ابن " وتعريف كلمة " الله " وتعنى الانسان الذى له علاقة وثيقة مع الله مثل رجال الإيمان القدماء وقد استخدمت هذه الصيغة فى الأشارةالى "  آدم " فى ( لو 3 ) ، والشئ العجيب هو أن الصيغة الأخيرة تستطيع أن تفسر لنا سؤالا صعبا حول أحد المشاهد الأنجيلية وهو مشهد التجربة والسؤال الصعب هو كيف يتجرأ المجرب ليقترب من شخص الابن ليجربه؟ الإجابة هى: بالتأكيد لم  يكن الشيطان ليقترب من يسوع ليجربه لو كان على علم بأنه الكلمة المتجسد فصيغة "ابن الله " الواردة فى خطاب المجرب ليسوع هى الصيغة الثالثة؛ أى أن  إبليس كان يعتقد بأن يسوع على أفضل تقدير هو أحد رجالات الله مثل أنبياء العهد القديم وبالتالى فقد جاء ليتفقد ويطمئن على أن يسوع هو من ضمن العالم الذى قد وضغ فى الشرير ولكن كانت الصدمة المزلزلة له إذ اكتشف أن فى يسوع كيانا لايملك هو مفاتيحه ففشلت لأول مرة المفاتيح التى يسيطر بها على البشر أى مفاتيح الرغبة والخوف. وهناك مثال آخر على أهمية لغة التعريف والتنكير وهو ماجاء فى البشارة: الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله ( لو35:1 ) ؛والملحوظة العجيبة هى ورود كل الأسماء فى العبارة فى حالة التنكير وهنا تزول الدهشة التى تطفيها عبارة " فلذلك المولود يدعى ابن الله " فاذا فهمنا أن " ابن الله " يعنى شخص الكلمة الخارج عن الزمن والمستقل عن الخليقة نكون قد وصلنا الى نتيجة كارثية لأن البشرى هنا ليست بميلاد الابن ولكن بميلاد الابن المتجسد وبميلاد البشر فيه. الحوار بين  " الشخص " فى حالة تعريف الاسم و "الحركة " فى حالة التنكير هو بعد عجيب وهو أداة تفسيرية للكتاب، والواقع أن هذا الطرح ليس نابتا من فراغ فالآباء العظماء قد استخدموا هذه الالية فى شروحاتهم وفى دفوعاتهم ضد الهراطقة الذين أعثروا فى كلمات الكتاب فى غيبة هذا البعد ونخص بالذكر هنا العظيم أثناسيوس  وعلى سبيل المثال رسائله عن الروح القدس…نعود إلى الاسم  "يسوع المسيح " فنقول أن الاسم بدون تعريف للكلمتين وبنفس ترتيبهما المذكور إنما يعنى حركة النعمة الحاضرة الآنية التى فيها يجتمع وينضم أفراد الكنيسة إلى شخص واحد كما فى : " كَمَا ثُبِّتَتْ فِيكُمْ شَهَادَةُ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِنَّكُمْ لَسْتُمْ نَاقِصِينَ فِي مَوْهِبَةٍ مَا، وَأَنْتُمْ مُتَوَقِّعُونَ اسْتِعْلاَنَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي سَيُثْبِتُكُمْ أَيْضًا إِلَى النِّهَايَةِ بِلاَ لَوْمٍ فِي يَوْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. أَمِينٌ هُوَ اللهُ الَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا "( 1كو1: 6-9 ) .واذا ذكر الاسم بالترتيب المعكوس أي " المسيح يسوع " وبدون أى أدوات تعريف فإن هذه الصيغة تعنى الوسيلة والأداة والواسطة التى تتم بها الحركة النعموية الآنية، كما في  : " لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ ( غل3: 26 ). أما الاسم "يسوع " مجردا وبدون تعريف فإنه يعنى منطلق حركة النعمة ورأسها. إذن حركة النعمة تنطلق من " يسوع "(بدون تعريف) لتستهدف  " يسوع المسيح " ( بدون تعريف ) بواسطة "المسيح يسوع " (بدون تعريف)…هذه لمحة ضئيلة ومتواضعة لرؤية قابلة للنقاش مع العلم أنها قابلة للتطبيق الواسع على مسار الكتاب كله فان راقت لكم أستطيع بنعمة الرب أن أدلف فى الموضوع بالتفصيل.دمنم فى المسيح.

 m-david

 الكنيسة كجسد المسيح :  هناك انطباع شعبى عن أن هذا التعبير هو مجرد تعبير بلاغى يظهر حميمية العلاقة بين المسيحيين والمسيح ،ولكن حقيقة الأمر هى أن هذا التعبير يمثل حقيقة التكريس المزدوج المتزامن والمتلازم لوجود كل من الكنيسة وشخص المسيح؛ فبديهية البديهيات التى ينبغى أن يدركها كل من دعي مسيحيا هى أن المسيحيين لاينتمون الى شخص تاريخي اسمه  " المسيح "؛ لأن ذلك الذى ظهر فى التاريخ قد عرف باسم  "يسوع "، هذا هو الكلمة الذى لبس جسدا من طبيعتنا ولكن لم يكن ذلك الحدث إلا مجرد نقطة بداية ورأس الوجود الجديد للبشر ومن تلك الرأس تنطلق الحركة الإفخارستية لتضم باقى الأعضاء وحينما يكتمل بنيان الشخص الكامل فإن ذلك يعنى امتلاء شخص المسيح. إذن شخص المسيح هو كيان مركب رأسه الرب يسوع التاريخى وأعضاؤه هم أفراد الكنيسة ويظل وجود المسيح ناقصا ومحتاجا لانضمام آخر فرد فى الكنيسة. دمتم فى المسيح.

سامي

 رد على الأخ ديفيد : بالرغم من إعجابي ببعض آرائك إلا ان الرأي الخاص بالمسيح ويسوع التاريخ رأيا يحتاج منا إلى نقاش، خاصا وأنت تنتقص المسيح ومكملا إياه بالكنيسة وأفرادها. أولا يا عزيزي إن المسيح يسوع بالرغم من أنه ظهر بالجسد في التاريخ إلا أنه الكلمة السرمدية التي وجودنا أو عدم وجودنا لا يؤثر فيه، فالكلمة المتجسد كان له ظهورات في العهد القديم كصخرة موسى ومصارع إسرائيل ..إلخ، إلا أن الكلمة المتجسد من شبه جسدنا له صورة الإنسان مشابها لنا في كل شيء ما خلا الخطيئة وحل فيه كل ملء اللاهوت، وكل ملء اللاهوت هو كيان كامل قائم بذاته وليس هناك عله لوجوده بل هو علة وجود كل الأشياء، ينبغي عليك يا سيدي أن تراجع كلمة " إمتلاء شخص المسيح " هذا تعبير – سامحني – فاسد لأن المسيح كان كاملا قبل إنشاء العالم وأرتضى أن يأخذ عدم كمالنا ليصير مثل الناس، لأنه هو أخلى ذاته أخذا صورة العبد. ولأوضح لك الصورة – مع الفارق- إذا جاز لنا أن نقول ان المسيح هو واحد فأن إضافة العدم ( نحن ) عليه هو كإضافة الصفر على الواحد ليكون الناتج أيضا واحد، حتى ولو زاد عدد الأصفار إلى بلايين الأصفار ، يظل المجموع واحد. ولازلت أتذكر أحد محاضرات الدكتور جورج معترضا على ما تقول بأن إشتراكنا في المسيح هو بالنعمة ومن أجل الصلاح وحدة لا بسبب أنه ناقص ويحتاجك ويحتاجني ليكتمل بل بالعكس أنت وأنا يمكن ان ننقصه لا أن نزيده. إذا الشركة في الطبيعة الإلهية شركة نعمة وليست شركة تكميل، شركة فضل علينا وليس عليه، لأننا بشركتنا في الطبيعة الإلهية نكتمل بكماله (كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل ) فنحن الذين نسعى للكمال وليس شخص المسيح الأزلي. ولا حتى يسوع الذي تسميه التاريخي؟، لأنه تمجد بدون الإحتياج لي. أما الخلط الذي أجده لديك ولدى كثيرين أن المسيح كيان منفصل عن يسوع، وهذا أيضا رأي فاسد – سامحني – لأننا نحفظ دائما في الليتورجية أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين، أي أن المسيح هو يسوع ويسوع هو المسيح وهذا هو الإتحاد الذي يهدف إليه التجسد (أن يكونوا واحدا كما نحن ) أيضا بغير إختلاط وأمتزاج ولا تغير. فلا داعي أن نفصل المسيح عن الكنيسة ولا الكنيسة عن المؤمنين لأنناجميعا أصفار تجمع على الواحد فيرى الآب المسيح الواحد فقط كممثل للبشرية جميعا ونحن من ملئه أخذا نعمة عن نعمة. و أشكر محبتكم جميعا.

 m-david

 تعقيب على رد الأخ سامي:  أشكرك جدا على ردك ويسعدنى دائما التحاور معك ومع جميع الأحباء المشاركين فى المدونة،  وبعد :

   أولا : اذا كانت عبارة  " امتلاء شخص المسيح  " فاسدة فعليك أن تقول أيضا بفساد العبارة التالية : " وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلًا، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ " ( أفس4 :11 -13 ).

   ثانيا: أنت تخلط بين " شخص المسيح "و " شخص الكلمة الذاتى" الكائن فى أبيه قبل الخليقة. وبالطبع فإن جوهر الشخص واحد ولكن لم يكن الكلمة مسيحا  إلا عندما تجسد واتخذ منا جسدا ماسحا إياه وقابلا فيه كل الممسوحين الصائرين أعضاء فيه، المسحة التي في اسم المسيح هي المرادف للتجسد والأمر الجوهري هنا هو أن الكلمة عندما صار مسيحا فهو لم يمسح لذاته رأسا فقط بل أعلن فينا كمال النعمة عندما فاضت المسحة من الرأس إلى كل الأعضاء وهكذا فالممسوح ( المسيح ) ليس هو فقط الرب يسوع التاريخى بل هو كيان جماعي مركب من الرب يسوع ( الرأس ) بالإضافة إلى جميع الأعضاء المنضمين إليه ؛ هو كيان يتحقق الآن منطلقا من لحظة التجسد وحتى لحظة نهاية العالم.

  ثالثا: أيضا يتماهى عندك شخص "يسوع " والناسوت، وهذه كارثة بالتأكيد أنت لاتقصدها فيسوع هو الكلمة المتجسد وليس الناسوت فقط وأما مافهمت من  كلامي على أنه فصل بين يسوع والمسيح ، فما قصدته هو أن هناك فرقا دقيقا بين  مدلولي الاسمين؛ فيسوع هو رأس كياننا الجديد الذي ظهر في لحظة تاريخية محددة هى لحظة التجسد ،أما مدلول اسم ( المسيح ) فهو كل كياننا الجديد الذي يتحقق عبر كل الزمان وعبر كل المكان .

   رابعا: القول بأن المسيح لايحتاج إلى أحد هو قول يخطئه الإنجيل ؛ ياأخى إن   الرب - فى يوم من الأيام – احتاج إلى جحش !!! :" الرب محتاج إليه" ( لو19 :31 ). للربوبية احتياج إلى وجود المربوب، وملك بلا شعب ليس بملك لأنه لا يمكن أن يكون ملكا على نفسه فقط، هكذا أيضا لم يصر الكلمة ربا إلا عندما صار خالقا ولم تتجلى ربوبيته فى أكمل وجه لها إلا بتحقق الخليقة الجديدة فى المسيح. والمشهد الاسخاطولوجى العجيب لمجئ ابن الانسان والمذكور فى (مت 25: 31 -46 ) يكشف إشباع احتياج الربوبية عندما تشبع احتياجات وجودنا فيه بانضمامنا اليه فيكون شبعنا هو ذات شبعه (جعت فأطعمتمونى . عطشت فسقيتمونى. عريانا فكسوتمونى. مريضا فزرتمونى. محبوسا فأتيتم إلي  )

  خامسا: القول بأننا أصفار هو قول لايخص الذين فى المسيح، هذه نظرة دونية لاتنسجم مع خليقة لبس الكلمة جسدها ومن أجلها أوجد ربوات الملائكة لتكون خادمة لها.

 اصنعوا هذا لذكري

  الأخ العزيز ديفيد: استمتعت جدا بكلامك ولغتك الأدبية المميزة , وثقافتك اللاهوتية البديعة , ولكني اسمح لنفسي بالاعتراض علي بعض ماجاء في ردك علي الأخ سامي. اعترض بشدة علي هذة العبارة ( للربوبية احتياج إلى وجود المربوب وملك بلا شعب ليس بملك لأنه لايمكن أن يكون ملكا على نفسه فقط هكذا أيضا لم يصر الكلمة ربا إلا عندما صار خالقا ولم تتجلى ربوبيته فى أكمل وجه لها إلا بتحقق الخليقة الجديدة فى المسيح ). إن الابن خلقنا بدافع محبيته فقط لأنه أراد أن يمنح وجوده لآخرين يتشاركوا معه ولكن لم يكن أبدا يحتاج إلى مربوب يظهر عليه تسلطه أو تتجلي من خلاله , فالخلق من العدم ليس عوز عند الله لكي يثبت أنه خالق والكلمة خالق حتي لو لم يخلق وهذا هو التعليم الابائي عن الخلق من العدم فالقديس امبروسيوس في رده علي الفلسفات التي تقول بأن الخليقة هي ظل الخالق في كتابة الرائع ستة  أيام الخليقة ذكر أنه خالق لو لم يخلق ويوصف بأنه خالق لو لم يخلق والأهم من هذا دلالة كلمة محتاج لايمكن أن تعني العوز أو النقص في شخص المتكلم ولكنه منح كرامة للشي ليبدو وكأن الرب يحتاجه , ففعل الكلمة المتجسد ليس عن عوز لعتيقيته كما استخدمت من التعابير ولكنه عوز لعتيقيتنا لأنه لم يلبس أبدا آدم  الأول ولكن منذ أن ارتضي الطبيعة البشرية مشخصنة باقنوميته وهو آدم الجديد فجدة الحياة وقيامته بدأت بميلاده وليست بموت عتيقيته ولكنها بموت عتيقيتنا , دمتم في المسيح

 سامي

 عزيزي دايفد :  فيما يخص أولا: عبارة " امتلاء شخص المسيح " والذي ذكرتها في مداخلتك السابقة لا تعني أبدا ولا تساوي " امتلاء جسد المسيح " لأن الشخص ككيان خاص لا يساوي جسد المسيح الذي قصد الرسول بولس به الكنيسة. وهذا المعني يتضح من سياق الآية التي بترت نصفها (: " وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلًا، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ".    إذن من مفهوم الأية السابقة هو لتكميل القديسين لعمل الخدمة وليس لتكميل المسيح من أجل بنيان جسد المسيح أي الكنيسة وهذا ما ذكره لاحقا في نفس الآية (ننتهي جميعا… إلى إنسان كامل ) إلى قياس قامة ملء المسيح. أي أن معيار الكمال لجسد المسيح ( الكنيسة ) هو المسيح الكامل المملوء من اللاهوت. وفي موضع آخر يذكر بولس الرسول ( اطلبوا لاجل بنيان الكنيسة أن تزدادوا ) (1كو 14 : 12) وطبعا من يطلب الزيادة فهو بالتأكيد ناقص ويسعى إلى الكمال من ملء المسيح سواء أن كان المسيح الكلمة أو المسيح التاريخي – على حد تعبيرك. والبنيان هو لتكميل الكنيسة والخدمة لنصير جميعنا واحدا قياسا لقامة المسيح، فكونوا انتم كاملين كما أن اباكم الذي في السماوات هو كامل (مت 5 : 48)

 إذن كمالنا يعتمد على المسيح فقط ولا يعتمد المسيح علينا لكماله – ويقال بالقداس (ولست محتاجا إلى عبوديتي بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك) القداس الباسيلي.

  فيما يخص ثانيا:  " يسوع المسيح هو هو أمسا و اليوم و إلى الأبد "(عب 13 : 8 ) فلا زمان ولا مكان خلا من المسيح. وجعل المسيح ممسوحا فقط عند بدء التجسد يجعل من كلامك مشابها للهرطقة التي جعلت يسوع إنسانا عاديا ثم مسح من الله بالروح القدس في مريم العذراء حتى وإن كان الزمن بين الحبل به وبين حلول الكلمة على القديسة مريم ضئيلا جدا. والدليل على ذلك قول الرسول (عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد) (1تي 3 : 16) وظهور الله في الجسد هو ظهور تاريخي   " الظهور فقط " أما قولك بأن هناك خلط بين المسيح ويسوع فأنت بهذا الفكر تقودنا للإعتقاد بأن المسيح يسوق جسد يسوع  -الذي تسميه التاريخي  - لمجد المسيح وهو فكر بالقطع فاسد وأكيد أنت توافق معي على فساد هذا الفكر.

جسد المسيح هو كما يقال في صلاة الإعتراف ( الجسد المحيي الذي أخذه من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة مريم وجعله واحدا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير …. أومن أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين) صلاة الأعتراف – القداس الأغريغوري.

من  الاعتراف  السابق يظهر جليا هذه النقاط

1- أن جسد المسيح ( ليست الكنيسة هنا ) هو الجسد المحيي لنا فهو مختلف عنا ولكن يعطي لنا لتكميل بنيان الكنيسة.

2- هذا الجسد هو نفسه الذي أخذه من العذراء مريم وهو في مفهومك "يسوع التاريخي "

3- جعله واحد مع اللاهوت

4- أن اللاهوت أو الكلمة الأزلية لم تفارق الناسوت أو يسوع لحظة واحدة ولا طرفة عين فيكون المسيح هو يسوع ويسوع هو المسيح على شرط رابعا

5- بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير.

فهل بعد ذلك هناك فرق بين يسوع " التاريخي " والمسيح ؟؟

ولكن المسحة المقدسة التي ليسوع هي مسحة إلهية خاصة به (أحببت البر و أبغضت الإثم من اجل ذلك مسحك الله الهك بزيت الابتهاج  أكثر من شركائك ) (عب 1 : 9) – خذ بالك – أكثر من شركائك. فأين أذن القول بأن المسحة تخص الجماعة وأين دليلك على هذا؟

  فيما يخص ثالثاً: لا تعليق وأتفق معك

  فيما يخص رابعا: طبعا الإحتياج لجحش ولشرب الماء ولحمل الصليب عنده كلها احتياجات بشرية ولم يكن أبدا في أي زمان ومكان أن أحتاج الرب لأحد مخلوقاته إلا بالتجسد، لكن يسوع المسيح الذي شابهنا في كل شيء كانت بالطبع له احتياجاته الخاصة وهي بالقطع احتياجات بشرية تزول بزوال المؤثر، ولكن المسيح لا يحتاج لأحدنا لأنه هو مصدر الكمال وكما ذكرت سابقا في صلاة القداس (أنه من أجل الصلاح وحده جبلتني ووضعتني في فردوس النعيم ) نعم من أجل الصلاح وحده، (لم تكن أنت محتاج إلى عبوديتي بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك )

 فيما يخص خامسا: وقول المسيح له المجد (لنكون مكملين إلى واحد) (يو 17 : 23) هو بالضبط ما قصده بمثال الأصفار، الأصفار هنا ليس نظرة دونية ولا هي تحقير للإنسان، بل هو مثال وقد ذكرت – مثال مع الفارق- وهو ما قصدته نكون مكملين إلى واحد، أي أن إن إتحادنا بالمسيح يشبه إضافة أصفار كثيرة إلى واحد ليكون الناتج واحد أيضا، وهو قول به تشابه مع الفارق وليس به أي تحقير للإنسان.

 m-david

   إلى الأحباء: اصنعوا هذا لذكرى والأخ /سامى وجميع الأخوة :  سلام المسيح للجميع. أدرك جيدا أن تعبير " احتياج الربوبية " يبدو صادما جدا، ولكن دعونا نتحاور بهدوء وبعمق :

    بادئ ذى بدء ، يجب على الذهن اللاهوتى الراجح أن يفرق بين مدلولى الكلمتين: "الله " و " الرب "، وبالتأكيد نحن لانتكلم عن الذات بل نتكلم عن مدلولين لاسمين للذات الواحدة .

    " الرب " اسم يخص النعمة؛ بمعنى أن الله بصيرورته خالقا قد صار ربا لأن الربوبية هى العناية والرعاية والسيادة وهذا المعنى لم يصر واقعا الا بظهور الخليقة أي  بظهور المربوب وهذا بالتأكيد لايتناقض مع مع قدرة الله الذاتية على الخلق أي قدرته على أن يصير ربا وهذا ماأعلنه منذ بداية خلقة الكون. مفهوم  " الربوبية " ليس مرادفا لمفهوم  " الأ لوهية  " ولكنه مرادف لمفهوم  " النعمة " ، والنعمة هي استعلان الحضور الإلهي فى الخليقة.   وأما شخص الكلمة الذاتي ،الكائن فى أبيه سرمديا ، فبحضوره قد استدعى الكون من العدم وظهرت الخليقة كاستعلان لهذا الحضور وقد بلغ حضور الكلمة فى الخليقة قمته الأكمل والأسمى فى حدث التجسد الذى فيه يتم سر الله ؛ سر الخليقة الجديدة . وفى طيلة مسار رحلة الكون منذ لحظة انطلاقه وحتى لحظة فنائه مرورا بتحقيق الغاية من خلقته – وهى الوجود الجديد فى المسيح- فإن النقطة الحاكمة فى وجود وبقاء الكون من عدمه هى حفظ الكلمة له وحضوره فيه وهذا هو المفهوم العميق للربوبية فالكلمة صار ربا حينما صار حاضرا فى خليقته وفى نفس الوقت لم يكن ظهور الخليقة واستمرارها إلا كشفا لذلك الحضور.

   تعبير ( المسحة ) يعنى صيرورة الخليقة ممسوحة باللاهوت، يعنى الشركة فى الطبيعة الالهية، يعنى حدث النعمة الذي استقبلته البشرية فى المسيح. اللاهوت هو الذى يمسح والبشرية هى الممسوحة، ولكن أصل المسحة ورأسها هو الرب يسوع التاريخى الذى فيه حل الكلمة فى جسد ينتمي إلى طبيعتنا ماسحا إياه بل جاعلا إياه رأسا لمسحة الجميع المزمع أن ينضموا  إليه  كأعضاء فى كيان هو رأسه. وهكذا قبل التجسد لم يكن الكلمة ممسوحا بل بتجسده قبل المسحة لأجلنا. ولذلك فإن القول بأن  " الكلمة  " لم يصر مسيحا إلا حينما تجسد ،هو قول صحيح جدا من الناحية اللاهوتية ؛ فشخص  " المسيح  " هو شخص  " الكلمة " حينما أراد

بتجسده أن تمسح فيه خليقته بينما هو قبل تجسده لم يكن له ما يمسحه بل كانت هذه المسحة مجرد إرادة ونية صالحة من نحونا وفى ملء الزمان يتم استعلانها. وأيضا يؤكد صحة هذا القول ماورد منسوبا لبطرس الرسول فى سفر الأعمال: " فليعلم يقينا جميع بيت اسرائيل أن الله جعل يسوع هذا ، الذى صلبتموه انتم ، ربا ومسيحا" ( أع 2 :36 ).

  إذن : الربوبية والمسحة هما وجهان لعملة واحدة هى النعمة التي استعلنت فى سر التجسد؛ سر المسيح .

      احتياج الربوبية

 العبارة الرائعة : " الرب محتاج اليه" ( لو 19 :31 ) ليست مجرد عبارة تاريخية سجلها حدث دخول المسيح إلى أورشليم بل إن لها مدلولا رمزيا ضمن رمزية الحدث ذاته؛ ففي هذا العيد العظيم تتكشف حقيقة النعمة التي نالتها البشرية في المسيح فها هي طبيعتنا الحيوانية  - مرموزا لها بالجحش – تدخل إلى الحياة الأبدية ( أورشليم ) حينما صارت حاملة طائعة للكلمة فى المسيح يسوع . وهكذا فإن ما تحتاجه الربوبية هو القبول من طرف المربوب وما يحتاجه الملك هو الهتاف ( ولكن بصدق ) : " مبارك الملك الاتى باسم الرب" ( لو 19 : 38 ) .

    إلى: اصنعوا هذا لذكري

    القدرة على الخلق شيء وحدوث الخلق شيء آخر . الله قبل ظهور الخليقة لم يكن خالقا بل كان قادرا على الخلق لأننا نؤمن بطلاقة قدرته، وأما أن نؤمن بأن الله كان خالقا قبل ظهور الخليقة ففضلا عما يعتور ذلك من تناقض فإن ذلك يصب فى خانة الفلسفة التى تقول بأزلية الكون لأن الأمر بكل بساطة هو أنه لا خالق بدون مخلوق .

   أنتم تفرقون بين عتيق يسوع وعتيقنا وهذه مشكلة تطيح بلاهوت الخلاص بكامله فلو لم يكن عتيقه هو نفس عتيقنا ما فتح لنا الباب لكى نشترك فى جديده. إن الكلمة حينما لبس جسدنا أعلن فيه صورة وجودنا الجديد ولكن تلك الصورة ظلت مخفية خلف حجاب عتيقه الذى هو عتيقنا وقد ذاق فيها كل مانذوقه نحن من تعب وألم وموت وحينما انشق ذلك الحجاب على الصليب وأسلم عتيقه الى مصيره الطبيعى الذى هو نفس مصيرنا ، كان قد حان الأوان لإعلان الصورة الجديدة المخفية وقد كان ذلك فى فجر الاحد.

   إلى الأخ/ سامى

    هناك مشكلة فى مفهومكم عن "  الكنيسة "؛ وأصل المشكلة هي أنكم تفرقون بين " شخص المسيح  " و  " الكنيسة كجسد للمسيح  " وتبدو الهوة سحيقة جدا – عندكم - بين المفهومين؛ فشخص المسيح عندكم هو شخص الكلمة ( اللاهوت ) ، وأما تعبير ( الكنيسة جسد المسيح ) فهو يؤول عندكم الى مفهوم الكنيسة كؤسسة زمانية وبالتالى يصبح تعبير "الجسد " فى هذا السياق تعبيرا مجازيا على سبيل البلاغة. ولكن هذا ليس هو الإيمان المسيحي يا صديقى فلا ينبغى أن تتوهنا الألفاظ ؛ فالشخص هو الكيان كله، والجسد هو الكيان كله؛ هذه هى لغة الكتاب المقدس نفسه، وأما أن تضع حدا فاصلا بين شخص المسيح والكنيسة كجسد المسيح، فهذا يعني كأنك قد أوثقت نوحا وعائلته على السطح الخارجى للفلك !!!. ترى هل مازال عندك أي شك فى أن مفهومك عن الكنيسة قد أهلك كل شئ؟!!.  دمتم فى المسيح

 اصنعوا هذا لذكري

 إن موضوع الأصفار التي يذكرها العزيز سامي لا تعني أبدا أننا بلاقيمة ولكنها تعني  أن قيمتنا هي بسبب اتحادنا بالمسيح فنحن بشكل فردي حقا لانساوي شي ولايمكن أن نكون مكملين  إلى واحد بعيدا عن ذاك الذي به نتحد ويوحدنا فالقداس الإلهي يقول: " اجعلنا مستحقين كلنا ياسيدنا أن نتناول من قدساتك طهارة  لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا لكي نكون جسدا واحدا وروحا واحد لنجد نصيبا وميراثا مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء " وهنا أجد ملاحظة هامة أن محاولة للوحدة الكنسية فاشلة إذا اعتمدت علي المناقشات الفكرية دون التحول نحو المحك العملي نحو الوحدة وهو الاتحاد الإفخارستي فكما تبدأ الصلاة  أن التناول هو المرحلة الأهم للوحدة وبدونه لانستطيع أن نقيمها. نحن نمكث في تشرذمنا طالما لم نتحد بعد بذاك الذي يجمع حنطته المبعثرة من علي الجبال البعيدة لنكون خبزة واحدة تعجن وتخبز بنار الروح حسب النص الرسولي في القرن الثاني الميلادي ( الديداخي ) هذه هي قيمتنا إن لم نعد متشرذمين طالما قبلنا اتحادنا فيه دمتم في المسيح

 اصنعوا هذا لذكري

 العزيز ديفيد إنني اعترض وبشده علي لفظ عتيقه لأن الكلمة المتجسد لم يكن ابدا له عتيق ولكنه أخذ عتيقنا ليجدده، هذه نقطة هامة فقط أريد أن أسجلها لحين أن  أكمل نقاشي معك حول مفهوم احتياج الربوبية فقط اعتذر لضيق الوقت

m-david

 العزيز / اصنعوا هذا لذكرى

كيف تقول بأن الكلمة المتجسد لم يكن له أبدا عتيق ولكنه أخذ عتيقنا ليجدده ؟ ألا تدرى ياصديقي أنك بهذا الطرح إنما تعيد إنتاج الهرطقة القديمة التى كانت تقول بأن كل سلوكيات يسوع الإنسانية التى رصدتها الأناجيل من ضعف وتعب وألم وجوع وموت ، كل هذه لم تكن إلا خيالات أظهرها لنا الكلمة المتجسد ولم تكن واقعا يخصه؟ إن الكلمة حينما لبس جسدا ينتمي لطبيعتنا فإن هذا الجسد دعي جسده، وعندما لبس عتيقنا صار هذا العتيق عتيقه . يا صديقى إن الذى لم ينتسب إلى الكلمة من كياننا هو الذى لم يتجدد فيه. هو قد صار إيانا لنصير شركاء فيه. ثم لمن تنسب كل الأحداث الإنسانية التى رصدتها الأناجيل ابتداء من الحبل والولادة والنمو والعمل والتعب  والجوع والعطش والألم والموت ؟ ألا تنسب هذه كلها الى الكلمة المتجسد بالرغم أنها تخص طبيعتنا العتيقة؟ إن هذه الفكرة العجيبة هى تصفية لعقيدة التجسد. ولكننى في النهاية أعتقد أن المشكلة هي في عدم توفر الدقة اللاهوتية لمدلولات الألفاظ فربما كنت تقصد بأن شخص الكلمة قبل التجسد- وليس الكلمة المتجسد -لم يكن أبدا له عتيق؛ فاذا لم يكن للكلمة المتجسد عتيق فليس لنا نحن جديد؛ هذه هى المشكلة. دمتم فى المسيح.

 اصنعوا هذا لذكري

 العزيز ديفيد : حزنت جدا أن يكون بدء كلامك هو نهاية لأي نقاش فقبل أن نتكلم تعلن أنني أعيد كلام هرطقة قديمة , إن عهد الهرطقات انتهي فلايوجد استخدام لهذه الكلمة الآن وأرجو منك ألا تستخدم هذه المصطلحات فأنت لاتعلم من هو المتحدث معك كما أنني لا أعرف شخصك الحقيقي، هذا أولا،

وثانيا هناك فرق بين أن  يأخذ المسيح عتيقنا ليكون عتيقه وبين أن يأخذ عتيقنا ليجدده فيه ليمنحه لنا جديدا , فهو أخذ الذي لنا ليمنحه جديده الدائم جديدا  إلى الأبد بحسب قول اغسطينوس , لأن السيد لم يكن له مشيئتان  أبدا ؛ فالمنهج الذي عرفته الكنيسة الخلقدونية أنها أرادت أن تعرف غير المعرف وتغرق نفسها في لاهوت تفصيلي تفسيري لحياة السيد. أنا أثق أن كل فعل السيد فعل حقيقي وأن جسده حقيقي وفعله حقيقي ولكن إن تجديد الطبيعة البشرية بدأ منذ لحظة الحبل ولهذا متي كان عتيقة يحتاج الي تجديد إنه عتيقنا الذي أخذه ليحقق فيه جديده لا ليجعله عتيقه؛ أولا لأنه صار جديدا حينما اتحد به. دمت في المسيح وأطلب منك  أن تتراجع عن لغة لم تعد تستخدم وهي النظر الي الكلمات مهما كانت أنها اعادة لهرطقات قديمه فهي لغة تحرق كل المحبة وكفانا ما نجنيه من هذا الحديث.

 m-david

 إلى الأخ/ اصنعوا هذا لذكرى

 يؤسفنى جدا أن كلماتي قد سببت لك حزنا ، وإنني أستميحك عذرا بخصوص  أسلوبي الصادم الصارم ، الذى أراه متصادما مع إرث ثقيل جدا من الفكر  الرومانسي الذي لايمت بصلة إلى الفكر اللاهوتي المفعم بعبق الآباء ، وكل ما أرجوه هو أن يتواصل حوارنا من أجل فكر نقي أصيل :

   -  لكلمة  " عتيق " مفهوم نسبي؛ فلا وجود لعتيق مالم يكن ذلك يعني ظهورا لجديد ( فإذ قال  " جديدا " عتق الأول ( عب8 : 13). ومفهوم " الانسان العتيق " لاوجود له إلا منسوبا إلى الذين في المسيح ، هؤلاء الذين حينما يتحقق وجودهم الحقيقي في المسيح ، يستطيعون حينئذ فقط أن يدركوا حقيقة ماضيهم البائس ، فيروا بشاعة إنسانهم العتيق. إن طبيعتنا الحيوانية لم تتكشف كطبيعة عتيقة إلا حينما لبسها المسيح ، أي حينما ظهرت فيها طبيعتنا الجديدة.وعليه فإذا قلنا بأن الكلمة المتجسد ليس له عتيق ، فإن ذلك يعني أمرا واحدا هو أن الكلمة المتجسد ليس له جديد، وبالتالي نحن الآن أمام استنتاج كارثي وهو : إذا كان الكلمة ليس له جديد وليس له عتيق فإن  ذلك يعنى أن التجسد هو مجرد فكرة نظرية؛ اذ قد انتفت أى صلة لنا بالكلمة المتجسد !.

 عبارة : " أنه قد صار جديدا منذ الاتحاد "هى عبارة صحيحة جدا ولكن ذلك لايتناقض مع كون أن  " يسوع " قد ظل مرتديا حجاب عتيقه- وفيه قد قبل الألم والموت- إلى أن أسلمه إلى مصيره الطبيعي الذى هو مصيرنا ، وما أن شق ذلك الحجاب على الصليب وتوارى فى القبر إلا وقد أعلن جديده- المستتر خلف الحجاب- للتاريخ فى فجر الأحد. دمتم فى المسيح.

اصنعوا هذا لذكري

 العزيز ديفيد : أنا  لا أطلب منك الاعتذار عن كلمات شاع استخدامها وأرى أننا نتكلم عن حقيقة واحدة ولكن بصيغتين مختلفتين؛ فأنا أقول أنه قد صار جديدا منذ الاتحاد وأنت تقول أنه ظل مرتديا حجاب عتيقه وأنا أقبل كلمة مرتديا حجاب عتيقه ولكن اسمح لي أن أعرض عليك عباره مرتديا حجاب عتيقنا الذي اتحد به ليجدده فيه وكأنه صار عتيقه , أنا غير مختلف إطلاقا أن التجسد هو تجسد حقيقي ولكن أخشى أن يفهم من لفظ عتيق ما يتعلق بعتيق الطبيعة من خطية  وأفعال مشينه لأن هذا هو مانخلعة في شبه موته الذي هو المعمودية ولكن إذا كنت تقصد بالاحتياج الطبيعي للبشرية من أكل وشرب وجوع وعطش كلمة عتيق فأنا معك أن هذا عتيقه الذي بارك فيه جوعنا وعطشنا ونومنا ورقادنا وموتنا وقيامتنا وصعودنا لأن كل هذا صار لنا منه , أرجو  أن نتواصل في النقاش , صلي لأجلي.

m-david

 العزيز / اصنعوا هذا لذكرى :  أخيرا وصلنا إلى النقطة التي كانت خلف عدم اتفاقنا ، وقد عبرت عنها حينما قلت أنك تخشى من كلمة ( عتيقه ) لارتباطها بمفهوم الخطية، وإنني أطمئنك ياصديقى فخشيتك فى غير محلها. ولتوضيح ذلك دعني أعيد عليك ،تأكيدا لمعنى أساسى جدا ، سبق أن طرحته فى التعليق السابق وهو أن كلمة ( العتيق ) لا مدلول لها ولاوجود لها - من الأصل - إلا على خلفية وجود ( الجديد ) ؛ فإذا ذكرنا " عتيق الكلمة المتجسد  " ، فعلينا أن نذكر أن في خلفية هذا التعبير يوجد  "جديد الكلمة المتجسد "، الذي هو جديدنا مثلما أن عتيقه هو عتيقنا. ولكن النقطة الجوهرية فى هذا الصدد هى أن وجود العتيق لم يعد وجودا فاعلا بل أن الجديد هو سيد الموقف ؛ هو مركز إرادة الشخص وتوجهه، ومن هنا نقول بأن الخشية من شبهة الخطية هي أمر غير وارد على الإطلاق ؛ فالقوة القائدة المريدة في الكيان كله  هي قوة الجديد المتحرر من أدنى شبهة للخطية مثلما هو متحرر من أدنى شبهة للموت؛ إذ هو التعبير العملى الوحيد عن الانسانية المشتركة فى الكلمة، أما عتيقه فقد ظل مجرد حجاب يستر سر المسيح ، وحينما شق ذلك الحجاب -بموت الصليب -  أعلن السر للتاريخ في فجر الأحد.

    نقطة أساسية أخرى : مفهوم  " الخطية  " ذاته ينبغي أن يكون واضحا؛  فالخطية ليست مجرد سلوك معين ولكنها حالة من العزلة والانفصال عن الله المفضي الى الموت ؛ هى النقيض لمصطلح  " النعمة ". إذا فكرنا في هذا المعنى ، تلاشى من أذهاننا أي شك فى وجود أية شهة خطية بالنسبة إلى "يسوع " ؛ إذ هو الكلمة الظاهر في الجسد وفيه يحل كل ملء اللاهوت بمعنى أن الخوف من شبهة " العزلة والانفصال "، أي " الخطية " ، يعد دربا من الجنون.

   نقطة أخيرة : إذا قبلنا أن المسيح تألم ومات ، فلابد أن نقبل تعبير ( عتيقه ) لأنه لم يقبل الموت إلا في عتيقه وطالما كان الموت موته فإن العتيق عتيقه أيضا.

أنا سعيد بمواصلة الحوار معكم. دمنم فى المسيح.

 اصنعوا هذا لذكري

 صديقي ديفيد / اتفقنا حول المعني  ولكل منا تحفظه حول الألفاظ وهذا لا يهم فقط صل من أجلي. أما ما أقصده بالخطيئة هو نتائج حالة الانفصال عن الله التي ورثها جنسنا فأنا  أعلم جيدا أن الخطيئة هي مجرد ابتعاد عن البر ولا تحوي أي كيان فهي حالة عدمية لكيان البر القائم في خلقتنا.

 

 

 

ليست هناك تعليقات: