زبدة
الدراسة
للاسم في يونانية العهد الجديد خصوصية غير متاحة
في اللغة العربية، على الأقل. فيتميز الاسم بإمكانية استخدام "أداة تعريف".
ويلاحظ ورود الاسم أحياناً معرفاً وأحياناً أخرى في صيغة النكرة (بدون أداة للتعريف).
والقضية ليست على ما قد تبدو عليه من الهامشية، فالملحوظة التي تم رصدها - في هذه الدراسة
- هي أن هناك سياقاً محدداً لاستخدام صيغة "التعريف". وأيضا، هناك سياق آخر
محدد لاستخدام صيغة "التنكير".
وما تم رصده هو أن "الاسم المعرفة،
المسبوق بأداة تعريف"، إنما يشير إلى الشخص بمفهومه المستقل كحالة مغلقة في مواجهة
الآخر المتمايز عنه والذي لا تجمعه به علاقة آنية، حاضرة، أو فعل مشترك، يطرحه سياق
النص، وإن كان الشخص بهذه الصيغة هو بمثابة دعوة للشركة، والدعوة بطبيعتها تطرح للمتلقي
أن يختار بين خيارين: القبول والرفض. أما "الاسم النكرة، غير المسبوق بأداة تعريف"،
فهو يشير إلى حالة مفتوحة من فعل آني، ديناميكي، هو فعل النعمة، الفعل الذي يكشف العلاقة
مع الشخص وليس يقدم الشخص مستقلاً. تعريف الاسم يبرز الشخص كحالة مغلقة مكتملة، بينما
تنكير الاسم يبرز الحدث النعموي الآني العامل في الكنيسة، في المسيح. الطرح السابق
قد يبدو غامضا - وهو بالفعل كذلك ، وما نريد أن نؤكد عليه هو أن أسماء الإلوهية والربوبية تحديدا ( مثل: الله،
الرب، المسيح، أقانيم الثالوث، الخ ) إذا جاءت معرفة فالحديث يخص الشخص في صيغته المطلقة،
أي خارج سياق رصد حدث النعمة، بينما مجيء الاسم بدون أداة تعريف، إنما يخص حالة مفتوحة
من حدث النعمة الآني الذي تختبره الكنيسة، كعلاقة وكشركة مع الشخص الذي يشير إليه الاسم
"النكرة". ويزداد الأمر تعقيدا بعض الشيء عند التعرض للأسماء المركبة، مثل:
ابن الله، الروح القدس . وأهمية هذا الاكتشاف تتمثل في توفير قدرتين جديدتين: الأولى
هي قدرة تفسيرية تأويلية، إضافية، للنص. وقد تعرضنا - في سياق الدراسة - لبعض الأمثلة
التي قد يبدو فيها النص غامضاً، مشتبكاً، فتتدخل هذه الآلية في حسم، لتفض الاشتباك
وتزيل الغموض. والثانية هي قدرة ترجيحية أكاديمية قد يستفيد منها أصحاب التخصص العالي
من أساتذة الكتاب في ترجيح صيغة على أخرى في بعض النصوص التي حدث بينها اختلاف - في
ورود أداة تعريف - أو حتى اسم ما - من عدمه - بين المخطوطات المرجعية للكتاب. وفي ما
يلي بعض من أبرز الأمثلة – التي تطرقنا إليها - لاستخدام الأسماء، في بعدها الإضافي،
في يونانية العهد الجديد :
1- الله
الصيغة المعرفة لاسم "الله" تشير إلى شخص
الله في حيادية واستقلالية (في مقابل العالم)، ومن الناحية الموضوعية فالله اسم
حيادي من نحو الجميع؛ فهو إله الإشرار مثلما هو إله الاخيار. والصيغة المعرفة تطرح
في سياق نص يدعو للشركة في الله بواسطة ابنه المتجسد في البشر. والدعوة بطبيعتها تحتمل
قبولا بنفس القدر الذي تحتمل به رفضاً، أما الصيغة غير المعرفة لاسم "الله"
تشير إلى شخص الله المنفتح نحو العالم، تشير إلى حدث النعمة الآني في الله بالمسيح
يسوع كاختيار محسوم بقبول الشركة في الله بواسطة ابنه المتجسد. التعريف دعوة - تحتمل القبول كما تحتمل الرفض - بينما التنكير
قبول للدعوة.
2- الآب
1- الاسم في صيغة التعريف (o pater)
يعني شخص الآب، الكائن في شركة الثالوث القدوس. وعندما يذكر هذا الاسم - بهذه الصيغة
- فنحن بصدد سياق كاشف لعلاقة الشركة الديناميكية بين شخوص الثالوث (وفيها يتضمن الأقنوم
كل أقنوم من الأقنومين الآخرين). ويصير كشف هذا السر العجيب "دعوة" للكنيسة
لكي ما تصير شريكة فيه بالنعمة، أي تصير صورة للثالوث القدوس، وهذه هي النعمة التي
من الآب بالابن في الروح القدس. 2- نسبة شخص الآب (اللفظة المعرفة) إلى الجمع المخاطب،
إلى الكنيسة، تكشف تمايزاً لشعب الله عن الأشرار. هذا هو تمايز البنوة التي انتسب بها
أفراد الكنيسة إلى الآب.3- الاسم غير المعرف (pater )، تكشف حدث النعمة الحي الجاري في الكنيسة، الآن، في الكلمة المتجسد، الكلمة
المرسل إلى العالم من قبل الآب. والإرسالية، هنا، هي حدث التجسد ذاته، الذي فيه استعلن
الملء ومن ملئه تمتلئ الكنيسة، ونعمة فوق نعمة. الأمر هنا يختلف تماما عن ما تكشفه
صيغة التعريف، فنحن هنا لا نتحدث عن مجرد دعوة للشركة في الثالوث – من المحتمل تلبيتها
بالنعمة وأيضا من المحتمل عدم تلبيتها - بل نتحدث عن اختبار حي وفعال، اختبار آني،
تحياه الكنيسة في الزمن الحاضر، وفيه تعلن قبول دعوة الشركة في الثالوث، وفيه يكتمل
بنيانها كجسد للمسيح.
3- الابن
1- الصيغة المعرفة (o huios)
تعني شخص الابن، في إطار شركة الثالوث. وعندما يذكر اسم "الابن" معرفاً،
فإن السياق يكشف بجلاء خطة وتدبير التجسد بإعطاء الابن إلى العالم. وخلاص البشر من
الموت مشروط ومرهون بقبول هذه "الدعوة"، فمن يقبل شخص الابن له الحياة ومن
يرفض يستمر في موته. فالابن بتجسده قد كشف مسرة الله بالبشر الذين قد أصبحوا شركاء
فيه، وبالتالي قد أصبحوا شركاء في الثالوث القدوس بالنعمة، إذا قد نالوا التبني بانتمائهم
للابن المتجسد الذي فيه قد تألهوا صائرين ورثة لله مع المسيح، في المسيح.2- الصيغة
غير المعرفة (huios ) تعني شخص الكلمة المتجسد الذي يمتد بجسده الآن في الكنيسة. الحديث
لا يشير فقط إلى خطة الله بخصوص التجسد، كدعوة للكنيسة - تحتمل القبول والرفض - كما تشير الصيغة المعرفة
- ولكنه يدخلنا إلى واقعية الحدث ذاته، حيث الكنيسة التي يكلمها الله في الابن والتي
فيه تولد اليوم (أنا اليوم ولدتك)، والتي فيه جلست عن يمين العظمة في الأعالي، والتي
فيه صارت أعظم من الملائكة، إذ صارت كائنة في اسم المسيح، وعليه فعندما يذكر اسم
"الابن" بدون تعريف، فإن السياق يكشف بجلاء حدثا آنيا مفتوحا يمتد فيه الرب
يسوع الكلمة المتجسد في كنيسته. وعبارة: "أنت ابني أنا اليوم ولدتك"، من
المستحيل أن تشير إلى علاقة الآب بالابن على مستوى الثالوث وبمعزل عن النعمة، بل تشير
إلى الابن المتجسد في البشر، تشير إلى ولادة الابن في الزمن، بتجسده. هذه واحدة مما
يمكن أن تصنعه الآلية - موضوع الدراسة - من فك الاشتباك في بعض العبارات الملتبسة والتي
لا يمكن أن تتكشف في الترجمة العربية، مثلا. وطبقا لمنطق هذه الدراسة، فبافتراض صحة
تأويل العبارة على أنها خطاب الآب للابن (في المطلق، بمعزل عن الخليقة، خارج إطار النعمة)،
فقد كان من اللازم أن يأتي اسم الابن في صيغة معرفة، وهذا لم يحدث.
4- ابن الله
1- عندما تذكر الصيغة المعرفة (للشطرين)
لاسم "ابن الله"(o" huios "tou" theou")
فهي تعني شخص الرب يسوع التاريخي، الكلمة المتجسد. وليست تشير - بأي حال
من الأحوال- إلى شخص "الابن" في علاقاته الثالوثية (أي خارج إطار النعمة).
وعندما يذكر الاسم بهذه الصيغة فهو يقود سياقا "يدعو" إلى امتداد وافتراش
استحقاقات سر التجسد، في كل الذين يقبلون الدعوة، فالرب يسوع "ابن الله"
هو الأصل والباكورة وحجر الزاوية ورأس النعمة ومنبعها التي تمتد في الكنيسة إلى حد الامتلاء إلى قياس قامة ملء المسيح. 2- الصيغة غير المعرفة
لشطري الاسم (huiou
theou) تشير إلى حالة النعمة المفتوحة الآنية التي
فيها تقبل الكنيسة تفعيل شهادة الرب يسوع التاريخي فيها، تقبل امتداد سر تجسده فيها
فيها، تقبل ترأسه لها في حدث واقعي آني، وليس مجرد وعد أو دعوة أو خطة معلنة، بل حسم
إيجابي لحساب قبول الكنيسة "دعوة" رأسها. 3- الصيغة التي تعتمد تعريف اسم
"الله" فقط (huios "tou" theou)
تشير إلى حالة من التشكك والظنية نحو شخص الرب يسوع التاريخي.
ملحوظة مهمة
ملحوظة مهمة
من خلال تعرضنا للاسمين: "الابن"و
"ابن الله" قد برزت أهمية البعد الإضافي للاسم في يونانية العهد الجديد،
وقد تجلى ذلك في الإجابة على بعض الأسئلة بدون بذل أي مجهود في تأويل النص: فعندما
يقول المبشر لمريم العذراء بأن وليدها يدعى "ابن الله" بسب حلول الروح القدس
عليها، كيف نفهم هذا؟ هل كان لا يدعى ابنا قبل التجسد؟ وعندما يتقدم المجرب مستجوبا الرب: إن كنت
"ابن الله" افعل كذا وكذا، كيف نفهم هذا؟ هل يتجاسر الشيطان ليجرب الله الكلمة،
عن وعي؟ وعندما يقول الرسول بولس بأن "الابن" قد تعين "ابن الله"
بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات، كيف نفهم هذا؟ ألم يكن ذاك معينا ابنا
قبل القيامة؟ وعندما يخاطب الآب الابن: أنت ابني أنا اليوم ولدتك،
كيف نفهم هذا؟ هل لم يكن مولودا منه قبل "اليوم"؟ وبالتأكيد الإجابة –
على كل هذه التساؤلات - ببساطة هي ماطرحته
هذه الدراسة من أن " الابن ، ابن الله " الصيغة غير المعرفة تشير إلى
النعمة الآنية التي في الابن المتجسد والتي انطلق حدوثها في الزمن ، وليس شخص
الابن المستقل ، كما تشير إليه الصيغة المعرفة لشطري الاسم. أيضا يعطينا البعد الإضافي للاسم
قدرة ترجيحية تساعدنا في الاختيار الحاسم في بعض الاختلافات الدقيقة بين الأصول والمخطوطات
المرجعية للكتاب. فعلى سبيل المثال في بشارة الملاك للعذراء، وردت في بعض المخطوطات
شبه الجملة: "منك: ek sou" (المولود منك)، وطبقا لمنطق هذه الدراسة
تبدو هذه العبارة خارجة عن السياق، فصيغة "ابن الله" بدون تعريف للشطرين
- الواردة في النص - لا تشير فقط إلى شخص يسوع، التاريخي، المولود من العذراء - مثل
الصيغة التي تعتمد تعريف شطري الاسم - بل تشير إلى بدء زمن مجيء الكنيسة الكاملة. فلم
تكن البشارة حدثا يخص العذراء وحدها، بل هي بشارة للبشرية كلها بظهور رأس وجودها الجديد،
خارجا من رحم العذراء ومعلنا بدء حدث مجيء
الكل فيه.
5- الروح القدس
1- الصيغة المعرفة لشطري الاسم (to" pneuma "to" agion ")
تشير إلى الشخص، والشخص - كما نقول دائما - "دعوة". شخص الروح القدس دعوة
للإنضمام إلى شركة الثالوث القدوس بالنعمة،
دعوة إلى الشركة في الروح القدس كساكن أبدي في البشر.2- الصيغة التي تعتمد تعريفا لاسم
"القدس" فقط (to" agion pneuma ") تشير إلى عطية الروح القدس كإمكانية
وكقدرة متاحة وكمواهب، على مستوى الكل كما على مستوى الفرد. الحديث هنا ليس بخصوص وعد
أو دعوة، بل بخصوص إمكانية وقوة وطاقة فاعلة تؤتي ثمارها في حالة قبولها.3- الصيغة
غير المعرفة لشطري الاسم ( pneuma agion ) تأتي في سياق الحديث عن حدث النعمة الآني،
فالأمر لم يعد مجرد دعوة (كما في حالة الاسم المعرف للشطرين) أو إمكانية أو قدرة معطاة
(كما في حالة تعريف "القدس" فقط) بل قبول فعلي حي آني، من قبل الكنيسة لدعوة
شخص الروح القدس.
ملحوظة مهمة
ملحوظة مهمة
في النص المزدوج الوارد في (أع
10: 45 و 46): عندما كان الحديث يشير إلى تمام قبول شخص الروح القدس كدعوة، جاءت الصيغة
معرفة لشطري الاسم، بينما عندما أشار الحديث إلى انسكاب عطية الروح القدس على الأمم،
التي ظهرت في التكلم بالألسنة والعظائم، جاءت الصيغة التي تعتمد تعريف اسم "القدس"
فقط. وبخصوص ازدواج الصياغة بخصوص
"التجديف على الروح القدس":- في النص الوارد في (مت 12: 24 -
32): عندما كان حديث الرب موجها إلى الفريسيين المرفوضين الذين تقولوا عليه بأنه ببعلزبول
رئيس الشياطين يخرج الشياطين، جاءت صيغة "الروح القدس" معرفة الشطرين، فالتجديف
هنا هو رفض مبدئي لشخص الروح القدس من قبل هؤلاء المرفوضين. وأما بخصوص النص الوارد في
(لو12: 1- 12): عندما كان حديث الرب موجها إلى التلاميذ، جاءت الصيغة ذات التعريف الأحادي
لاسم "القدس" والتي تشير إلى الروح القدس المعطى كإمكانية وكقدرة، وهذا أمر
منطقي، فالتجديف هنا يعني رفض الانصياع للروح القدس المعطى لهم، رفض لعمل الروح القدس
الحال في المدعوين كقدرة وكطاقة لتفعيل دعوتهم.
6- الرب
1- الصيغة المعرفة، o kyrios
، دائما، تعني الشخص المستقل المتمايز. وشخص الرب كيان عجيب مدهش يتميز عن أي شخص آخر،
بل هو يتميز عن ما يعنيه اسم "الله". وإن كان دائما يحدث الخلط بين الاسمين
فهذا لا يعني أن ذلك موقف صائب. فشخص الرب يأتي في سياق النعمة، فالله لم يصر ربا إلا
عندما صار خالقا. الألوهة لا تعني الربوبية ولكن الربوبية وظيفة وعمل اضطلع الله به
ليكشف محبته في خليقته بأن يرعاها ويتسيد عليها، وبالطبع، قبل الخليقة لم يكن هناك
أي من المربوبين وبالتالي لم يكن الله ربا. مفهوم "شخص الرب" يأتي متوازيا
مع مفهوم النعمة. وبالتأكيد كان الله، في العهد القديم، ربا لشعبه ولكن في العهد الجديد
استعلنت النعمة بتجسد الكلمة وبظهور الرب يسوع، التاريخي لم تعد الربوبية مجرد عناية
مادية لشعب مآله الموت الطبيعي، بل أصبحت الربوبية والعناية وجودا في شخص الرب ذاته،
أي في المسيح. وصار الرب يسوع رأسا لكيان ضخم هو الكنيسة، جسد الرب. وهكذا نحن الآن
نحيا في سياق تكميل مجيء الكيان الكامل لشخص الرب. فشخص الرب ليس فردا منعزلا بل هو
كيان جامع، كاثوليكي يضم كل شعب الرب، كل أفراد الكنيسة، وبدون أي فرد من المختارين
يبقى شخص الرب ناقصا. وبدون وجود الكنيسة يبقى شخص الرب مجرد رأس بلا جسد. وبالرجوع
إلى النصوص نجد أن شخص الرب هو كيان ينضم إليه المؤمنون ويثبتون فيه ، وهو الوطن البديل،
الباقي، للمؤمنين عوضا عن وطن غربتهم البائد، الجسد ، وهو ثمر الكون كله الذي يتحقق
متراكما في أناة حتى ينال المطر المبكر والمتأخر، لكي يكتمل كل ملئه، يكتمل مجيء شخص
الرب .2- صيغة "شخص الرب يسوع المسيح"
( تعريف الرب فقط) تشير إلى ملء وكمال شخص الرب وإلى ملء وكمال مفهوم الربوبية بكمال
الجسد بكل أعضائه وليس مجرد الرأس (الرب يسوع التاريخي). بينما صيغة
"شخص الرب يسوع "( تعريف الرب فقط ) تشير إلى رأس الكيان ومنبعه وحجر زاويته
الممتد في الكنيسة، أي أنها لا تشير إلى الكيان الممتلئ بل إلى الكيان المتنامي، الممتد،
المتعاظم، وهذا يعطينا قدرة وآلية نقدية نستطيع بها أن نرجح عدم صحة ورود اسم
"المسيح" في بعض الأصول المرجعية للعهد الجديد. 2- صيغة "الرب"
بدون تعريف ( kyrios )
تدخلنا في سياق حديث النعمة، الآني، حديث امتلاء كيان الرب بكنيسته، حديث قبول الكنيسة
لولوج شخص الرب والتموقع والاستيطان والعضوية فيه. لذلك فإذا عدنا إلى الاقتباسات فإننا
نجد أن سياق الحديث قد تغير من علاقة المعية بين الكنيسة وشخص الرب يسوع، رأس الكيان-
في مجيئه - ومن علاقة الضمنية التي تكشفها صيغة "شخص الرب يسوع المسيح"،
إلى علاقة الدخول الديناميكي الآني إلى شخص الرب: فالآتي المبارك المنتظر، ملكوت الله (مملكة أبينا
داود) هو جوهر ومضمون اسم الرب، هو آت الآن في اسم الرب . وهنا تجدر الإشارة أن إدراكنا
الذي يمثله منطق هذه الدراسة يجعلنا نستبعد عبارة "باسم الرب" الملحقة بمملكة
أبينا داود، الواردة في بعض الأصول المرجعية للعهد الجديد، فمضمون وجوهر "اسم
الرب "هو مملكة داود، هو الكنيسة الآتية، الآن. الكنيسة هي الآتي في اسم الرب، هي المملكة التي يكرسها – الآن - الرب
يسوع الكلمة المتجسد - الذي أعطي له كرسي داود. . في الرب، تبنى الكنيسة، الآن، هيكلا
مقدسا، مسكنا للروح، على حجر الزاوية الرب يسوع، الكلمة المتجسد . الكنيسة هي ربوات
القديسين الذين يتحققون، الآن، مالئين شخص الرب ومحققين مجيئه وحضوره الكامل . الكنيسة
تتحقق، الآن، في يوم الرب بطريقة مستيكية لا يدركها العالم الذي سيفاجأ بزوال العالم
لحظة امتلاء الكنيسة، لحظة امتلاء يوم الرب. اللحظة التي تنتظرها الكنيسة لأنها لحظة
كمالها وامتلائها، أما العالم فستكون هذه اللحظة بالنسبة له بمثابة يوم الله الذي حدده
لنهاية العالم المباغتة. ويجب أن نلاحظ هنا أنه في سياق الحديث عن نهاية العالم بالنسبة
للكنيسة، قد استخدم تعبير "يوم الرب "بينما بالنسبة لأهل العالم قد استخدم
تعبير "يوم الله"، فشخص "الرب "يعني النعمة والإيجابية، أما شخص
"الله "فهو شخص حيادي ( إذا جاز
التعبير) يتعاطى مع الجميع أشرارا وأخيارا، لذلك فالذي يباغت الأشرار هو "يوم
الله "أما الذي ينتظره الأخيار فهو "يوم الرب".
7- المسيح
إذا أردنا أن نعبِّر عن المحددات التي
تخص لقب "المسيح"- من خلال صياغاته المختلفة في النص اليوناني، لاسيما في
رسائل بولس الرسول - نستطيع القول بأن المسيح هو:
1- الشخص الممتلئ، الكامل،
المستوعب للكنيسة. هذا هو مدلول صيغة: "o Christos
"، الصيغة المعرفة، وهي الصيغة المغلقة، المحسومة، الإسخاطولوجية، eschatos،
إن جاز التعبير)، وحينما تذكر فهي دعوة لامتلاء الكل، بالذي يمتلئ بالكل، الذي هو شخص
نهاية التاريخ، الذي يجتمع فيه الكل إلى إنسان كامل، إلى جسد واحد، هو رأسه.هو الشخص
الذي فيه" رجاء الدعوة "التي دعيت إليها الكنيسة (مدلول عبارة "en tw Christw"،
الصيغة الرجائية الإسخاطولوجية، إذا جاز التعبير).
2- الشخص الذي يمتلئ الآن،
ويتحقق باستيعابه للكنيسة. هذا هو مدلول صيغة: "Christos"،
الصيغة غير المعرفة. وهي الصيغة المفتوحة، "الآنية"،" الحاضرة
"، إذا جاز التعبير). هو الشخص الذي يتعاظم ويتصور - الآن - في الكنيسة،
في حدث النعمة الذي يختبره المؤمنون. يختبرون شركة موته وشركة قيامته. يختبرون
"معيته". يتلبسونه كرداء عندما يصطبغون به في المعمودية .- هو الشخص الذي
يتحقق ويحضر الآن، في "يوم الرب يسوع المسيح". هو الشخص الذي فيه "الدخول
إلى تحقق الرجاء الحي الفعال"، فيه الدخول "الآني" إلى الخليقة الجديدة
(مدلول عبارة "en Christw"، الصيغة الرجائية الحاضرة في حدث النعمة،إذا
جاز التعبير .
3- الصيغة المركبة من
" يسوع " و " المسيح"
، الاسمان بدون تعريف ، ولدينا هنا صيغتان: الأولى " يسوع المسيح" (Iesous Christos ) والثانية " المسيح
يسوع " (Christos Iesous). الأولى
تشير إلى حركة استهدافه الآنية لنا- بامتداده فينا محققا انتماءه إلينا كرأس للكنيسة.
والثانية تشير إلى حركة انتمائنا الآنية، إليه، به، والتموقع فيه كأعضاء في جسده الذي
هو الكنيسة. الأولى هي كشف المسيح عن كنيسته بمجيئه فيها. والثانية هي شهادة الكنيسة
ليسوع بتكميل جسده والعضوية فيه. الأولى هي اتجاه النعمة النازل من الرأس يسوع إلى
باقي الجسد الكنيسة، والثانية هي اتجاه النعمة الصاعد باستحضار ولملمة الأعضاء إلى
الرأس. الأولى هي صيغة مجيء المسيح في الكنيسة والثانية هي صيغة مجيء الكنيسة في المسيح. الأولى هي حركته إلينا. و الثانية هي حركتنا إليه
. الصيغتان وجهان لحدث واحد من منظورين (
اتجاهين ) متعاكسين.
4- الشخص،
موضوع الدعوة، والبشارة، والكرازة الإنجيلية الموجهة لكل العالم والتي قد قبلتها
الكنيسة (مدلول صيغة: o Christos Iesous = تعريف " المسيح" فقط ) وهي الصيغة الكرازية،
التبشيرية، إذا جاز التعبير .
مجدي داود
مجدي داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق