مقدمة
للاسم في يونانية
العهد الجديد خصوصية غير متاحة في اللغة العربية، على الأقل. فيتميز الاسم بإمكانية
استخدام "أداة تعريف". ويلاحظ ورود الاسم أحياناً معرفاً وأحياناً أخرى في
صيغة النكرة (بدون أداة للتعريف). والقضية ليست على ما قد تبدو عليه
من الهامشية، فالملحوظة التي تم رصدها - في هذه الدراسة - هي أن هناك سياقاً محدداً
لاستخدام صيغة "التعريف". وأيضا، هناك سياق آخر محدد لاستخدام صيغة
"التنكير".
وما تم رصده هو أن "الاسم المعرفة،
المسبوق بأداة تعريف"، إنما يشير إلى الشخص بمفهومه المستقل كحالة مغلقة في مواجهة
الآخر المتمايز عنه والذي لا تجمعه به علاقة آنية، حاضرة، أو فعل مشترك، يطرحه سياق
النص، وإن كان الشخص بهذه الصيغة هو بمثابة دعوة للشركة، والدعوة بطبيعتها تطرح للمتلقي
أن يختار بين خيارين: القبول والرفض. أما "الاسم النكرة، غير المسبوق
بأداة تعريف"، فهو يشير إلى حالة مفتوحة من فعل آني، ديناميكي، هو فعل النعمة،
الفعل الذي يكشف العلاقة مع الشخص وليس يقدم الشخص مستقلاً. تعريف الاسم يبرز الشخص كحالة مغلقة
مكتملة، بينما تنكير الاسم يبرز الحدث النعموي الآني العامل في الكنيسة، في المسيح. الطرح السابق قد يبدو غامضا - وهو
بالفعل كذلك - ولكن في سياق الدراسة سوف يتبدد كل الغموض. وما نريد أن نؤكد عليه مبدئياً
هو أن أسماء الإلوهية والربوبية تحديدا (مثل: الله، الرب، المسيح، أقانيم الثالوث،
الخ) إذا جاءت معرفة فالحديث يخص الشخص في صيغته المطلقة، أي خارج سياق رصد حدث النعمة،
بينما مجيء الاسم بدون أداة تعريف، إنما يخص حالة مفتوحة من حدث النعمة الآني الذي
تختبره الكنيسة، كعلاقة وكشركة مع الشخص الذي يشير إليه الاسم "النكرة".
ويزداد الأمر تعقيدا بعض الشيء عند التعرض للأسماء المركبة، مثل: ابن الله، الروح القدس،
وسنتعرض لذلك لاحقاً. وأهمية هذا الاكتشاف تتمثل في توفير قدرتين جديدتين: الأولى هي
قدرة تفسيرية تأويلية، إضافية، للنص. وسوف نتعرض - في سياق الدراسة - لبعض الأمثلة
التي قد يبدو فيها النص غامضاً، مشتبكاً، فتتدخل هذه الآلية في حسم، لتفض الاشتباك
وتزيل الغموض. والثانية هي قدرة ترجيحية أكاديمية قد يستفيد منها أصحاب التخصص العالي
من أساتذة الكتاب في ترجيح صيغة على أخرى في بعض النصوص التي حدث بينها اختلاف - في
ورود أداة تعريف - أو حتى اسم ما - من عدمه - بين المخطوطات المرجعية للكتاب. وفي ما يلي بعض من أبرز الأمثلة لاستخدام
الأسماء، في بعدها الإضافي، في يونانية العهد الجديد :
"الله"
أولا: أمثلة على الصيغة المعرفة (الشخص)
- "ليس أحد صالحا إلا واحد وهو
"الله". (مت 19: 17).
- "من يقدر أن يغفر خطايا إلا
"الله "وحده؟ (o Theos) .(مر 2: 7).
تعليق: اسم "الله "، الصيغة
المعرفة تشير إلى شخص الله "الصالح "بطبيعته، المستقل عن الخليقة والذي له
وحده المغفرة. وللبشر – هنا – أن يقبلوا – أو يرفضوا – الاشتراك في صلاحه وفي مغفرته.
- "لأنه هكذا أحب "الله
"العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية.
لأنه لم يرسل "الله "ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص به العالم".
(يو 3: 16 و 17).
- "الذي يؤمن بالابن له حياة
أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب "الله". (يو
3: 36).
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
المعرفة تشير إلى شخص الله "المحب بطبيعته" والذي أحب العالم حتى أنه أعطى
ابنه الوحيد للعالم، وكل من "قبله" وقبل الاشتراك فيه قد خلص من الموت الطبيعي،
وكل من رفض شركته هلك بحكم طبيعته. اسم الله هنا "دعوة "لكي ما يقبل الجميع
ابنه حتى يخلصوا من الدينونة ومن الغضب الإلهي الماكث على جبلتهم العتيقة. فهل يقبلوا
دعوة هذا الاسم ؟ هذا هو السؤال.
- "لأن "الله "واحد،
هو الذي سيبرر الختان بالإيمان والغرلة بالإيمان". (رو 3: 30).
- "جميع الذين هم عبيد تحت نير
فليحسبوا سادتهم مستحقين كل إكرام، لئلا يفترى على اسم "الله "وتعليمه".
(1تي 6: 1).
- "وهذا هو الخبر الذي سمعناه
منه ونخبركم به: إن "الله "نور وليس فيه ظلمة البتة". (1يو1: 5).
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
المعرفة تشير إلى الإله الواحد "البار" بطبيعته، بل هو مصدر البر وهو الذي
يبرر من يقبل دعوة شركته سواء "ختان أم غرلة"، وهو النور الذي لا ظلمة فيه
والذي كل من قبل دعوة "خبره" السار استنار بنور الحياة فيه.
- "من اعترف أن يسوع هو ابن الله،
"فالله" يثبت فيه وهو في "الله". ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة
التي "لله "فينا. "الله "محبة، ومن يثبت في المحبة، يثبت في
"الله" و"الله"فيه". (1يو 4: 16).
- "إن قال أحد: "إني أحب
"الله "وأبغض أخاه، فهو كاذب. لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره، كيف يقدر أن
يحب "الله "الذي لم يبصره؟ ولنا هذه الوصية منه: أن من يحب "الله
"يحب أخاه أيضاً". (1يو 4: 20 و 21).
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
المعرفة تشير إلى شخص "الله "المحبة، وهي صيغة تدعو من يخاطبه الخبر السار
إلى أن يثبت في محبة الله بثباته في ابنه المتجسد الرب يسوع، فيثبت في الحياة باشتراكه
في المسيح الذي هو الحياة وفي ذات الوقت يشترك مع أخيه في رباط المحبة الأخوية.
ثانيا: أمثلة على الصيغة غير المعرفة
(الشركة في الشخص، النعمة)
- "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم
سلطانا أن يصيروا أولاد "الله" (tekna Theou)،
أي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل
من "الله "(ek Theou). (يو 1: 12 و 13).
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
غير المعرفة تشير هنا إلى رد الفعل الإيجابي تجاه شخص الله من قبل البشر "الذين
قبلوه"، فصاروا "أولاد الله". هي إذن "صيغة القبول". الاحتمال
الوحيد الموجود في سياق النص هو "احتمال قبول دعوة الشركة في الشخص".
- "إنه مكتوب في الأنبياء: ويكون
الجميع متعلمين من "الله".(يو 6: 45). تعليق: اسم "الله"، الصيغة غير المعرفة
– هنا - هي صيغة قبول "التعلم من الله".
- "وهذه هي الحياة الأبدية: أن
يعرفوك أنت "الإله "الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" . (يو
17: 3) .
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
غير المعرفة – هنا – هي صيغة قبول الحياة الأبدية بمعرفة الرب يسوع المسيح الذي أرسله
الله، أي الشركة فيه.
- "ولكن الذي يثبتنا معكم في
المسيح، وقد مسحنا، هو "الله" الذي ختمنا أيضا، وأعطى عربون الروح في قلوبنا".
(2كو1: 21 و 22) .
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
غير المعرفة – هنا – هي صيغة قبول المسحة - قبول الختم، قبول عربون الروح في القلوب
– من الله بالثبات في المسيح.
- "إذ أنتم تطلبون برهان المسيح
المتكلم في، لأنه وإن كان قد صلب من ضعف، لكنه حي بقوة "الله ". فنحن أيضا
ضعفاء فيه، لكننا سنحيا معه بقوة "الله" من جهتكم". (2كو 13: 4).
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
غير المعرفة - هنا - هي صيغة قبول قوة الله
بالشركة مع المصلوب المنتصر على الموت.
- "إن كنتم قد سمعتموه وعلمتم
فيه كما هو حق في يسوع، أن تخلعوا من جهة التصرف السابق الإنسان العتيق الفاسد بحسب
شهوات الغرور، وتتجددوا بروح ذهنكم، وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب "الله
"في البر وقداسة الحق". (أف 4: 21 - 24) .
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
غير المعرفة - هنا – هي صيغة قبول "التجديد"، أي الإنسان الجديد المخلوق
بحسب الله، وذلك بخلع العتيق بالموت مع المسيح.
- "ولكن قد أظهر في الأزمنة الأخيرة
من أجلكم، أنتم الذين به تؤمنون "بالله" الذي أقامه من الأموات وأعطاه مجدا،
حتى إن إيمانكم ورجاءكم هما في "الله".(1 بط 1: 21).
تعليق: اسم "الله"، الصيغة
غير المعرفة - هنا - هي صيغة قبول "مجد القيامة"، ذلك الإيمان وذلك الرجاء
المذخران في الرب يسوع الذي أظهر مؤخرا من أجلنا.
ثالثا: بعضٌ من الأمثلة المزدوجة
- "لأنه إذ كان العالم في
"حكمة الله "(ti sophia tou Theou) لم يعرف الله بالحكمة ... وأما للمدعوين: يهودا
ويونانيين، فبالمسيح قوة الله و"حكمة الله" (Theou sophian)".
( 1كو1: 21- 25) .
تعليق: عندما كان الحديث بخصوص
"حكمة الله" في مواجهة العالم (الذي رفض الله، ولم يعرفه بالحكمة)، جاء اسم
"الله" في صيغة المعرفة، حيث شخص الله يبدو مستقلا ومنعزلا وبعيدا عن ذلك
العالم الذي لم يعرفه، بينما حينما كان الحديث بخصوص "المدعوين" الذين يقبلون
حكمة الله وقوة الله في المسيح، جاء اسم "الله "في الصيغة غير المعرفة، صيغة
قبول "حكمة الله".
- "أما تعلمون أنكم "هيكل
الله " (naos
Theou)، وروح الله يسكن فيكم ؟ إن كان أحد يفسد
"هيكل الله" (ton naon tou Theou) فسيفسده "الله" (معرفة). (1 كو
3: 16 و 17).
تعليق: عندما كان الحديث موجها إلى
الكنيسة، جاء اسم "الله" في الصيغة غير المعرفة، صيغة القبول، صيغة اليقين
المحسوم، صيغة "هيكل الله"، بينما حينما انصرف الحديث ليتناول الذين أفسدوا
"هيكل الله"، جاء اسم "الله" في الصيغة المعرفة (الصيغة المحايدة،
التي تحتمل القبول والرفض بنفس القدر) وهم قد رفضوا بالفعل.
- "يسوع وهو عالم أن الآب قد
دفع كل شيء إلى يديه، وأنه من عند "الله "خرج (apo Theou exelthen)، وإلى "الله" يمضي (pros ton Theon upagei)، قام عن العشاء، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ". (يو 13: 3-
5).
تعليق: عندما كان الحديث يخص إرسالية
الكلمة إلى العالم بالتجسد، حيث حدث النعمة الحي الفعال، وحيث حدث "قبول"
الكنيسة للشركة فيه، جاء تعبير الخروج من عند الله متضمنا اسم "الله" بدون
تعريف. وحينما توجه الحديث إلى مضي الكلمة المتجسد إلى الله - حاملا الكنيسة الممتلئة
فيه، أي كمال النعمة وانتهاء زمن وغاية "الدعوة" جاء تعبير المضي إلى الله
متضمنا اسم "الله" في الصيغة المعرفة.
بالتأكيد قد تجاوز هذا التعليق ما
قد يظن من أن عبارة يوحنا تنحصر فقط في إرهاصات لحظة الصليب ، فالعبارة هي بانوراما
التجسد بلا أدنى شك.
خلاصة
الصيغة المعرفة لاسم "الله"
تشير إلى شخص الله في حيادية واستقلالية (في مقابل العالم) والصيغة تطرح في سياق نص
يدعو للشركة في الله بواسطة ابنه المتجسد في البشر. والدعوة بطبيعتها تحتمل قبولا بنفس
القدر الذي تحتمل به رفضاً.
الصيغة غير المعرفة لاسم "الله"
تشير إلى شخص الله المنفتح نحو العالم، تشير إلى حدث النعمة الآني في الله بالمسيح
يسوع كاختيار محسوم بقبول الشركة في الله بواسطة ابنه المتجسد. التعريف دعوة، بينما التنكير
قبول للدعوة.
"الآب"
أولا: الصيغة المعرفة (الشخص)
بحسب منطق هذه الدراسة فإن لفظة
"الآب" المعرفة تعني الشخص ككيان مستقل، ولكن نظراً لطبيعة المفهوم اللاهوتي
"الإيجابي" لهذا الاسم، فإننا نجد أن لها استخداماً خاصاً بعض الشيء يختلف
عن استخدام الصيغة المعرفة التي تعني شخص "الله". فالآب هو شخص البدء المطلق،
فالذات الإلهية كائنة كحقيقة وجودية لأنها مستعلنة كشخص "الآب". وهكذا فالحديث
عن الآب يدخلنا إلى حديث شركة الثالوث الأقدس.
وعلى مستوى النعمة، فإنه في المسيح
يصاغ وجود جديد للبشر على شاكلة الثالوث القدوس، فيتم تبني البشر من قبل الآب بالشركة
في ابنه المتجسد في الروح القدس. لذلك فعندما يذكر شخص "الآب" في العهد الجديد،
فنحن بصدد حديث إيجابي فيه يتم دعوة البشر لهذه الشركة. على أنه من المستحيل أن يذكر
شخص "الآب" بخصوص حدث سلبي، فعلى سبيل المثال لا نجد تعبيراً مثل "غضب
الآب" على غرار تعبير "غضب الله"، فشخص "الله" يقف في مواجهة
الجميع أشرار وأخيار، أما شخص "الآب" فلا يواجه ولا يخاطب إلاَّ الأخيار
المزمع أن يصيروا أبناء. وعليه فإن شخص "الآب" (o pater)
أينما يذكر فهو يقود سياقاً يشير إلى النعمة التي يدعى إليها. والسياق هنا هو مجرد
"دعوة" تحتمل القبول كما تحتمل الرفض. والقبول يعني الدخول في شركة مع الشخص،
أي "التبني" لدى الآب.
أولا: أمثلة على الصيغة المعرفة
- "الآب" (o pater)
يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن
لن يرى حياة بل يمكث عليه "غضب الله". (يو 3: 35 و 36).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" هي بمثابة "دعوة" للحياة التي بالتبني، أي الشركة في الابن.
والذي يلبي الدعوة – بالإيمان بالابن – له حياة أبدية ويعتق من موته الطبيعي، وأما
من يرفض الدعوة فلن يرى حياة بل يمكث في موته، أي يمكث عليه "غضب الله".
- "اعملوا لا للطعام البائد،
بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان، لأن هذا الله "الآب"
قد ختمه".(يو 6: 27).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" هي بمثابة "دعوة" للحياة الأبدية بالتبني بواسطة الشركة
في ابن الإنسان الذي ختمه الآب. وقبول الشركة فيه هو قبول لطعام الحياة "الباقي"،
وأما رفض الدعوة فهو عمل لحساب الطعام "البائد"، أي الموت الطبيعي.
- "لا يقدر أحد أن يقبل إلي إن
لم يجتذبه "الآب" الذي أرسلني، وأنا أقيمه في اليوم الأخير (يو 6: 44).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" هي بمثابة "دعوة "للقيامة بالتبني بواسطة الشركة في الابن
المتجسد، الذي يقيم في اليوم الأخير. وقبول الدعوة هو قبول الانجذاب نحو الآب، الأمر
الذي يعطي القدرة للإقبال إلى الابن، وأما من لم ينجذب نحو الآب فليس له قدرة الإقبال
إلى الابن وبالتالي لا نصيب له في القيامة، التي في شركة الابن.
- "صدقوني إني في "الآب"،
"والآب" فيَّ، وإلاَّ فصدقوني لسبب الأعمال نفسها، الحق الحق أقول لكم: من
يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضا، ويعمل أعظم منها، لأني ماض إلى
"الآب" ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد "الآب" بالابن (يو
14: 11- 13).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" هي بمثابة "دعوة "للمجد بالتبني بواسطة الشركة في الابن،
"الذي في الآب". وقبول الدعوة هو الإيمان بالابن والانضواء في اسمه، وأما
رفض الدعوة فهو عدم الإيمان بالابن المتجسد ورفض للشركة فيه، وبالتالي الحرمان من الأعمال
الذي يعملها الابن ليمجد الآب.
- "وأما المعزي، الروح القدس،
الذي سيرسله "الآب" باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم".
(يو 14: 26) .
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" هي بمثابة "دعوة" للتبني بواسطة الشركة في الابن المتجسد
بالروح القدس، المعزي المرسل من الآب باسم الابن المتجسد. وقبول الدعوة هو قبول كل
ما نالته البشرية في الابن المتجسد بواسطة الروح القدس، الذي "يعلم ويذكر بكل
شيء"، أي ينقل مجد إنسانية الرب يسوع المسيح (الطبيعة الجديدة عديمة الموت) إلى
أعضاء الكنيسة. وأما رفض الدعوة فهو رفض لعمل الروح القدس وبالتالي رفض اقتناء نموذج
كيان الر ب يسوع المسيح بالشركة فيه .
- " ليس أنتم اخترتموني بل أنا
اخترتكم، وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر، ويدوم ثمركم، لكي يعطيكم "الآب" كل
ما طلبتم باسمي" (يو 15: 16) .
تعليق: الصيغة
المعرفة لاسم "الآب" هي بمثابة "دعوة" للتبني بواسطة الشركة في
الابن المتجسد والإثمار لمجد اسمه، أي اكتمال
وامتلاء الكنيسة (بكل ثمر البشرية الجديدة) كجسد للابن المتجسد. وقبول الدعوة هو رد
فعل "المختارين" وأما الرفض فهو رد "المرفوضين".
- "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله
أنا إليكم من "الآب"، روح الحق، الذي من عند "الآب" ينبثق، فهو
يشهد لي، وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معي من الابتداء". (يو 15: 26 و 27).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" هي بمثابة "دعوة" للتبني بواسطة الشركة في الابن المتجسد،
بالروح القدس المعزي، روح الحق، المنبثق من عند الآب، الذي يشهد للابن المتجسد في المؤمنين.
وقبول الدعوة هو الشهادة، "شهادة يسوع"، أي قبول الرب يسوع المسيح كرأس وامتلاء
كيانه بكل أعضاء الكنيسة الذين يشهدون للرأس باعتبارهم أعضاء منتمين له، وأما رفض الدعوة
فهو في رفض الشهادة ورفض شركة أولئك الذين "معه من الابتداء".
- "في ذلك اليوم تطلبون باسمي.
ولست أقول لكم إني أسأل "الآب" من أجلكم، لأن "الآب" نفسه يحبكم،
لأنكم قد أحببتموني، وآمنتم إني من عند الله خرجت. خرجت من عند "الآب"، وقد
أتيت إلى العالم، وأيضا أترك العالم وأذهب إلى "الآب". (يو 16: 26 -
28).
تعليق: الصيغة
المعرفة لاسم "الآب" هي بمثابة "دعوة" للتبني بواسطة الشركة في
الابن المتجسد (أي، الذي خرج من عند الآب، وقد أتى إلى العالم) والذي حينما يستوعب
كل أعضاء كنيسته فهو يرتحل بهم - في جسده – من العالم ويذهب إلى الآب. وقبول الدعوة
هو في الإيمان بحقيقة خروجه، أي بافتراض استحقاق تجسده، وامتداد تجسده بتكميل الجسد
بضم كل الأعضاء إلى الرأس، وأما رافضو الدعوة فهم الذين لم يقبلوا الشركة في جسد الابن
المتجسد.
- "فإن الحياة أظهرت، وقد رأينا
ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند "الآب" وأظهرت لنا. الذي رأيناه
وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم أيضا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع "الآب"
ومع ابنه يسوع المسيح" (1يو 1: 2 و
3) .
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" هي بمثابة "دعوة" للتبني بواسطة الشركة في الابن، دعوة
للشركة في الحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرها الابن بتجسده. وقبول الدعوة هو
في قبول الشركة في الابن المتجسد الرب يسوع المسيح التي زفها الخبر السار(نشهد ونخبركم)،
وأما رفض الدعوة فهو في رفض الإنجيل، وبالتالي رفض الشركة في الحياة التي أظهرها الرب
يسوع المسيح في كيانه.
ثانياً: الآب، منسوبة إلى الجمع المخاطب
للصيغة المعرفة لاسم "الآب"
المنسوب للجمع المخاظب بعد آخر يتجاوز مجرد دعوة التبني - التي تشير إليها صيغة الاسم
بدون نسب – إلى وعد التبني .
- "وحينما تصلون لا تكرروا الكلام
باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم. لأن
"أباكم "يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه .فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي
في السموات". (مت 6: 7-9).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" المنسوب إلى الجمع المخاطب هي بمثابة وعد بالتبني الذي به يصلى هؤلاء
للآب صارخين "أبانا الذي في السموات". ولذلك فهو وعد بالاستجابة حتى من قبل
الطلب.
- "أليس عصفوران يباعان بفلس؟
وواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون "أبيكم". وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم
جميعها محصاة. فلا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة!" (مت 10: 29- 31).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" المنسوب إلى الجمع المخاطب هي بمثابة وعد بالتبني الذي به يطمئن هؤلاء
إلى حد أن شعور رؤوسهم محصاة عنده.
- "بل أحبوا أعداءكم، وأحسنوا
واقرضوا وأنتم لا ترجون شيئا، فيكون أجركم عظيما وتكونوا بني العلي، فإنه منعم على
غير الشاكرين والأشرار. فكونوا رحماء كما أن "أباكم" أيضا رحيم" (لو
6: 35 و 36).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" المنسوب إلى الجمع المخاطب هي بمثابة وعد بالتبني الذي به يصير هؤلاء
"بني العلي" فيصير لهم سمة أبيهم أي الرحمة والمحبة. - "لا تخف أيها القطيع الصغير، لأن
"أباكم" قد سر أن يعطيكم الملكوت. (لو 12: 32).
تعليق: الصيغة المعرفة لاسم
"الآب" المنسوب إلى الجمع المخاطب هي بمثابة وعد بالتبني الذي به يحصل هؤلاء
على الملكوت، وعليه فيجب أن يأمنوا من خوف مبعثه أنهم قطيع صغير.
ثالثاً: الصيغة غير المعرفة (الشركة
في الشخص، حدث النعمة)
وكعادتنا دائما في هذه الدراسة، فنحن
نتبع منطقاً ثابتاً، وهو أن لغة "تنكير الاسم"هي لغة مستيكية تدخلنا في دائرة
فعل النعمة وتفتح أمامنا حدثا ديناميكياً. وهكذا فإن لفظة "الآب" غير المعرفة
(pater) تضيء أمامنا حدث انفتاح الله الآب على البشر
بتبنيهم في جسد ابنه الكلمة المرسل إلى العالم ليجتمع فيه المختارون لنعمة التبني. ومما هو جدير بمزيد من التأكيد أن
صيغة "تنكير الاسم" هنا، وبصفة عامة، هي لغة حاسمة منحازة للخيار الإيجابي
وحده، ولم يعد الحديث مجرد "دعوة "أو "وعد"، بل واقع حي فعال،
فيه يدخل البشر إلى مظلة شركة الثالوث القدوس لابسين جسد الابن الظاهر فيهم.
أمثلة على الصيغة غير المعرفة لاسم
"الآب "
- "والكلمة صار جسدا وحل فينا،
ورأينا مجده، مجدا كما لوحيد "من الآب" (para patros )، مملوءاً نعمة وحقا. ...
ومن ملئه نحن جميعا أخذنا، ونعمة فوق نعمة. لأن الناموس بموسى أعطي، أما النعمة والحق
فبيسوع المسيح صارا". (يو 1: 14 - 17).
تعليق: الصيغة غير المعرفة لاسم
"الآب" تشير إلى حدث النعمة الآني، حدث تبني الآب للبشر بالشركة في الابن
الوحيد "الذي من الآب"، والذي حينما تجسد أظهر الملء، ومن ملئه يمتلئ الجميع.
- "وإن كنت أنا أدين فدينونتي
حق، لأني لست وحدي، بل أنا "والآب" الذي أرسلني. وأيضا في ناموسكم مكتوب
أن شهادة رجلين حق: أنا هو الشاهد لنفسي، ويشهد لي "الآب" الذي أرسلني"
.(يو 8: 16 - 18).
تعليق: الصيغة غير المعرفة لاسم
"الآب" تشير إلى حدث النعمة الآني، حدث تبني الآب للبشر بالشركة في الابن
الوحيد، المشهود له من الآب الذي أرسله.
- "الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي.
والكلام (الأصل: الكلمة ، o logos) الذي تسمعونه ليس لي بل "للآب" الذي
أرسلني". (يو 14: 24).
تعليق: الصيغة غير المعرفة لاسم
"الآب" تشير إلى حدث النعمة الآني، حدث تبني الآب للبشر بالشركة في الابن
الوحيد، "الكلمة الذي للآب"، الذي أرسله الآب حتى مايحيا الذين "يسمعونه".
ثالثا: مثال مزدوج
- "قال لها يسوع: لا تلمسيني
لأني لم أصعد بعد "إلى الآب" (pros ton patera).
ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: إني أصعد "إلى أبي" (pros ton patera mou) و"أبيكم" (kai patera umwn)
وإلهي وإلهكم". (يو 20: 17).
تعليق: في الحديث مع المجدلية، جاءت
الصيغة - التي عبر بها الرب عن الصعود إلى الآب (إلى أبيه) معرفة، فالأمر يحمل مفهوما
انقضائياً محسوماً ومنتهياً عن كمال النعمة (أي انقضاء وتمام "الدعوة والوعد"،
بصيرورة البشر مشتركين في الابن الصاعد إلى الآب.
وأما عندما تغيرت دفة الحديث إلى الكنيسة
(إني أصعد إلى أبيكم) جاءت الصيغة بدون تعريف، فالحدث ما يزال مفتوحاً، حاضراً، فعالاً،
فيه يصعد الرب كنيسته إلى أن تكتمل فيه، ويكتمل هو فيها كجسد كامل وليس كرأس فقط.
خلاصة
1- الاسم في صيغة التعريف (o
pater) يعني شخص الآب، الكائن في شركة الثالوث القدوس.
وعندما يذكر هذا الاسم - بهذه الصيغة - فنحن بصدد سياق كاشف لعلاقة الشركة الديناميكية
بين شخوص الثالوث (وفيها يتضمن الأقنوم كل أقنوم من الأقنومين الآخرين). ويصير كشف
هذا السر العجيب "دعوة" للكنيسة لكي ما تصير شريكة فيه بالنعمة، أي تصير
صورة للثالوث القدوس، وهذه هي النعمة التي من الآب بالابن في الروح القدس.
2- نسبة شخص الآب (اللفظة المعرفة)
إلى الجمع المخاطب، إلى الكنيسة، تكشف تمايزاً لشعب الله عن الأشرار. هذا هو تمايز
البنوة التي انتسب بها أفراد الكنيسة إلى الآب.
3- الاسم غير المعرف (pater)،
تكشف حدث النعمة الحي الجاري في الكنيسة، الآن، في الكلمة المتجسد، الكلمة المرسل إلى
العالم من قبل الآب. والإرسالية، هنا، هي حدث التجسد ذاته، الذي فيه استعلن الملء ومن
ملئه تمتلئ الكنيسة، ونعمة فوق نعمة.
الأمر هنا يختلف تماما عن ما تكشفه
صيغة التعريف، فنحن هنا لا نتحدث عن مجرد دعوة للشركة في الثالوث – من المحتمل تلبيتها
بالنعمة وأيضا من المحتمل عدم تلبيتها - بل نتحدث عن اختبار حي وفعال، اختبار آني،
تحياه الكنيسة في الزمن الحاضر، وفيه تعلن قبول دعوة الشركة في الثالوث، وفيه يكتمل
بنيانها كجسد للمسيح.
"الابن"
أولا: أمثلة على الصيغة المعرفة
- "وفيما هو يتكلم إذا سحابة
نيرة ظللتهم، وصوت من السحابة قائلا: "هذا هو "ابني" (o huios mou) الحبيب
الذي به سررت. له اسمعوا". (مت 17: 5، ومر 9: 7، ولو 9: 35).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"
(له اسمعوا)، وفي قبولها مسرة الآب الذي كلمنا في ابنه.
- "لأنه هكذا أحب الله العالم
حتى بذل "ابنه الوحيد" (ton" huion autou "ton" monogene ")، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه
لم يرسل الله "ابنه ton" huion autou " إلى العالم ليدين العالم،بل ليخلص به
العالم" (يو 3: 16 و 17).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"،
وفي قبولها - بالإيمان بالابن الوحيد المعطى إلى العالم – الخلاص من الهلاك والدينونة
ونوال الحياة الأبدية، والعكس صحيح تماما في حالة رفض الدعوة.
- "الذي يؤمن "بالابن"
(ton" huion") له حياة أبدية، والذي لا يؤمن "بالابن"(tw" huiw")
لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله". (يو 3: 36).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"،
وفي قبولها - بالإيمان بالابن - حياة أبدية، وفي رفضها الموت الذي هو غضب الله.
- "لأن الآب يحب "الابن"
ويريه جميع ما هو يعمله، وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا أنتم. لأنه كما أن الآب
يقيم الأموات ويحيي، كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء. لأن الآب لا يدين أحدا، بل قد أعطى
كل الدينونة للابن، لكي يكرم الجميع "الابن" كما يكرمون الآب. من لا يكرم
"الابن "لا يكرم الآب الذي أرسله".(يو 5: 20 - 23).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"،
وفي قبولها يكرم الابن، الذي يقيم الأموات ويحيي، وفي رفضها لا يكرم الابن وبالتالي
لا يكرم الآب الذي أرسله.
- "لأن هذه هي مشيئة الذي أرسلني:
أن كل من يرى "الابن" ويؤمن به تكون له حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم
الأخير". (يو 6: 40).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"،
وفي قبولها - بالإيمان بالابن - الحياة الأبدية بالقيامة في اليوم الأخير، والعكس صحيح
في حالة رفض الدعوة.
- "والعبد لا يبقى في البيت إلى
الأبد، أما "الابن" فيبقى إلى الأبد. فإن حرركم "الابن" فبالحقيقة
تكونون أحراراً". (يو 8: 35 و 36).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"
للحرية بالشركة في الابن المتجسد.
- "ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله
ليتمجد الآب "بالابن". (يو 14: 13).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"
للمجد بالشركة في الابن المتجسد الذي يحقق كل ما يطلب باسمه.
- "ومتى أخضع له الكل، فحينئذ
"الابن"(o huios) نفسه أيضا سيخضع للذي أخضع له الكل، كي يكون
الله الكل في الكل" (1كو 15: 28) .
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"
لخضوع الكل لله في الابن المتجسد، وحينئذ يكون هو ذاته قد خضع لله فيهم، كي يكون الله
الكل في الكل.
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"
لنوال التبني بالشركة في الابن المتجسد، الابن الذي أرسله الله في ملء الزمان، المولود
من امرأة تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس.
- "وهذه هي الشهادة: أن الله
أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في "ابنه"(en "tw" huiw autou). من له "الابن" (ton" huion")
فله الحياة، ومن ليس له "ابن الله" (ton" huion "tou" theou") فليست له الحياة". (1يو 5: 11 و 12).
تعليق: صيغة التعريف "دعوة"
للحياة الأبدية بالشركة في الابن ومن يقبل الدعوة (الذي له الابن) فله الحياة، ومن
يرفض الدعوة (الذي ليس له ابن الله) فليست له الحياة.
ثانيا: الصيغة غير المعرفة (الشركة
في الشخص، النعمة)
- "الله، بعد ما كلم الآباء بالأنبياء
قديما، بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في "الابن" (حرفيا،
en huiw)، الذي جعله وارثا لكل شيء، الذي به أيضا عمل العالمين، الذي، وهو
بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا،
جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم.
لأنه لمن الملائكة قال قط: "أنت ابني" (huios mou ei su)
أنا اليوم ولدتك "؟ وأيضا: "أنا أكون له أبا وهو "يكون لي ابناً"؟
(estai moi eis huion) (عب 1: 1 – 5).
خلاصة
1- الصيغة المعرفة (o huios)
تعني شخص الابن، في إطار شركة الثالوث. وعندما يذكر اسم "الابن" معرفاً،
فإن السياق يكشف بجلاء خطة وتدبير التجسد بإعطاء الابن إلى العالم. وخلاص البشر من
الموت مشروط ومرهون بقبول هذه "الدعوة"، فمن يقبل شخص الابن له الحياة ومن
يرفض يستمر في موته. فالابن بتجسده قد كشف مسرة الله بالبشر الذين قد أصبحوا شركاء
فيه، وبالتالي قد أصبحوا شركاء في الثالوث القدوس بالنعمة، إذا قد نالوا التبني بانتمائهم
للابن المتجسد الذي فيه قد تألهوا صائرين ورثة لله مع المسيح، في المسيح.
2- الصيغة غير المعرفة (huios )، وكما يتضح من نص رسالة العبرانيين،
تعني شخص الكلمة المتجسد الذي يمتد بجسده الآن في الكنيسة. الحديث لا يشير فقط إلى
خطة الله بخصوص التجسد، كدعوة للكنيسة - تحتمل
القبول والرفض - كما تشير الصيغة المعرفة - ولكنه يدخلنا إلى واقعية الحدث ذاته، حيث
الكنيسة التي يكلمها الله في الابن والتي فيه تولد اليوم (أنا اليوم ولدتك)، والتي
فيه جلست عن يمين العظمة في الأعالي، والتي فيه صارت أعظم من الملائكة، إذ صارت كائنة
في اسم المسيح، وعليه فعندما يذكر اسم "الابن" بدون تعريف، فإن السياق يكشف
بجلاء حدثا آنيا مفتوحا يمتد فيه الرب يسوع الكلمة المتجسد في كنيسته.
عبارة: "أنت ابني أنا اليوم ولدتك"،
من المستحيل أن تشير إلى علاقة الآب بالابن على مستوى الثالوث وبمعزل عن النعمة، بل
تشير إلى الابن المتجسد في البشر، تشير إلى ولادة الابن في الزمن، بتجسده. هذه واحدة
مما يمكن أن تصنعه الآلية - موضوع الدراسة - من فك الاشتباك في بعض العبارات الملتبسة
والتي لا يمكن أن تتكشف في الترجمة العربية، مثلا. وطبقا لمنطق هذه الدراسة، فبافتراض
صحة تأويل العبارة على أنها خطاب الآب للابن (في المطلق، بمعزل عن الخليقة، خارج إطار
النعمة)، فقد كان من اللازم أن يأتي اسم الابن في صيغة معرفة، وهذا لم يحدث.
"ابن
الله"
أولا: أمثلة على الصيغة المعرفة لشطري
الاسم
- "قال لهم: "وأنتم، من
تقولون إني أنا ؟ "فأجاب سمعان بطرس وقال: "أنت هو المسيح "ابن الله
الحي" (o"
huios "tou" theou zwntos").
فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك ياسمعان بن يونا، إن لحما ودما لم يعلن لك، لكن أبي الذي
في السماوات. وأنا أقول لك أيضا: أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم
لن تقوى عليها" (مت 16: 15 - 18).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" لبناء الكنيسة على صخرة هي الابن المتجسد ذاته، الرب يسوع التاريخي،
وبالتالي فأبواب الجحيم لن تقوى عليها.
- "فأجاب رئيس الكهنة وقال له:
"أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا: هل أنت المسيح "ابن الله" (o "huios "tou" theou")؟ قال له يسوع: "أنت قلت وأيضا أقول لكم: من الآن تبصرون
ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة، وآتياً على سحاب السماء". (مت26: 63و64).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم تمثل "دعوة"
لبدء زمن مجيء ابن الإنسان، ذلك الكيان الكاثوليكي الذي يضم كل بني العلي في جسد واحد،
رأسه هو الرب يسوع التاريخي، الكلمة المتجسد، ذلك الكيان الجالس الآن عن يمين القوة
والآتي على سحاب السماء.
- "وشهد يوحنا قائلا: "إني
قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم أكن أعرفه، لكن الذي
أرسلني لأعمد بالماء، ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه، فهذا هو الذي
يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو "ابن الله" (يو 1: 32
- 34).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" لبدء زمن مسحة الجميع بالروح القدس انطلاقا من مسحة جسد الابن
الخاص، الرب يسوع التاريخي، رأس مسحة الجميع، الذي قبل المعمودية لأجل صبغة الجميع
فيه.
- "الحق الحق أقول لكم: إنه تأتي
ساعة وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت "ابن الله"، والسامعون يحيون".
(يو 5: 25) .
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" لبدء زمن الحياة التي تفيض من الكلمة المتجسد. وإذ يسمع الأموات
صوت ابن الله، الرب يسوع التاريخي فإنهم يحيون.
- "فلما سمع يسوع، قال:
"هذا المرض ليس للموت، بل لأجل مجد الله، ليتمجد "ابن الله" به".
(يو 11: 4).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" لبدء زمن شفاء طبيعتنا
البشرية بنوالها مجد الطبيعة الجديدة المنطلق من رأس جديدنا، الرب يسوع التاريخي.
- "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا،
بل المسيح يحيا فيا. فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان
"ابن الله "، الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي. لست أبطل نعمة الله. لأنه إن
كان بالناموس بر، فالمسيح إذا مات بلا سبب!" (غل 2: 20 و 21).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" لبدء زمن الحياة، بدء زمن النعمة المنطلقة من الكلمة المتجسد
،الرب يسوع التاريخي. وما قبول الدعوة إلا قبول لتفعيل صليب المسيح وتفعيل موته وبالتالي
تفعيل حياته، وإلا يكون المسيح قد مات بلاسبب !
- "الذي نزل هو الذي صعد أيضا
فوق جميع السماوات، لكي يملأ الكل. وهو أعطى البعض ... لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة،
لبنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة "ابن الله".
إلى إنسان كامل. إلى قياس قامة ملء المسيح(أفس 4: 10 - 13).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة": - لبدء زمن تكميل القديسين. - لبدء زمن بنيان جسد المسيح (الكنيسة).
- لبدء زمن وحدانية الإيمان ومعرفة "ابن الله". - لبدء زمن مجيء الإنسان
الكامل. - لبدء زمن امتلاء الجميع إلى قياس قامة ملء المسيح.وينطلق هذا الحدث من الرب يسوع التاريخي،
الذي نزل والذي صعد لكي يملأ الكل.
- "فإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد
اجتاز السماوات، "يسوع ابن الله" (iesoun "ton" huion
"tou" theou)، فلنتمسك بالإقرار. لأن ليس لنا رئيس كهنة غير
قادر أن يرثي لضعفاتنا، بل مجرب في كل شيء مثلنا، بلا خطية. فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة
لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه". (عب 4: 14 - 16).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" للتقدم بثقة إلى عرش النعمة لنوال النعمة بقبول الشركة في رئيس
الكهنة العظيم الذي اجتاز السماوات، الرب يسوع التاريخي.
- "لأن الذين استنيروا مرة، وذاقوا
الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر
الآتي، وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضا للتوبة، إذ هم يصلبون لأنفسهم "ابن الله
"ثانية ويشهرونه. لأن أرضاً قد شربت المطر الآتي عليها مرارا كثيرة، وأنتجت عشبا
صالحا للذين فلحت من أجلهم، تنال بركة من الله. ولكن إن أخرجت شوكا وحسكا، فهي مرفوضة
وقريبة من اللعنة، التي نهايتها للحريق". (عب 6: 4 - 8).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" لثمر الحياة الأبدية في الذين يقبلون الدعوة ويشتركون في الرب
يسوع التاريخي الكلمة المتجسد، كباكورة لثمرهم، وأما الذين لم يقبلوا الدعوة فهم مرفوضون
وملعونون إذ أبطلوا استحقاق التجسد واستحقاق الصليب فيهم، وكأن "يسوع ابن الله"
لابد أن يصلب ويشهر ثانية لأجلهم.
- "من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين
أو ثلاثة يموت بدون رأفة. فكم عقابا أشر تظنون أنه يحسب مستحقا من "داس ابن الله"،
وحسب دم العهد الذي قدس به دنسا، "وازدرى بروح النعمة"؟ (عب 10: 28 و
29) .
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" للدخول إلى مجال نعمة العهد الجديد بالشركة في الكلمة المتجسد
الرب يسوع التاريخي، في كل من يقبل الدعوة، وأما من يرفض الدعوة فقد ازدرى بروح النعمة
و" داس ابن الله" بتجاهله استحقاق التجسد، فيه.
- "من يفعل الخطية فهو من إبليس،
لأن إبليس من البدء يخطئ. لأجل هذا أظهر "ابن الله "لكي ينقض أعمال إبليس.
كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية، لأن زرعه يثبت فيه، ولا يستطيع أن يخطئ لأنه
مولود من الله". (1يو 3: 8 و 9).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" للولادة من الله بالثبات في حياته التي أظهرت في الكلمة المتجسد
الرب يسوع التاريخي ويمتد ظهورها في الذين يقبلون الدعوة. وأما من يرفض الدعوة فهو من إبليس الذي من البدء يخطئ.
- "من هو الذي يغلب العالم، إلا
الذي يؤمن أن يسوع هو "ابن الله"؟ (1يو 5: 5).
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" للانتصار على العالم بالإيمان بالرب يسوع التاريخي الكلمة المتجسد
الذي منه تنبع النصرة لتغمر الكل .
- "من يؤمن "بابن الله"
فعنده الشهادة في نفسه. من لا يصدق الله، فقد جعله كاذبا، لأنه لم يؤمن بالشهادة التي
قد شهد بها الله عن ابنه. وهذه هي الشهادة: أن الله أعطانا حياة أبدية، وهذه هي في
ابنه. من له الابن فله الحياة، ومن ليس له "ابن الله" فليست له الحياة. كتبت
هذا إليكم، أنتم المؤمنين باسم "ابن الله"، لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية،
ولكي تؤمنوا باسم "ابن الله".(1يو 5: 10 - 13) .
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" للحياة الأبدية، كشهادة للكلمة المتجسد الرب يسوع التاريخي.
الذي يقبل الدعوة هو الذي يؤمن باسم "ابن الله"، أي يشهد "شهادة حياة
يسوع "في نفسه، فيقبل ما قد قبله الرب في جسده الخاص ،من أجل الكل. وأما من يرفض
الدعوة فهو الذي لا يؤمن باسم "ابن الله "، أي لا يشهد (لم يؤمن بالشهادة
التي قد شهد بها الله عن ابنه) وهو (لا يصدق الله وقد جعله كاذبا) .
- "ونعلم أن "ابن الله"
قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله
الحق والحياة الأبدية". (1يو 5: 20) .
تعليق: الصيغة المعرفة لشطري الاسم
تمثل "دعوة" لمعرفة الحق بالشركة في الكلمة المتجسد الرب يسوع التاريخي،
الإله الحق والحياة الأبدية.
ثانيا: أمثلة على الصيغة غير المعرفة
لشطري الاسم
- "وفي الهزيع الرابع من الليل
مضى إليهم يسوع. ماشيا على البحر. فلما أبصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين:
"إنه خيال". ومن الخوف صرخوا ! فللوقت كلمهم يسوع قائلا: "تشجعوا !
أنا هو. لا تخافوا". فأجابه بطرس وقال: "يا سيد، إن كنت أنت هو، فمرني أن
آتي إليك على الماء". فقال: "تعال". فنزل بطرس من السفينة ومشى على
الماء ليأتي إلى يسوع. ولكن لما رأى الريح شديدة خاف. وإذ ابتدأ يغرق، صرخ قائلا:
"يا رب، نجني". ففي الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له: "يا قليل الإيمان،
لماذا شككت ؟ "ولما دخلا السفينة سكنت الريح. والذين في السفينة جاءوا وسجدوا
له قائلين: "بالحقيقية أنت "ابن الله" (alethws theou huios ei)!". (مت 14: 25 - 33).
تعليق: الصيغة غير المعرفة لشطري الاسم
تشير إلى الدخول في حالة النعمة الحية الفاعلة القائمة على الاختبار الواقعي للشركة
في شخص الكلمة المتجسد ، وليس مجرد حديث عن موعد أو "دعوة"، أو انتظار لوعد
ما، تلك الحالة التي دفعت الذين في السفينة - التي تصارع الريح في الهزيع الرابع من
الليل – أن يسجدوا للرب الذي أسكن الريح ونجاهم من الغرق، قائلين: "بالحقيقية
أنت "ابن الله". الصيغة غير المعرفة تتعامل مع لحظة الحقيقة، لحظة تجلي النعمة.
- "فقالت مريم للملاك:
"كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا؟ "فأجاب الملاك وقال لها: "الروح
القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك "فلذلك أيضا " (dio kai)
القدوس المولود (منك) يدعى "ابن الله" (huios theou).
(لو 1: 34 و 35).
تعليق: جميع الأسماء التي ذكرها المبشر
في العبارة قد وردت بدون تعريف، وهذا منطقي جدا (وفقا لمنطق هذه الدراسة)، فنحن هنا
بصدد أعظم عبارة من الممكن أن تزف بشرى انفتاح النعمة على الإنسان، بشرى تجسد الابن
الوحيد، في البشر.
وما يجب أيضا أن نرصده هنا أيضا -
وهو أمر في غاية الأهمية - هو تلك القدرة التفسيرية التي أتاحتها لنا آلية البعد الإضافي
للغة التعريف والتنكير للأسماء، فاسم "ابن الله" الوارد بدون أي أدوات للتعريف،
لشطري الاسم، لا يشير هنا إلى شخص الابن، في المطلق (كصيغة "الابن" المعرفة،
في إطار علاقات شركة الثالوث القدوس، وبمعزل عن الخليقة)، بل يشير إلى شخص الابن المتجسد
الصائر موضوعا واقعيا ،مفتوحا، آنيا، للنعمة التي تخص الكنيسة. وتزداد أهمية ودقة هذا
الطرح عندما نقرأ عبارة المبشر "فلذلك (من أجل هذا السبب) يدعى "ابن الله"؛
فهو لم يصر موطنا لشركة حياة البشر، إلا عندما تجسد، وليس المعنى المقصود هو أن الابن
قد دعي ابنا بفضل التجسد (أي أنه لم يكن ابنا قبل التجسد)، وهذا ما قد توحي به العبارة
المترجمة، بطبيعتها. هذه هي أحدى الإشكاليات والاشتباكات، التي تفضها بنجاح الآلية
موضوع دراستنا.
- "قال لهم بيلاطس: "خذوه
أنتم واصلبوه، لأني لست أجد فيه علة ". أجابه اليهود: "لنا ناموس، وحسب ناموسنا
يجب أن يموت، لأنه جعل نفسه "ابن الله". فلما سمع بيلاطس هذا القول ازداد
خوفا" (يو 19: 7و8).
تعليق: الصيغة غير المعرفة لشطري الاسم
هي التي اعتمدها اليهود المعاندون، في قولة حق يراد بها باطل، فالابن بتجسده قد جعل
من جسده وطنا لشركة البشر، وطنا للنعمة الحاضرة.
- "الذي سبق فوعد به بأنبيائه
في الكتب المقدسة، عن ابنه. الذي صار من نسل داود من جهة الجسد، وتعين "ابن الله"
(huiou theou)
بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات: يسوع المسيح ربنا. الذي به، لأجل اسمه،
قبلنا نعمة ورسالة، لإطاعة الإيمان في جميع الأمم، الذين بينهم أنتم أيضا مدعووا يسوع
المسيح. (رو 1: 2 - 6) .
تعليق: الصيغة غير المعرفة لشطري الاسم
هي التي يعتمدها الرسول بولس حينما يقول بأن الابن قد تعين "ابن الله" بقوة
من جهة روح القداسة. فالعبارة تكشف ما تناله الكنيسة بالفعل في الزمن الحاضر، في الكلمة
المتجسد، بتكميلها للجسد حتى قياس قامة ملء المسيح، "الذي به، لأجل اسمه، قبلنا
نعمة ورسالة، لإطاعة الإيمان في جميع الأمم".
من "تعين"، ليس شخص الابن،
في المطلق ("الابن" المعرفة، في إطار علاقات الثالوث القدوس وبمعزل عن النعمة)،
بل شخص الابن المتجسد، الممتد بسر تجسده في الكنيسة إلى أن يقتنيها كاملة في جسده.
ومفهوم "التعيين" هنا ينصب أساسا على الكنيسة الكائنة فيه. هذه إشكالية أخرى
تجد حلا في موضوع دراستنا.
ثالثا: صيغة تعريف اسم "الله"،
فقط (huios
"tou" theou)
هي صيغة الشك والظن في شخص الرب يسوع،
الابن المتجسد.
- "ولما ابتدأ يسوع كان له نحو
ثلاثين سنة، وهو على ما كان يظن ابن يوسف، بن هالي، ...، بن آنوش، بن شيت، بن آدم،
"ابن الله".(لو 3: 23 - 38).
تعليق: ظن اليهود أن الرب يسوع مجرد
إنسان طبيعي مولود ليوسف النجار لينحدر في النهاية إلى أبي الجميع، آدم.
- "فتقدم إليه المجرب وقال له:
"إن كنت "ابن الله" فقل أن تصير هذه الحجارة خبزا". (مت 4: 3)
و (لو 4: 3). وقال له: "إن كنت "ابن الله" فاطرح نفسك إلى أسفل".
(مت 4: 6) و ( لو4: 9).
تعليق: هي الصيغة التي اعتمدها المجرب،
إبليس، متشككا في الكلمة المتجسد ومجربا إياه لكي ما يكشف كونه مجرد إنسان طبيعي فقط
- كما كان يظن - وما قد حدث بالفعل هو أن نتيجة التجربة كانت مزلزلة للشيطان ذاته،
فإذ وهو رئيس هذا العالم وقد جاء ليتفقد أحد رعايا مملكته - وفقا لظنه الخاطئ - إذ
به يكتشف ما يطيح بأوهامه، يكتشف أنه ليس أمام من ينتمي إلى مملكته العتيقة الزائلة،
بل هو أمام رب المجد الكلمة الصائر إنسانا جديدا غير رازح تحت نيره. هكذا اكتشف الشيطان
أنه قد فشل لأول مرة. وقد أعلن الشيطان عن هذه الخبرة المزلزلة - في ما بعد - معترفا
بحقيقة الرب يسوع: "إنك أنت "ابن الله" (مر3: 11). وقد جاء الاعتراف
في هذه الصيغة اليقينية بالشخص (المعرف لشطري الاسم). وحدث التجربة - وفقا لرؤية هذه الدراسة
- يكشف أن الشيطان ما كان ليجرؤ على أن يتقدم مجربا للكلمة المتجسد لو كان على يقين
بهذه الحقيقة، ولكنه نظرا لضبابية رؤيته وقناعاته - في هذه اللحظة تحديدا - فقد تشجع
مخدوعا من جهله وتجاسر محاولا هذه المحاولة الفاشلة.
- "وإذا هما قد صرخا قائلين:
"مالنا ولك يا يسوع "ابن الله"؟ أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا؟"
(مت 8: 29) .
- "وكان المجتازون يجدفون عليه
وهم يهزون رؤوسهم قائلين: "يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، خلص نفسك ! إن
كنت "ابن الله "فانزل عن الصليب!" (مت 27: 39 و 40).
- "فلما رأى يسوع من بعيد ركض
وسجد له، وصرخ بصوت عظيم وقال: "ما لي ولك يا يسوع "ابن الله العلي"؟
أستحلفك بالله أن لا تعذبني ! "لأنه قال له: "اخرج يا أيها الروح النجس".
(مر5: 6 و 7).
- "الذي يؤمن به لا يدان، والذي
لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم "ابن الله الوحيد". (يو 3: 18).
تعليق: هي الصيغة التي تشير إلى التشكك
في أن شخص الابن قد ظهر في إنسان متخذا اسما جديدا هو المسيح الذي فيه يمسح الجميع
صائرين كنيسة واحدة وجسد واحد وفيه ينجون من الدينونة وأما من هم خارج الكينونة في
هذا الاسم فقد دينوا وفقا لعزلتهم المهلكة، عنه.
- "أجابهم يسوع: "أليس مكتوبا
في ناموسكم: أنا قلت إنكم آلهة؟ إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله، ولا
يمكن أن ينقض المكتوب، فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنك تجدف، لأني
قلت: إني "ابن الله"؟ إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي" (يو
10: 34 - 37).
تعليق: هي الصيغة التي كشفت عثرة اليهود
في الرب يسوع إذ ظنوا أنه مجرد إنسان فأنكروا عليه إلوهيته متهمين إياه بالتجديف.
صيغة الجمع: أبناء الله
1- المرة الوحيدة في العهد الجديد
التي ورد فيها اسم: أبناء الله، معرفا لشطري الاسم، كانت في الاقتباس الآتي:
- "فإني أحسب أن آلام الزمان
الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا. لأن انتظار الخليقة يتوقع استعلان
"أبناء الله". إذ أخضعت الخليقة للبطل - ليس طوعا، بل من أجل الذي أخضعها
- على الرجاء. لأن الخليقة نفسها أيضا ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله".
(رو8: 18 - 21).
تعليق: الصيغة المعرفة للشطرين تبرز
كمال استعلان حدث النعمة في الكنيسة بظهور جميع أعضاء الكنيسة ثمرا للخليقة الطبيعية.
كل فرد من أبناء الله الكائنين في المسيح هو شخص متمايز، هو عضو في جسد المسيح. وما
بقاء الخليقة واستمرارها إلا رهن لظهور جميع أعضاء المسيح. ومتى اكتمل شخص المسيح بمجيء كل الأعضاء (كل الشخوص)
زال عن العالم سبب بقائه "لأن انتظار الخليقة يتوقع استعلان "أبناء الله".
إذن هي صيغة إنقضائية (اسخاطولوجية)
تعني كمال كل شيء، تمام "قبول "الدعوة" السمائية، تعني كمال النعمة. وليست تعني حدث النعمة المفتوح، الجاري "الآني".
2- الصيغة غير المعرفة لشطري الاسم:
(huioi theou): أمثلة
- "طوبى لصانعي السلام، لأنهم
"أبناء الله "يدعون. (مت 5: 9) .
- "فأجاب وقال لهم يسوع:
"أبناء هذا الدهر يزوجون (بكسر الواو مع التشديد) ويزوجون (بفتح الواو مع التشديد)،
ولكن الذين حسبوا أهلا للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات، لا يزوجون ولا يزوجون،
إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضا، لأنهم مثل الملائكة، وهم "أبناء الله"، إذ
هم أبناء القيامة". (لو 20: 34 - 36).
- "لأن كل الذين ينقادون بروح
الله، فأولئك هم "أبناء الله". إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف، بل
أخذتم روح التبني الذي به نصرخ: "يا أبا الآب". الروح نفسه أيضا يشهد لأرواحنا
أننا أولاد الله. فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا، ورثة لله ووارثون مع المسيح. إن
كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه". (رو 8: 14 - 17).
- "لأنكم جميعا "أبناء الله
"بالإيمان بالمسيح يسوع. لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح: ليس
يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع.
(غل 3: 26 - 28).
الصيغة تشير إلى واقعية الحدث وجريانه
في الكنيسة الحاضرة وليس إلى الدعوة إليه أو الوعد به أو حتى الإشارة إلى إنقضائه من
المنظور الاسخاطولوجي.
خلاصة
1- عندما تذكر الصيغة المعرفة (للشطرين)
لاسم "ابن الله"(o" huios "tou" theou")
فهي تعني شخص الرب يسوع التاريخي، الكلمة المتجسد. وليست تشير - بأي حال
من الأحوال- إلى شخص "الابن" في علاقاته الثالوثية (أي خارج إطار النعمة).
وعندما يذكر الاسم بهذه الصيغة فهو يقود سياقا "يدعو" إلى امتداد وافتراش
استحقاقات سر التجسد، في كل الذين يقبلون الدعوة، فالرب يسوع "ابن الله"
هو الأصل والباكورة وحجر الزاوية ورأس النعمة ومنبعها التي تمتد في الكنيسة إلى حد الامتلاء إلى قياس قامة ملء المسيح.
2- الصيغة غير المعرفة لشطري الاسم
(huiou theou) تشير إلى حالة النعمة المفتوحة الآنية التي فيها تقبل الكنيسة تفعيل
شهادة الرب يسوع التاريخي فيها، تقبل امتداد سر تجسده فيها فيها، تقبل ترأسه لها في
حدث واقعي آني، وليس مجرد وعد أو دعوة أو خطة معلنة، بل حسم إيجابي لحساب قبول الكنيسة
"دعوة" رأسها.
3- الصيغة التي تعتمد تعريف اسم
"الله" فقط (huios "tou" theou)
تشير إلى حالة من التشكك والظنية نحو شخص الرب يسوع التاريخي، الكلمة المتجسد.
4- من خلال تعرضنا للاسمين:
"الابن"و "ابن الله" قد برزت أهمية البعد الإضافي للاسم في يونانية
العهد الجديد، وقد تجلى ذلك في الإجابة على بعض الأسئلة بدون بذل أي مجهود في تأويل
النص:
- عندما يقول المبشر لمريم العذراء
بأن وليدها يدعى "ابن الله" بسب حلول الروح القدس عليها، كيف نفهم هذا؟ هل
كان لا يدعى ابنا قبل التجسد؟
- عندما يتقدم المجرب مستجوبا الرب:
إن كنت "ابن الله" افعل كذا وكذا، كيف نفهم هذا؟ هل يتجاسر الشيطان ليجرب
الله الكلمة، عن وعي؟
- عندما يخاطب الآب الابن: أنت ابني
أنا اليوم ولدتك، كيف نفهم هذا؟ هل لم يكن مولودا منه قبل "اليوم"؟
5- أيضا يعطينا البعد الإضافي للاسم
قدرة ترجيحية تساعدنا في الاختيار الحاسم في بعض الاختلافات الدقيقة بين الأصول والمخطوطات
المرجعية للكتاب. فعلى سبيل المثال في بشارة الملاك للعذراء، وردت في بعض المخطوطات
شبه الجملة: "منك: ek sou"
(المولود منك)، وطبقا لمنطق هذه الدراسة تبدو هذه العبارة خارجة عن السياق، فصيغة
"ابن الله" بدون تعريف للشطرين - الواردة في النص - لا تشير فقط إلى شخص
يسوع، التاريخي، المولود من العذراء - مثل الصيغة التي تعتمد تعريف شطري الاسم - بل
تشير إلى بدء زمن مجيء الكنيسة الكاملة. فلم تكن البشارة حدثا يخص العذراء وحدها، بل
هي بشارة للبشرية كلها بظهور رأس وجودها الجديد، خارجا من رحم العذراء ومعلنا بدء حدث مجيء الكل فيه.
مجدي داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق