الرقم"اثنا عشر"
المدخل
الطبيعي لدراسة هذا الرقم هو" أسباط بني اسرائيل الاثنا عشر " . قدكان
لكل سبط رئيس ( عدد 1 : 16 و 1أخبار27 :22 ) ، كما كان لكل سبط استقلال ذاتي ولكنه
يرتبط بمعاهدة مع باقي الأسباط . على أنه قد تم اختراق هذه المعاهدة كثيرا ( قضاة1 :3 ) و
(1أخبار 4: 42و43) و ( 1أخبار 5: 10و18-22). وبقيت مملكة الاثني عشر سبطا موحدة
إلى موت الملك سليمان ، فحدثت بينهم مخاصمات
ومشاحنات ، وحدثت خصومة بين يهوذا وأفرايم ( 2صموئيل 2 :4- 9و19 : 41-43 ) انتهت إلى انقسام المملكة إلى قسمين
: فانحاز يهوذا وبنيامين إلى رحبعام ابن الملك سليمان ودعوا مملكتهما باسم " مملكة
يهوذا " أو " المملكة الجنوبية "، وانحاز الأسباط العشرة الباقون إلى
يربعام بن نباط ودعوا أنفسهم " مملكة إسرائيل " أو المملكة الشمالية.
إذن الرقم اثنا عشر من واقع أسباط بني إسرائيل ،
المرتبطين والمتحدين– في ذلك الزمان - يكرس مفهوم مملكة وشعب الله الذي عنده العهد
مع الله بخلاف الأمم المرفوضين .
وإذا أردنا أن نحرر ونجرد المفهوم
بالأكثر ، نستطيع أن نقول بأنه يعني كنيسة
الله أو مملكة الله مع شعبه . والمفهوم يستوعب طيفا واسعا من الاحتمالات يبدأ بمهموم " الملكة الأرضية " كمملكة
أسباط بني إسرائيل الاثني عشر ، وينتهي ب"
المملكة السماوية " أو " ملكوت السماوات"، فنرى الملك الرب يسوع وهو
في طريقه إلى أن يملك على الصليب بإرادته التي أخلى فيها ذاته ، يكشف عن إمكاناته كملك
: "
! أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشا
من الملائكة ؟ " ( مت 26 : 53 ).
مستويات
فهم الرقم " اثني عشر "في العهد الجديد
في العهد الجديد نستطيع أن نرصد كنسية مفهوم الرقم " اثني عشر " من
خلال ثلاثة مستويات :
1- المستوى
الأول : الإشارة الرمزية إلى كنيسة العهد القديم
يمكننا أن نرصد مدلول الرقم " اثني عشر
" كإشارة إلى "كنيسة العهد القديم "من منظور الأناجيل الأربعة في صيغ
رمزية مختلفة تترسم من خلال مشاهد واقعية لأحداث تاريخية إنجيلية معينة . كنيسة العهد
القديم – التي نقصدها – هي تلك الشريحة من الكنيسة ،جسد المسيح التي تمثل أولئك الذين
رقدوا قبل تجسد الكلمة "وهم لم ينالوا
المواعيد ، بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها ، وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض
."( عب11 : 13 ). هؤلاء الراقدون قد حررهم الكلمة بتجسده ، عندما افتقدهم في الجحيم
وبعثهم من موتهم ومن فنائهم الطبيعي ، وضمهم إلى جسده ككنيسة . وعن هؤلاء يتحدث الرسول
بولس في مشهد بانورامي يربط التجسد ببعث الأموات الراقدين ، بانضمام كنيسة العهد الجديد
كنيسة دعوة الإنجيل ، فيقول : " لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون
سيحضرهم الله بيسوع ، أيضا معه . فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب : إننا نحن الأحياء
الباقين إلى مجيء الرب ، لا نسبق الراقدين. لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة
وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولا. ثم نحن الأحياء الباقين
سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب .
"( 1تس4 : 14- 17 ).
عندما تجسد الكلمة أشرق نهار النعمة على البشرية ،وأصبح الذين قبلوا دعوة الإنجيل
- المحمولة بواسطة الرسل إلى كل العالم - أبناء نهار. يوجد أبنار نهار ونور ويوجد الراقدون
، النائمون الذين من ليل وظلمة . الفئة الأولى هي كنيسة العهد الجديد ، كنيسة الدعوة
الرسولية . وأما الفئة الثانية فهي كنيسة العهد القديم ، كنيسة " الراقدين
" الذين أيقظهم الرب من رقاد موتهم ،
بتجسده . لنرى كيف يخاطب الرسول بولس كنيسة الدعوة الرسولية ( أبناء النهار ):
" وأما أنتم أيها الإخوة فلستم
في ظلمة حتى يدرككم ذلك اليوم كلص. جميعكم أبناء نور وأبناء نهار . لسنا من ليل ولا
ظلمة. فلا ننم إذا كالباقين، بل لنسهر ونصح.
لأن الذين ينامون فبالليل ينامون، والذين يسكرون فبالليل يسكرون.وأما نحن الذين من
نهار، فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة، وخوذة هي رجاء الخلاص."( 1تس5 : 4-
8 ).
أمثلة لرموز من العهد الجديد تخص رافد"
الراقدين ":
- إقامة
ابنة يايرس وشفاء نازفة الدم :
(مت9: 18- 26) ، ( مر5: 21-43 )، ( لو8 :40-56
).
جاء رجل إلى الرب مستنجدا بسبب مرض ابنته
التي لها نحو اثنتي عشرة سنة . اسم الرجل يايرس ، وهو بحسب متى "رئيس "(
مت 18: 18 )، وبحسب مرقس "واحد من رؤساء المجمع "( مر 5: 22 )، وبحسب لوقا
"رئيس المجمع ( لو8: 41) .وفي هذه الأثناء تأتي امرأة مريضة بنزف دم منذ اثنتى
عشرة سنة. وهي قد اقتنعت في نفسها أنها إن لمست هدب ثوبه برأت من دائها المزمن . وقد
كان لها ما أرادت وفقا لإيمانها الذي طوبه الرب . ويصل الرب إلى بيت يايرس بعد أن ماتت
ابنته ، ولكن الرب ينكر على الكل مفهومهم عن موت الصبية مدعيا أنها لم تمت ولكنها
" نائمة ".
يمسك الرب بيد الصبية قائلا :
" ياصبية ، لك أقول: قومي! وللوقت قامت الصبية ومشت ، لأنها كانت ابنة اثنتي عشرة
سنة. فبهتوا بهتا عظيما . فأوصاهم كثيرا أن لا يعلم أحد بذلك ." ( مر5: 41-
43 ).
تعليق :
- ابنة يايرس رئيس المجمع ، ابنة الاثنتي
عشرة سنة هي تلك الشريحة الكنسية التي قال عنها الرب أنها" لم تمت لكنها نائمة
"( مت9: 24 ). فشريحة " الراقدين " هي تلك الصبية التي" أمسك الرب
بيدها وقال لها: ياصبية ، لك أقول : قومي!"( مر5: 41) .
- المرأة نازفة الدم ، منذ اثنتي عشرة
سنة - والتي " قد تألمت كثيرا من أطباء كثيرين ، وأنفقت كل ماعندها ولم تنتفع
شيئا، بل صارت إلى حال أردأ ."( مر5: 26 )- هي كنيسة العهد القديم ، كنيسة الراقدين
، الذين ماتوا وفقا لموتهم الطبيعي ولم تستطع كل أدوية الناموس والشريعة القديمة أن
تنقذهم من داء الموت الذي استنفذهم وأهلكهم ولم يبق منهم شيئا ،إلى أن تجسد الكلمة
فتلامست معه ( لمست هدب ثوبه ) وقدكان لها هذا الإيمان العظيم الذي به انتظرت هذه اللحظة
( لحظة التجسد ) فبرأت من داء الموت وسمعت منه قوله المحيي :" ثقي ياابنة ، إيمانك
قد شفاك "( مت9: 22 ). بل والأكثر من ذلك أنها سبقت أبناء دعوة الكرازة الرسولية إلى التموقع في
جسد الرب .
- اثنتا عشرة قفة مملوءة
( مت14: 13- 21 ) ، (مر6 : 30 -44 ) ، ( لو9: 10- 17 ) ،(يو6: 1- 15 ).
- برجوع الرسل وبإخبارهم للرب عن مافعلوه
، أخذهم إلى موضع خلاء لمدينة تسمى بيت صيدا
( لو10 : 10 )، فركضت إليه جموع كثيرة " فتحنن عليهم إذ كانوا كخراف لا راعي لها
."( مر6: 34 ).
ولما صار المساء ( مت14 :15 ) ، بعد ساعات كثيرة
( مر6: 35 )،عندما " ابتدأ النهار يميل "( لو9 : 12 )، تقدم إليه تلاميذه
ليصرف الجموع الجائعة ولكن الرب يأمرهم أن يعطوهم هم ليأكلوا . ولكن من أين لهم أن
يشبعوا الآلاف في موضع قفر ؟ والحل دائما في بركة الرب التي تعاملت مع خمس خبزات وسمكتين
ليشبع الخمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال ، وليرفع ما فضل من الكسر - وهذا بيت
القصيد – اثنتا عشرة قفة مملوءة .
إذن لدينا مشهد " إفخارستي " يحدث
عند المساء، ويشبع فيه خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال ، ويفضل من الكسر اثنتا
عشرة قفة مملوءة . هذه هي "إفخارستيا الراقدين "( إذا جاز التعبير ). إفخارستيا
الذين من" ليل ومن ظلمة " ( كتعبير الرسول بولس )، إفخارستيا أولئك الذين
" كانوا كخراف لا راعي لها " فتحنن الرب عليهم حينما تجسد ، وضمهم إلى كيانه
كراع لهم .هي كنيسة العهد القديم التي تشكل رافدا للكنيسة الكاملة جسد المسيح . والخمسة
( في الخمسة آلاف رجل ) تعني – كما قلنا سابقا – الفئوية ، فنحن نتحدث عن فئة من فئات
الكنيسة أو عن رافد من روافدها . اختبر القدماء الراقدون ظل إفخارستيتهم الخاصة ( إذا
جاز التعبير) ، فظلوا يحتفلون بالفصح . ظلوا يحتفلون بعبورهم البحر الأحمر وبنجاتهم
من قبضة فرعون ، ولكنم لم يستطيعوا أن يعبروا موتهم وفسادهم الطبيعي ، ولا استطاعوا
أن يقهروا إبليس رئيس هذا العالم . لذلك فقد أصر الرب - وفي منتهى الشغف - في ليلة
موته ، وقبل أن يؤسس إفخارستيا " كنيسة دعوة الإنجيل " ، مباشرة - أن يأكل
الفصح مع تلاميذه . وهو ليس فقط اختبر ظل إفخارستيا الراقدين -كما كانوا يفعلون في
زمن وجودهم في العالم- بل كشف عن تكميل وامتلاء هذا الظل ، في شخصه وفي ذاته . هو قد
أكل الفصح فشبع القدماء ، فيه . هو قد عبر الموت فعبر فيه القدماء الراقدون . هو قد
أكل خروف الفصح في ليلة ذبحه مستعلنا امتلاء رمزية كل ماذبح من خراف . هكذا يتكمل الفصح
وتتكمل إفخارستيا القدماء في ملكوت الله ، في الرب يسوع الملك ذاته ، الذي ملك على
الصليب، وجذب إليه الجميع ( يو12: 32 )، حتى الذين في قاع الجحيم :
"ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا
عشر رسولا معه، وقال لهم :" شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم ،
لأني أقول لكم: إني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله". ثم تناول كأسا وشكر
وقال :" خذوا هذه واقتسموها بينكم، لأني أقول لكم: إني لا أشرب من نتاج الكرمة
حتى يأتي ملكوت الله ".( لو22: 14- 18 ).
لم تكن وليمة الفصح التي حضرها الرب في ليلة
العشاء الأخير مجرد طقس ديني ناموسي فلكلوري
، قد أتمه الرب – فقط لأنه لابد أن يكمل ويتتم الكتب والناموس ، بل كانت مناسبة كشف
امتلاء الناموس بظهور مشتهى الناموس وغايته
، ناموس المسيح ( غل 6: 2 ) الذي فيه قد عبر الراقدون إلى الحياة . وقد كان الرب حريصا على أن يأكل الفصح مع التلاميذ
الاثني عشر ( الذين هم كنيسة الدعوة الرسولية في العهد الجديد )، وذلك في الدقائق القليلة
قبل "كسر خبز" أصحاب الدعوة الرسولية ، فهذا هو الترتيب الذي صنعه الرب
" إذ "إننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب، لانسبق الراقدين...والأموات
في المسيح سيقومون أولا "( 1تس4 : 15 و16) .
- إقامة
لعازر ( يو11: 1- 44 )
يتثاقل الرب في الذهاب إلى صديقه المريض
لعازر ، فيمكث في الموضع الذي كان فيه لمدة يومين ثم يقرر الذهاب وفي هذا السياق يجيب
تلاميذه :" أليست ساعات النهار اثنتي عشرة؟ إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر
لأنه ينظر نور هذا العالم، ولكن إن كان أحد يمشي في الليل يعثر ، لأن النور ليس فيه
". قال هذا وبعد ذلك قال لهم : " لعازر حبيبنا قد نام .لكني أذهب لأوقظه
" ( يو11 : 9- 11 ). ويصل الرب إلى بيت عنيا ليجد لعازر قد صار له أربعة أيام
في القبر . يلخص الرب القضية لمرثا قائلا:" أنا هو القيامة والحياة . من آمن بي
ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد ." ( يو11 : 25
).وهناك عند القبر " بكى يسوع "( يو11: 35 )، ويأمرهم بأن يرفعوا الحجر
. يصلي :" أيها الآب ، أشكرك لأنك سمعت لي، وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي.
ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ، ليؤمنوا أنك أرسلتني ".( يو11: 41و42 ) . ثم يأمر الميت فيخرج حيا
.
لعازر هو رافد الراقدين ، النائمين . الرافد
الذي " عثر لأنه كان يمشي في الليل". رافد الذين ماتوا قبل المسيح ولكنهم
كانوا محفوظين كنائمين ولم يكن مونهم نهاية لهم ،إذ بمجرد تجسد الرب قاموا من نعاسهم
.
ظل لعازر في القبر أربعة أيام ، وكما
رصدنا سابقا، فرقم "أربعة " يعني
" الحفظ والحراسة " . ورافد الراقدين ظل محفوظا لحساب القيامة إلى أن قام
في المسيح . وهو الذي قال عنه " من آمن بي ولو مات فسيحيا ". هو قد آمن به
في أيام وجوده الغابرة ، وهو مات بالفعل وفني أقنومه بحكم طبيعته ، وهو أحيي بتجسد
الرب الذي هو " القيامة والحياة " .وبقى- لكي نكمل الصورة - أن نقول إن الشق
الآخر من عبارة الرب لمرثا ، الذي أشار إليه بقوله :" وكل من كان حيا وآمن بي
" هو الكنيسة الحاضرة ، كنيسة الدعوة الرسولية التي قبلت الإنجيل .هو الذي
" يمشي في النهار ( لذلك ) لا يعثر لأنه ينظر نور هذا العالم" .
سؤال : لماذا بكى يسوع ؟
لايمكننا أن نتبنى إجابة اليهود
:" انظروا كيف كان يحبه " . وأيضا لايمكننا أن نتبنى السؤال الاستنكاري التعجبي
، لبعضهم :" ألم يقدر هذا الذي فتح عيني
الأعمى أن يجعل هذا أيضا لا يموت ."( يو11 : 36و 37 ).
إن الرب ، الذي هو " القيامة
والحياة " بحسب كلامه ( ووعده ) لأختي لعازر ، قد أتى إلى القبر ليقيم لعازر من
الموت . وهو قد قال عنه أنه قد نام ولم يمت. هذا هو السياق التاريخي للحظة . كان الأمر
محسوما من قبل الرب ، ووعده أيضا كان محسوما لمريم ومرثا . إذن ماهو مبرر البكاء ؟
وماهو مبرر انزعاج الرب واضطرابه بالروح مرتين ؟:
( يو11: 33 ) و( يو11: 38 ). إن اللحظة
كانت لحظة المجد والانتصار على الموت ، فلماذا نرتد إلى صورة عتيقة مضمونها الحزن والعجز
، كالباقين الذين لارجاء لهم "( 1تس 4 : 13 )؟ أليس هو رب الرجاء ذاته ؟
إن الإشارة هنا واضحة جدا ، فقد
" بكى يسوع " بعدما قالوا له " ياسيد ، تعال وانظر ؟"،كإجابة على
سؤاله :" أين وضعتموه ؟"( يو11 : 34).كانت لحظة الافتقاد لرافد الراقدين
الذين ماتوا وفنوا وتلاشوا بحكم طبيعتهم . اللحظة هي لحظة التجسد ( تعال وانظر ) .
بكى ليرصد هذا الواقع الأليم المأساوي الذي استمر لآلاف السنين إلى أن ظهر الكلمة في
الجسد فافتقد الذين في الجحيم ، أولئك الذين ظلوا محفوظين في إرادته وفي محبته إلى
أن تجسد فافتقدهم .فالبكاء دائما هو خلفية حدث الموت وعدم الوجود " ليتم ما قيل
بإرميا النبي القائل :" صوت سمع في الرامة ، نوح وبكاء وعويل كثير .راحيل تبكي
على أولادها ولا تريد أن تتعزى ، لأنهم ليسوا بموجودين ".( مت2 : 17و 18 ).
وفي حديثه مع الآب – مباشرة قبل أن
يأمر لعازر بالقيامة من الموت -يكشف الرب ويؤكد على حقيقة هذه الخلفية غير المنظورة
للمشهد المنظور ، أي إقامة الراقدين بفضل ظهور الكلمة في الجسد ، فيشكر الآب لأنه سمع
له وأنه في كل حين يسمع له ، ولأجل أن يؤمن الجميع بإرساليته،أي تجسده .
2- المستوى
الثاني :كنيسة الدعوة الرسولية ( الكرازة بالإنجيل
)
بخصوص الاثني عشر رسولا قد دخل الرقم
اثنا عشر إلى مستوى جديد من الكشف والاستعلان للكنيسة . والشريحة " الكنسية " المستعلنة هنا هي كنيسة العهد الجديد ، الكنيسة
الحاضرة ، كنيسة دعوة الإنجيل التي بشر بها الرسل وفتنوا المسكونة كلها بكرازتهم ،
فقد اختار الرب الاثني عشر ودعاهم رسلا وأرسلهم ليكرزوا بالإنجيل ، مؤيدا إياهم بالمواهب
والمعجزات فأعطاهم سلطانا على شفاء المرضى وإخراج الشياطين. ( مر3: 13- 15 )،
"( مر6: 7 )، ( لو 6: 13 ). الكنيسة
الحاضرة – في العالم - هي مركز الوعي ( وعي الكنيسة بذاتها ، ككنيسة ) ، وعي المدعوين
مسيحيين أي المدعوين للشركة في المسيح . والدعوة بطبيعتها تحتمل القبول مثلما تحتمل
الرفض ، لذلك فإن شريحة كنيسة الدعوة الرسولية ليست شريحة متجانسة ، فبالرغم من أن
أصحاب هذه الشريحة هم مختارون من الرب إلا أنه " سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة
وعجائب، حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا ."( مت 24: 24 ).
لذلك فهناك من ينتمون إلى الكنيسة
الحاضرة ولكنهم بالفعل أبناء الهلاك ، ففي
حديث يسوع للاثني عشر يؤكد هذا الأمر فيقول :" ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا؟"
فأجابه سمعان بطرس:" يارب ، إلى من نذهب ؟ كلام الحياة الأبدية عندك، ونحن قد
آمنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي". أجابهم يسوع:" أليس أني أنا اخترتكم،
الاثني عشر؟ وواحد منكم شيطان!" قال هذا عن يهوذا سمعان الإسخريوطي ، لأن هذا
كان مزمعا أن يسلمه ، وهو واحد من الاثني عشر"( يو6 : 67 – 71 ).
تعليق : يجب أن نلاحظ في هذا الاقتباس
أمرين : 1- مركزية الوعي التي تتمتع بها كنيسة الدعوة الرسولية وحدها (كلام الحياة
الأبدية عندك، ونحن قد آمنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي ) .2- تأكيد الرسول يوحنا
الإنجيلي على أن الخائن والرافض للدعوة هو مكون أساسي من مكونات المشهد الكنسي الحاضر
( وهو واحد من الاثني عشر ) . يتمايز الذين
قبلوا الدعوة وصاروا كنيسة بالفعل - أي انضموا إلى جسد المسيح الكامل الممتلئ صائرين
رافدا حقيقيا ومكونا له - عن أقرانهم من شريحة الكنيسة القادمة من الرافد الآخر ، الذي
سبقهم ( رافد الراقدين ) ، في كونهم لم يرقدوا مثلهم ، لم يموتوا ولم يفنوا بحكم طبيعتهم
، ولم يحتفظ بهم لحساب صلاح الله ومحبته حتى ما يبعثوا ثانية من موتهم ، فيبدون كما
لوكانوا مجرد نائمين وليسوا أموتا .
عندما مات القدماء المعينون ككنيسة
في المسيح ( في ملء زمان التجسد ) قد تلاشى وجودهم وسكنوا الجحيم ، وطواهم العدم .
ولكن ما أن تجسد الكلمة وافتقدهم في الجحيم حينما نزل إليه في جسده الخاص ، إلا وقد
بعثوا وانضموا إليه كرافد يصب في كنيسته التي هي جسده . وأما أصحاب الدعوة الرسولية
الذين قبلوا الإنجيل فلا يكون موتهم نهاية لهم ولا يكون حتى رقادا مثل سابقيهم ولكنه
يكون مجرد خلع للعتيق الظاهر ، مجرد تغير إلى استعلان الحالة الكنسية التي في المسيح
، حيث الحياة الأبدية وعدم الفساد . هكذا ينتقل المسيحيون الحاضرون إلى المسيح صائرين
كنيسة ، أو بالمعنى الدقيق صائرين رافدا آخرا ( كرافد الراقدين ) يصب في جسد المسيح
.هذا هو السر العجيب المدهش الذي يبوح به الرسول بولس : " هوذا سر أقوله لكم
: لا نرقد كلنا ، ولكننا كلنا نتغير ، في لحظة في طرفة عين ، عند البوق الأخير. فإنه
سيبوق ، فيقام الأموات عديمي فساد ، ونحن نتغير. لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد
، وهذا المائت يلبس عدم موت . "( 1كو 15: 51- 53 ) .
تعليق : البوق الأخير هو البوق السابع
( رؤ11 :15 ) ، هو ملء الزمان ( سبعة يعني الملء )، هو زمن التجسد .
لذلك
فإن تحقق وجود أصحاب الدعوة والكرازة الرسولية ، كرافد من روافد امتلاء الكنيسة
جسد المسيح ( أي تفعيل دعوة الإنجيل الذي قبلوه بوعيهم في هذا العالم ، فيهم ، ومجيء
الرب فيهم ) هو حدث كاشف للمأساة التي كان
يعيشها أصحاب رافد " الراقدين " قبل التجسد ، إذا قد انحدروا إلى الجحيم
وظلوا محبوسين فيه إلى أن حررهم الرب الذي افتقدهم هناك . وعليه فمن المنطقي أن يبدو
رافد الكرازة والدعوة كديان لهم ( بأثر رجعي ) لذلك الماضي الذي فيه قد حرم هؤلاء من
وجودهم ككنيسة :
- " فأجاب بطرس حينئذ وقال له:
" هانحن قد تركنا كل شيء وتبعناك . فماذا يكون لنا؟" فقال لهم يسوع:"
الحق أقول لكم :إنكم أنت الذين تبعتموني ، في التجديد ، متى جلس ابن الإنسان على كرسي
مجده ، تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر."(
مت19: 27و28 ).
- " وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتا، لتأكلوا
وتشربوا على مائدتي في ملكوتي ، وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر
"( لو22: 29و30 ).
- حينما ظهر الكلمة في الجسد وجعل
من جسده مأكلا للكنيسة فيه يشبع الجميع ويشبع هو ذاته ويمتلئ ككيان يحتوي الكل . هكذا
قد رسم التدبير للكنيسة الحاضرة ، كنيسة دعوة الإنجيل . ولكنه بخروجه إلى العالم قد
خرج إلى هولاء الذين بلا ثمر للحياة لآلاف السنين ، خرج إلى التينة التي بلاثمر والتي
استحقت اللعنة . خرج الرب جائعا إلى ثمر ذلك الرافد : " فدخل يسوع أورشليم والهيكل ، ولما نظر
حوله إلى كل شيء إذ كان الوقت قد أمسى ( إشارة إلى الذين من ليل ومن ظلمة ) خرج إلى
بيت عنيا ( العالم ) مع الاثنى عشر ( كنيسة الدعوة والكرازة ). وفي الغد لما خرجوا
من بيت عنيا جاع ، فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق ، وجاء لعله يجد فيها شيئا . فلما
جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا، لأنه لم يكن وقت التين ( زمن ماقبل التجسد ، زمن الراقدين
). فأجاب يسوع وقال لها :" لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد " ... وفي
الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول ( فساد الموت الطبيعي لأصحاب
رافد الراقدين ) ، .." ( مر11 : 11-
20 ).
ولكن هذا الوضع المأساوي قد تبدل بتجسد
الرب وهكذا صار الوعد ، الذي هو في حقيقته أمر واقع بالفعل :" فمن شجرة التين
تعلموا المثل: متى صار غصنها رخصا وأخرجت أوراقها ، تعلمون أن الصيف قريب. هكذا أنتم
أيضا ، متى رأيتم هذا كله فاعلموا أنه قريب على الأبواب . الحق أقول لكم لا يمضي هذا
الجيل حتى يكون هذا كله."( مت24: 32- 34 ).
3- المستوى
الثالث : الاثنا عشرية المطلقة
إننا لانستطيع أن نمسك عيون أذهاننا
عن الدهشة بخصوص هذه الاثنى عشرية العجيبة التي تستعلنها الكنيسة الممتلئة الكاملة
" المدينة العظيمة أورشليم المقدسة النازلة من السماء من عند الله ، ولها مجد
الله ."( رؤ21 :10و11 )،
ومواصفاتها :
1- لها اثنا عشر بابا ( رؤ21 : 12).
2- الاثنا عشر بابا اثنا عشرة لؤلؤة ( رؤ21: 21 ).
3- على الابواب اثنا عشر ملاكا ( رؤ21: 12 ).
4- أسماء مكتوبة ( على الأبواب ) هي أسباط بني إسرائيل
الاثني عشر ( رؤ21 : 12 ).
5- سور المدينة كان له اثنا عشر أساسا ( رؤ21: 14
).
6- عليها ( على الأساسات ) أسماء رسل الخروف الاثني
عشر ( رؤ21: 14).
7- قياس المدينة بالقصبة مسافة اثني عشر ألف غلوة
( رؤ21: 16 ).
8و9 – قياس سورها : مئة وأربعا وأربعين ذراعا ( اثناعشر مضروبا في اثني عشر ). ( رؤ21: 17 ).
10- لها اثنا عشر ضلعا ( حرف، حافة
) ، شكل المكعب ،" الطول والعرض والارتفاع متساوية "( رؤ21: 16
).
11- في وسط سوقها وعلى النهر من هنا ومن هناك ، شجرة
حياة تصنع اثنتي عشرة ثمرة،( رؤ22: 2 ).
12- شجرة الحياة تعطي ثمرها على مدار الاثني عشر شهرا
لأنها " تعطي كل شهر ثمرها، وورق الشجرة لشفاء الأمم "( رؤ22: 2 ).
نستطيع أن نرصد توزيع المعطيات التي ذكر فيها الرقم
اثنا عشر- بطريقة حرفية مباشرة ( بخلاف 7، 8 و9
)، وبدون استنتاج من السياق ( بخلاف
10و 12 ) – على ثلاثة أقسام :
1- قسم " الأبواب " : 1،
2، 3و 4 .
5- قسم" الأساسات" : 5و6
.
3- قسم " الأمم " : 11و
12 .
هذه هي الأقسام الثلاثة التي تمثل الروافد الثلاثة
التي تمتلئ منها الكنيسة :
1 - القسم الأول هو رافد الراقدين ، كنيسة العهد القديم ، مرموزا
له بالأسباط الاثني عشر المكتوبة أسماؤهم على الأبواب . وهم أصحاب " الأبواب
"لأنهم أول رافد يصب في الكنيسة ، وهم سبقوا – حتى – رافد أصحاب دعوة الرسل ،
فهم " الأموات في المسيح " الذين " سيقومون أولا " ( 1تس4:
16 ).
2 - القسم الثاني هو رافد دعوة الكرازة الرسولية
، مرموزا له بأسماء "رسل الخروف الاثني عشر" . وأصحاب هذا الرافد هم أصحاب" الأساسات" لكونهم " مبنيين على أساس الرسل
والأنبياء " ، كما يخاطبهم الرسول بولس في ( أفس 2: 20 ).
3- القسم الثالث هو رافد الجهالة والتجهيل . رافد الذين يسقطون من وعي أصحاب
دعوة الإنجيل . شريحة " الأمم " بالمفهوم المطلق وليس بالمفهوم التاريخي للكلمة ( أي المحكوم
عليهم بالإدانة والإقصاء عن المسيح ، لمجردكونهم ليسوا "مسيحيين " ،أو لم
يدعوا "مسيحيين" ). وهذا موضوع سيتم تغطيته بشيء من التفصيل لاحقا .
مفهوم " ثلاثية تركيب الكنيسة " في العهد الجديد
أمثلة لبعض من الثلاثيات :
1- ثلاثية الثمر: " ثلاثون وستون ومئة
"
( مت13 :8 و23 ) ، ( مر 4: 8و 20 ).
مثل الزارع هو رؤية بانورامية للخليقة
ولحدث الخلق ، رؤية للكون منذ لحظة انطلاقه وحتى مجيء واكتمال حصاد كل ثمره واكتمال
المستهدف من وجوده .وإذا كانت الكنيسة كجسد للمسيح هي مجتمع الحصاد والثمرالكوني ،
فإن هناك طريقا طويلا لمسار الكون يبدأ من لحظة انطلاقه مرورا بتكوين مجراته وأفلاكه
وانتهاءا بظهور الأرض المستتبع بمسار ظهور وتكريس الحياة البيولوجية التي تتجلى في
قمة هي الجنس البشري . هذا هو الطريق الذي كرسته النعمة وتجلى فيه الكلمة ( الذي سقط
بعض من بذاره عليه ) . لم يكن الكون بمساره الطويل مستهدفا لذاته ولكنه مستهدف كهدف مرحلي وقتي مؤدي إلى الأرض المستهدفة
للزراعة ،أي الإنسان . وعليه فهذا الكون بجملته محفوظ للنار ، أي للفناء والعودة للعدم
ثانية بعد أن يتحقق الهدف من وجوده إذ تأتي طيور السماء لتأكل ماسقط عليه .
أما الإنسان فهو المحطة الأخيرة في
مسار الكون المادي المنظور ، وهو – من المفترض أن يكون – الأرض التي تستقبل بذار الكلمة
المزروع للحياة الأبدية . ولكننا نجدنا أمام ثلاث شرائح من التربة البشرية :
1- شريحة الأرض المحجرة وهم أولئك
البشر غير المهيئين بعمق كاف لاستقبال مد بذور الكلمة فيهم . هم غير المهيئين للشركة
في الروح القدس ، وبالتالي فسرعان مايجف نبتهم بظهور شمس الحقيقة .
2- الأرض الشائكة وهم أولئك الغارقون حتى النهاية
في شهواتهم الأرضية وخطاياهم ، وبالتالي فنبتهم مخنوق بأشواك ميولهم الردية المسيطرة
عليهم حتى النهاية .
3- شريحة الأرض الجيدة وهم أولئك الذين
لهم عمق يستطيع الروح القدس أن يملأه فيثمر فيهم ثمر الحياة ، هذا فضلا عن تجاوزهم
لأشواك ذواتهم وانتصارهم على الخطية في المسيح ولسان حالهم :" أين شوكتك ياموت
؟ أين غلبتك ياهاوية ؟"(1كو15 :55 ). هؤلاء هم الذين يثمرون ثمرا بعضه ثلاثون
وآخرستون وآخر مئة .
ثمر الكنيسة هو " ثلاثون وستون ومئة
"
- الرقم ثلاثون هو حاصل ضرب خمسة في ستة . الخمسة يعني " الفئة "
والستة يعني " الإقصاء والتجاهل " .
الرقم ثلاثون هو رافد من الروافد الثلاثة
التي تمتلئ منها الكنيسة . هو رافد يأتي من بشر كثيرين ، من أمم وثقافات وشعوب مختلفة
، ولكن مايميزهم هو أنهم قد تم إقصاؤهم عن وعي الكنيسة صاحبة الدعوة الرسولية ، فينظر
إليهم كمرفوضين ، لا لشيء إلا لأنهم لم يقبلوا دعوة الإنجيل عن وعي ، فحكم عليهم من
قبل أصحاب دعوة الإنجيل – في العالم – بأنهم لا نصيب لهم في المسيح ، إذ لم يطلق عليهم
لقب " مسيحيين " . إنهم رافد " الأمم " ، بالمعنى المطلق للكلمة
وليس بالمعنى التاريخي الذي هو من أدبيات الديانة اليهودية . هم ليسوا من شعب الله
المختار ،كما يتوقع أصحاب دعوة الكرازة الرسولية في أنفسهم !.
- الرقم ستون هو حاصل ضرب خمسة في اثني
عشر . الخمسة يعني " الفئة " ، والاثنا عشر يعني " كنيسة العهد القديم
، كنيسة الراقدين ". الرقم ستون هو رافد من الروافد الثلاثة التي تمتلئ بها الكنيسة
جسد المسيح.
- الرقم مئة هو حاصل ضرب عشرة في عشرة . العشرة
يعني " الكل ". المئة هي " الكل في الكل " .الرقم مئة هو رافد
من الروافد الثلاثة التي تمتلئ بها الكنيسة ، هو رافد أصحاب دعوة الكرازة الرسولية
، رافد الذين قبلوا الإنجيل في هذا العالم ، رافد كل الذين قبلوا كل الحقيقة الإنجيلية
.
المفهوم الإنجيلي للشهادة هو الشهادة
للمسيح ،أي تكريس وجود الكنيسة كجسد للمسيح ، الكلمة المتجسد في البشر. هكذا يتحقق
للبشر الصائرين كنيسة وجود أبدي ، بينما كل من هم خارج الشركة في الابن هم خارج الحياة
والوجود . هذا المعنى تحديدا هو تعريف القديس يوحنا الإنجيلي للمصطلح : " وهذه هي الشهادة : أن الله أعطانا حياة أبدية،
وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة
."( 1يو5: 11و12 ).
والشهادة بطبيعتها " ثلاثية ". فثلاثية وجود ما -كما سبق أن رصدنا
- هي الشهادة الاستعلانية الكاشفة لهذا الوجود الواحد . فالوجود الإلهي ذاته هو حقيقة
تستعلنها شركة الثالوث القدوس . وأيضا وجود الكنيسة الواحد ، في المسيح ، هو وجود تحققه
وتستعلنه ثلاثية تركيب الكنيسة من ثلاث شرائح تصب من ثلاثة روافد مختلفة .
وفي عبارة جامعة يستعرض الرسول يوحنا
الإنجيلي المفهوم المتصل للشهادة ،في الوجود بكامله ، بسمائه وبأرضه ، فيقول :
- " فإن الذين يشهدون في السماء
هم ثلاثة : الآب، والكلمة، والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد. والذين يشهدون في
الأرض هم ثلاثة: الروح، والماء، والدم. والثلاثة هم في الواحد . "( 1يو5 : 7و8
).
شهادة الروح
هي الشهادة لوجود مجهول بالنسبة لنا . وحتى على مستوى أصحاب دعوة الإنجيل ، الذين دعوا
على اسم المسيح ، هم لا يدركون حقيقة مآلهم الذي يرجونه ، ولكن الروح يحققه لهم حتى في غيبة كامل وعيهم وإدراكهم له
: " ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا
نتوقعه بالصبر. وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما
ينبغي. ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها. "( رو8: 25 و 26 ). إذن
حتى بالنسبة للقديسين هم يحملون بالروح إلى ماهو مزمع أن يكون لهم ، بالرغم من عدم
تقاطع إرادتهم الواعية في هذا العالم بتفاصيل ودقائق الحدث . هذا هو عين ما خاطب به الرب بطرس ، حينما قال له:
" الحق أقول لك : لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء. ولكن متى
شخت فإنك تشد يديك وآخر يمنطقك، ويحملك حيث لا تشاء." ( يو21: 18 ).
وعليه فإن شهادة الروح ، باعتبارها الشهادة لوجود مجهول – وفي سياق وجودها في
هذه الثلاثية - فهي شهادة شريحة من شرائح الكنيسة
الثلاث ، شريحة الوافدين من أمم وثقافات مختلفة ، هي بالقطع قد تم تجاهلها ، بل وإقصاؤها
من قبل أصحاب دعوة الكرازة الرسولية . هي شهادة القادمين من المحسوبين مدانين في هذا العالم ، من قبل أصحاب دعوة الإنجيل . هي
شريحة القادمين من أقوام لم يدعوا مسيحيين في هذا العالم ، ولكن الروح القدس يتعامل
معهم ، بالرغم من جهالتنا بهم وتجاهلنا لهم وأيضا بالرغم من جهالتهم بأنفسهم ، فيظهر
منهم إخوة لنا وأعضاءا من لحمنا ومن دمنا ، من لحم ومن دم المسيح ، في مجيئه .
شهادة الماء
هي شهادة أصحاب دعوة الكرازة الرسولية ، أصحاب دعوة الإنجيل الذين اصطبغوا في هذا العالم
بصبغة اسم المسيح ، فقد دعوا مسيحيين . ومن هؤلاء المدعوين يصب رافد ، من ضمن روافد
ثلاثة ، في جسد المسيح ( الكنيسة ) . حينئذ فقط يستعلن امتلاء صبغتهم الأبدية كأعضاء
في جسد المسيح .لذلك أرسل الرب رسله ليكرزوا بالإنجيل ، فيهيئوا نبعا لهذا الرافد ،
رافد شهادة الماء : " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح
القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. "( مت28 : 19و 20 ).
وهكذا كان من المنطقي أن كلمات الإنجيل
، على لسان الرب مخاطبا نيقوديموس - والتي تخاطب من ورائه أصحاب دعوة الكرازة ( أصحاب
شهادة الماء)- أن تختزل القضية في مايدركونه عن أنفسهم ، فيقول له : " الحق الحق
أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ."(
يو3: 5 ).
شهادة الدم
هي شهادة الشريحة الكنسية الآتية من رافد الراقدين ، هؤلاء الذين ماتوا قبل تجسد الكلمة
ولكن ما أن حل ملء الزمان وظهر الكلمة في الجسد إلا وابتعثوا من رقاد موتهم . في أحد
مشاهد سفر الرؤيا يرصد معلمنا يوحنا أصحاب
هذا الرافد وهم ينتظرون زمن رد الحياة المفقودة ، أي زمن التجسد ، الذي يحمل على جناحيه
مجيء " العبيد رفقائهم "من أصحاب دعوة الإنجيل ، الذين يختبرون عن وعي موت
الرب وقيامته ، ولا يرقدون زمانا مثلهم : " ولما فتح الختم الخامس، رأيت تحت المذبح
نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله، ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم، وصرخوا بصوت
عظيم قائلين: " حتى متى أيها السيد القدوس والحق، لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟" فأعطوا كل واحد ثيابا بيضا، وقيل
لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم، وإخوتهم أيضا، العتيدون
أن يقتلوا مثلهم."( رؤ6: 9- 11 ).
وفي مشهد آخر من مشاهد الرؤيا يرصدهم
وهم يرزحزن تحت سطوة سلطان الجحيم لزمن محدود ، هو زمن رقادهم الذي استسلموا فيه لمطلب
طبيعتهم الفاسدة . ولكن هذا المطلب لم يكن نافذا إلا لذلك الزمن المحدود، فبمجرد حلول
ملء الزمان هرب منهم موتهم واستردوا حياتهم في المسيح : " ثم بوق الملاك الخامس، فرأيت كوكبا قد سقط
من السماء إلى الأرض ، وأعطي مفتاح بئر الهاوية . ففتح بئر الهاوية، فصعد دخان .. ومن
الدخان خرج جراد على الأرض ، فأعطي سلطان كما لعقارب الأرض سلطان. وقيل له أن لا يضر
... ،إلا الناس فقط الذين ليس لهم ختم الله على جباههم .وأعطي أن لا يقتلهم بل أن يتعذبوا
خمسة أشهر ... وفي تلك الأيام سيطلب الناس الموت ولا يجدونه، ويرغبون أن يموتوا فيهرب
الموت منهم."( رؤ9: 1- 12) .
ملحوظة : " الخمسة " – كما رصدنا – هي
" الفئة ". وفي سفر الرؤيا ينظر إلى
الراقدين – من وجهة نظر أصحاب دعوة الكرازة الإنجيلية – على أنهم الفئة الوحيدة
، والشريحة الكنسية الأخرى
( غيرهم ) ، التي تجمعها معهم شركة
في جسد المسيح. وهذا يتناقض تماما مع نظرتهم إلى الآخرين المقصيين، غير المدعوين مسيحيين
.
3- ثلاثية المشهد الإفخارستي
1- المشهد
الإفخارستي لأصحاب كنيسة دعوة الإنجيل
وهو مشهد التأسيس الإفخارستي في ليلة
عشاء الرب الأخير :
( مت26: 26- 28 )، ( مر14: 22- 24
) ،( لو22: 19- 23 ) و( 1كو11 : 23- 26 ).
هو المشهد الإنجيلي، الخاص بأصحاب
مركزية الوعي الكنسي ( وعي الكنيسة بذاتها ، ككنيسة ) في هذا العالم . أصحاب هذا المشهد
يدركون في هذا العالم أنهم مدعوون لأن يصيروا مستوعبين في شركة جسد المسيح . هم يدركون
أن الكلمة بتجسده قد أشبع جسده الخاص بشبع الحياة وعدم الموت ، بل قد صار مصدرا لشبعهم،
فهو يخاطبهم : " كما أخذت " خذوا " ، وكما أكلت
" كلوا " . فإن فعلتم هذا ، صرتم واحدا في ، فينتقل شبع الحياة مني ( كرأس
) إليكم ( كأعضاء ) ،و " هذا " الذي تثمرونه " هو جسدي " الذي
يستوعبكم ككنيسة . "( مت26:26 ). " فكلما أكلتم"، فشبعتم " "وكلما شربتم "، فارتويتم
بري الحياة ، "تخبرون" وتستعلنون في أنفسكم "موتي " وقيامتي ،
إلى أن تأكلوا كلكم وتشبعوا، فيتحقق
" مجيئي" -كشخص واحد- فيكم ." ( 1كو 11: 26 ).
عشاء الرب مع تلاميذه الاثني عشر الذي فيه قد استثني
منهم " ابن الهلاك " الذي أسلمه ، هو حدث تكريس وجود شريحة من شرائح الكنيسة
الثلاث ، شريحة أصحاب دعوة الكرازة الإنجيلية . والحدث هو الاستثمار النعموي لخبزهم
المكسور وكأسهم المسكوب إلى أن يصيروا رافدا كنسيا يصب في جسده الكامل الممتلئ . هؤلاء
قد دعوا – عن وعي – ليصيروا كنيسة ، ولكن ليس كل من دعي قد قبل الدعوة . فهناك دائما يوجد " يهوذا " في الوسط .أما هذا الرافد
الذي يشترك في الرب فقد سقط منه ابن الهلاك ، الذي كان محسوبا على كنيسة الدعوة في
هذا العالم .
2- المشهد الإفخارستي لأصحاب كنيسة الراقدين
وهو مشهد إشباع الخمسة الآلاف رجل
من خمسة أرغفة وسمكتين "
( مت14: 13- 21 )، ( مر6: 30- 44
) ،( لو9: 10- 17 ) و( يو6: 1- 15 ) .
هو المشهد الإفخارستي الخاص بكنيسة
الراقدين ، وفيه تتماهى نظرة أصحاب دعوة الكرازة الرسولية إليهم ، مع واقعهم المرصود لهم من قبل النعمة :
1- " اثنتا عشرة قفة مملوءة
" هي نظرة أصحاب كنيسة الدعوة ، فهم ينظرون إليهم ككنيسة تشترك معهم في المسيح
الجسد الواحد . وهم ينظرون إليهم أنهم قد امتلأوا وصاروا كنيسة حينما تجسد الكلمة فأعتقهم من الجحيم ، جاعلا من
موتهم مجرد رقاد .
2- " خمسة آلاف رجل " من
منظور الواقع النعموي هم فئة ( خمسة ) من فئات الملكوت ( الألف ) ، الذي هو الكنيسة
الكاملة الممتلئة بروافدها الثلاثة .
- إفخارستيا " الخمسة أرغفة والسمكتين"
هي حدث تكريس وتحقيق وجود شريحة من شرائح الكنيسة الثلاث . الحدث هو الاستثمار النعموي
لفئة من البشر ( خمسة أرغفة ) الذين انتظروا
تجسد الكلمة ، ولكنهم ماتوا وفنوا وفقا لطبيعتهم الفاسدة ، طبيعة الإنسان العتيق
، إنسان الجسد والنفس ( السمكتين ) .
3- المشهد الإفخارستي لأصحاب كنيسة
المقصيين
وهو مشهد إشباع الأربعة الآلاف رجل
من سبعة أرغفة وقليل من صغار السمك :
( مت15: 29- 39 ) و ( مر8 : 1- 10
).
وتتناقض نظرة كنيسة الدعوة لهم ، مع
نظرة الواقع النعموي المرصود لهم :
1-
" سبعة سلال مملوءة " هي المشهد من منظور أصحاب كنيسة الدعوة .شهد كمال الملء . لايوجد آخر معهم ، في المسيح،
غير الراقدين .أما هؤلاء فليسوا فئة معهم ، على الإطلاق .
2-
" أربعة آلاف رجل " الواقع
النعموي لهؤلاء هو أنهم محفوظون ( الأربعة هي الحفظ) للملكوت ( الألف) .
- إفخارستيا "السبعة أرغفة والقليل
من صغار السمك "هي حدث تحقق وجود شريحة من شرائح الكنيسة الثلاث . الحدث هو الاستثمار
النعموي لهؤلاء الذين يبدون - من وجهة نظر أصحاب الدعوة - بلا قيمة ( قليل من صغار السمك ) ، ويبدو -أيضا- أن الوجود البشري كله ( سبعة أرغفة ) مهيأ للامتلاء بدونهم .
4- ثلاثية عائلة لعازر
عائلة لعازر ، المقيمة في "يت
عنيا " ، هي الكنيسة المغتربة في هذا العالم بروافدها الثلاثة . وبيت عنيا ، كلمة آرامية بمعنى " بيت البؤس
" . والإشارة واضحة لا تحتاج إلى اجتهاد
. والعجيب أيضا هو مدلول مدى الاقتراب الجغرافي لبيت عنيا مع أورشليم فقد " كانت
بيت عنيا قريبة من أورشليم نحو خمس عشرة غلوة ."( يو11: 18 ).
هذه هي الكنيسة التي أحبها الله في
العالم فقد " كان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر "(يو11: 5 ).
1- لعازر هو رافد الراقدين ، كما سبق أن شرحنا بالتفصيل
في ما يخص الرقم " اثني عشر ".
2- مريم
أخت لعازر هي ساكبة الطيب في: ( مت26: 6-
13 )، (مر14 :3- 9 ) و( يو12: 1- 8) . وهي غير المرأة الخاطئة الوارد ذكرها في : (
لو7: 36- 50 )، والتي حدثت قصتها في بيت سمعان الفريسي. بينما قصة مريم أخت لعازر قد
حدثت في بيت سمعان الأبرص.
مريم أخت لعازر - ساكبة " قارورة الطيب كثير الثمن "( بحسب
متى ) أو " قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن " (بحسب مرقس ) أو "
أخذت منا من من طيب ناردين خالص كثير الثمن "( بحسب يوحنا ) ، والتي " سكبته
على رأسه وهو متكئ " ( بحسب متى )، أو "كسرت القارورة وسكبته على رأسه
"( بحسب مرقس )، أو "دهنت قدمي يسوع ، ومسحت قدميه بشعرها "( بحسب يوحنا
) - هي كنيسة دعوة الكرازة الرسولية في هذا العالم والتي منها ينبع رافد من ثلاثة روافد
تملأ جسد المسيح ، الكنيسة الكاملة الممتلئة إلى الأبد . وفي هذا العالم قد فتنت المسكونة
برائحة المسيح الذكية ( 2كو2: 15 ) التي فاحت من قارورة " كنيسة الدعوة
" المسكوبة ، والتي بسبب فعلتها " امتلأ البيت ( العالم ) من رائحة الطيب
"( يو12: 3 ). ولذلك " فحيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم ، يخبر أيضا
بما فعلته هذه تذكارا لها "( (مت26: 13 ) و( مر14: 9 ).
في " كسر القارورة " ملمح إفخارستي لا
يمكن تجاهله ، وهو الملمح الخاص بإفخارستيا أصحاب دعوة الكرازة الرسولية ، أي
" كسر الخبز "، فكما بأنه بكسر الخبز يتكشف إفخارستيا إلتئام جميع أعضاء
كنيسة الدعوة في خبزة واحدة ، في المسيح ، هكذا أيضا بكسر قارورة الدعوة ملأت رائحة
المسيح الذكية كل العالم .وأيضا ينسجم مع نفس السياق ونفس المعنى تأكيد معلمينا متى ومرقس على أن مافعلته
مريم سيخبر به تذكارا لها ، وهذا أيضا مضمون إفخارستي ، دعوي ( أصحاب الدعوة )
:"اصنعوا هذا لذكري "( لو22 : 19 )
لكي يكتمل " نموذج مريم ساكبة الطيب "
، كرافد للدعوة الإنجيلية ، يجب أن نشير دائما إلى أن " الدعوة " تحتمل القبول
مثلما تحتمل الرفض ، هكذا فدائما يوجد " ابن الهلاك " الذي يرفض قبول الدعوة
ويغرد خارج السرب . اعترض " يهوذا الإسخريوطي المزمع أن يسلمه ، والذي كان سارقا
وكان الصندوق عنده ،على " فعلة المرأة " قائلا " لماذا لم يبع هذا الطيب
بثلاثمئة دينار ويعط للفقراء؟" ( يو 12: 4 -6 ). هذه هي شريحة المحسوبين زورا
وبهتانا على المدعوين مسيحيين ، الذين " لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها
"( 2تي3 : 5 ) ، لذلك يوبخهم الرب على إزعاج " إمرأة الكرازة الإنجيلية
" ، فالتدين السطحي الناموسي هو عندهم كل حين، أما هذه فهي قد فعلت هذا لتكفينه
، أي لتخبر بموت الرب إلى أن يجيء ، فيها ( 1كو11 : 26 ) ، بأن يختبر المدعوون مسيحيين
الموت مع المسيح ، فيختبرون قيامته صائرين رافدا كنسيا يملأ - مع الرافدين الآخرين-
جسد المسيح .
3- مرثا
أخت مريم ولعازر
مرثا هي الرافد الكنسي الذي يجهل ذاته
ككنيسة ، ويتجاهله أصحاب دعوة الكرازة ،أيضا
ككنيسة ، في هذا العالم :
1- فمرثا التي تجهل ذاتها ككنيسة،" كانت مرتبكة
في خدمة كثيرة "( لو10: 40 ) ، وكانت اهتماماتها تحيد عن ما ينبغي الاهتمام به
، لذلك خاطبها الرب " مرثا، مرثا ، أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن
الحاجة إلى واحد ."( لو10: 41 ). هذا قد كان مناقضا لوضع مريم ( رافد الدعوة والوعي
الكنسي ) ، التي "اختارت النصيب الصالح الذي لن ينزع منها "( لو10: 42 )
والتي "جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه
"( لو10: 29 ).
رافد الكنيسة " المارثاوي "(إذا جاز التعبير
) لا يعي المسيح ، في هذا العالم ، ولكنه سيعيه وسيدركه حينما يتحقق وجوده ككنيسة بانتقاله
من هذا العالم إلى جسد الرب ، في مجيئه . هكذا لم تكن مرثا تدرك حقيقة أن القيامة والحياة
هي شخص المسيح ذاته فأجابت الرب الإجابة الخاطئة ، المنعزلة عن الشخص والخاضعة للزمن
:" أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة ، في اليوم الأخير "(يو11 : 24 ) . كان
هذا بخصوص أخيها الميت . ولكن عندما أعلن لها الرب ذاته ، بطريقة مباشرة :" أنا
هو القيامة والحياة "( يو11: 25 )، آمنت ، وادركت ذاتها ككنيسة :" نعم ياسيد
، أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم"(يو11 : 27 )
2- مرثا هي الرافد الكنسي الذي يتم
تجاهل وجوده ( ككنيسة ) من قبل أصحاب دعوة الكرازة الرسولية . فقد كانت مريم أختها
تتجاهلها ، وكان هذا الأمر مضمونا لمظلمة رفعتها إلى الرب :" يارب، أما تبالي
بأن أختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فقل لها أن تعيننني!"( لو10: 40 ) .
مجدي داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق